الخميس، 1 يونيو 2017

دموع وشموع قراءة نقدية بقلم الناقد/ عاطف عزالدين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دموع وشموع قراءة نقدية لومضات
الأديب المصري القدير/ مجدى شلبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ النّاقد الأدَبي المِصري: عاطف عِزالدّين عَبْدالفتّاح
هذه قراءة نقدية لبعض الومضات التي نشرها الكاتب الأديب في كتاب " دموع وشموع " ، وقبل أن نستعرض عددا من ومضات هذا الكتاب يهمنا أن نشير إلى مقولة الأديب مجدى شلبي:
( إن تفردي بابتكاري (للومضة القصصية) هذا الجنس الأدبي الذي أعلنت استقلاله و تفرده و تميزه عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى خصوصا القصة القصيرة جدا، و تنظيمي لمسابقة يومية ـ في هذا الجنس الأدبي الذي ابتكرته ـ لتحفيز الكتاب على تجريب الكتابة فيه ـ لأول مرة في تاريخ حياتهم الإبداعية ـ و تحفيز النقاد لوضع الإطار النقدي لمنجزي الأدبي غير المسبوق... و انشغالي بتقدير و تشجيع الكتاب من خلال تلك المسابقة اليومية بما يستهلكه هذا من جهد و وقت و إعدادي حاليا للكتاب الثاني (المشترك) من سلسلة (كنوز الومضات القصصية) ـ بعد أن أصدرت الكتاب الأول ـ لم يعوقني كل هذا عن استمرار كتاباتي في مجالات أدبية عديدة منها (الومضة القصصية) ذاتها... و من حين لآخر أعرض بعضا من ومضاتي القصصية تلك في المسابقة ذاتها، و أعكف على إضافة ومضاتي القصصية الجديدة لنشرها في كتاب (دموع و شموع/ ومضات قصصية) كنت قد أعددته منذ سنوات و لم يسعفني الوقت و المال لطباعته في حينه و كان قد قدم له العديد من النقاد منهم: د. أمين الطويل ـ د. هداية مرزوق ـ د. محمد هندي ـ محمود قنديل ـ إبراهيم حمزة ـ أ. أمل جمال ـ أ. صادق إبراهيم صادق ــ أ. أحمد مجذوب الشريفي ـ أ. أبو إسماعيل أعبو ـ أ. محمد البنا ـ أ. سعيد القاضي... و غيرهم
و لا يفوتني أن الكلمة التي وضعتها على ظهر غلاف مشروع هذا الكتاب كانت للناقد المغربي الشهير أ. حميد ركاطة
أنا مبتكر هذا الجنس الأدبي و راعيه و داعمه فكيف يسألني البعض عن إبداعي النصي (الموجود بالفعل كما أوضحت) و يتجاهل إبداعي الأجناسي (ابتكاري لهذا الجنس الأدبي الجديد و غير المسبوق)
إن القفز فوق الحقائق لا يلغيها، و لن ينال من عزيمتي على الاستمرار في مسيرة المحافظة على منجزي غير المسبوق أي جهل أو تجاهل؛ فهدفنا الأسمى ـ البعيد عن الصغار و الصغائر ـ هو إرساء دعائم هذا الجنس الأدبي و الارتقاء به و المحافظة عليه من العشوائية و الارتجال...
و سأنشر الآن على صفحة (ومضات قصصية في ميزان النقد الأدبي) عددا من ومضاتي القصصية التي سأضيفها إلى كتابي الذي تأجلت طباعته لأحظى برؤيتكم النقدية و التحليلية في كل منها، تلك الرؤى التي سأضيفها إلى الكتاب المشار إليه عند طباعته قريبا بإذن الله )
وليسمح لي القارئ الكريم أن أتناول عددا من الومضات ، وهذا يقتضيه دوري كناقد جاد بعيد عن الكثيرين الذين يتجاهلون إبداع الأديب مجدى شلبي :
" شهر زاد "
( صاح الديك ؛ ابتسمت الدجاجة )
هذه الومضة القصصية تحيلنا إلى قصص " ألف ليلة و ليلة " بدء من عنوانها ، وفيها تنتهي " شهر زاد " من سرد قصتها إلى " شهريار " في كل ليلة من الليالي ؛ عندما تدرك " شهر زاد " الصباح ، فتسكت عن الكلام المباح ، أي عندما " يصيح " الديك معلنا قدوم الصباح ، وقد عبّر الوامض عن هذا المعنى من خلال الشطر الأول من الومضة ، وفى الشطر الثاني من الومضة يعتمد الوامض على المفارقة تاركا قصص ألف ليلة وليلة إذ يتم التركيز على الديك الذي " تبتسم دجاجته " لأن " الديك " سيبدأ في النوم بعد السهر ، ف " الابتسامة " تشي بالعلاقة المعروفة بين الزوجين وسعادة الزوجة التي تنتظر صياح الديك كي تنفرد به !
