الأحد، 5 يناير 2014

ورش الحكي: بين الواقع والمأمول... مقال بقلم مجدي شلبي

ورش الحكي: بين الواقع والمأمول
محاولة لتحقيق الهدف المنشود من (ورش الحكي)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعريف كلمة (ورشة):
     تأتي كلمة (ورشة) من (وَرِشَ الوَلَدُ: خَفَّ، نَشِطَ)، وهو النشاط الذي يوصف به ـ أساسا ـ المكان المعد للصناعة أو الإصلاح (ورشة)، ومن ثم جاز استخدامها للتعبير عن حلقة دراسية لمجموعة صغيرة من الدراسين والخبراء والمدربين، يتم عقدها للتفاعل والتعاون حول قضية ما، أو موضوع معين، بغية الاهتمام به، وإلقاء الضوء عليه، لإصلاح ما شابه من تشوهات أو تحريف، من خلال آليات صالحة للتطبيق...
     وبإيجاز شديد؛ تُعد (الورشة) في جميع الأحوال: المكان الذي يجتمع فيه العلم: (المعرفة) بالعمل: (المهارة)، ومن ثم (يأتي الإصلاح من علم ومن عمل)؛ فالعلم وحده في (الورشة) لا يكفي؛ يقول بيت الحكمة:
العلم إن كان أقوالا بلا عمل *** فليت صاحبه بالجهل منغمر.
تعريف كلمة (حكي):
     رغم ما يتبادر لذهن البعض أن (الحكي) يقتصر على (سرد الحكاية/ الحدوتة/ القصة/ الرواية) بشكل مجرد؛ إلا أن واقع الأمر: أن كلمة (حكي) تأتي من: (المحاكاة: المشابهة، المماثلة، التقليد...) بكل ما تعنيه من نقل الحكاية بكل ما فيها من نبرات صوت، واختلاف حركة، وبراعة أداء...
(الحكي) جد الفنون:
     وطبقا لما ورد عاليه من تعريف؛ كان (الحكاء) يقوم بسرد (حكايته) سردا شفهيا، يماثل فيه الأحداث ـ الواقعية أو المتخيلة ـ مقلدا ـ كما ذكرنا ـ (الصوت) و(الحركة) ومشاهد تلك الوقائع في أداء (مسرحي) متقن، ومن ثم إذا صح أن (المسرح أبو الفنون) فإن (الحكي) هو: (أبو المسرح/ جد الفنون)،
     وهذا يعني أن (الحكي) ليس مجرد سرد قصصي مجرد ـ كما تفعل جل ورش الحكي ـ بل هو إحياء لفن تراثي جامع؛ انبثقت منه، وتطورت عنه جميع الفنون بلا استثناء: (السرد القصصي)، (فن الإلقاء)، (فن التمثيل)، ولا أبالغ إذا قلت: و(الفنون التشكيلية أيضا) وسأسوق الدليل لاحقا...
تطور وسائل (الحكي):
     بالعودة إلى الماضي؛ نجد أن (الحكاء) كان يروي بـ(الحكي المسرحي التمثيلي) سير البطولات، التي كان أشهرها (السيرة الهلالية/ أبوزيد الهلالي)، في الوقت الذي كانت فيه السينما الصامتة تعتمد على (حكاء) يكتفي بالتعليق على المشاهد بصوته فقط... أما في الأحياء الشعبية؛ فقد كان (الحكاء) يلجأ لوسيلة يستعرض من خلالها رسومات وصور لأساطير شهيرة مثل حكايات (جحا)، وذلك من خلال ما كان يُعرف بـ(صندوق العجب)؛ معلقا أيضا على الصور والرسومات التي يعرضها بشكل متتابع أمام الناظر المتواري رأسه داخل الصندوق... (تلك الرسومات والصور التعبيرية) أراها التجارب الأولي لاستعادة فن الرسم الذي يرجع للعصر الفرعوني، كما أن (صندوق العجب) هذا؛ كان بداية فن (التصوير الفوتوغرافي) الذي تطور تطورا مذهلا فيما بعد...
لماذا الاهتمام بالتراث الشعبي:
     يعتبر (التراث الشعبي) بوجه عام هو الإرث الحضاري الذي يجب أن نفخر به ونعتز، (فمن ليس له ماض؛ ليس له حاضر ولا مستقبل)، فوقوفنا على جذور المعرفة؛ ليس وقوفا على أطلال، استدعاء للنحيب والبكاء على ماض ولى وفات، لكنه وقوف لاستلهام ما فيه من دروس وعبر وعظات...
أهمية (ورش الحكي):
     تستمد ورش الحكي أهميتها من كونها تحيي فنا تراثيا شاملا (هو جد الفنون كما أوضحت) ومصدر إلهام، ونواة لاكتشاف المواهب في مجالات عديدة إما: (فن السرد) أو (فن الإلقاء) أو (فن التمثيل)، أو مجتمعة في (فن الحكي) من خلال اكتشاف (حكائين) جددا، سيكون لهم شأن كما ذكر أفلاطون (الحكاؤون سوف يحكمون العالم).
     أخيرا وليس آخرا: هل ستنجح (ورش الحكي) ـ التي تنظمها المواقع الثقافية حاليا ـ في اكتشاف و تنمية مواهب (حكائين) يضارعون في أعدادهم تلك الكثرة ممن يكتبون قصصا وروايات؟؛
الجدية والإخلاص كفيلان بالإجابة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو اتحاد كتاب مصر
تم نشرها في موقع (دنيا الرأي) على الرابط التالي: