وخزات قصصية
ساخرة جدا
بقلم
الناقد/ حميد ركاطة (*):
لقد هيمن
على مجموعة "دموع و شموع" للأديب المصري مجدي شلبي، ملمح السخرية حيث
تبلغ الومضات القصصية ذروتها من خلال ربطها بعتباتها لتشكل نهايات عاصفة. و هو
اشتغال تم في حيز جسد ضامر جدا ارتكز على مفارقات عديدة و بلاغة الحذف و الإضمار
لتوليد سياقات جديدة لإجبار القارئ على ملء فراغات النصوص للمساهمة في توليد
دلالتها الجديدة، نصوص بقدر ما تبرز زيف الشخوص و ادعاءاتهم و كذبهم تخترق نوايا
بعضهم بتحويلها إلى مجرد أقنعة شفافة لتبرير أخطاء تم تعليقها على مشجب واهم. فهي
بقدر ما تحيل على فظاعة الواقع تعمل على الفضح و التعرية عوض التستر و التورية،
كما تتحول العتبات إلى مفاتيح إجبارية للكشف عن طبيعة القفلة النهائية و هذا أمر
بقدر ما شكل إضافة في بناء القصة أبرز مدى أهميتها داخل المجموعة بما تضفيه
أبعادها الدلالية والرمزية و بما تشكله محوريتها في تحريك سياقات ذات مرامي مضمرة.
هكذا نلمس مدى الهالة التي تكتسبها الأشياء البسيطة من قوة تدميرية و هائلة و هي تفرغ
أخرى أكبر منها من رمزيتها الدلالية و الكونية لتبني على أنقاضها معالم جديدة في
سياقات مغايرة.
فالفرجة
تتحول مثلا إلى فسحة لإبراز السخرية من البؤس و من الذات و الواقع و المواساة إلى
نوع من الحسد أو رغبة في المجاسدة.
إننا إزاء
نصوص تروم اختزال العالم من خلال تحريك سياق النص خارج المألوف و المعتاد ارتكازا
على توظيف تقنيات الميتاقصة أو بتناصها مع المسرودات الطويلة من حيث الإيحاء
بإماضة بارقة و سريعة لتكشف عن استلهامها لدلالاتها الجديدة للكشف عن المتواري...
إن الملمح
الساخر الذي تتبناه المجموعة بقدر ما يفجر الضحك يتحول بمفارقاته إلى مؤشر على
الحزن و القتل و الإحباط ليعلن عن كتابة جريئة بميسم خاص و لغة قوية و بناء متين.
في حين تبرز الشخوص مبهمة الملامح، ممسوخة، مضمرة ضمن طيات عديدة أرغمتها على
الغياب المتعمد أو كتعبير عن التهميش و الإقصاء الذي طالها.
تلمس انزياحا
فيه الارتكاز على متوالية قصصية تبدو للقارئ معزولة و مفككة و بعيدة عن سياق النص
لأول وهلة لكنها ما تفتأ تفاجئنا بتحولها مع قفلة النهاية و ارتباطا بعتبة النص
إلى لوحة موغلة في السخرية السوداء و هو تشييد نلمسه في العديد من النصوص.
مجموعة
"دموع وشموع" وخزات قصصية ساخرة، و ساحرة جدا لا غروة أنها ستسيل الكثير
من المداد، و تثير الكثير من الأسئلة حولها في المشهد القصصي المصري، و العربي على
السواء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) أ/حميد
ركاطة: قاص و ناقد من المغرب
خنيفرة في
19/09/2013