" جمرات "
( رمى بالحجر ؛ ارتد إليه )
هذه الومضة القصصية تحيلنا إلى مناسك الحج عندما يرمى الحجاج سبع حصوات على إبليس اللعين ، وفى الشطر الأول من الومضة يرمى أحد الحجاج الحصوات على إبليس ، وفى الشطر تأتى المفارقة من خلال ارتداد الحصى إليه مما يعنى أن الشخص الذي رمى الحجر هو شخصية إبليسية شريرة يطلق عليها علماء النفس اسم " الشخصية السيكوباتية " ، وهذا النوع من الشخصيات لا يتوانى عن ارتكاب الجرائم وقتل الأطفال في سبيل تحقيق مصالحه ومن هنا فإن " الحجر " يرتد إليه " إ
" معارضة "
( أكد الطبيب وفاته ، قتلوه )
في هذه الومضة القصصية يسخر فيها الوامض من المعارضة التي تعترض على كل الآراء لمجرد المعارضة ، وفى الشطر الأول من هذه الومضة يؤكد الطبيب للمعارضين أن شخصا قد توفى ، وفى الشطر الثاني تأتى المفارقة إذ يتم قتل ضحية ، وقد يفهم بعض القراء أن الطبيب هو الذي قتلته المعارضة لكن الذي يتم قتله هو القتيل الذي أكد الطبيب وفاته ، مما يشير إلى أن المعارضة لا تعترف بقرار الطبيب فيتم قتل القتيل " مرة ثانية " بأيديهم في مشهد ساخر على نوع من المعارضة نراها " تعترض " على كل الآراء مهما كانت صائبة وصحيحة وسديدة ، وكأن المعارضة هنا نوع من " الإعاقة " في طريق الإصلاح !
" ماراثون "
( سقط بعيدا عن خط النهاية ؛ بلغها )
هذه الومضة تحيلنا إلى الأولمبياد من خلال كلمة " ماراثون " التي تشير إلى مسابقات العدو الطويلة ، وفى الشطر الأول من هذه الومضة نرى متسابقا خرج عن خط النهاية ، وتأتى المفارقة في الشطر الثاني من خلال " بلغها " ، فالبلوغ هنا ليس الوصول " إلى خط النهاية " بل يريد الوامض " عدم الوصول " إلى خط النهاية لأن المتسابق قد سقط بعيدا ، فلا يمكن أن يصل إلى النهاية الصحيحة لذلك ذكر لنا الوامض " سقط " كأنه سقوط البطل التراجيدي في الميثولوجيا الإغريقية .
" تعاطف "
( نزف الجرح ؛ اكتفوا بالدعاء )
عندما نقرأ هذه الومضة القصصية يتبين لنا أن العنوان مراوغ ؛ لأنه لا يوجد أي تعاطف فالومضة تسخر من الذين يكتفون بالمشاهدة _ ومصمصة الشفاه وعلامات الإعجاب في القيس بوك _ ، فعندما تقع حادثة؛ يتطوع الكثيرون ببعض الكلمات للجريح الذي ينزف دما قائلين له : " شد حيلك .. لقد أصابنا الحزن " دون محاولة نقل الجريح للمصحة للعلاج ، لذلك يسخر الوامض من المُتطفّلين والسَّلبيين الذين يكتفون عادة " بالدعاء " !
" تعفف "
( شهرتهم الأقنعة ؛ شهروا بالقناعة )
هذه الومضة القصصية تسخر من الذين يرتدون الأقنعة التي تخفى شخصياتهم الحقيقية وكأنهم ممثلون في إحدى مسرحيات الكاتب الإيطالي الشهير " بيرانديللو " الفائز بجائزة نوبل عام 1934 الذي اشتهر بمسرحياته التي يرتدى فيها الممثلون الأقنعة ليخفوا شخصياتهم ، وفى الشطر الأول من الومضة اشتهر من يرتدون الأقنعة ، وفى الشطر الثاني تأتى المفارقة فنعرف أنهم شهروا بالقناعة ؛ مما يجعلنا أمام شخصيات ترتدي أقنعة القناعة وهم في حقيقة الأمر يخفون شخصياتهم الحقيقية ؛ وهم بلا شك بعيدون عن القناعة !
" استدراك "
( بعد هدوء العاطفة ؛ انهمكا في تقدير الخسائر )
هذه الومضة القصصية تذكرني بالميثولوجيا الإغريقية ؛ ولعلي أكون النَّاقد الأدبي الوحيد الذي يشير إلى مقارنة هذه الومضة القصصية بملحمة " الأوديسة " لهوميروس فبعد أن تعرض زملاء أوديسيوس للغرق وفقدوا زملاءهم وصلوا إلى الشاطئ منهمكين فناموا ثم أكلوا وبعدها حزنوا على زملائهم وكذلك في هذه الومضة رأينا بعد " العاطفة " أو العاصفة أو الحرب أو الغمة ؛ انهمك الطرفان المتنازعان في تقدير الخسائر
وأرجو أن يلتفت مدعو النقد إلى هذه الومضات التي أبدعها الأديب مجدى شلبي فنحن يهمنا إيصال الإبداع إلى القارئ آملين أن يحوز كتاب " دموع وشموع " على تقدير القارئ والناقد ، وتهنئتنا إلى المبدع مجدى شلبي ، ونحن ننتظر إبداعات كل أديب لنتشرف بالكتابة عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النّاقد الأدَبي المِصري / عاطف عِزالدّين عَبْدالفتّاح
مسؤول النّقد الأدَبي بمؤسّسة الحُسيني الثّقافيّة