ثنائية الشباب والمشيب من منظور شعري
مفهوم الشباب
عند فحول الشعراء العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية)
اليوم: شاعر مخزومي قرشي، لم يكن في قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل والنوادر، ومن
لطائف أشعاره التي صور نفسه فيها معشوقا للنساء؛ قوله:
قالت الكبرى أتعرفن الفتى؟ *** قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها *** قد
عرفناه وهل يخفى القمر
إنه الشاعر عمر بن أبي ربيعة، الذي يتجه الآن
(افتراضيا) نحو المنصة؛ منشدا:
وَلّى الشَبابُ
حَميداً غَيرَ مُرتَجَعٍ *** وَاِستَبدَلَ الرَأسُ مِنّي شَرَّ ما بَدَلا
شَيبٌ
تَفَرَّعَ أَبكاني مَواضِحُهُ *** أَضحى وَحالَ سَوادُ الرَأسِ فَاِنتَقَلا
لَيتَ الشَبابَ
بِنا حَلَّت رَواحِلُهُ *** وَأَصبَحَ الشَيبُ عَنّا اليوم منتقلا
ـ فيومئ الشاعر أبو العتاهية برأسه إيجابا، ويضيف:
بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني *** فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا
النَحيبُ
فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً *** فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ
ـ فيقول الشاعر أبو بكر بن مجبر:
ليت الشبابَ الذي ولت نضارتُهُ *** أعطانِي الحِلمَ فيما كان أعطاني
فلم تكن مِنةٌ للشيبِ أحملُها *** ولم يكن من سروري بعضُ أحزاني
ـ فيضيف الشاعر جرير:
لَيتَ الشَبابَ لَنا يَعودُ كَعَهدِهِ *** فَلَقَد تَكونُ بِشَرخِهِ
مَسرورا
وَبَكَيتَ لَيلَكَ لا تَنامُ لِطولِهِ *** لَيلَ التَمامِ وَقَد يَكونُ
قَصيرا
ـ فيقول الشاعر الكميت بن زيد:
ليت الشبيبة لم
تظعن مقفية *** وليت غائبها المألوف لم يغبِ
من يلبس الشيب
يذكر من شبيبته *** ما لن يعود ومن أثوابه القُشُبِ
ـ فيكمل الشاعر أبو العتاهية:
لَهفي عَلى وُرقِ الشَباب *** وَغُصونِهِ الخُضرِ الرِطاب
ذَهَبَ الشَبابُ وَبانَ عَنـ *** ـني غَيرَ مُنتَظَرِ الإِياب
فَلَأَبكِيَنَّ عَلى الشَبا *** بِ وَطيبِ أَيّامِ التَصاب
ـ ويضيف الشاعر ظافر الحداد:
أَسِفى على زمنِ الشبابِ الزائلِ *** أسفٌ أُديم عليه عَضَّ أناملي
ولَّى فلا طمعٌ بعَطْفَةِ هاجرٍ *** منه ولا أَمَلٌ لأَوْبَةِ راحل
ـ فيرد الشاعر ابن الرومي:
من كان يبكي الشبابَ من جَزعٍ *** فلستُ أبكي عليه من جزعِ
لأن وجهي بقبح صورته *** ما زال لي كالمشيب والصَّلعِ
ـ فيقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
ضَحِكَ الشَبابُ مِنَ الكُهولِ فَأَغرَقوا *** وَاِستَيقَظوا فَإِذا
الشَبابُ كُهولُ
نَأتي وَنَمضي وَالزَمانُ مُخَلَّدٌ *** الصُبحُ صُبحٌ وَالأَصيلُ أَصيلُ
ـ ويقول الشاعر الشريف الرضي:
أغدرا يا زمان ويا شباب *** أُصابُ بِذا لَقَد عَظُمَ المُصابُ
وَما جَزَعي لِأَن غَرُبَ التَصابي *** وَحَلَّقَ عَن مَفارِقِيَ الغُرابُ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
طار غراب الشباب مرتحلا ** وحل شيب فليس يرتحل
درست محاسنه وطار غرابه ** ولقد تكون له عليك محاسن
خان الزمان أخاك في لذاته ** إن الزمان لكل حر خائن
ـ فيكمل الشاعر السري الرفاء:
شَبابُ المَرءِ
ثَوبٌ مُستعارُ *** وأيامُ الصِّبا أبداً قِصارُ
طوَى الدَّهْرُ
الجديدَ من التَّصابي *** وليسَ لِمَا طوى الدَّهرُ انتشارُ
ـ فيقول الشاعر ظافر الحداد:
تَولَّى شبابٌ
واقترابٌ فأَمْعَنا *** ووالَى مَشيبٌ واغترابٌ فأَدْمَنا
فيا حَبَّذا
ليلُ الشبابِ الذي نأى *** ولا حبذا صبح المشيب الذي دنا
ـ ويضيف الشاعر ابن الرومي:
أمسى الشبابُ
رداءً عنك مستلبا *** ولن يدومَ على العصرَين ما اعْتقبا
أعزِرْ عليَّ
بأن أضحتْ مناسبُهْ *** بُدِّلنَ فيه وفي أيامهِ نُدَبا
سَقياً لأزمانَ
لم استسقِ من أسفٍ *** لمَّا تولّى ولا بكَّيت ما ذهبا
ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:
عريت من الشباب وكان غضا ** كما يعرى من الورق القضيبُ
ونُحت على الشباب بدمع عيني ** فما يجدي البكاء ولا النحيب
ـ فيكمل الشاعر مسكين الدرامي:
سلب الشباب رداءه *** عني وأَتبعه إزاره
وَلَقَد يحل عليَّ حلته *** فيعجبني فخاره
ولقد لبست جديده *** حينا فلا يبعد مزاره
فانظر إِلى شعري *** تبين كيف قد فعلت دياره
ـ فيضيف الشاعر لسان الدين بن الخطيب:
يا لَيْتَ
شِعْري هلْ لَها من إيابْ *** يوْماً وعندَ اللهِ عِلْمُ الغُيوبْ
ساعاتُ أنْسٍ
تحْتَ ظِلِّ الشّبابْ *** خُضْرُ الحَواشي طيّباتُ الهُبوبْ
ـ فيقول الشاعر
جرير:
بَانَ
الشّبَابُ وَقَالَ الغَانِياتُ لَهُ: *** أوْدى الشّبابُ وَأوْدى عَصرُكَ الخالي
قَد كُنَّ
يَرهَبنَ مِن صُرمي مُباعَدَةً *** فَاليَومَ يَهزَأنَ مِن صُرمي وَإِدلالي
ـ ويضيف الشاعر الشريف الرضي:
دَوامُ الهَوى في ضَمانِ الشَبابِ *** وَما الحُبُّ إِلّا زَمانُ التَصابي
أَحينَ فَشا الشَيبُ في شَعرِهِ *** وَكَتَّمَ أَوضاحَهُ بِالخِضابِ
تَروعينَ أَوقاتَهُ بِالصُدودِ *** وترمين أيامه بالسباب
ـ فيقول الشاعر ظافر الحداد:
شبابٌ تَولَّى
ما إليه سبيلٌ *** وشيبٌ تَبدَّى ليس منه مقيلُ
فهذا كليلِ
الوصلِ لونا ومُدَّةً *** وذا كنهارِ الهجر فهْو طويل
فأطيبُ عيشِ
المرءِ عصرُ شبابِه *** ومِنْ سَعْدِه لو مات حين يزول
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
نبكي الشبابَ لحاجاتِ النساءِ *** ولي فيه مآربُ أخرى سوفَ أبكيها
أبكي الشبابَ لرَوْقٍ كان يُعجبني *** منه إذا عاينتْ عيْني مرائيه
ـ فيكمل الشاعر الأخطل:
بانَ الشَبابُ وَرُبَّما عَلَّلتُهُ *** بِالغانِياتِ وَبِالشَرابِ
الأَصهَبِ
وَلَقَد شَرِبتُ الخَمرَ في حانوتِها *** وَلَعِبتُ بِالقَيناتِ عَفَّ
المَلعَبِ
ـ فيقول الشاعر تميم الفاطمي:
تمتع بالمسرة والشباب *** شبابٌ في شباب في شباب
فحَيِّ على المُدام بكفّ ساقٍ *** يُدير الخمرَ من بَرَدٍ عِذَاب
يُدير بِريقِه ويديه خَمْراً *** شرابٌ في شَراب في شَراب
