الأربعاء، 23 أبريل 2014

2ـ مفهوم النسيان عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم: مجدي شلبي

 2ـ مفهوم النسيان عند فحول الشعراء العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو الشاعر محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله التلمساني، وقد لقب بـ(الشاب الظريف) لرقته وطرافة شعره، وها هو الآن يتجه (افتراضيا) نحو المنصة ـ محييا ومرحبا ـ فيقول:

أَهْلاً بِمُعْتَلِّ النَّسِيم وَمَرْحَبا *** وَمُذكّرِي عَهْدَ الصَّبابةِ والصِّبا

حَمَلَ التَّحِيّةَ مِنْ أُهَيْلِ المُنْحَنَى *** وَأَبانَ عَنْهُمْ بِالمقالِ وأَعْربا

غَبْتُمْ وأَنْتُمْ حَاضِرُونَ بِمُهْجَتِي *** فَبِمُهْجَتِي أَفْدِي الحُضُورَ الغُيَّبا

ـ فيبادر الشاعر رفعت الصليبي بالإعلان عن حضوره؛ قائلا:

هنا في عالم النسيان *** لا كره ولا حبّ

هنا لا بسمة يفترّ *** عنها مبسم عذب

هنا قد غفل الدهر *** فلا سلم ولا حرب

هنا ضاع الشباب سدى *** وشاخ وأقفر القلب

ـ فيقول الشاعر زكي مبارك:

أحاول نسيان الذي كان بيننا *** فينقلب النسيان ضرباً من الذكر

إذا زار طيف اسكندرية خاطري *** تذكرت ما بيني وبينك من أمر

ـ فيضيف الشاعر ابن زيدون:

عاوَدتُ ذِكرى الهَوى مِن بَعدِ نِسيانِ *** وَاِستَحدَثَ القَلبُ شَوقاً بَعدَ سُلوانِ

ـ فيقول الشاعر أبو العلاء المعري:

كُلُّ ذِكرٍ مِن بَعدِهِ نِسيانُ *** وَتَغيبُ الآثارُ وَالأَعيانُ

إِنَّما هَذِهِ الحَياةُ عَناءٌ *** فَليُخَبِّركَ عَن أَذاها العِيانُ

ـ فيعلن الشاعر زكي مبارك عن موقفه إزاء قضية النسيان؛ فيقول:

سأنسى كما تنسى وما تلك بدعة *** فما كل نسيان يكون من البصر

 سأنسى الذي قد كان بيني وبينكم *** وإن أصبح النسيان ضربا من الكفر

ـ فيقول الشاعر نسيب عريضة؛ مناشدا (نعمة النسيان):

أناملَ النسيانِ مُرِّي على *** قلبي مُرورَ الوَحيِ في الخافيات

وأغمِضي فيهِ جُفون الأسى *** وأوصدي فيه كوى الذكريات

ـ فيعلن الشاعر إبراهيم ناجي عن سعادته؛ قائلا:

فيض من النسيان يغمرني *** إني لأحمد سيله العرما

مستسلماً للموج يغمرني *** فرحان حين أعانق العدما

ـ فيقول الشاعر ابن نباته المصري:

حاشا لوعدك أن يلويه نسيان *** وحسن وجهك أن يعدوه إحسان

يا من وقفت عليه العين ساهرة *** أقسمت لا صدّ عيني عنك إنسان

ـ فيضيف الشاعر د. عبد الرحمن العشماوي:

كلما زدت صدودا وابتعادا *** زاد قلبي لك شوقا وامتثالا

لم أجد في البعد والقرب دواء *** أصبح النسيان من مثلي محالا

لم تطل أوقاتنا منذ التقينا *** غير أنا قد زحمناها وصالا!

وملأناها وفاء , سوف يبقى *** في جبين الدهر للناس مثالا

أيها الشاكي من البعد تمهل *** ربما تجني من القرب وبالا!

ـ فيقول الشاعر ظافر الحداد:

أَفْرط نسياني إلى غايةٍ *** لم تُبْق في النسيانِ لي جِنْسا

فصرتُ أنسى الطِّرْسَ في راحتي *** وصرتُ أنسى أنني أَنْسى

ـ فيضيف الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:

كلما قلتُ: تناسى ذكرها، *** رَاجَعَ القَلْبُ الَّذي كَانَ نَسي

مَن يَكُن أَمسى خَلِيّاً مِن هَوىً *** فَفُؤادي لَيسَ مِنها بِخَلي

أَو يَكُن أَمسى تَقِيّاً قَلبُهُ *** فَلَعَمري إِنَّ قَلبي لَغَوي

ـ فيقول الشاعر سلطان السبهان:

يا للشتا كلما النسيانُ أدفأنيْ *** أرخى ذراعيْهِ للنسيانِ واعتنَقهْ

في ذمة الله يا روحاً سَموتُ بها *** وأولُ اسمٍ فؤاديْ في الهوى نطقهْ

في ذمة الله يا كوناً يعيشُ معي *** والناسُ تحسبُهُ سطراً على ورَقة ْ

ـ فيعقب الشاعر أحمد شوقي:

عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما *** وَيَندُبُهُم وَلَو كانوا عِظاما

أَرى النِّسيانَ أَظمأَه، فلمَّا *** وقفتَ بقبرهِ كنتَ الغماما

ـ فيقول الشاعر مطلق عبد الخالق:

ولما قضيت بكاك الصحاب *** وأولوك عطفاً لهم يشفع

وهذي سعادك ملء القلوب *** تحفّ بها العين والمسمع

وشيمة قيومك نسيان من *** يعيش وذكر الذي يصرع

سنذكر أعمالك الخالدات *** ونقفو خطاك ولا نفزع

ـ وعن غيره يقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:

جاء إلى الدنيا على رغم أنفه *** وراح على كره الأماني الشوارد

أراد خلود الذكر في الأرض ضلة *** فأورده النسيان مر الموارد

ـ فيقول الشاعر صالح الشرنوبي:

هاتي ليَ الشعرا *** مهلهل الأوزان

ينسج لي قبرا *** في مهمَهِ النسيان

ما ضرّ من نادى *** للموت أحلامي

لو أنه عادا *** فضمّ أيامي

ـ فيقول الشاعر زكي مبارك:

سأنسى كيف أنسى لست أدرى *** ففي النسيان أكواب العذاب

وشاب الرأس من وجدى وحبي *** فأخفيت الذوائب بالخضاب

ـ فيضيف الشاعر معروف الرصافي:

جلت الطبيعة في رباه بدائعاً *** تكسو الكهول غضاضة الشبان

يا صاحبيّ أتذكران فإنني *** لم أنس بعد كما سوى النسيان

ـ فيقول الشاعر البحتري:

نَسِينَا ما عَهِدْنا، غَيرَ أنّا *** يُذكّرُنَا نَداهُ مَا نَسِينَا

ـ فيقول الشاعر أبو تمام:

لا تَنْسَيَنْ تلكَ العُهُودَ فإنَّما ***  سُميتَ إنساناً لأنك ناسي

ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:

فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة *** إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان

إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان *** يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية

أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان *** لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به

ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:

تَناسَوْا، أو نَسُوا عهدي، ومالُوا *** إلى جَحْد الهوى كلَّ المميلِ

ولمَّا أن رَأَوا حَسَنِي قبيحاً *** رأوا غمط الجميل من الجميل

ـ فيقول الشاعر جرير:

أربتْ بعينكَ الدموعُ السوافحُ *** فلا العهدُ منسيٌّ ولا الربعِ بارحُ

ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل:

لا ترقبوا منّي تناسي عهدكم *** إنّ الوفاء المحض من أخلاقي

لقد زعم الواشون أنّي نسيتكم *** شروط الهوى: أن لا تعيروهم أذنا

أصون الطيوف بين جفوني *** لو تطيق الجفون للطّيف ردّا

أنا الصاحب الوفيّ فما خنت *** حبيبا و لا تناسيت عهدا

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

أيها المأمون من نسيانه *** أكذا أنسى ولو غبت سنه

ـ فيكمل الشاعر بدوي الجبل:

ما أكرم النسيان و العفو منكم *** إذا لم يضع حق و لم يحتسب وتر

ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:

وَالشَرُّ طَبعٌ وَقَد بُثَّت غَريزَتُهُ *** مَقسومَةً بَينَ أَنواعٍ وَأَجناسِ

ذكرْتَ لَفْظاً، وأُنسيتَ المرادَ به، *** من قائليهِ، فأنتَ الذاكرُ النّاسي

تَخَرَّصَ القَومُ في الأَخبارِ أَو مُسِخوا *** فَبُدِّلوا بَعدَ إِنسٍ جيلَ نَسناسِ

