تطور فن (القصة القصيرة جدا) و خصائصها و
دور مسابقة (واحة الأدب في الكويت) لتشجيع المبدعين العرب فيها
بقلم/ مجدي شلبي*
كانت أولى المحاولات المعروفة لكتابة أقصر نص قصصي للروائي الأمريكي إرنست هيمنجواي،
من خلال قصته الشهيرة التي تتكون من ست كلمات: (للبيع: حذاء طفل، لم يُلبس قط.) «For sal: baby shoes never
worn»...
كما أبدع الأدباء الروس في كتابة القصة القصيرة جداً و أطلقوا عليها مصطلح "النثر
المصغر" أو الـ" منمنمة ". و توجد في الأدب الروسي الكلاسيكي نماذج
عديدة لنصوص قصصية قصيرة للغاية... فضلا عن انتشار هذا الفن الأدبي في العديد من الدول
الأوربية كفرنسا و انجلترا و إسبانيا...
و قد أدت حركة الترجمة التي نشطت في القرن الماضي إلى محاولات بعض الكتاب العرب
النسج على هذا المنوال الغربي، و ذلك منذ منتصف القرن العشرين مستمدين خصائص هذا الفن
من الأدب الغربي، و إن كانت هناك نماذج من كتابات جبران خليل جبران في مجموعتيه
"المجنون" و "التائه" تشير إلى تغلغل هذا الفن الأدبي قبل تلك
الحقبة الزمنية...
و لا شك أن الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية المعقدة المتشابكة
هي التي أدت إلى انتشار هذا الفن المواكب لإيقاع الحياة المتسارع، من خلال التعبير
الأكثر تكثيفا بنفس جملي قصير موسوم بالحركية، و التوتر و تأزم المواقف و الأحداث،
بالإضافة إلى سمات الحذف و الاختزال، كاشفا بالرمز و الإضمار عن العديد من التناقضات
التي تعج بها الحياة، برؤية مدهشة تنظر إلى ما هو اعتيادي بنظرة غير اعتيادية، مع ضرورة
أن تأتي خاتمة النص بنهاية مباغتة و غير متوقعة...
و حيث أن (مسابقات واحة الأدب في الكويت) التي تنظمها الأستاذة/ شمسه
العنزي و تشرف عليها، برعاية رابطة الأدباء الكويتيين؛ معنية بتشجيع المواهب الأدبية
التي تبدع في هذه الفنون الأدبية الحديثة، فضلا عن حرصها على توطيد الوشائج و العلاقات
الثقافية بين الكتاب العرب؛ فقد نظمت فضلا عن مسابقاتنا الأساسية في القصة القصيرة،
مسابقة أخرى في القصة القصيرة جدا، كان ثمرة دورتها الأولى النصوص التالية؛ متمنين
أن تحوز إعجابكم... مع خالص الدعاء للجميع بالتوفيق و السداد.
ــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب مصري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ نُشر مقالي هذا في عدد نوفمبر 2018 من مجلة (البيان) الكويتية التي تصدرها رابطة الأدباء الكويتيين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ نُشر مقالي هذا في عدد نوفمبر 2018 من مجلة (البيان) الكويتية التي تصدرها رابطة الأدباء الكويتيين
************************
نماذج من القصص القصيرة جدا
الفائزة في مسابقة واحة الأدب في الكويت
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الفائزة في مسابقة واحة الأدب في الكويت
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــ
نوايا
بقلم/ غالية المانع (الكويت)
كانت تسيرُ برفقته، ويحيطونها بنظرات الازدراءِ والتهكّمِ بسبب ذراعه
الملتفّة حول كتفها، بينما تختلسُ ذراعه الأخرى نظراتهم ليشدّ بنطالَه على رجلِه
الوحيدة!.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
الثاني
ــــــــــــــــــــــــــــــ
وَطنْ
بقلم/ محمد إبراهيم نوايا (سوري مقيم في السودان)
أعياهُ
المَرض والفَقر, اتّفقنا أَنْ نَدفنهُ وَنبحثُ عَنْ آخرَ قَويّ, ما إِن طَمرناهُ
بِالتّراب؛ رِمال مُتحركة... ابتَلعتنا جَميعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
الثالث
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مُنافق وطن
بقلم/ ريتا بربارة (سوريا)
قَبِلتهُ صديقاً لها في صفحتِها، وعندما
رفضَتْ أن تكونَ عاهرتهُ الافتراضيّة، حذفَ صداقتَها، وكتبَ على صفحتهِ:
"كلُّ خائنٍ لهذا الوطن، سأحذفهُ من صفحتي بلا أسف". صفّقتِ التعليقاتُ
لهُ بشدّةٍ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
الرابع
ــــــــــــــــــــــــــــــ
رِفعَة
بقلم/ مريم بغيبغ (الجزائر)
طافَ الكَواكب باحثًا عَنها... في كلِّ كوكَب نَبتت زهرَة
تشبِهُها، كلّمَا وقَف أمَامهُن رَكَعن لَه... بسيفِ الغدرِ يقطَع رؤوسهنّ...
وحدَها الياسَمينة ظلَّت شامِخة؛ فعَانقتها الشَّمس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
الخامس
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ولادة
بقلم/ محمد كريم سلامة (الأردن)
ألبسوها فستان الزفاف، يتراقص قلبها، أبهرت الجميع بنور وجهها
المبتسم، انتهت الحفلة، رحل الجميع، مكثت وحدها في ظلامٍ دامس، ترتجف خوفاً، حان
وقت الاختبار، أبهرتهم بإجاباتها، أُضيء قَبرها، نامت في الجِنان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
السادس
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تصفيق
بقلم/ قيس الصّديق أحمد محمد (السودان)
سألتُ رئيسَنا، الذي أكملَ ثلاثين عاماً على كرسيِّ الحُكم: - لِمَ
لمْ تجعل من شعبِنا يداً واحدة؟ أجابنِي: - وكيفَ لِيدٍ واحدةٍ أنْ تُصفّق، في
كلِّ مرّة، عند نهاية خطابي؟!.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
السابع
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لقاء
بقلم/ حسن رحيم الجبوري (العراق)
وقفت أمامه، أمسكته من قميصه، همست في أذنه: أحبك. أخذ قلبه يخفق
بسرعة وهو يفكر ماذا سيقول لها بعد هذا الفراق. أراد أن يعانقها؛ صدمته المرآة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
الثامن
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لقاء
بقلم/ عادل قريد (الجزائر)
رنّ الهاتف حدّق في وجه زوجته رفع السماعة قائلا: أنا آتٍ. طبع قبلة
على خدِّها، انتفض من السرير، تأنّق وتعطّر امتطى سيارته، افترسته الظنون لفّ
دورتين حول البيت... أمام العمارة ارتقى السلّم لاهثا حاملا باقة ورد استقبلته
عشيقته مبتسمة، يا عزيزي: أعرّفك على صديقتي... مدّ يده مصافحا زوجته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
التاسع
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مشهد
بقلم/ سامر الاسمر (سوريا)
كنت طفلا عندما طلب الأستاذ أن ارسم قريتي.
رسمتها بيوتا و أزهاراً وعصافير... أردت رسمها بعد أن كبرت... أشعلت النار في
لوحتي القديمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز
العاشر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
خيمة
بقلم/ فتيحة قصاب (الجزائر)
تشدّ أعمدتها بالحبال والأوتاد وتقف صامدة في وجه الانكسار، قلوب
مكلومة تغزوها من بوّابتها المشرّعة، المفاتيح المستوردة تكسّرت الواحد تلو الآخر
على أعتاب قفلها وهي تحاول غلقه، واحد أصيل أفلح؛ مفتاح العودة العتيق.