ثانيا: مفهوم
الحياة عند فحول الشعراء العرب (2 من 2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نبدأ مقال اليوم بلفظ (الحياة) الذي يوحي بالسعادة والأمل والتفاؤل؛ فيفاجئنا الشاعر أبوالعلاء المعري؛ قائلا:
حَياةٌ ومَوتٌ وانتِظارُ قيامَةٍ، *** ثَلاثٌ أفادَتْنا ألوفَ مَعانِ
ـ فيتساءل الشاعر أحمد محرم مستنكرا:
أرأيت إذ يصف الحياة لقومه *** من ليس يعرف للحياة مذاقا
وكيف تزيدني علما حياة *** قرأت كتابها بابا فبابا
ـ فيقول الشاعر ابراهيم ناجي:
أرى الحياةَ الحبَّ والحبَّ الحياة *** هما شعارُ العيش أيُّ شعارٍ
ـ فيضيف الشاعر بدر شاكر السياب:
أيقنت أن الحياة الحياة *** بغير الهوى قصة فاترة
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
بسمة في الحياة من شفتيها *** تبعث النور في ظلام الحياة
ـ فيضيف الشاعر بهاء الدين زهير:
أنتَ الحَياة وَمن تُفا *** رقهُ الحياة ُ فكيفَ حالهْ
ـ ويبالغ الشاعر الواواء الدمشقي في الوصف؛ فيقول:
هِيَ الحَيَاة ُ الَّتِي تَحْيَا النُّفُوسُ بِها *** تميتها كلما شاءتْ
وَتحييها
ـ فيأتي الشاعر الخُبز أَرزي برسالة منها:
قالت تمتَّع بالحياة فإنما *** حياة الفتى تعديله الضدَّ بالضدِّ
ـ فيرد الشاعر الشريف المرتضى؛ بقوله:
لا متعة ٌ لي في الحياة فما *** أحياهُ بعدَك ليس مِن عمري
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
إذا لم تمتعْ بالبقاء حياتنا *** فلا خيرَ في هذي الحياة التي نرى
ـ ويكمل الشاعر قيس لبنى:
فإنَّ الموتَ أرَوَحُ مِنْ حياة ٍ *** تَدُومُ على التَّبَاعُدِ
والشَّتَاتِ
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
فإن رنا وهلال الشهر مبتسم *** حياة من أمل في الأفق مبتسم
ـ فيعبر الشاعر المتنبي بلسان حال المحسود على السعادة؛ قائلا:
ولكِنّي حُسِدْتُ على حَياتي *** وما خَيرُ الحَياةِ بِلا سُرُورِ
ـ فيقول الشاعر الأخطل:
النّاسُ هَمُّهُمُ الحياة ُ، وما أرى *** طول الحياة ِ يزيدُ غير خبال
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
هذي حياة إن تطل أو لم تطل *** مقضية كتنفس الصعداء
ـ ويكمل الشاعر الحطيئة:
يَصَبُّ إلى الحياة ويَشْتَهِيهَا *** وفي طُولِ الحياة له عَناءُ
ـ فيؤكد المعنى الشاعر ابن عنين:
يهوى الحياة بنو الدنيا وقد علموه *** أن الحياة عناء دائم وشقاء
ـ فيقول الشاعر ابن دارج القسطلي:
ولا نشقوا حياة العيش إلا *** وقد خلعوا جلابيب الحياء
ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل:
وحياة كلّ ما فيها أذى *** لا سقى عهد الحيا هذي الحياة
ـ فيرد الشاعر جبران خليل جبران:
غض من صوتها الحياء فأحبب *** بحياء فيه حياة الشعور
ـ فيكمل الشاعر ابن دريد:
إِن الحَيَاة َ مَعَ الحَيَا *** وأَرَى البَهَاءَ مَعَ الحَيَاءِ
ـ فيضيف الشاعر صفي الدين الحلي:
ومُرْ ساقيَ الرّاحِ يَمزُجْ لَنا *** مِياهَ الحَياة ِ بماءِ الحَياءِ
يُديرُ الصّفاءَ كماءِ الحَيا، *** وماءِ الحَياءِ، وماءِ الحَياة ِ
ـ فيقول الشاعر جرير:
فَلا هُوْ مِنْ الدّنْيَا مُضِيعٌ نَصِيبَهُ، *** و لا عرضُ الدنيا عنِ
الدينِ شاغله
ـ فيرد الشاعر محيي الدين بن عربي؛ قائلا:
ولكن (بعضهم) لا يدرك السنا *** وكيف يرى طيبَ الحياة سقيم
ـ فيكمل الشاعر إبراهيم ناجي:
مرّ يومه كأمسِه مسرحاً تعرض *** فيه الحياةُ والأحياءُ
يا حياة اليائس المنفرد *** يا يباباً ما به من أحد
ـ فيضيف الشاعر الفرزدق:
فالمَوْتُ أرْوَحُ مِنْ حَياةٍ هَكَذا، *** إنْ أنْتِ منْكِ بِنَائِلٍ لمْ
تُنْعِمي
ـ فيؤكد المعنى الشاعر قطري بن الفجاءة:
ما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ *** إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم متعجبا:
يراع من ذكر الحياة كأنما *** يجد الحياة من المخافة غولا
إن المضلل في الحياة لمن يرى *** أن الحياة وساوس وظنون
ـ فيكمل الشاعر أحمد محرم:
كذب المضلل ما الحياة لجامد *** إن الحياة حوادث وأمور
ـ فيرد الشاعر أبو العتاهية:
عِلْمي بأني أذوقُ الموتَ نغَّصَ لي *** طِيبَ الحَياة، فما تَصْفوا الحياة
ُ لِيَا
ـ فيؤكد المعنى الشاعر أبوالعلاء المعري:
حياةٌ عناءٌ، وموتٌ عنا؛ *** فليتَ بَعيدَ حِمامٍ دَنا
ـ فيرد عليه الشاعر أبو العتاهية:
مَا بالُ مَنْ عرَفَ الدُّنْيَا الدَّنيَّة ُ لاَ *** يَنكَفّ عن غَرَضِ
الدّنيا ويَنقَبِضُ
ـ فيتدارك الشاعر أبوالعلاء المعري الأمر؛ فيعدل من موقفه، ويقول:
أتشكّى فَظاظَةً من حَياةٍ؛ ***
وأظُنُّ الحِمامَ منها أفَظّا
ـ فيؤكد الشاعر أحمد شوقي حقيقة (أننا):
نجدُ الحياة َ حياة َ دهرٍ ساعة ً *** ونرى النعيمَ نعيمَ عمرٍ مقصرا
ـ ويقول الشاعر المتنبي:
وَما الحيَاةُ ونَفسي بَعدَمَا عَلِمَتْ *** أنّ الحَياةَ كَما لا تَشتَهي
طَبَعُ
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:
ليس الذي أخذ الحياة بحقها *** مثل الذي أخذ الحياة نفاقا
جن المنافق بالحياة وما درى *** أن الحياة يفيضها الخلاق
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
إن الحُقود إذا تذكرها الفتى *** تحيا حياة الجمر بالمِسعار
ـ ويقول الشاعر أحمد محرم:
إن حياة الفتى كالثراء *** يصرفه سرفاً واقتصادا
ـ فيضيف الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
أشقى الناس في الأخرى ابن دنيا *** يقول لنفسه في الغيِّ خوضي
ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:
ما لي رَأيتُ بَني الدّنيا قدِ اقتَتَلُوا، *** كأنّما هذِهِ الدّنْيا
لَهُمْ عُرُسُ
ـ فيوضح الشاعر أحمد شوقي:
فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ *** وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ
ـ ويضيف الشاعر محمد إقبال:
وتلا القاضي حياة في القصاص *** ذاك قانون حياة لا مناص
ـ فيقول الشاعر الحطيئة:
حياتك، ما علمت، حياة سوء *** و موتك قد يسر الصالحينا
ـ فيقدم الشاعر أبو العتاهية النصح لمن غرته الدنيا؛ فيقول:
لا تَلْعَبَنّ بكَ الدّنيا وَخُدْعَتُها، *** فكَمْ تَلاعَبَتِ الدّنْيا
بأقْوامِ
رَأيتُ بني الدّنيا، إذا ما سَمَوْا بهَا، *** هوتْ بهمِ الدُّنياَ على
قدرِ ما سمَوا
أيا باني الدُّنْيَا لغيرِكَ تبْتَنِي *** وَيَا جَامِعَ الدُّنْيَا
لغيرِكَ تَجْمَعُ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
إن الفقير إلى الحياة لمن يرى *** أن الحياة بثروة ٍوعقار
ـ فيكمل الشاعر جبران خليل جبران:
لقد شغلته بالعلى عن حطامها *** حياة بها إن تعن بالرزق ترزق
ـ فيعترض الشاعر المتنبي؛ قائلا:
لا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ *** وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ
قَلّ مَجدُهُ
ـ فيرد عليه الشاعر أحمد محرم:
يهين رجال في الحياة نفوسهم *** وأطلب أن أحيا مهيباً مكرما
يا قوم جدوا لا حياة لمن يرى *** أن الحياة مجانة ومزاح
شباب البلاد البدار البدار *** فإن الحياة حياة العمل
ـ فيضيف الشاعر أحمد شوقي:
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي *** وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَما استَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ *** إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُمْ رِكابا
ـ فيؤكد المعنى الشاعر أحمد محرم:
ليس التغلب في الحياة لمدبر *** ذل الحياة عقوبة الإدبار
ـ ويقول الشاعر جبران خليل جبران:
جهلوا الحياة وما الحياة *** لغير كداح مغامر
ـ ويقول الشاعر أحمد شوقي:
وَقَفتُمْ بَينَ مَوتٍ أَو حَياةٍ *** فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهرِ
فَاشْقَوا
ـ فيرد الشاعر جبران خليل جبران:
حياة عناء كلما رقيت بها *** إلى الخير نفس صارعتها المناكد
ـ فيطمئنه الشاعر المتنبي؛ قائلا:
رَأتْ كلَّ مَنْ يَنْوِي لكَ الغدرَ يُبتلى *** بغَدْرِ حَيَاةٍ أوْ
بغَدْرِ زَمَانِ
ـ ويقول الشاعر البوصيري:
لَعِبَتْ به الدنيا ولولا جَهْلُه *** ما كان في الدنيا يخوضُ ويَلعَبُ
ـ فيضيف الشاعر ابن سهل الأندلسي (فكان عقابه أن):
نَضَتِ المنيّة ُ عَنْهُ ثَوْبَ حَياتِهِ *** هَا إنّما ثَوْبُ الحياة ِ
مُعَارُ
ـ ويكمل الشاعر أحمد شوقي:
وراحت حياة ٌ، وجاءت حياة ٌ *** وأَظهرَ قدرتَه المُبْدِل
ـ ويقول الشاعر البوصيري:
نالوا مناصبَ في الدنيا وأخرجهم *** حُبُّ المنَاصِبِ في الدُّنيا على
الدِّينِ
ـ فيكمل الشاعر ابن شهاب:
سيجزون في الأخرى نكالاً مؤبداً *** على ما اقترفوا من عقوق ومأثم
ـ فيقول الشاعر ابن الخياط:
ومَا خَيْرُ السَّلامَة ِ فِي حياة ٍ *** إذا كنتم إلى عَطَبٍ تَؤولُوا
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
ما هذه الدنيا بدار إقامة ٍ *** ولكنما الدنيا مجاز وَمَعْبر
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
حياةٌ كجِسْرٍ بين موتينِ: أوّلٍ *** وثانٍ، وفَقْدُ الشخص أن يُعبرَ الجسر
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
ما أسمج الدنيا وفينا كبرة *** ما أبهج الدنيا ونحن صغار
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
رأيت حياة َ المرءِ بعد مشيبه *** إذا زاول الدنيا حياة َ أسير
ـ فيكمل الشاعر المتنبي:
وَإذا الشّيخُ قَالَ أُفٍّ فَمَا مَـ *** ـلّ حَيَاةً وَإنّمَا الضّعْفَ
مَلاّ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
قد يرومُ ضعيفٌ نيلَ آخرَةٍ، *** فلا يشكُّ لَبيبٌ أنْ سيُعطاها
ـ فيكمل الشاعر أحمد محرم:
الله قدرها حياة ً غضة ً *** وأعدها للصالحين ثوابا
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
آية في تسلسل الذكريات *** أن تعود الحياة بعد الحياة
كيف الذي تخذ الحياة وسيلة *** وسما له فوق الحياة مرام
ـ فيكمل الشاعر ابن نباتة المصري:
الطالب الأخرى بعزم للكرى *** يفني ويحيى بالسجود ليالي
يا باذل الوفر في الدنيا لآخرة *** بشراك فرض على الأخرى وتسليف
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:
هو إن مات شهيدا خالد *** في حياة من جلال وعظم
ـ فيقول الشاعر ابن نباتة المصري:
إلى أن قضى الدنيا سعيداً مؤملاً *** وعاد الى الأخرى شهيداً ممجدا
ـ ويقول الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
أردنا لكَ الدنيا القليلَ بقاؤها *** وربّكَ في الأخرى أرادَ لك الخلدّا
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
وما قولي الفناء وأنت حي *** حياة الخالدين بلا مراء
ـ فيقول الشاعر ابن نباتة المصري:
هنئت فوزك دنيا ثم آخرة *** فقد زكت لك في الدارين أعمال
ـ ويقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
كذاك حياة الأفضلين فلا تلح *** إلى الظل وانظر نورها المتراميا
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
إنما الدنيا حياة ٌ تنقضي *** وحديثٌ نافعٌ للذاكرين
ـ فيضيف الشاعر أحمد شوقي:
حَيِيتَ فكنتَ فخارَ الحياة ِ *** ومتَّ فكنتَ فخارَ السير
ـ ويقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
لا خَيرَ للمَرءِ إلاّ خَيرُ آخِرَةٍ *** يُبقي عليهِ، فذاكَ العِزُّ
والشّرَفُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر