الأربعاء، 2 أبريل 2014

مفهوم الشباب عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم/ مجدي شلبي

 ثنائية الشباب والمشيب من منظور شعري

مفهوم الشباب عند فحول الشعراء العرب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم: شاعر مخزومي قرشي، لم يكن في قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل والنوادر، ومن لطائف أشعاره التي صور نفسه فيها معشوقا للنساء؛ قوله:

قالت الكبرى أتعرفن الفتى؟ *** قالت الوسطى نعم هذا عمر

قالت الصغرى وقد تيمتها        *** قد عرفناه وهل يخفى القمر

إنه الشاعر عمر بن أبي ربيعة، الذي يتجه الآن (افتراضيا) نحو المنصة؛ منشدا:

وَلّى الشَبابُ حَميداً غَيرَ مُرتَجَعٍ *** وَاِستَبدَلَ الرَأسُ مِنّي شَرَّ ما بَدَلا

شَيبٌ تَفَرَّعَ أَبكاني مَواضِحُهُ *** أَضحى وَحالَ سَوادُ الرَأسِ فَاِنتَقَلا

لَيتَ الشَبابَ بِنا حَلَّت رَواحِلُهُ *** وَأَصبَحَ الشَيبُ عَنّا اليوم منتقلا

ـ فيومئ الشاعر أبو العتاهية برأسه إيجابا، ويضيف:

بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني *** فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ

فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً *** فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ

ـ فيقول الشاعر أبو بكر بن مجبر:

ليت الشبابَ الذي ولت نضارتُهُ *** أعطانِي الحِلمَ فيما كان أعطاني

فلم تكن مِنةٌ للشيبِ أحملُها *** ولم يكن من سروري بعضُ أحزاني

ـ فيضيف الشاعر جرير:

لَيتَ الشَبابَ لَنا يَعودُ كَعَهدِهِ *** فَلَقَد تَكونُ بِشَرخِهِ مَسرورا

وَبَكَيتَ لَيلَكَ لا تَنامُ لِطولِهِ *** لَيلَ التَمامِ وَقَد يَكونُ قَصيرا

ـ فيقول الشاعر الكميت بن زيد:

ليت الشبيبة لم تظعن مقفية *** وليت غائبها المألوف لم يغبِ

من يلبس الشيب يذكر من شبيبته *** ما لن يعود ومن أثوابه القُشُبِ

ـ فيكمل الشاعر أبو العتاهية:

لَهفي عَلى وُرقِ الشَباب *** وَغُصونِهِ الخُضرِ الرِطاب

ذَهَبَ الشَبابُ وَبانَ عَنـ *** ـني غَيرَ مُنتَظَرِ الإِياب

فَلَأَبكِيَنَّ عَلى الشَبا *** بِ وَطيبِ أَيّامِ التَصاب

ـ ويضيف الشاعر ظافر الحداد:

أَسِفى على زمنِ الشبابِ الزائلِ *** أسفٌ أُديم عليه عَضَّ أناملي

ولَّى فلا طمعٌ بعَطْفَةِ هاجرٍ *** منه ولا أَمَلٌ لأَوْبَةِ راحل

ـ فيرد الشاعر ابن الرومي:

من كان يبكي الشبابَ من جَزعٍ *** فلستُ أبكي عليه من جزعِ

لأن وجهي بقبح صورته *** ما زال لي كالمشيب والصَّلعِ

ـ فيقول الشاعر إيليا أبو ماضي:

ضَحِكَ الشَبابُ مِنَ الكُهولِ فَأَغرَقوا *** وَاِستَيقَظوا فَإِذا الشَبابُ كُهولُ

نَأتي وَنَمضي وَالزَمانُ مُخَلَّدٌ *** الصُبحُ صُبحٌ وَالأَصيلُ أَصيلُ

ـ ويقول الشاعر الشريف الرضي:

أغدرا يا زمان ويا شباب *** أُصابُ بِذا لَقَد عَظُمَ المُصابُ

وَما جَزَعي لِأَن غَرُبَ التَصابي *** وَحَلَّقَ عَن مَفارِقِيَ الغُرابُ

ـ فيضيف الشاعر البحتري:

طار غراب الشباب مرتحلا ** وحل شيب فليس يرتحل

درست محاسنه وطار غرابه ** ولقد تكون له عليك محاسن

خان الزمان أخاك في لذاته ** إن الزمان لكل حر خائن

ـ فيكمل الشاعر السري الرفاء:

شَبابُ المَرءِ ثَوبٌ مُستعارُ *** وأيامُ الصِّبا أبداً قِصارُ

طوَى الدَّهْرُ الجديدَ من التَّصابي *** وليسَ لِمَا طوى الدَّهرُ انتشارُ

ـ فيقول الشاعر ظافر الحداد:

تَولَّى شبابٌ واقترابٌ فأَمْعَنا *** ووالَى مَشيبٌ واغترابٌ فأَدْمَنا

فيا حَبَّذا ليلُ الشبابِ الذي نأى *** ولا حبذا صبح المشيب الذي دنا

ـ ويضيف الشاعر ابن الرومي:

أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا *** ولن يدومَ على العصرَين ما اعْتقبا

أعزِرْ عليَّ بأن أضحتْ مناسبُهْ *** بُدِّلنَ فيه وفي أيامهِ نُدَبا

سَقياً لأزمانَ لم استسقِ من أسفٍ *** لمَّا تولّى ولا بكَّيت ما ذهبا

ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:

عريت من الشباب وكان غضا ** كما يعرى من الورق القضيبُ

ونُحت على الشباب بدمع عيني ** فما يجدي البكاء ولا النحيب

ـ فيكمل الشاعر مسكين الدرامي:

سلب الشباب رداءه *** عني وأَتبعه إزاره

وَلَقَد يحل عليَّ حلته *** فيعجبني فخاره

ولقد لبست جديده *** حينا فلا يبعد مزاره

فانظر إِلى شعري *** تبين كيف قد فعلت دياره

ـ فيضيف الشاعر لسان الدين بن الخطيب:

يا لَيْتَ شِعْري هلْ لَها من إيابْ *** يوْماً وعندَ اللهِ عِلْمُ الغُيوبْ

ساعاتُ أنْسٍ تحْتَ ظِلِّ الشّبابْ *** خُضْرُ الحَواشي طيّباتُ الهُبوبْ

ـ فيقول الشاعر جرير:

بَانَ الشّبَابُ وَقَالَ الغَانِياتُ لَهُ: *** أوْدى الشّبابُ وَأوْدى عَصرُكَ الخالي

قَد كُنَّ يَرهَبنَ مِن صُرمي مُباعَدَةً *** فَاليَومَ يَهزَأنَ مِن صُرمي وَإِدلالي

ـ ويضيف الشاعر الشريف الرضي:

دَوامُ الهَوى في ضَمانِ الشَبابِ *** وَما الحُبُّ إِلّا زَمانُ التَصابي

أَحينَ فَشا الشَيبُ في شَعرِهِ *** وَكَتَّمَ أَوضاحَهُ بِالخِضابِ

تَروعينَ أَوقاتَهُ بِالصُدودِ *** وترمين أيامه بالسباب

ـ فيقول الشاعر ظافر الحداد:

شبابٌ تَولَّى ما إليه سبيلٌ *** وشيبٌ تَبدَّى ليس منه مقيلُ

فهذا كليلِ الوصلِ لونا ومُدَّةً *** وذا كنهارِ الهجر فهْو طويل

فأطيبُ عيشِ المرءِ عصرُ شبابِه *** ومِنْ سَعْدِه لو مات حين يزول

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

نبكي الشبابَ لحاجاتِ النساءِ *** ولي فيه مآربُ أخرى سوفَ أبكيها

أبكي الشبابَ لرَوْقٍ كان يُعجبني *** منه إذا عاينتْ عيْني مرائيه

ـ فيكمل الشاعر الأخطل:

بانَ الشَبابُ وَرُبَّما عَلَّلتُهُ *** بِالغانِياتِ وَبِالشَرابِ الأَصهَبِ

وَلَقَد شَرِبتُ الخَمرَ في حانوتِها *** وَلَعِبتُ بِالقَيناتِ عَفَّ المَلعَبِ

ـ فيقول الشاعر تميم الفاطمي:

تمتع بالمسرة والشباب *** شبابٌ في شباب في شباب

فحَيِّ على المُدام بكفّ ساقٍ *** يُدير الخمرَ من بَرَدٍ عِذَاب

يُدير بِريقِه ويديه خَمْراً *** شرابٌ في شَراب في شَراب

ـ فيرد عليه الشاعر ابن خفاجه؛ قائلا:

شراب الأماني لو علمت سراب *** وَقَد بادَ أَقرانٌ وَفاتَ شَبابُ

فَما نابَ عَن خِلِّ الصِبا خِلُّ شَيبَةٍ *** وَلا عاضَ مِن شَرخِ الشَبابِ خِضابُ

ـ ويضيف الشاعر أحمد محرم؛ موبخا:

رددوا الذكرى لقوم غافلين *** أصلحوه يا شبابَ المُسلِمينْ

أَسَمِعْتُمْ صادحَ الأمسِ وما *** قال في الخمرِ يُغنِّي الشَّارِبينْ

يا له من ناعقٍ مُستهترٍ *** ما رأينا مثله في النّاعِقينْ

ـ فيقول الشاعر عمارة اليمني:

بسم في ليل الشباب مشيب *** فأصبح برد الهم وهو قشيب

وأنكرت ما قد كنتما تعرفانه *** وقد يحضر الرشد الفتي ويغيب

ـ ويضيف الشاعر صلاح الدين الصفدي:

يقول الفكر لي دنست ثوب الش *** شباب وفي غداة الشيب تتعب

وتغسله بدمعك كل وقتٍ *** وما ينقى لأن الطبع أغلب

ـ فيقول الشاعر عمرو الباهلي:

بان الشباب وأفنى ضعفه العمر ***  لِلَهِ دَرُكَ أَيَّ العَيشِ تَنتَظِرُ

هَل أَنتَ طالِبُ وِترٍ لَستَ مُدرِكَهُ *** أَم هَل لِقَلبِكَ عَن أُلّافِهِ وَطَرُ

أَم كُنتَ تَعرِفُ آياتِ فَقَد جَعَلَت *** أَطلالُ إِلفِكَ بِالوَدكاءِ تَعتَذِرُ

ـ فيقول الشاعر رفعت الصليبي:

أسفاً لقد ولى الشباب ولم أفد *** منه سوى حرقٍ تطيل عذابي

انفقت أيامي بوهمٍ باطل *** ما بين تفكير وبين كتاب

ولو أنني انصفت كان هوى المها*** قصدي وكان الحسن كلّ طلابي

ـ فيضيف الشاعر أبو الحسن بن حريق:

أَبعَيدَ الشّبابِ هَوى وَصِبا *** كلا لا لَهوَ ولا لَعِبا

ذَرتِ السِّتونَ بُرادَتَها *** فِي مِسكِ عِذارَكِ فاشتَهَبَا

يا نفسُ أحيَي تَصِلِي أمَلاً *** عيشي رَجَباً تَرَي عَجَبا

ـ فيقول الشاعر بلبل الغرام الحاجري:

شَرخُ الشَبابِ بِحُبِّكُم أَفنَيتُهُ *** وَالعُمرُ مِن كَلفي بِكُم قَضِيَّتُهُ

وَأَنا الَّذي لَو مَرَّ بي مِن نَحوِكُم *** داعٍ وَكُنتُ بِحفرَتي لَبَّيتُهُ

ـ فتضيف الشاعرة فدوى طوقان:

من شباب و فتون و غوى *** أسكرت آفاقه خمر الهوى

ـ ويكمل الشاعر ابن المعتز:

وَقَفَ الشَبابُ وَأَنتَ تابِعُ غَيِّهِ *** لا تَرعَوي لِنَذيرِ شَيبٍ قَد نَهى

يا جَهلَ قَلبٍ مِنكَ عُطِّلَ حِلمُهُ *** لو كانَ دانَى غَيَّهُ، أو أشبَهَا

ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي؛ ناصحا:

يا شباب اقتدوا بشيخ المعالى *** فالمعالي تشبُّه وتحدّي

قد تصدى لنائبات حقوق *** غير سهل لمثلهن التصدّي

حزَنَته بلاده وهي صيد *** بين نابى مظَّفر الناب ورد

ـ ويضيف الشاعر محمد مهدي الجواهري:

أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ *** لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ

ومنَ الربيعِ نضارةٌ بوجوهكم تَنْدىَ *** ومن شهدِ الحياةِ ضريب

ـ فيضيف الشاعر أحمد زكي أبو شادي:

الشباب العزيم شعر جميل *** يتمشى فيه المثال النبيل

من نشيد الإله رف بأحلام *** تناهت فكل معنى اصيل

لا تخف ليس غير روحك ما يبـ *** ـقى وما قد عداه ظل يحول

فنيت حين ودّعتك الأماني *** وهوت حين باعدتك الطلول

ـ ويقول الشاعر إسماعيل صبري:

تُمسي تُذَكِّرُنا الشَبابَ وَعهدهُ *** حَسناءُ مُرهَقةُ القَوامِ فنَذكُر

هَيفاءُ أَسكَرَها الجمالُ وَبعضُ ما *** أوفى على قدرِ الكِفايَةِ يُسكِرُ

تَثِبُ القُلوبُ إلى الرءوس إذا بَدت *** وَتُطِلُّ من حدقِ العُيونِ وتنظر

ـ فيضيف ابن المقرب العيوني:

لا تحسبي أن الشباب وشرخه ** يبقى ولا أن الجمال يخلد

فتغنمي عصر الشباب فإنه ** ظل يزول وصفو عيش ينفذ

وتيقني أن الشباب لناره ** حد ويطفئها المشيب فتبرد

ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:

سُكرُ الشَبابِ جُنونُ *** وَالناسُ فَوقٌ وَدونُ

وَلِلأُمورِ ظُهورٌ ***تَبدو لَنا وَظُنونُ

وَلِلزَمانِ تَثَنٍّ *** كَما تَثَنّى الغُصونُ

ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:

أيرجعُ لي شرخُ الشبابِ وعصرُه *** وكيفَ رجوعُ اللّيلِ قَد لاحَ فَجرُهُ

ـ ويضيف الشاعر الكميت بن زيد:

هل للشباب الذي قد فات من طلب *** أم ليس غائبه الماضي بمنقلبِ

دع البكاء على ما فات مطلبه *** فالدهر يأتي بأنواع من العجبِ

ـ فيقول الشاعر كعب بن زهير:

بان الشبابُ وأَمْسَى الشَّيْبُ قد أَزِفَا *** ولا أرى لشبابٍ ذاهبٍ خلَفا

ـ فيضيف الشاعر الشريف الرضي:

بانَ عَهدُ الشَبابِ مِنكُم حَميدا *** وَجَديداً لَو كانَ دامَ جَديدا

فترى الظّاعن المقوّض بيتيـ *** ـه يرجّى من قلعة أن يعودا

ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل:

يا رفاقي بكيت فيكم شبابي *** كلّ عيش بعد الشباب فضول

ـ فيقول الشاعر ابن حمديس:

بكى الناسُ قبليَ فَقْدَ الشبابِ *** بدمعِ القلوبِ فما أنْصَفوهُ

وإنّي عَلَيْهِ لُمسْتَدركٌ *** من البثِّ والحزْنِ ما أهملوهُ

ـ ويقول الشاعر أبو نواس:

كانَ الشَبابُ مَطِيَّةَ الجَهلِ *** وَمُحَسِّنَ الضَحِكاتِ وَالهَزلِ

ـ فيردف الشاعر أبو العتاهية؛ قائلا:

إن الشباب والفراغ والجدة ** مفسدة للمرء أي مفسدة.

ـ فيقول الشاعر البحتري:

بانَ الشَبابُ وَكُلُّ شَيءٍ بائِنُ *** وَالمَرءُ مُرتَهَنٌ بِما هُوَ كائِنُ

ـ ويضيف الشاعر المتنبي:

وما ماضي الشباب بمسترد ** ولا يوم يمر بمستعاد

ـ فيقول علي بن أبي طالب:

شيئان لو بكت الدماء عليهما ** عيناي حتى تأذنا بذهاب

لن تبلغ المعشار من حقيهما ** فقد الشباب وفرقة الأحباب

ـ فيضيف الشاعر أبو قطينة القرشي:

أمسى الشباب مودعا ** لما رأى قرب المشيب

يا ليت أنا نشتري ** قرب البعيد بذا القريب

لا يبعدن غصن الشباب ** الناعم الغصن الرطيب

كان الشباب حبيبنا ** كيف السبيل إلى الحبيب

ـ فيختتم الشاعر أبو الحسن المرغيناني ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:

ودع شبابك إذا رحل ** ودع الغزال مع الغزل

واستغنم الشيب الذي ** اهدى وقارك إذا نزل

أقبح بشيخ محصد ** ركب البطالة أو هزل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/03/531493.html