ثنائية الإدناء والإقصاء من منظور شعري
مفهوم الإدناء
(المحاباة) عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية)
اليوم؛ هو الشاعر التونسي: الشاذلي خزنه دار، وهو يتجه الآن (افتراضيا) نحو المنصة
معرفا بنفسه؛ فيقول:
أنا مظهر للشعر والشعر مُظهري *** إذا ما تجلّى في المشاعر منبري
وما النصف قرن في امتلاك زمامه *** سوى قطعة من فيض روحي لمعشري
خدمت به الخضراء والحقّ والهدى *** وصنته عمّا بالفضيلة يزدري
رفعتُ بها أيام لا صوت صوته *** وشددت بالتقريع عن كل منكر
وأفعمت بالإحساس أبناء جلدتي *** ووقعّت أنغامي بمضراب مِزْهَرِي
فها أنا مبعوث الثقافة فيكمُ *** لتلتقط الأنور منكم بمجهري
فيحييه الشعراء، ويبادلهم التحية؛ قائلا:
(بكم) نحيي ندوة الأدب *** ولنحيي بالشعر أسواقا إلى العرب
مالت لندوتنا الألباب قاطبة *** ميل
الكريم إلى الإنشاد والطرب
ـ فيبدأ الشاعر الشريف المرتضى بالتطرق لموضوع ندوة اليوم؛ فيقول:
اِمننْ بِتقريبٍ إليك أفُز بهِ *** يا مالكَ التّقريبِ والإِبعادِ
فالحظّ عندك عصمتِي ووثيقتِي *** والرّأيُ منك ذخيرتِي وعَتادِي
ـ فيرد الشاعر ابن الرومي:
يأبى محاباة الأحبة عدلُه *** فأخوه فيه والغريب سواء
دامت سلامتُه وطال بقاؤه *** ومع البقاء العزُّ والنعماءُ
ـ فيضيف الشاعر ابن عمرو الأغماتي:
فلا تَصحَب أَخا كِبرٍ وَقدِّم *** عَلى النَفس الأَعادِيَ وَالصِحابا
وَلا تُحبِب مُحاباةً بِمَدح *** كَفى بِالمَرء حوباً أَن يُحابى
ـ فيقول الشاعر إلياس أبو شبكة:
يا كُنوداً وَيا محاباةَ قَومي *** يا صُدوراً يَدُبُّ فيها النُفورُ
يا خِصاماً يا مُنكراتَ بِلادي *** يا رِياءً يا حِطَّةً يا فُجورُ
ـ فيضيف الشاعر ابو العتاهية:
الخير والشر عادات وأهواء *** فيهِنَّ لِلحَينِ إِدناءٌ وَإِقصاءُ
كُلٌّ يُنَقَّلُ في ضيقٍ وَفي سَعَةٍ *** وَلِلزَمانِ بِهِ شَدٌّ وَإِرخاءُ
الحَمدُ لِلَّهِ كُلٌّ ذو مُكاذَبَةٍ *** صارَ التَصادُقُ لا يُسقى بِهِ
الماءُ
ـ فيقول الشاعر البوصيري:
وَتَبَارَأْنَا من النَّصْبِ وَالرَّفْـ *** ـضِ وَأَوْجَبْنَا لكلٍّ
جَنابا
إنَّ قوماً رَضِيَ اللَّهُ عنهم *** ما لنا نُلقَى عليهم غِضَابا
إننِي في حُبِّهم لا أُحابي *** أَحداً قطُّ وَمنْ ذَا يُحابَى
ـ فيقول أبو بكر الصديق:
إِدناءِ اليَتيمِ بِحُسنِ رِفقٍ *** وَبِرٍّ بِالقَرابَةِ وَالقِضافِ
وَفي هذا الفِعالِ تُقىً وَبِرٌّ *** وَإِكمالُ المَروءَةِ وَالعَفافِ
ـ فيقول الشاعر الحيص بيص:
أبا عُمارةَ أنْ شطَّتْ منازلُنا *** فمن معاليك إِدْناءٌ وتقريبُ
كما يجوزُ ضياء الشمس مطلعها *** ويبعث العَرْفَ للمستنشق الطيب
ـ فيرد الشاعر أحمد شوقي:
مُثِّلَت لِلعُيونِ ذاتُكِ وَالتَمـ *** ـثيلُ يُدني مَن لا لَهُ إِدناءُ
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
أَأَنساكَ وَإِدْناؤ *** ك يُعلينِيَ في النّادِي
وَتَخصيصي بِنَجواكَ *** مِنَ القوِم وإفرادِي
وَإِخراجُك أَضغاني *** من القلبِ وأحقادِي
وتكثيرُكَ بالنَّعْما *** ءِ أعدائي وحُسّادِي
ـ فيقول الشاعر الأرجاني:
هوْلَها مُواصِلُ الجَفاء *** مُبَدِّلُ الإدناء بالإقصاء
يُوسعُها ركْلاً بلا اتّقاء *** وكلّما عادتْ عن اسِتعْلاء
قَبّلتِ الرِجْلَ بلا إباء *** وجازتِ الجَفاء بالوفاء
ـ فيقول الشاعر الفرزدق:
اللّؤمُ يَمْنَعُ مِنْكُمُ أنْ تَحْتَبُوا؛ *** والعِزُّ يَمْنَعُ حُبْوَتي
لا تُحْلَلُ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
بُخِستُ وفُضّلوا حتى كأنّي *** حُبِيتُ بنقصِهم وحُبوا كمالي
على أني أحاولُ بعضَ حَقّي *** وأيسر ما أَسدُّ به اختلالي
أراك إن اعتزلتك ذاتَ يومٍ *** أبا حسنٍ سيوحشُك اعتزالي
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
هِيَ الدّنيا نُغَرُّ بها خَدوعاً *** ونُورَدُها على ظمأٍ سرابا
وَهَل أَحياؤُنا إِلّا تُرابٌ *** بِظَهرِ الأرضِ يَنتظرُ التّرابا
فلو حابى الزّمان سواك خَلقاً *** لكانَ سَبيلُ مثلك أن يُحابى
ـ فيضيف الشاعر ابن شهاب:
فراق ناف عن عشرين عاماً *** بها ضيَّعت ما لا يستعاد
يمون القاطنين بما أحبوا *** ويحبو الوافدين بما أرادوا
ـ فيقول الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:
إِنَّنا كُنّا لِهَذا *** أَنصَحَ الناسِ جُيوبا
وحبوناهُ بودٍّ، *** لم يكنْ منا مشوبا
فَجَزانا إِذ حَمَدنا *** وُدَّهُ لي أَن يَغيبا
وَكَسانا اليَومَ عاراً *** حينَ بِتنا وَعُيوبا
ـ فيضيف الشاعر الشريف الرضي:
وَمَا نَافِعي عنْدَ البَعيدِ تَقَرُّبي *** وَلا ضَائرِي عِندَ القَرِيبِ
التّجَنّبُ
قَرِيبُ الفَتَى دونَ الأنَامِ صَديقُهُ *** وَلَيسَ قَريباً مِنهُ مَنْ لا
يُقَرَّبُ
ـ فيقول الشاعر البحتري:
يَمْتُتْنَ بالقُرْبَى إلَيْهِ، وعِندَه *** فِعْلُ القَرِيبِ، وَهُنّ
غَيرُ قَرَائِبِ
سَأَروضُ قَلبي أَن يَروحَ مُباعِداً *** لِمُباعِدٍ وَمُقارِباً
لِمُقارِبِ
ـ فيضيف الشاعر أبو تمام:
كنتَ على البُعْدِ قَرِيباً فَقَدْ *** صرتَ على قربكَ غيرَ القريبِ
راحَت وُفودُ الأَرضِ عَن قَبرِهِ *** فارِغَةَ الأَيدي مِلاءَ القُلوبِ
قَد عَلِمَت ما رُزِئَت إِنَّما *** يُعرَفُ فَقدُ الشَمسِ بَعدَ الغُروبِ
ـ فيقول الشاعر الحطيئة:
مِدْتُ إلَهِي أَنَّنِي لَمْ أَجِدْكُمَا *** عن الجوعِ مأوى أو من الخوف
مهربا
تباعدتُ حتى عيّرا بيّ بعدما *** تقرَّبت حتى عيّرا بي التقرُّبا
ـ فيقول الشاعر البحتري:
يروح قريب الدار والهجر دونه *** ورب قريب الدار غير قريب
ـ فيضيف الشاعر ابن عبد ربه:
يا أيها المشغوف بالحب التعب *** كمْ أَنْتَ في تَقْريبِ مَا لا يَقْترِبْ
دَعْ وُدَّ مْنْ لا يَرْعَوي إذا غضِبْ *** وَمَنْ إِذَا عَاتَبْتَهُ
يَوْماً عَتبْ
إِنَّكَ لا تَجني مِنَ الْشَّوكِ العِنَبْ
ـ فيقول الشاعر جرير:
نامَ الخلي وما رقدتُ لحبكم *** ليلَ التمامِ تقلباً وسهودا
وَإذا رَجَوْتُ بِأن يُقَرّبَكِ الهَوى َ *** كانَ القريبُ لما رجوتُ
بعيداً
ـ فيضيف الشاعر عمر ابن أبي ربيعة؛ مختتما ندوتنا (الافتراضية):
ومشاحنٍ ذي بغضة، وقرابة، *** يُزْجي لأَقْرَبِهِ عَقَارِبَ لُسِّعا
يَسعى لِيَهدِمَ ما بَنَيتُ وَإِنَّني *** لَمُشَيِّدٌ بُنيانَهُ
المُتَضَعضِعا!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/06/531722.html