الجمعة، 4 أبريل 2014

مفهوم الإدناء (المحاباة) عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم/ مجدي شلبي

 ثنائية الإدناء والإقصاء من منظور شعري

مفهوم الإدناء (المحاباة) عند فحول الشعراء العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو الشاعر التونسي: الشاذلي خزنه دار، وهو يتجه الآن (افتراضيا) نحو المنصة معرفا بنفسه؛ فيقول:

أنا مظهر للشعر والشعر مُظهري *** إذا ما تجلّى في المشاعر منبري

وما النصف قرن في امتلاك زمامه *** سوى قطعة من فيض روحي لمعشري

خدمت به الخضراء والحقّ والهدى *** وصنته عمّا بالفضيلة يزدري

رفعتُ بها أيام لا صوت صوته *** وشددت بالتقريع عن كل منكر

وأفعمت بالإحساس أبناء جلدتي *** ووقعّت أنغامي بمضراب مِزْهَرِي

فها أنا مبعوث الثقافة فيكمُ *** لتلتقط الأنور منكم بمجهري

فيحييه الشعراء، ويبادلهم التحية؛ قائلا:       

(بكم) نحيي ندوة الأدب *** ولنحيي بالشعر أسواقا إلى العرب

 مالت لندوتنا الألباب قاطبة *** ميل الكريم إلى الإنشاد والطرب

ـ فيبدأ الشاعر الشريف المرتضى بالتطرق لموضوع ندوة اليوم؛ فيقول:

اِمننْ بِتقريبٍ إليك أفُز بهِ *** يا مالكَ التّقريبِ والإِبعادِ

فالحظّ عندك عصمتِي ووثيقتِي *** والرّأيُ منك ذخيرتِي وعَتادِي

ـ فيرد الشاعر ابن الرومي:

يأبى محاباة الأحبة عدلُه *** فأخوه فيه والغريب سواء

دامت سلامتُه وطال بقاؤه *** ومع البقاء العزُّ والنعماءُ

ـ فيضيف الشاعر ابن عمرو الأغماتي:

فلا تَصحَب أَخا كِبرٍ وَقدِّم *** عَلى النَفس الأَعادِيَ وَالصِحابا

وَلا تُحبِب مُحاباةً بِمَدح *** كَفى بِالمَرء حوباً أَن يُحابى

ـ فيقول الشاعر إلياس أبو شبكة:

يا كُنوداً وَيا محاباةَ قَومي *** يا صُدوراً يَدُبُّ فيها النُفورُ

يا خِصاماً يا مُنكراتَ بِلادي *** يا رِياءً يا حِطَّةً يا فُجورُ

ـ فيضيف الشاعر ابو العتاهية:

الخير والشر عادات وأهواء *** فيهِنَّ لِلحَينِ إِدناءٌ وَإِقصاءُ

كُلٌّ يُنَقَّلُ في ضيقٍ وَفي سَعَةٍ *** وَلِلزَمانِ بِهِ شَدٌّ وَإِرخاءُ

الحَمدُ لِلَّهِ كُلٌّ ذو مُكاذَبَةٍ *** صارَ التَصادُقُ لا يُسقى بِهِ الماءُ

ـ فيقول الشاعر البوصيري:

وَتَبَارَأْنَا من النَّصْبِ وَالرَّفْـ *** ـضِ وَأَوْجَبْنَا لكلٍّ جَنابا

إنَّ قوماً رَضِيَ اللَّهُ عنهم *** ما لنا نُلقَى عليهم غِضَابا

إننِي في حُبِّهم لا أُحابي *** أَحداً قطُّ وَمنْ ذَا يُحابَى

ـ فيقول أبو بكر الصديق:

إِدناءِ اليَتيمِ بِحُسنِ رِفقٍ *** وَبِرٍّ بِالقَرابَةِ وَالقِضافِ

وَفي هذا الفِعالِ تُقىً وَبِرٌّ *** وَإِكمالُ المَروءَةِ وَالعَفافِ

ـ فيقول الشاعر الحيص بيص:

أبا عُمارةَ أنْ شطَّتْ منازلُنا *** فمن معاليك إِدْناءٌ وتقريبُ

كما يجوزُ ضياء الشمس مطلعها *** ويبعث العَرْفَ للمستنشق الطيب

ـ فيرد الشاعر أحمد شوقي:

مُثِّلَت لِلعُيونِ ذاتُكِ وَالتَمـ *** ـثيلُ يُدني مَن لا لَهُ إِدناءُ

ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:

أَأَنساكَ وَإِدْناؤ *** ك يُعلينِيَ في النّادِي

وَتَخصيصي بِنَجواكَ *** مِنَ القوِم وإفرادِي

وَإِخراجُك أَضغاني *** من القلبِ وأحقادِي

وتكثيرُكَ بالنَّعْما *** ءِ أعدائي وحُسّادِي

ـ فيقول الشاعر الأرجاني:

هوْلَها مُواصِلُ الجَفاء *** مُبَدِّلُ الإدناء بالإقصاء

يُوسعُها ركْلاً بلا اتّقاء *** وكلّما عادتْ عن اسِتعْلاء

قَبّلتِ الرِجْلَ بلا إباء *** وجازتِ الجَفاء بالوفاء

ـ فيقول الشاعر الفرزدق:

اللّؤمُ يَمْنَعُ مِنْكُمُ أنْ تَحْتَبُوا؛ *** والعِزُّ يَمْنَعُ حُبْوَتي لا تُحْلَلُ

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

بُخِستُ وفُضّلوا حتى كأنّي *** حُبِيتُ بنقصِهم وحُبوا كمالي

على أني أحاولُ بعضَ حَقّي *** وأيسر ما أَسدُّ به اختلالي

أراك إن اعتزلتك ذاتَ يومٍ *** أبا حسنٍ سيوحشُك اعتزالي

ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:

هِيَ الدّنيا نُغَرُّ بها خَدوعاً *** ونُورَدُها على ظمأٍ سرابا

وَهَل أَحياؤُنا إِلّا تُرابٌ *** بِظَهرِ الأرضِ يَنتظرُ التّرابا

فلو حابى الزّمان سواك خَلقاً *** لكانَ سَبيلُ مثلك أن يُحابى

ـ فيضيف الشاعر ابن شهاب:

فراق ناف عن عشرين عاماً *** بها ضيَّعت ما لا يستعاد

يمون القاطنين بما أحبوا *** ويحبو الوافدين بما أرادوا

ـ فيقول الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:

إِنَّنا كُنّا لِهَذا *** أَنصَحَ الناسِ جُيوبا

وحبوناهُ بودٍّ، *** لم يكنْ منا مشوبا

فَجَزانا إِذ حَمَدنا *** وُدَّهُ لي أَن يَغيبا

وَكَسانا اليَومَ عاراً *** حينَ بِتنا وَعُيوبا

ـ فيضيف الشاعر الشريف الرضي:

وَمَا نَافِعي عنْدَ البَعيدِ تَقَرُّبي *** وَلا ضَائرِي عِندَ القَرِيبِ التّجَنّبُ

قَرِيبُ الفَتَى دونَ الأنَامِ صَديقُهُ *** وَلَيسَ قَريباً مِنهُ مَنْ لا يُقَرَّبُ

ـ فيقول الشاعر البحتري:

يَمْتُتْنَ بالقُرْبَى إلَيْهِ، وعِندَه *** فِعْلُ القَرِيبِ، وَهُنّ غَيرُ قَرَائِبِ

سَأَروضُ قَلبي أَن يَروحَ مُباعِداً *** لِمُباعِدٍ وَمُقارِباً لِمُقارِبِ

ـ فيضيف الشاعر أبو تمام:

كنتَ على البُعْدِ قَرِيباً فَقَدْ *** صرتَ على قربكَ غيرَ القريبِ

راحَت وُفودُ الأَرضِ عَن قَبرِهِ *** فارِغَةَ الأَيدي مِلاءَ القُلوبِ

قَد عَلِمَت ما رُزِئَت إِنَّما *** يُعرَفُ فَقدُ الشَمسِ بَعدَ الغُروبِ

ـ فيقول الشاعر الحطيئة:

مِدْتُ إلَهِي أَنَّنِي لَمْ أَجِدْكُمَا *** عن الجوعِ مأوى أو من الخوف مهربا

تباعدتُ حتى عيّرا بيّ بعدما *** تقرَّبت حتى عيّرا بي التقرُّبا

ـ فيقول الشاعر البحتري:

يروح قريب الدار والهجر دونه *** ورب قريب الدار غير قريب

ـ فيضيف الشاعر ابن عبد ربه:

يا أيها المشغوف بالحب التعب *** كمْ أَنْتَ في تَقْريبِ مَا لا يَقْترِبْ

دَعْ وُدَّ مْنْ لا يَرْعَوي إذا غضِبْ *** وَمَنْ إِذَا عَاتَبْتَهُ يَوْماً عَتبْ

إِنَّكَ لا تَجني مِنَ الْشَّوكِ العِنَبْ

ـ فيقول الشاعر جرير:

نامَ الخلي وما رقدتُ لحبكم *** ليلَ التمامِ تقلباً وسهودا

وَإذا رَجَوْتُ بِأن يُقَرّبَكِ الهَوى َ *** كانَ القريبُ لما رجوتُ بعيداً

ـ فيضيف الشاعر عمر ابن أبي ربيعة؛ مختتما ندوتنا (الافتراضية):

ومشاحنٍ ذي بغضة، وقرابة، *** يُزْجي لأَقْرَبِهِ عَقَارِبَ لُسِّعا

يَسعى لِيَهدِمَ ما بَنَيتُ وَإِنَّني *** لَمُشَيِّدٌ بُنيانَهُ المُتَضَعضِعا!.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/06/531722.html