 تَصَعَّدَ الجَوهَرُ الصافي وَخَلَّفَنا *** في الأَرضِ كَثرَةَ أَوساخٍ وَأَدناسِ

ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:

قد أنسى الإساءة من حسودٍ *** ولا أنسى الصنيعة والفعالا

إِذا فَعَلوا فَخَيرُ الناسِ فِعلاً *** وَإِن قالوا فَأَكرَمُهُم مَقالا

ـ فيضيف الشاعر الفرزدق:

لَعَمْرِيَ لا أنْسَى أيادِيَ أصْبَحَتْ *** عَليّ وَلا الفَضْل الّذي أنَا شاكِرُهْ

وأبَى الحُزْنُ أن أنسَى مَصَائبَ أوْجعتْ *** صَمِيمَ فُؤادٍ كَانَ غَيرَ مَهينِ

ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:

ما أضيع الصبر في جُرحٍ أداريهِ *** أريد أَنْسَى الذي لا شيء ينسيهِ

ـ فيكمل الشاعر بدوي الجبل:

فأسبغي نعمة النسيان تغمرني *** عسى يخفّف من بلواي نسياني

ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:

لست أنسى كيف أنسى أبد *** الدهر خدني وحبيبي ونصيري

ـ فيضيف الشاعر الفرزدق:

ورُبّ حَبيبٍ قَدْ تَناسَيْتُ فَقْدَهُ، *** يَكَادُ فُؤادي إثْرَهُ يَتَلَهّبُ

ـ فتقول الشاعرة الخنساء:

لا تَخْذُلاني فإنّي غَيرُ ناسِيَة ٍ *** لذِكْرِ صَخْرٍ حَليفِ المَجدِ وَالخِيرِ

ـ فيكمل الشاعر أحمد فارس الشدياق:

هيهات ليس له ند فينسينا *** فرط الحنين اليه بعض نسيان

ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:

هيهات أن تنسى مناقبه التي *** في كل ناد فاح منها عود

وما أنس لا أنسى المهذبة التي *** صينت محاسنها بتاج وقار

ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:

قلتُ أسلوك وكم من طعنة *** بالمداراة وبالوقتِ تهون!

فإذا حبُّكِ يطغى مُزبدًا *** كدفُوق السل طُغيانَ الجنونْ

وكذا تمضي حياتي كلُّهَا *** بين يأسٍ ورجاء وظنونْ

ما على الهجر معينُ أبداً *** وعلى النسيان لا شيء يُعينْ

ـ فيضيف الشاعر المتنبي:

نَسيتُ وَما أنسَى عِتاباً على الصّدِّ *** ولا خَفَراً زَادَتْ بهِ حُمرَةُ الخدِّ

يُعَلِّلُنا هَذا الزَمانُ بِذا الوَعدِ *** وَيَخدَعُ عَمّا في يَدَيهِ مِنَ النَقدِ

ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت:

لا المالُ ينسيني حيائي وعفتي، *** ولا واقعاتُ الدهرِ يفللنَ مبردي

ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:

يا من لهم في صميم القلب أمثلة *** تطيل مكثي في أهلي وأصحابي

إن غاب جسمي والأيام منسية *** أبقيت رسمي ذكرى بين أحبابي

ـ ويختتم الشاعر إبراهيم ناجي ندوتنا (الافتراضية) بأبيات من قصيدته (يا فؤادي رحم الله الهوى)/ كان صرحا من خيال فهوى:

لست أنساك وقد أغريتني *** بفمٍ عذبِ المناداة رقيق

ويد تمتد نحوي كيدٍ *** من خلال الموج مُدّت لغريق

لست أنساك وقد أغريتني *** بالذرى الشم فأدمنت الطموح

أنت روح في سمائي وأنا *** لك أعلو فكأني محض روح

لست أنسى ابداً *** ساعة في العمر

تحت ريح صفقت *** لارتقاص المطر

أيها الشاعر تغفو *** تذكر العهد وتصحو

وإذا ما التام جرح *** جد بالتذكار جرح

فتعلم كيف تنسى *** وتعلم كيف تمحو.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/24/533238.html