مفهوم المشيب عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية)
اليوم: شاعر ولد في مدينة (لشكر كاه) الواقعة في ولاية هلمند الأفغانية، وتوفي في مدينة
(بخارى) الأوزبكستانية، التي ولد فيها عالم الحديث (الإمام البخاري)، فشاعرنا هو أبو
الفتح علي بن محمد بن الحسين بن يوسف بن محمد بن عَبْد العَزِيز البستي (أبو الفتح
البستي)، الذي يؤكد أنه من أصل عربي؛ منشدا:
أنا العبد ترفعني نسبتي *** إلى عبد شمس قريع الزمان
وعمي شمس العلا هاشم *** وخالي من
رهط عبد المنان
وهو يتوجه الآن (افتراضيا) نحو المنصة؛ للمشاركة في موضوع ندوتنا
(الافتراضية)؛ فيقول:
وَهَت عزماتُكَ عندَ المشيبِ *** وما كانَ من حَقِّها أن تَهِي
وأنكَرتَ نفسَكَ لما كَبِرتَ *** فلا هِيَ أَنتَ ولا أَنتَ هِي
وإن ذُكِرَت شهواتُ النفوسِ *** فما تشتهي غيرَ أن تشتهِي
ـ فيضيف الشاعر البوصيري:
كَتَبَ المَشِيبُ بأَبْيَضٍ في أَسْوَد *** بغْضاءَ ما بَيني وبينَ
الخُرَّدِ
خَجِلَتْ عُيُونُ الحُورِ حِينَ وصَفْتُها *** وصْفَ المَشيبِ وقُلْنَ لِي لا
تَبْعَدِ
يا جدَّة َ الشيبِ التي ما غادرتْ *** لنفوسنا من لذة بمجدَّدِ
ذهبَ الشبابُ وسوفَ أذهبُ مثلما *** ذهبَ الشبابُ وما امرؤٌ بمخلِّدِ
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
بياضك يا لون المشيبِ سوادُ *** وَسُقمُك سقمٌ لا يكادُ يُعادُ
فقَد صِرتُ مَكروهاً على الشّيبِ بَعدَما *** عَمِرْتُ وما عند المشيبِ
أُرادُ
فلِي من قلوبِ الغانياتِ ملالةٌ *** ولي من صلاحِ الغانياتِ فساد
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
شابَ رأسي ولات حينَ مَشيبِ *** وعجيبُ الزمان غَيْرُ عَجِيبِ
فتضاحكْنَ هازئاتٍ وماذا *** يُونِقُ البِيضَ مـن سوادٍ جَليبِ
ـ فيقول الشاعر السراج الوراق:
هَزِئَتْ بي عِندَ ابتِدارِ مَشِيبي *** يَومَ قالَتْ كالسَّائِلِ
المَسْروبِ
نَزَلَ الشَّيْب أَينَ قُلْتُ على الرَّأْسِ *** فَقالَتْ هذا وَقَارُ
المَشِيبِ
ـ فيكمل الشاعر الشريف المرتضى:
تَضاحكتِ لمّا رأيتِ المشيبَ ***ولم أر من ذاك ما يُضحِكُ
وما زال دَفْعُ مَشيبِ العِذا *** رِ لا يُستطاعُ ولا يُمْلَكُ
ـ ويضيف الشاعر
ابن الرومي:
يا بياضَ
المشيبِ سوَّدْتَ وجهي *** عند بيض الوجوه سُودِ القرونِ
فلَعَمْرِي
لأخفينَّك جهدي *** عن عياني وعن عيان العيون
ـ فيكمل الشاعر
ابن نباته المصري:
صبغت مشيبي
راجياً عودة الصبا *** وهيهات منه دعوة وبلاغ
كذلك أفكار
المشيب إذا سرت *** وفي بعض باذنجانهنّ صباغ
ـ فيقول الشاعر
أسامة بن منقذ:
قل للذي خضب
المشيب جهالة *** دع عنك ذا فلكل صبغ ماحي
