إشراقات
شعرية منيرة؛ للتفريق بين البصر والبصيرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان البصر: قوة الإبصار
والإدراك بالعين؛ فإن البصيرة: قوة فِطْنة واتقاد ذكاء، ونظر نافِذ إلى خفايا
الأشياء؛ يقول الشاعر أسامة بن منقذ:
تُريه آراؤُه في يومِه غَدَهُ *** فيحسِمُ الخطبَ فيه قبلَ يَكتَنِفُ
بصيرة كشفت ما في القلوب له *** وأطلَعَته عليه قبلَ يَنْكشفُ
ـ فيقول الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
تريه خفيّات الأمور بصيرة ٌ *** كأن حجابَ الغيب عنها تكشّفا
ـ ويقول الشاعر ابن معتوق:
لهُ بصرٌ يرنو بهِ عنْ بصيرة ٍ *** يجوزُ حدودَ الغيبِ وهوَ حديدُ
ـ ويقول الشاعر محيي الدين بن عربي:
في فؤادِ العارفينَ بصرْ *** ما له في المؤمنين خَبَرْ
ـ ويقول الشاعر محمد إقبال:
ضمنا كالزهر نظم مضمر *** بصر ليس يراه مبصر
ـ ويقول الشاعر جبران خليل جبران:
قد تفتن الأبصار بهرجة وقد *** تغشى البصائر فتنة الأبصار
ـ ويضيف الشاعر محيي الدين بن عربي:
إنَّ على أبصارِهم غشوة ٌ *** من ظلمة الجهلِ فلا يبصرون
ـ ويقول الشاعر علي بن محمد التهامي:
لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا *** وعمى البصائر من عمى الأبصار
ـ وينصح الشاعر أبو العتاهية أحد رواد ندوتنا (الافتراضية)؛ فيقول له:
خُذْ ما عرفتَ ودعْ ما أنتَ جاهلُهُ *** للأمْرِ وَجهانِ: مَعرُوفٌ،
وَمَجهولُ
ـ فيرد الشاعر إبراهيم ناجي:
مرت حياتي دون أمنيّة *** وتقلبات ملالا على ملل
حتى لقيتكِ ذات أمسية *** فعرفت فيكِ مطالع الأمل
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
وعُرِّف معْرُوف وأُصْلِحَ مُفْسَدُ *** وأَصْبَح شَمْلُ الناسِ وهْوَ
مؤلَّف
ـ فيقول الشاعر الراعي النميري:
إنْ يَعْرِفُونِي فَمَعْرُوفٌ لِذي بَصَرٍ *** أوْ يَنْسُبُوني فَعالي
الذِّكْرِ مَشْهُورُ
ـ فيومئ الشاعر البحتري برأسه إيجابا؛ ويقول:
أقامَ منارَ الحقّ، حتى اهتدَى بهِ، *** وَأبْصَرَهُ مَنْ لمْ يكُنْ قطّ
أبْصَرَا
ـ ويكمل الشاعر عبد الغفار الأخرس:
كم له من كلماتٍ في النهى *** نبّهت للرشد أبصار النيام
ـ ويقول الشاعر مهيار الديلمي:
فتحتَ عيناً في العلا بصيرة ً *** حتَّى رأيتَ غايتي مدقِّقا
ولقد كفاني في العفافِ بصيرة ً *** ذلُّ الحريصِ ورزقهُ مقسومُ
ـ ويكمل الشاعر ابن شهاب:
فإني على علم وصدق بصيرة *** من الأمر لم أنقد بغير زمامها
ـ فيقول الشاعر جرير:
رأى الناسُ البصيرة َ فاستقاموا *** و بينتِ المراضِ منَ الصحاحِ
ـ ويضيف الشاعر ابن الرومي:
وأنت وإن أبصرت رشدك كلّهُ *** فذو المنظر الأعلى برشدك أبصرُ
رفعتُ إلى وُدِّيك أبصارَ همَّتي *** لترفع من قدري فهل أنت رافعُ
ـ فيرد الشاعر ابن حيوس:
هُنَاكَ أَبْصارٌ تَظَلُّ شَوَاخِصاً *** شَوْقاً إِلَيْكَ وَأَنْفُسٌ
تَتَطَلَّعُ
ـ ويكمل الشاعر جبران خليل جبران:
ذهنه ثاقب له بصر النجم *** من الأوج والشعاع القويم
ـ فيقول الشاعر محيي الدين بن عربي:
ترنو إليك عيونٌ ما لها بصر *** لما تمكَّنَ منها الغلُّ والحسدُ
وقدْ رأى كلُّ ذي فكرٍ وذي بصرٍ *** الفرقَ بينَ وجودِ التبر والشبهِ
