ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دموع
وشموع قراءة
نقدية لومضات
الأديب
المصري القدير/ مجدى شلبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/
النّاقد الأدَبي المِصري: عاطف عِزالدّين عَبْدالفتّاح
هذه
قراءة نقدية لبعض الومضات التي نشرها الكاتب الأديب في كتاب " دموع وشموع
" ، وقبل أن نستعرض عددا من ومضات هذا الكتاب يهمنا أن نشير إلى مقولة الأديب
مجدى شلبي:
(
إن تفردي بابتكاري (للومضة القصصية) هذا الجنس الأدبي الذي أعلنت استقلاله و تفرده
و تميزه عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى خصوصا القصة القصيرة جدا، و تنظيمي
لمسابقة يومية ـ في هذا الجنس الأدبي الذي ابتكرته ـ لتحفيز الكتاب على تجريب
الكتابة فيه ـ لأول مرة في تاريخ حياتهم الإبداعية ـ و تحفيز النقاد لوضع الإطار
النقدي لمنجزي الأدبي غير المسبوق... و انشغالي بتقدير و تشجيع الكتاب من خلال تلك
المسابقة اليومية بما يستهلكه هذا من جهد و وقت و إعدادي حاليا للكتاب الثاني
(المشترك) من سلسلة (كنوز الومضات القصصية) ـ بعد أن أصدرت الكتاب الأول ـ لم
يعوقني كل هذا عن استمرار كتاباتي في مجالات أدبية عديدة منها (الومضة القصصية)
ذاتها... و من حين لآخر أعرض بعضا من ومضاتي القصصية تلك في المسابقة ذاتها، و
أعكف على إضافة ومضاتي القصصية الجديدة لنشرها في كتاب (دموع و شموع/ ومضات قصصية)
كنت قد أعددته منذ سنوات و لم يسعفني الوقت و المال لطباعته في حينه و كان قد قدم
له العديد من النقاد منهم: د. أمين الطويل ـ د. هداية مرزوق ـ د. محمد هندي ـ
محمود قنديل ـ إبراهيم حمزة ـ أ. أمل جمال ـ أ. صادق إبراهيم صادق ــ أ. أحمد
مجذوب الشريفي ـ أ. أبو إسماعيل أعبو ـ أ. محمد البنا ـ أ. سعيد القاضي... و غيرهم
و
لا يفوتني أن الكلمة التي وضعتها على ظهر غلاف مشروع هذا الكتاب كانت للناقد
المغربي الشهير أ. حميد ركاطة
أنا
مبتكر هذا الجنس الأدبي و راعيه و داعمه فكيف يسألني البعض عن إبداعي النصي
(الموجود بالفعل كما أوضحت) و يتجاهل إبداعي الأجناسي (ابتكاري لهذا الجنس الأدبي
الجديد و غير المسبوق)
إن
القفز فوق الحقائق لا يلغيها، و لن ينال من عزيمتي على الاستمرار في مسيرة
المحافظة على منجزي غير المسبوق أي جهل أو تجاهل؛ فهدفنا الأسمى ـ البعيد عن
الصغار و الصغائر ـ هو إرساء دعائم هذا الجنس الأدبي و الارتقاء به و المحافظة
عليه من العشوائية و الارتجال...
و
سأنشر الآن على صفحة (ومضات قصصية في ميزان النقد الأدبي) عددا من ومضاتي القصصية
التي سأضيفها إلى كتابي الذي تأجلت طباعته لأحظى برؤيتكم النقدية و التحليلية في
كل منها، تلك الرؤى التي سأضيفها إلى الكتاب المشار إليه عند طباعته قريبا بإذن
الله )
وليسمح
لي القارئ الكريم أن أتناول عددا من الومضات ، وهذا يقتضيه دوري كناقد جاد بعيد عن
الكثيرين الذين يتجاهلون إبداع الأديب مجدى شلبي :
"
شهر زاد "
(
صاح الديك ؛ ابتسمت الدجاجة )
هذه
الومضة القصصية تحيلنا إلى قصص " ألف ليلة و ليلة " بدء من عنوانها ،
وفيها تنتهي " شهر زاد " من سرد قصتها إلى " شهريار " في كل
ليلة من الليالي ؛ عندما تدرك " شهر زاد " الصباح ، فتسكت عن الكلام
المباح ، أي عندما " يصيح " الديك معلنا قدوم الصباح ، وقد عبّر الوامض
عن هذا المعنى من خلال الشطر الأول من الومضة ، وفى الشطر الثاني من الومضة يعتمد
الوامض على المفارقة تاركا قصص ألف ليلة وليلة إذ يتم التركيز على الديك الذي
" تبتسم دجاجته " لأن " الديك " سيبدأ في النوم بعد السهر ، ف
" الابتسامة " تشي بالعلاقة المعروفة بين الزوجين وسعادة الزوجة التي
تنتظر صياح الديك كي تنفرد به !