أو ماترى صبغ
الليالي كلما *** جددته يمحوه ضوء صباح
ـ فيضيف الشاعر
ابن الرومي:
رأيتُ خضابَ
المرء عند مشيبه *** حِداداً على شرخ الشبيبة يُلْبَسُ
وإلا فما يُغري
امرءاً بخضابه *** أيطمع أن يَخفى شَبابٌ مُدَلَّسُ
ـ فيرد الشاعر فتيان
الشاغوري:
سَتَرتُ بَياضَ
شَيبي بِالخِضابِ *** وَلَم أَجنَح بِذاكَ إِلى التَصابي
وَلَكِنّي
لَبِستُ بِهِ حِداداً *** وَذَلِكَ إِذ حَزِنتُ عَلى شَبابي
ـ فيقول الشاعر دعبل الخزاعي:
إِنَّ المَشيبَ رِداءُ الحِلمِ وَالأَدَبِ *** كَما الشَبابُ رِداءُ
اللَهوِ وَاللَعِبِ
تَعَجَّبَت أَن رَأَت شَيبي فَقُلتُ لَها *** لا تَعجَبي مَن يَطُل عُمرٌ
بِهِ يَشِبِ
شَيبُ الرِجالِ لَهُم زَينُ
وَمَكرُمَةٌ *** وَشَيبُكُنَّ لَكُنَّ العارُ فَاِكتَئِبي
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
نَبَتْ عينا أُمامةَ عن مشيبي *** وعدّتْ شيبَ رأسي من ذنوبي
وقالتْ لو سترتَ الشَيبَ عنّي *** فكم أخفَى التّستّرُ من عيوبِ
فقلتُ لها أُجِلُّ صريح وُدِّي *** وإخلاصي عن الشَّعرِ الخضيبِ
وما لَكِ يا أُمامُ مع اللّيالي *** إذا طاولْنَ بدٌّ مِنْ مشيبِ
وما تدليس شيبِ الرأس إلّا *** كتدليس الوِدادِ على الحبيبِ
فلا تلْحي عليهِ فذاكَ داءٌ *** عَياءٌ ضلّ عن حيلِ الطبيبِ
وإنّ بَعيدَ شيبكِ وهو آتٍ *** نظيرُ بياض مفرقيَ القريبِ
فَإنْ تأبي فَقومي ميّزي لِي *** نصيبَكِ فيه يوماً من نصيبي
ـ فيقول الشاعر محمود الوراق:
فاجاكَ مِن وَفدِ المَشيبِ نَذيرُ *** وَالدَهرُ مِن أَخلاقِهِ التَغييرُ
فَسَوادُ رَأسِكَ في البَياضِ كَأَنَّهُ *** لَيلٌ تدِبُّ نُجومُهُ
وَتَسيرُ
ـ فيكمل الشاعر مروان بن أبي حفصة:
أَمسى المَشيبُ مِنَ الشَبابِ بَديلاً *** ضَيفاً أَقامَ فَما يُريدُ
رَحيلاً
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
تَصدّين عنّي للمَشيبِ كأنّما *** صَرفتُ شبابي أو دعوتُ مشيبي
وكيف سُلوِّي عن حبيبٍ إذا مضى *** فلا متعةٌ لي بعدهُ بحبيبِ
ـ ويضيف الشاعر ابن الرومي:
أقامَ مشيبي عليَّ القيامَهْ *** وعمَّمَني منه أخْزَى عِمامَهْ
فأفسدَ بيني وبينَ الملاح *** وأوحشَ منِّي كؤوسَ المُدامهْ
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
لِجامٌ لِلمَشيبِ ثَنى جِماحي *** وَذَلَّلَني لِأَيّامٍ وَراضا
أُقُرُّ بِلُبسِهِ وَلقَد أَراني *** أُجاحِدُهُ إِباءً وَاِمتِعاضا
تَعَوَّضتُ الوَقارَ مِنَ التَصابي *** لَشُدَّ عَلى المُعَوَّضِ ما
اِستَعاضا
ـ فيضيف الشاعر الأحوص الأنصاري:
نَزَلَ المَشيبُ فَما لَهُ تَحويلُ *** وَمَضى الشَبابُ فَما إِلَيهِ
سَبيلُ
ـ فيكمل الشاعر المقنع الكندي:
نَزَلَ المَشيبُ فَأَينَ تَذهَبُ بَعدَهُ *** وَقَد ارعَويتَ وَحانَ مِنكَ
رَحيلُ
كانَ الشَبابُ خَفيفَةٌ أَيّامُهُ *** وَالشَيبُ مَحمَلُه عَلَيكَ ثَقيلُ
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
آهِ مِن دائَينِ عُدمٍ وَمَشيب *** رُبَّ سُقمٍ لا يُداوى بِطيبيب
ـ فيضيف الشاعر ابن لبال الشريشي:
قَوّسَ ظَهري المشيبُ والكبَرُ *** والدَّهرُ يا عَمرو كُلُّه عبَرُ
كأَنّني والعَصا تدِبُّ معي *** قوسٌ لها وهي في يَدِي وَتَرُ
ـ ويقول الشاعر ابن حمديس:
قَدَحَ المَشيبُ بِمَفرِقَيهِ زِنادَا *** لا يَستَطيعُ لِنارِهِ إِخمادَا
ـ فيقول الشاعر القاضي الفاضل:
أَلَم يَأتِهِ أَنَّ المَشيبَ نَذيرُ *** بَلى وَشَبيهٌ لِلرَدى وَنَظيرُ
ـ ويضيف الشاعر ابن المعتز:
أَلَم تَستَحيِ مِن وَجهِ المَشيبِ *** وَقَد ناجاكَ بِالوَعظِ المُشيبِ
أَراكَ تُعِدُّ لِلآمالِ ذُخراً *** فَما أَعدَدتُ لِلأَمَلِ القَريبِ
ـ فيكمل الشاعر ابن جبير الشاطبي:
خلعت العذار بشيب العذار *** فما يقبل اليوم منكَ اعتذار
وقالوا المشيب وقار الفتى *** وهذا المشيب فأين الوقار
أراك صحبت حياة الغرور *** وتسحب جهلا ذيول اغترار
ـ ويضيف الشاعر أبو العتاهية:
يا أَيُّها الحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ *** أَفنَيتُ عُمرَكَ
بِالتَعَلُّلِ وَالمُنى
أَمّا المَشيبُ فَقَد كَساكَ رِداؤُهُ *** وَاِبتَزَّ عَن كَفَّيكَ أَثوابَ
الصِبا
وَهِيَ السَبيلُ فَخُذ لِذَلِكَ عُدَّةً *** فَكَأَنَّ يَومَكَ عَن قَريبٍ
قَد أَتى
ـ فيقول الشاعر كعب بن زهير:
إِن يُدرِكَكَ مَوتٌ أَو مَشيبٌ *** فَقَبلَكَ ماتَ أَقوامٌ وَشابوا
تَلَبَّثنا وَفَرَّطنا رِجالاً *** دُعوا وَإِذا الأَنامُ دُعوا أَجابوا
ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:
كَأَنَّكَ قَد هَجَمتَ عَلى مَشيبي *** كَما هَجَمَ المَشيبُ عَلى شَبابي
وَيا دُنيايَ ما لي لا أَراني *** أَسومُكِ مَنزِلاً إِلّا نَبا بي
أَلا وَأَراكَ تَبذُلُ يا زَماني *** لي الدُنيا وَتَسرِعُ بِاِستِلابي
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
لَم يَبقَ لي بَعدَ المَشيب تَصابي *** ذَهَبَ الشّباب وَبعده أَطرابي
فَالآنَ ما أَرجو وِصالَ خَريدَةٍ *** يَوماً وَلا أَخشى صُدودَ كعابِ
يا صاحِبي قَد عادَ عَذلكَ ظاهراً *** فالشّيبُ أعذلُ منك في أحبابِي
ـ ويضيف الشاعر الصاحب بن عباد:
الشَيبُ يَنشُرُ عُمراً ثُمَّ يَطويهِ *** وَالدَهرُ يُبعِدُ هَمّاً ثُمَّ
يُدنيهِ
وَصاحِبُ العُمرِ لم تفرَق مَفارقُه *** من البَياضِ وَاِن لَجَّت عَواديه