ـ فيبدع الشاعر ابن الرومي في الوصف؛ فيقول:
رأيت مدحك كالإبصار بعد عمى ً *** إذ غيره كالعمى من بعد إبصار
ـ فيضيف الشاعر الحكم بن أبي الصلت:
إن يخف عن أهل دهري كنه منزلته *** فالصبح عن بصر العميان منكتم
ـ فيكمل الشاعر الشريف المرتضى:
صبحٌ وفي أبصارِ قوم ظلمة ٌ *** أرى ٌوفى حنكِ العدوِّ الحنظلُ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
عابوا قريضي وما عابوا بمعرفة ٍ*** ولن ترى الشمس أبصارُ الخفافيش
ـ فيكمل الشاعر أسامة بن منقذ:
ما على الشمس من عار تعاب به *** إذا اختَفى ضوءُها عن غير ذِي بَصَرِ
ـ فيقول الشاعر الشماخ بن ضرار:
فما كادتْ وقدْ رفعوا سناها *** ليبصرَ ضوءها إلاّ البصيرُ
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
فإذا غدا بصرٌ يباهرُ نورَها *** رَجَعته مطروفَ الشعاع كليلا
ـ فيقول الشاعر أبو بكر الخالدي:
إذا تشكَّكْتَ فيما أنت مبصرُهُ *** فلا تَقُلْ إِنّني في النّاس ذُو
بَصَرِ
ـ ويضيف الشاعر الطرماح:
أولو بصرٍ بأبوابِ المخازي، *** وعُمْيُ الرَّأيِ عنْ سبلِ العفافِ
ـ ويقول الشاعر محيي الدين بن عربي:
ما له ذلك التحكيم في عِبَرٍ *** إلا إذا كان في التحكيم ذا بصر
لوْ كنتُ ذا بصرٍ لكنتُ معتبراً *** كذا يقولُ الإلهُ الحقُّ فافتكروا
وفي أوامره إنْ كنت ذا بصر *** سِرٌّ عجيبٌ ولكن غير منكشفْ
المرءُ فيه بَصيرَةٌ مَخبوءَةٌ، *** لَيسَتْ بغانِيَةٍ عنِ التّبصير
ـ فيرد عليه الشاعر ابن الرومي:
لم أخْلُ من ربحٍ وخُسْرِ كليهما *** إذا نفذت للمبصرين البصائر
ـ ثم يؤكد حقيقة أن من غلبه الهوى فقد (البصيرة) التي هي الوسيلة الأرقى للإدراك؛
فيقول:
إنك لَلْمرءُ الجَليُّ بصيرة *** ولكن مع الأهواء تَعشَى البصائر
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
يراك بمثلِ تلكَ العينِ أعْشَى *** وحاشا منْ لهُ بصرٌ حديدُ
ـ فيكمل الشاعر ابن عنين:
وإذا البصائرُ عن طرائق رشدها *** عميتْ فماذا تنفعُ الأبصارُ
ـ ويضيف الشاعر ابن حيوس:
وَإنَّ الذي شايعَ المرجفيـ *** ـنَ أَعْمى الْبَصِيرَة ِ أَعْمى الْبَصَرْ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
أعمى البصيرةِ، لا يَهديه ناظرُهُ، *** إذ كلُّ أعمى لديه، من عصاً، هاد
ـ فيحذر الشاعر ابن شهاب كل من يسعى بغير بصيرة؛ فيقول:
يسعى بغير بصيرة فيزيده *** طلب المزيد بسعيه نقصانا
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
كمن راح يختار الضلال على الهدى *** وعوِّض عن عين البصيرة
بالعمى.
ـ فيقول الشاعر أبو العلاء المعري:
عمَى العَينِ يتلوهُ عمى الدّينِ والهُدى *** فليْلَتيَ القُصوى ثلاثُ
لَيالي
ـ هنا يتجلى صوت عملاق التلاوة (فضيلة الشيخ مصطفى إسماعيل) وهو يتلو آيات
من الذكر الحكيم: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ
يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى
الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الآية 46 من
سورة الحج.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/07/13/527600.html
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/07/13/527600.html