مفهوم التوبة عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية)
اليوم؛ هو أبو الحسين مِهيَارُ بن مروزيه الديّلمِيُّ (الشاعر مهيار الديلمي) وقد قيل
عنه: "أنه جمع بين فصاحة العرب ومعاني العجم"؛ (لكونه فارسي الأصل، عربي
النشأة والتعلم)، وهو يتقدم الآن (افتراضيا) نحو المنصة؛ قائلا:
العتبُ ذنبٌ قلت إني تائبٌ *** شريطة ُالتوبة ِتركٌ وندمْ
ـ فيحييه الشاعر أبوالعلاء المعري؛ ثم يقول:
وإذا الذّنوبُ طَمتْ، فأخلِص توبةً *** للَّهِ، يُلْفَ بفضلِهِ غفّارها
فاندَمْ على الذّنبِ، إذا جئتَهُ، *** فمن شروطِ التّائبينَ النّدَم
ـ فيقول الشاعر البحتري:
نَدِمتُ عَلى أَمرٍ مَضى لَم يُشِر بِهِ *** نَصيحٌ وَلَم يَجمَع قُواهُ
نِظامُ
وَقد خَبّرُوا أنّ النّدَامَةَ تَوْبَةٌ، *** يُصَلّى بهَا أنْ تُقْتَنى،
وَيُصَامُ
وَإِنَّ جُحودي سوءُ ظَنٍّ بِمُنعِمٍ *** وَعَدّي مَعاذيري عَلَيهِ خِصامُ
ـ فيقول الشاعر ابن عبد ربه:
إنِّي أتوبُ إليْكَ مُعْترَفاً *** إن كنتَ تقبلُ توبَ معترِفِ
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
اللَّهُ أدرانا بأمْرٍ، فَما *** نغسِلُ بالتّوبَةِ أدْرانا
أَجرَأَنا الجَهلُ عَلى إِثمِنا *** وَهوَ عَلى الإِحسانِ أَجرانا
لَو عَقَلَ الإِنسانُ رامَ الهُدى *** وَلَم يَبِت في النَومِ سَدرانا
ـ فتقول الشاعرة ليلى الأخيلية:
فيا تَوبُ ما في العَيْشِ خَيرٌ ولا ندًى *** يعد وقد أمسيت في ترب نفنفِ
ـ فيرد الشاعر أحمد شوقي:
بَخِلْتِ عليه في الحياة ِ بموكبٍ *** فُتوبي إليه في الممات بمأْتم
ـ ويقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
هلا تتوبُ من الذّنوب خواطىءٌ *** قبلَ اعتراضِ الموت دون مَتابها
ما زالَ يمطُلُ دُنياهُ بتوْبتِهِ، *** حتى أتتهْ مناياها، وما تابا
ـ فيومئ الشاعر أبو نواس برأسه إيجابا، ويقول:
حَتّى مَتى يا نَفسُ تَغـ *** تَرّينَ بِالأَمَلِ الكَذوبِ
يا نَفسُ تُوبي قَبلَ أنْ *** لا تَستَطيعي أنْ تَتُوبي
وَاستَغفِري لِذُنوبِكِ الرَ *** حمَنَ غَفّارَ الذُنوبِ
ـ فيقول الشاعر البحتري:
أَتَيْتُكِ تَائِباً مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ *** أُبَادِرُ مُنْيتي وحُلول
َرَمْسِي
أَسَأتُ فَأَنعِمي وَتَدارَكيني *** بِعَفوٍ مِنكِ قَبلَ خُروجِ نَفسي
ـ ويضيف الشاعر بشار بن برد:
وأتوب مما تكرهين لتقبلي *** واللَّه يَقْبَلُ حُسْنَ فِعْلِ التَّائب
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
كن كيف شئت فلو هممت بتوبة ٍ *** لثناك عما رمت بابٌ مقفل
قل اللهم غفار الخطايا *** إليك نتوب فارزقنا القبولا
ـ فيكمل الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:
إنِّي أَتُوبُ إلَيْكِ تَوْبَة َ مُذْنِبٍ *** يَخْشَى العُقُوبَة َمِنْ
مَلِيكٍ مُنْعِمِ
ـ ويضيف الشاعر أبو العتاهية:
وامنُنْ عليَّ بتوبة ٍ ترضَى بهَا *** يا ذَا العُلَى والمنِّ والإحسانِ
ـ فيقول الشاعر قيس بن الملوح مجنون ليلى:
أتوب إليك يارحمن مما *** عملت فقد تظاهرت الذنوب
وكيف وعندها قلبي رهين *** أتوب إليك منها أو أنيب
فأما من هوى ليلى وتركي *** زِيارتَها فَإنِّي لا أَتوبُ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
أتىَ مستَجيراً بي مِنَ البَينِ تائِباً *** إليّ منَ الصّدّ الذي كانَ في
الهَجرِ
فَلَمْ يَستَطعْ قَلبي امتِنَاعاً منَ الهَوَى *** وَلَمْ تَستَطِعْ
نَفْسِي سَبِيلاً إلى الصّبْرِ
ـ فيرد الشاعر أبوالعلاء المعري؛ قائلا:
تمادَوا في العتاب، ولم يتوبوا؛ *** ولو سمعوا صليلَ السيف تابوا
ثم عاد؛ قائلا:
لو ضُرِبَ الغاوون بالسيف، لا *** بالسوط، حدُّ الخمرِ ما تابوا
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
كاد هذا المتابُ يُعْتدُّ إجرا *** ماً وبعض المتاب كالإجرام
توبة ٌ مثلُ حَوْبة ٍوقديماً *** أتبعَ الجهلُ زلة ًبارتطام
ـ فيقول الشاعر البحتري:
أَراكَ جَهلَ الشَوقِ بَينَ مَعالِمٍ *** مِنها وَجِدَّ الدَمعِ بَينَ
مَلاعِبِ
في تَوْبَةٍ مِنْ تَائِبٍ، أوْ رَهْبَةٍ *** مِنْ رَاهبٍ، أوْ رَغبَةٍ مِنْ
رَاغبِ
ـ فيقول الشاعر ابن حيوس:
زعمتَ لحاكَ اللهُ أنكَ تائبٌ *** وَما هذهِ الأفعالُ أفعالُ منْ تابا
ـ فيقول الشاعر البحتري:
أتُوبُ منَ الإسَاءةِ، إنْ ألَمّتْ، *** وَأعرِفُ مَنْ يُسِيءُ وَلا
يَتُوبُ
ـ فيضيف الشاعر ابن المعتز:
وكم توبة ٍ قد فضَضْتُ خاتمَها *** عني، وللتائبينَ رجعاتُ
ـ ويكمل الشاعر البوصيري:
يَتُوبُ لسانُهُ عَنْ كلِّ ذَنْبٍ *** وَلم يَرَ قلبَهُ منه يَتُوبُ
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
قيمة الظاهر لا تأبه لها *** إنما القيمة للفضل اللباب
إنما التوبة الوسيلة للإصلاح *** في كل تائب لا يماري
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
أرجو توبة ً منكم نصوحاً *** وبعضُ القوم توبتهُ خُتُول
ـ فيقول الشاعر الفرزدق:
بِتَوْبَةِ عَبْدٍ قَدْ أنَابَ فُؤادُهُ، *** وَمَا كانَ يُعْطي النّاسَ
غَيرَ ظِلامِ
ـ فتقول الشاعرة ليلى الأخيلية:
ونعم الفتى إن كان توبة فاجراً *** وفَوْقَ الفَتَى إنْ كانَ ليْسَ
بفَاجِرِ
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
ثبت على الرأي الصحيح فإن يقع *** خطأ تجده الراجع التوابا
يبلغ المرء بالصلاة وبالتوبة *** أسنى مراتب الأبرار
ـ فيقول الشاعر المتنبي:
ترفق أيها المولى عليهم *** فإن الرفق بالجاني عتابُ
وَعَينُ المُخْطِئِينَ هُمُ وَلَيْسُوا *** بأوّلِ مَعْشَرٍ خَطِئُوا
فَتَابُوا
ـ فيختتم علي بن أبي طالب ندوتنا (الافتراضية)؛ قائلا:
فَرْضٌ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَتُوُبوا *** لَكِنَّ تَرْكَ الذُنُوبِ
أَوْجَبْ
وَالدَهرُ في صَرفِهِ عَجيبٌ *** وَغَفلَةُ الناسِ فيهِ أَعجَب
وَالصَبرُ في النائِباتِ صَعبٌ *** لَكِنَّ فَوتَ الثَوابِ أَصعَب
وَكُلُّ ما يُرتَجَى قَريبٌ *** وَالمَوتُ مِن كُلِّ ذاكَ أَقرَب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/08/26/530825.html