ـ فيقول الشاعر جميل صدقي الزهاوي:
ذهب الشباب وكل شيء طيب *** وأتى المشيب وكل شيء متعب
ذهب الشباب وما تريث غاربا *** في ليلي الداجي غروب الكوكب
ذهب الشباب ولم يودعني أجل *** ذهب الشباب وليته لم يذهب
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
عَيَّرَتني المَشيبَ وَهيَ بَدَتهُ *** في عِذاري بِالصَدِّ وَالاِجتِنابِ
لا تَرَيهِ عاراً فَما هُوَ بِالـ *** ـشَيبِ وَلَكِنَّهُ جِلاءُ الشَبابِ
ـ ويكمل الشاعر يوسف بن محمد المقتفى "المستنجد بالله":
عيّرتني بالشيب وهو وقار *** ليتها عيَّرت بما هو عار
إن تكن شابت الذوائب مني *** فالليالي تزيِّنها الأقمار
ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:
يقولون جارَ عليك المشيبُ *** ومَن ذا يُجيرُ إِذا الشيبُ جَارَا
وما كنتُ مغتبطاً بالشّبابِ *** وهل كان إلاّ رِداءً مُعارَا
ولكنَّني ساءَني فَقدُهُ *** فواهاً له أيَّ همٍّ أثَارَا
وما سَاءَني أن أحالَ الزّمانُ *** لَيلي نهاراً وجَهلي وقَارَا
ـ فيقول الشاعر حسن كامل الصيرفي؛ معترضا:
قالوا لِمَن زَعَمَ المَشيبُ مُتَمِّماً *** زَينَ الوَقارِ وَقالَ فيهِ
هُراءُ
قَسَماً بِمَن خَصَّ الشَبابَ بِنُضرَةٍ *** يُرضي رِجالاً حُسنَها
وَنِساءُ
لَو أَنَّ لِحيَةً مَن يَشيبُ صَحيفَةٌ *** لِمَعادِهِ لَم يَرضَها بَيضاءُ
ـ فيرد الشاعر دعبل الخزاعي؛ قائلا:
أَهلاً وَسَهلاً بِالمَشيبِ فَإِنَّهُ *** سِمَةُ العَفيفِ وَحِليَةُ
المُتَحَرِّجِ
وَكَأَنَّ شَيبي نَظمُ دُرٍّ زاهِرٍ *** في تاجِ ذي مُلكٍ أَغَرَّ
مُتَوَّجِ
ـ فيكمل الشاعر حافظ إبراهيم:
فَلَقَد زانَكِ المَشيبُ بِتاجٍ *** لا يُدانيهِ في الجَلالِ مُداني
ذاكَ مِن صَنعَةِ الأَنامِ وَهَذا *** مِن صَنيعِ المُهَيمِنِ الدَيّانِ
ـ فيضيف علي بن أبي طالب:
فَأَهلاً وَسَهلاً بَضَيفٍ نَزَل *** وَاِستَودَعَ اللَهُ إِلفاً رَحَل
تَوَلّى الشَبابُ كَأَنَّ لَم يَكُن *** وَحَلَّ المَشيبُ كَأَنَّ لَم
يَزَل
فَأَمّا المَشيبُ كَصُبحٍ بَدا *** وَأَمّا الشَبابُ كَبَدرٍ أَفَل
سَقى اللَهُ ذاكَ وَهَذا مَعاً *** فَنِعمَ المُوَلّي وَنِعمَ البَدَل
ـ ويختتم الشاعر أبو العتاهية ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:
عَرَضَ المَشيبُ مِنَ الشَبابِ خَليفَةً *** وَكِلاهُما لَكَ حِليَةٌ
وَنِظامُ
وَكِلاهُما حُجَجٌ عَلَيكَ قَوِيَّةٌ *** وَكِلاهُما نِعَمٌ عَلَيكَ جِسامُ
أَهلاً وَسَهلاً بِالمَشيبِ مُؤَدَّباً *** وَعَلى الشَبابِ تَحِيَّةٌ
وَسَلامُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/05/531602.html