"
جمرات "
(
رمى بالحجر ؛ ارتد إليه )
هذه
الومضة القصصية تحيلنا إلى مناسك الحج عندما يرمى الحجاج سبع حصوات على إبليس
اللعين ، وفى الشطر الأول من الومضة يرمى أحد الحجاج الحصوات على إبليس ، وفى
الشطر تأتى المفارقة من خلال ارتداد الحصى إليه مما يعنى أن الشخص الذي رمى الحجر
هو شخصية إبليسية شريرة يطلق عليها علماء النفس اسم " الشخصية السيكوباتية
" ، وهذا النوع من الشخصيات لا يتوانى عن ارتكاب الجرائم وقتل الأطفال في
سبيل تحقيق مصالحه ومن هنا فإن " الحجر " يرتد إليه " إ
"
معارضة "
(
أكد الطبيب وفاته ، قتلوه )
في
هذه الومضة القصصية يسخر فيها الوامض من المعارضة التي تعترض على كل الآراء لمجرد
المعارضة ، وفى الشطر الأول من هذه الومضة يؤكد الطبيب للمعارضين أن شخصا قد توفى
، وفى الشطر الثاني تأتى المفارقة إذ يتم قتل ضحية ، وقد يفهم بعض القراء أن
الطبيب هو الذي قتلته المعارضة لكن الذي يتم قتله هو القتيل الذي أكد الطبيب وفاته
، مما يشير إلى أن المعارضة لا تعترف بقرار الطبيب فيتم قتل القتيل " مرة
ثانية " بأيديهم في مشهد ساخر على نوع من المعارضة نراها " تعترض "
على كل الآراء مهما كانت صائبة وصحيحة وسديدة ، وكأن المعارضة هنا نوع من "
الإعاقة " في طريق الإصلاح !
"
ماراثون "
(
سقط بعيدا عن خط النهاية ؛ بلغها )
هذه
الومضة تحيلنا إلى الأولمبياد من خلال كلمة " ماراثون " التي تشير إلى
مسابقات العدو الطويلة ، وفى الشطر الأول من هذه الومضة نرى متسابقا خرج عن خط
النهاية ، وتأتى المفارقة في الشطر الثاني من خلال " بلغها " ، فالبلوغ
هنا ليس الوصول " إلى خط النهاية " بل يريد الوامض " عدم الوصول
" إلى خط النهاية لأن المتسابق قد سقط بعيدا ، فلا يمكن أن يصل إلى النهاية
الصحيحة لذلك ذكر لنا الوامض " سقط " كأنه سقوط البطل التراجيدي في
الميثولوجيا الإغريقية .
"
تعاطف "
(
نزف الجرح ؛ اكتفوا بالدعاء )
عندما
نقرأ هذه الومضة القصصية يتبين لنا أن العنوان مراوغ ؛ لأنه لا يوجد أي تعاطف
فالومضة تسخر من الذين يكتفون بالمشاهدة _ ومصمصة الشفاه وعلامات الإعجاب في القيس
بوك _ ، فعندما تقع حادثة؛ يتطوع الكثيرون ببعض الكلمات للجريح الذي ينزف دما قائلين
له : " شد حيلك .. لقد أصابنا الحزن " دون محاولة نقل الجريح للمصحة
للعلاج ، لذلك يسخر الوامض من المُتطفّلين والسَّلبيين الذين يكتفون عادة "
بالدعاء " !
"
تعفف "
(
شهرتهم الأقنعة ؛ شهروا بالقناعة )
هذه
الومضة القصصية تسخر من الذين يرتدون الأقنعة التي تخفى شخصياتهم الحقيقية وكأنهم
ممثلون في إحدى مسرحيات الكاتب الإيطالي الشهير " بيرانديللو " الفائز
بجائزة نوبل عام 1934 الذي اشتهر بمسرحياته التي يرتدى فيها الممثلون الأقنعة
ليخفوا شخصياتهم ، وفى الشطر الأول من الومضة اشتهر من يرتدون الأقنعة ، وفى الشطر
الثاني تأتى المفارقة فنعرف أنهم شهروا بالقناعة ؛ مما يجعلنا أمام شخصيات ترتدي
أقنعة القناعة وهم في حقيقة الأمر يخفون شخصياتهم الحقيقية ؛ وهم بلا شك بعيدون عن
القناعة !
"
استدراك "
(
بعد هدوء العاطفة ؛ انهمكا في تقدير الخسائر )
هذه
الومضة القصصية تذكرني بالميثولوجيا الإغريقية ؛ ولعلي أكون النَّاقد الأدبي
الوحيد الذي يشير إلى مقارنة هذه الومضة القصصية بملحمة " الأوديسة "
لهوميروس فبعد أن تعرض زملاء أوديسيوس للغرق وفقدوا زملاءهم وصلوا إلى الشاطئ
منهمكين فناموا ثم أكلوا وبعدها حزنوا على زملائهم وكذلك في هذه الومضة رأينا بعد
" العاطفة " أو العاصفة أو الحرب أو الغمة ؛ انهمك الطرفان المتنازعان
في تقدير الخسائر
وأرجو
أن يلتفت مدعو النقد إلى هذه الومضات التي أبدعها الأديب مجدى شلبي فنحن يهمنا
إيصال الإبداع إلى القارئ آملين أن يحوز كتاب " دموع وشموع " على تقدير
القارئ والناقد ، وتهنئتنا إلى المبدع مجدى شلبي ، ونحن ننتظر إبداعات كل أديب
لنتشرف بالكتابة عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النّاقد
الأدَبي المِصري / عاطف عِزالدّين عَبْدالفتّاح
مسؤول
النّقد الأدَبي بمؤسّسة الحُسيني الثّقافيّة