ـ فيرد عليه الشاعر ابن خفاجه؛ قائلا:
شراب الأماني لو علمت سراب *** وَقَد بادَ أَقرانٌ وَفاتَ شَبابُ
فَما نابَ عَن خِلِّ الصِبا خِلُّ شَيبَةٍ *** وَلا عاضَ مِن شَرخِ
الشَبابِ خِضابُ
ـ ويضيف الشاعر
أحمد محرم؛ موبخا:
رددوا الذكرى
لقوم غافلين *** أصلحوه يا
شبابَ المُسلِمينْ
أَسَمِعْتُمْ
صادحَ الأمسِ وما *** قال في الخمرِ يُغنِّي الشَّارِبينْ
يا له من ناعقٍ
مُستهترٍ *** ما رأينا مثله في النّاعِقينْ
ـ فيقول الشاعر عمارة اليمني:
بسم في ليل الشباب مشيب *** فأصبح برد الهم وهو قشيب
وأنكرت ما قد كنتما تعرفانه *** وقد يحضر الرشد الفتي ويغيب
ـ ويضيف الشاعر صلاح الدين الصفدي:
يقول الفكر لي دنست ثوب الش *** شباب وفي غداة الشيب تتعب
وتغسله بدمعك كل وقتٍ *** وما ينقى لأن الطبع أغلب
ـ فيقول الشاعر عمرو الباهلي:
بان الشباب وأفنى ضعفه العمر *** لِلَهِ
دَرُكَ أَيَّ العَيشِ تَنتَظِرُ
هَل أَنتَ طالِبُ وِترٍ لَستَ مُدرِكَهُ *** أَم هَل لِقَلبِكَ عَن
أُلّافِهِ وَطَرُ
أَم كُنتَ تَعرِفُ آياتِ فَقَد جَعَلَت *** أَطلالُ إِلفِكَ بِالوَدكاءِ
تَعتَذِرُ
ـ فيقول الشاعر رفعت الصليبي:
أسفاً لقد ولى الشباب ولم أفد *** منه سوى حرقٍ تطيل عذابي
انفقت أيامي بوهمٍ باطل *** ما بين تفكير وبين كتاب
ولو أنني انصفت كان هوى المها*** قصدي وكان الحسن كلّ طلابي
ـ فيضيف الشاعر أبو الحسن بن حريق:
أَبعَيدَ الشّبابِ هَوى وَصِبا *** كلا لا لَهوَ ولا لَعِبا
ذَرتِ السِّتونَ بُرادَتَها *** فِي مِسكِ عِذارَكِ فاشتَهَبَا
يا نفسُ أحيَي تَصِلِي أمَلاً *** عيشي رَجَباً تَرَي عَجَبا
ـ فيقول الشاعر بلبل الغرام الحاجري:
شَرخُ الشَبابِ بِحُبِّكُم أَفنَيتُهُ *** وَالعُمرُ مِن كَلفي بِكُم
قَضِيَّتُهُ
وَأَنا الَّذي لَو مَرَّ بي مِن نَحوِكُم *** داعٍ وَكُنتُ بِحفرَتي
لَبَّيتُهُ
ـ فتضيف الشاعرة فدوى طوقان:
من شباب و فتون و غوى *** أسكرت آفاقه خمر الهوى
ـ ويكمل الشاعر ابن المعتز:
وَقَفَ الشَبابُ وَأَنتَ تابِعُ غَيِّهِ *** لا تَرعَوي لِنَذيرِ شَيبٍ قَد
نَهى
يا جَهلَ قَلبٍ مِنكَ عُطِّلَ حِلمُهُ *** لو كانَ دانَى غَيَّهُ، أو
أشبَهَا
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي؛ ناصحا:
يا شباب اقتدوا بشيخ المعالى *** فالمعالي تشبُّه وتحدّي
قد تصدى لنائبات حقوق *** غير سهل لمثلهن التصدّي
حزَنَته بلاده وهي صيد *** بين نابى مظَّفر الناب ورد
ـ ويضيف الشاعر
محمد مهدي الجواهري:
أرجُ الشبابِ
وخمرُه المسكوبُ *** لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ
ومنَ الربيعِ
نضارةٌ بوجوهكم تَنْدىَ *** ومن شهدِ الحياةِ ضريب
ـ فيضيف الشاعر أحمد زكي أبو شادي:
الشباب العزيم شعر جميل *** يتمشى فيه المثال النبيل
من نشيد الإله رف بأحلام *** تناهت فكل معنى اصيل
لا تخف ليس غير روحك ما يبـ *** ـقى وما قد عداه ظل يحول
فنيت حين ودّعتك الأماني *** وهوت حين باعدتك الطلول
ـ ويقول الشاعر إسماعيل صبري:
تُمسي تُذَكِّرُنا الشَبابَ وَعهدهُ *** حَسناءُ مُرهَقةُ القَوامِ فنَذكُر
هَيفاءُ أَسكَرَها الجمالُ وَبعضُ ما *** أوفى على قدرِ الكِفايَةِ يُسكِرُ
تَثِبُ القُلوبُ إلى الرءوس إذا بَدت *** وَتُطِلُّ من حدقِ العُيونِ وتنظر
ـ فيضيف ابن المقرب العيوني:
لا تحسبي أن الشباب وشرخه ** يبقى ولا أن الجمال يخلد
فتغنمي عصر الشباب فإنه ** ظل يزول وصفو عيش ينفذ
وتيقني أن الشباب لناره ** حد ويطفئها المشيب فتبرد
ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:
سُكرُ الشَبابِ جُنونُ *** وَالناسُ فَوقٌ وَدونُ
وَلِلأُمورِ ظُهورٌ ***تَبدو لَنا وَظُنونُ
وَلِلزَمانِ تَثَنٍّ *** كَما تَثَنّى الغُصونُ
ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:
أيرجعُ لي شرخُ الشبابِ وعصرُه *** وكيفَ رجوعُ اللّيلِ قَد لاحَ فَجرُهُ
ـ ويضيف الشاعر الكميت بن زيد:
هل للشباب الذي قد فات من طلب *** أم ليس غائبه الماضي بمنقلبِ
دع البكاء على ما فات مطلبه *** فالدهر يأتي بأنواع من العجبِ
ـ فيقول الشاعر كعب بن زهير:
بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا *** ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلَفا
ـ فيضيف الشاعر الشريف الرضي:
بانَ عَهدُ
الشَبابِ مِنكُم حَميدا *** وَجَديداً لَو كانَ دامَ جَديدا
فترى الظّاعن
المقوّض بيتيـ *** ـه يرجّى من قلعة أن يعودا
ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل:
يا رفاقي بكيت فيكم شبابي *** كلّ عيش بعد الشباب فضول
ـ فيقول الشاعر ابن حمديس:
بكى الناسُ قبليَ فَقْدَ الشبابِ *** بدمعِ القلوبِ فما أنْصَفوهُ
وإنّي عَلَيْهِ لُمسْتَدركٌ *** من البثِّ والحزْنِ ما أهملوهُ
ـ ويقول الشاعر أبو نواس:
كانَ الشَبابُ مَطِيَّةَ الجَهلِ *** وَمُحَسِّنَ الضَحِكاتِ وَالهَزلِ
ـ فيردف الشاعر أبو العتاهية؛ قائلا:
إن الشباب والفراغ والجدة ** مفسدة للمرء أي مفسدة.
ـ فيقول الشاعر البحتري:
بانَ الشَبابُ
وَكُلُّ شَيءٍ بائِنُ *** وَالمَرءُ مُرتَهَنٌ بِما هُوَ كائِنُ
ـ ويضيف الشاعر المتنبي:
وما ماضي الشباب بمسترد ** ولا يوم يمر بمستعاد
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
شيئان لو بكت الدماء عليهما ** عيناي حتى تأذنا بذهاب
لن تبلغ المعشار من حقيهما ** فقد الشباب وفرقة الأحباب
ـ فيضيف الشاعر أبو قطينة القرشي:
أمسى الشباب مودعا ** لما رأى قرب المشيب
يا ليت أنا نشتري ** قرب البعيد بذا القريب
لا يبعدن غصن الشباب ** الناعم الغصن الرطيب
كان الشباب حبيبنا ** كيف السبيل إلى الحبيب
ـ فيختتم الشاعر أبو الحسن المرغيناني ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:
ودع شبابك إذا رحل ** ودع الغزال مع الغزل
واستغنم الشيب الذي ** اهدى وقارك إذا نزل
أقبح بشيخ محصد ** ركب البطالة أو هزل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/03/531493.html