2ـ مفهوم الرشاد عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو الشاعر
المغربي محمد بن إبراهيم بن السراج المراكشي، المعروف بـ (شاعر الحمراء) ـ الحمراء
تطلق على مدينة مراكش ـ وها هو يتجه الآن
(افتراضيا) نحو المنصة، ليفتتح حوار اليوم بين فحول الشعراء العرب؛ قائلا:
به أهلاً من
حِوارٍ *** مُمتعٍ يشفِي
فُؤادي
ها أنا مُرهَفُ
سَمعٍ *** لاعتِقادٍ
وانتِقادِ
ربِّ وَفِّقنا
جَميعاً *** واهدِنا سُبلَ
الرَّشادِ
ـ فيبادر الشاعر أبو العلاء المعري؛ قائلا:
لَو زَعَمَت
نَفسِيَ الرَشادَ *** لَها حِلفاً لَكَذَّبتُها بِمَزعَمِها
دارٌ إِذا
سَمَّحَت بِلَذَّتِها *** فَإِنَّ بُؤساً وَراءَ أَنعُمِها
ـ فيضيف الشاعر ابن علوي الحداد:
ازهد لك الخير
في دار الفنا والنفاد *** دنيا دنيه حقيره كلها أنكاد
فيها المكدر
والبلايا والمحن في ازدياد *** وكل من حب دنيا السوء ما له رشاد
ـ فيقول الشاعر زكي مبارك:
له مالٌ وليس
له رشادٌ *** متى أغنى الثراء عن الرشاد
فإن يك جيبهُ
أضحى غنيّا *** فما في رأسه غير الكساد
ـ فيضيف الشاعر الشاذلي خزنه دار:
ما البذل في
سبل الرشاد كغيرها *** هذا السبيل هو السبيل الأقوم
آخى الذي برأ
البرية بيننا *** في الدين حتى لا يكون المعدم
فعلى الغني
زكاة ماله أوجبت *** إخراجها أو لا فإنه مجرم
ـ فيقول الشاعر محمود سامى البارودى:
كُنْ كَمَا
شِئْتَ مِنْ رَشَادٍ وَغَيٍّ ***
كُلُّ حَيٍّ بِمَا جَنَاهُ رَهِينُ
كُلُّنَا
لِلْفَنَاءِ أَوْ تَصْعَق الأَرْ ***
ضُ وَتَأْتِي بَعْدَ الشُّؤُونِ شُؤُونُ
ـ فيضيف الشاعر أبو العلاء المعري:
بَينَ
الغَريزَةِ وَالرَشادِ نِفارُ *** وَعَلى الزَخارِفِ ضُمَّتِ الأَسفارُ
وَإِذا
اِقتَضَيتَ مَعَ السَعادَةِ كابِياً *** أَورَيتَهُ ناراً فَقيلَ عَفارُ
وَالذَنبُ
ماغُفرانُهُ بِتَصَنُّعٍ *** مِنّا وَلَكِن رَبُّنا الغَفّارُ
ـ فيقول الشاعر اللواح:
ما الشيب إلا
دليل الردى *** فأكرم به من دليل وهاد
فقم وابتدر عمل
الصالحيـ *** ــن واقصد طريق الهدى والرشاد
ـ فيومئ الشاعر الطغرائي برأسه إيجابا؛ ويقول:
عَجباً لقومٍ
يحسُدونَ فضائِلي *** ما بين عُتَّابٍ إِلى عُذَّالِ
إِني وكيدَهُمُ
وما نَبحُوا بهِ *** كالطَوْدِ يحقرُ نطحةَ الأوعالِ
وإِذا الفتَى
عرفَ الرشادَ لنفسِهِ *** هانتْ عليهِ ملامةُ الجُهَّالِ
ـ فيقول الشاعر الامير منجك باشا:
لَم يَعطف
النُصح قَلبي لِلرَشاد *** فَما أَقساهُ مِن قَلب وَأَجفاني
قَضيت أَحسَن
أَيامي وَأَجملها *** بِاللَهو ما اِنتَبهت لِلخَير أَجفاني
ـ فيرد الشاعر ابن هانئ الأندلسي:
ما اصطناعُ
النفس في طُرقِ الهوى *** كاصْطناع النفس في طُرق الرشاد
ـ ويضيف الشاعر ابن المُقري:
دعوتك هادياً
لك لو أطيق *** وقلت إلى هنا فهنا الطريقُ
أشير إلى
الرشاد وأنت أعمى *** أصم من الغواية لا تفيق
وكنت ابني وكنت
أباً شفيقا *** فأنساني بنوتك العقوق
ـ فيكمل الشاعر الأفوه الأودي:
كَيفَ الرَشادُ
إِذا ما كُنتَ في نَفَرٍ *** لَهُم عَنِ الرُشدِ أَغلالٌ وَأَقيادُ
أَعطَوا
غُواتَهَمُ جَهلاً مَقادَتَهُم *** فَكُلُّهُم في حِبالِ الغَيِّ مُنقادُ
ـ فيقول الشاعر مصطفى صادق الرافعي:
لم يكن يجهلُ
الرشادَ ولكنْ *** عميَ الحبُّ عن سبيلِ الرشادِ
لم تؤثر في
قلبهِ نظراتٌ *** ربما أثرتْ بجسمِ الجمادِ
ـ فيقول الشاعر
عنترة بن شداد:
أَلا يا عَبلَ
قَد عايَنتِ فِعلي *** وَبانَ لَكِ الضَلالُ مِنَ الرَشادِ
وَإِن أَبصَرتِ
مِثلي فَاِهجُريني *** وَلا يَلحَقكِ عارٌ مِن سَوادي
ـ فيضيف الشاعر
عمر اليافي:
والأماني
بكأسها خادعتني *** فلعقلي من شربها إسكار
غبت فيها عن
الرشاد وقد فا *** ت المراد الّذي عليه المدار
ـ فيقول الشاعر
زكي مبارك:
كان الفؤاد
استراح *** من فاتكات الشجون
فمن إليه أتاح ***
كيد الهوى والفتون
الغيُّ لو شئت
ركنُ *** من الرشاد ركينُ
والشك لو شئت
حصنٌ *** من اليقين حصين
أريتني في هواك
*** ما يوحش الصابرين
فهل أرى من
نداك *** ما يؤنس الشاكرين
ـ فيضيف الشاعر
حمد بن خليفة أبو شهاب:
أنا من عينيك
مجروح الفؤاد *** وأنا منهن محروم الرقاد
وأنا من قلبك
القاسي ضنى *** بين سقم واكتئاب وسهاد
أخطأ الفكر وما
من مرة *** ضل إلا فيك منهاج الرشاد
ـ فيقول الشاعر
الصرصري:
سلوان مثلك
للمحب عزيز *** وعليك لوم الصب ليس يجوز
أشكو إليك جماح
نفس ترتمى *** في الغي وهي عن الرشاد ضموز
مخدوعة بخداع
دنيا شهدها *** سمٌ وتبدي الدر وهي عزوز
ـ فيضيف الشاعر
ابن سهل الأندلسي:
قالوا
عَهِدناكَ مِن أَهلِ الرَشادِ فَما *** أَغواكَ قُلتُ اِطلُبوا مِن لَحظِهِ
السَبَبا
يا غائِباً
مُقلَتي تَهمي لِفُرقَتِهِ *** وَالمُزنُ إِن حُجِبَت شَمسُ الضُحى اِنسَكَبا
ـ فيقول الشاعر
ابن قلاقس:
كتمتَ الهوى
حتى أضرّ بك الكتْمُ *** ولامكَ أقوامٌ ولومُهُمُ ظُلْمُ
فذُقْ هَجْرَها
قد كنت تزعم أنّهُ *** رشادٌ ألا يا ربّما كذِبَ الزّعْمُ
ـ فيضيف الشاعر
ابن نباته المصري:
تلتفّ قامته
بواردِ شعره *** فأرى الشقا في جنَّةٍ ألفاف
ولقد أرى طرق
الرشاد بتركه *** لكنَّ قلبي مولّع بخلافي
إن خابَ سائل
أدمعي في حبِّه *** فلكثرة الإلحاح والإلحاف
لا اليأس يثبت
لي عليه ولا الرَّجا *** فكأنني في موقف الأعراف
ـ فيقول الشاعر
معروف الرصافي:
كدّرت عيشي
الحوادثُ حتى *** لا أرى الصفو غير وقت الرقاد
صاح ما دلّ في
الأمور على الأشـ *** ـكال إلا تفحّص الأضداد
فاعتبر بالسفيه
تمس حليماً *** وتعرف بالغي طرق الرشاد
قد جَفتَنا
الدنيا فهلاّ اعتصمنا *** من جفاء الدنيا بحبل وِداد
فمتاع الحياة
أحقر من أن *** يستفزّ القلوب بالأحقاد
ـ فيضيف الشاعر
ابن طاهر:
والزاد تقواك
للرحمن يا خير زاد *** ينفعك تقواك في الدنيا ويوم المعاد
واذكر الهك عسى
تحظى بنيل المراد *** فالذكر لله يحصل به صلاح الفؤاد
وذاكر الله
يذكره الكريم الجواد *** جليسه الله يهديه سبيل الرشاد
ـ ويكمل الشاعر
خالد الفرج:
أَهديكم سبل
الرشاد لخيركم *** في هذه الدينا ويوم الدين
لا تشركوا
بالله ربا ثانيا *** سبحانه لا ينتمي لقرين
ودعوا التعصب
انكم من آدم *** متسلسلون وآدم من طين
ـ فيقول الشاعر
إبراهيم طوقان:
وإذا الرشادُ
من الضلالة والعمى *** ومن الشَّقاق تآلف وإخاءُ
ويرفُّ من شظف
المعيشة لينها *** ويسيل من وهج السَّراب الماءُ
يومٌ بداجية
الزَّمان ضياءُ *** وبَهاؤه للخافقيْن بهاءُ
ـ فيضيف الشاعر
معروف الرصافي:
ما للحقيقة من
بدايةْ *** كلاً وليس لها نهاية
هي في الغباوة
والذكا *** ء وفي الشفاعة والوشاية
هي في الملاح
وفي القبا *** ح وفي الرشاد وفي الغواية
ـ فيقول الشاعر
ابن نباته المصري:
في الرِّيق
سكرٌ وفي الأصداغِ تجعيد *** هذي المدام وهاتيكَ العناقيد
فهل أضلُّ وجنح
الشيب متَّضحٌ *** بعد الرشاد وليلاتُ الصبى سود
ـ فيضيف الشاعر
الصاحب بن عباد:
الناسُ في
أَخلاقِهِم أَصنافُ *** وَأَقَلُّهُم فيهِ نُهىً وَعفافُ
لا تَصحَبَنَّ
سِوى التَقِيِّ أَخي الحجي *** اِنَّ القَرينَ إِلى القَرينِ يُضافُ
ـ فيكمل الشاعر
حسان بن ثابت:
تَرَحَّلَ عَن
قَومٍ فَضَلَّت عُقولُهُم *** وَحَلَّ عَلى قَومٍ بِنورٍ مُجَدَّدِ
هَداهُم بِهِ
بَعدَ الضَلالَةِ رَبُّهُم *** وَأَرشَدَهُم مَن يَتبَعِ الحَقَّ يَرشُدُ
ـ فيضيف الشاعر
ابن الرومي:
كان القلب
يُؤنِسُ منك رُشداً *** وليسَ بِكاتِم الرُّشْد الرَّشيدُ
ـ فيعبر الشاعر
خليل مطران عن رأيه؛ قائلا:
إِذَا أَعْضَلَ
الأمْرُ الشَّدَيدُ بَدَا لَهُ *** وَلَمْ يَجْهَدِ الحَل السَّدِيدُ المُلائِمُ
يحكم فيه رشده
فهو غانم *** ومن لم يحكم رشده فهو غارم
فَقَدْ
تَخْطَأُ الآرَاءُ وَالْقَلْبُ حَاكِمٌ *** وَمَا تَخْطّأُ الآرَاءُ وَالْعَقْلُ
حَاكِمُ
ـ فيختتم الشاعر
أسامة بن منقذ ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:
أرشدَنِي بزعمه
وما أرَى *** سُلُوَّ قلبي عن هَواكمُ رَشَدَا
يَا لائمِي
فيهِمْ أعدْ ذكْرَهُمُ *** واللومَ فيهم واتّخِذْ عندي يَدَا
روِّح
بذكْرَاهُم فؤاداً مضرَماً *** لو مَاتَ حولاً كاملاً ما بَرَدَا
شرطُ الهَوَى
لهُمْ عَليّ أنّنِي *** بهم مُعَنّى القلب صبٌّ أبدَا
لا أستَفِيقُ
من هوىً إلاّ إلى *** هَوىً ولا أسلُو وإن طالَ المَدَى
عُلالةٌ
عَلّلنِي الشّوقُ بها *** والماءُ في الأحلامِ لا يُروى الصّدَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/26/533283.html