المفاهيم المكررة في: (الكبرياء ـ الكبر
ـ المكابرة)
بقلم/ مجدي شلبي (*)
إلا أنه لما تكررَ كلَّ
حينٍ حمدهُ *** نسيَ الورى ثقلَ الحديثِ مكررا (الشاعر ابن سهل الأندلسي)؛ فنحمد الله حمداً كثيراً على ما حبانا
من نعم، وما وفقنا إليه من فهم ووعي وإدراك لحقيقة العلاقة القوية بين (الكبرياء) و(الكبر):
فكلاهما (تعاظم من البشر
بغير حق)؛ فالعظمة كلها لله وحده، وقد ورد في معجم اللغة العربية المعاصر أن (الكبرياء):
كمال الذات وكمال الوجود، لا يوصف به إلا الله ذو العظمة والجلال؛ مصداقا لقول
الحق ـ سبحانه وتعالي ـ في الآية 37 من سورة الجاثية: (وله الكبرياء في السماوات
والأرض وهو العزيز الحكيم). أي له العظمة والسلطان في السموات والأرض دونما سواه، وعن أبي هريرة
قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي،
والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار).
يقول الشاعر جبران خليل
جبران من باب الإطراء على من خلت نفسه من الكبرياء:
هو مقدامنا الكبير وأكرم *** بكبير خلا من الكبرياء
ولي العذر هل
يصح سكوت *** عن فعال تدعو إلى الإطراء
من الأقوال المأثورة: (من تبع
كبرياءَه ضل، ومن خضع لشهواته ذل)،
لهذا وجب على
المخلوق أن يتحلى بالتواضع،
ويتخلى عن الكبرياء و(الكبر: العظمة والتجبر والترفع والاستعلاء)؛ فقد أوضح الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثة
الشريف أن: (الكِبْر بطر الحق، وغمط الناس). المعنى: بطر
الحق: رده، وجحده. وغمط الناس: احتقارهم،
وازدراؤهم وجحدهم ودفع حقوقهم وجحدها والاستهانة بها. وفي حديث آخر يحذرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الكِبْر؛
فيقول: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر).
يقول الشاعر ابن شهاب:
دع الكبر إن الكبر لله وحده *** وقد لعن الشيطان لمّا تكبّرا
هذا عن (الكبرياء)
و(الكبر)؛ فماذا عن (المكابرة)؟:
رغم أن هذه الصفة الذميمة تأتي اشتقاقا من سابقتيها من حيث اللغة
والدلالة؛ إلا أنها تضيف بعدا آخر لمن يتصف بها؛ فـ(المكابرة): معاندة ـ كابره على
حقه: أنكره مع علمه به، ورؤيته له، لكنها رؤية جحود متكبر: يعشق العمى على أن يصرح
بالحق استعلاء؛ يقول الشاعر نصر بن مأمون
البصري:
والعشق أكبر أن تُحصى كبائرُهُ *** لكنَّ عشق العَمى من أكبر الكُبَرِ
إنهم لا يريدون أن يروا إلا أنفسهم، وهي أنانية وغطرسة جبلوا عليها
حتى أضحت ديدنهم؛ يصف الشاعر ابن شهاب حال هؤلاء المكابرين؛ الذين دعاهم إلى
الهداية والرشاد والعودة إلى الحق؛ فكانت النتيجة:
أبوا إلا مكابرة *** وتمادوا في تغطرسهم
والتغطرس: التكبر، التعجرف، العنجهية، التعاظم، الاستعلاء على الحق.
فاللهم جنبنا الخصال
الثلاث واجعلنا من المتواضعين، وأزل عن أعيننا غشاوة الكبر والكبرياء وصلف
المكابرة، و(اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا
اجتنابه).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو نقابة اتحاد كتاب مصر