الاثنين، 14 أبريل 2014

بوح فحول الشعراء بالمديح والهجاء ـ بقلم/ مجدي شلبي


بوح فحول الشعراء بالمديح والهجاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
       قد (أَفلحَ قومٌ إذا دُعوا وَثَبُوا): هكذا قال الشاعر مهيار الديلمي وهو أول من لبى دعوتنا لندوة اليوم...
ـ والشاعر بهاء الدين زهير يدعو الشاعر ابن دارج القسطلي؛ فيقول له:
أدعوكَ دعوة َ من تيقنَ أنهُ *** سَيَنالُ ما يَرجُوهُ إذْ يَدعوكا
ـ فيومئ الشاعر ابن دارج القسطلي برأسه إيجابا؛ ويقول:
أعليتها في دعوة الحق دعوة *** كفاك بها بشرى وأعداءها نعيا
ـ فيتمنى الشاعر عبدالغفار الأخرس أن يشهد ندوتنا هذه ألف شاهد:
إذا ما دعيتم دَعوة المجد كلّها *** أقمتم على دعواكم ألفَ شاهد
ـ فيحضر الشاعر جبران خليل جبران حضورا (افتراضيا) من مثواه الأخير في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، مرورا بمسقط رأسه ـ بلدة بشري في شمال لبنان ـ إلى مصر؛ فيقول:
مصر الهوى لم يلهه عنها هوى *** فإذا دعت لبى ولم يتردد
ـ فيرحب به الشاعر أحمد محرم؛ قائلا:
دعاك هوى سكانها فدعوتها *** فبوركت مدعواً وبوركت داعيا
ـ فيرد الشاعر جبران خليل جبران:
ما ألطف (الندوة) الجميلة من *** جميل وجه لبى وما اعتلا
ـ فيحييه الشاعر المتنبي على إبداعه الشعري؛ قائلا:
أطاعَكَ (الشعر) العَصِيُّ كأنّهُ *** عَبْدٌ إذا نادَيْتَ لَبّى مُسْرِعَا
ـ ولأن المادح ممدوح بمدحه؛ يقول الشاعر مهيار الديلمي:
وإذا وصفتك فهو وصفُ محاسني *** وإذا مدحتك فهو مدحُ قبائلي
ـ فيصف الشاعر الشريف الرضي نفسه؛ فيقول:
أنَا القائِلُ المَحسودُ قَوْلي من الوَرَى *** عَلَوْتُ، وَمَا يَعلُو عَليّ مَقَالُ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
أنت زَينٌ لكلِّ مدح وحَلْيٌ *** يُتَبَاهَى به ويُزْهَى رويُّهْ
لو سكتَ المادحونَ لاجتلبَ ال *** مدحُ له نفسه ولانتظما
ـ ويضيف الشاعر بهاء الدين زهير:
ولَيسَ بمُحتاجٍ إلى مَدْحِ مادِحٍ *** مكارِمُهُ تُثْني علَيْهِ وَتَمدَحُ
ـ فيقول الشاعر كشاجم:
ـ طَهُرْتُمْ فكْنْتُمْ مديحَ المديحِ *** وكانَ سواكُمْ هِجاءَ الهجاءِ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
وما افتقرتم إلى مدحٍ يزينكُم *** تالله يا زينة َ الأيامِ في الحفلِ
ـ فيضيف الشاعر ابن حيوس:
مدحٌ كزهرِ الرَّوضِ إلاَّ أنَّهُ *** يَبْقى إِذَا زَهْرُ الرِّياضِ تَصَرَّما
ـ فينبه الشاعر الأبيوردي إلى خطورة ما يفعله المدح الزائد عن الحد؛ فيقول:
وَهَزَّكَ مَدْحٌ كادَ يُصيبُكَ حُسْنُهُ *** وَفي الشِّعْرِ ما هَزَّ الكَريمَ وَ أَصْبَى
ـ فيرد عليه الشاعر الشريف الرضي؛ قائلا:
وَحَسبُكَ مِنْ ذَمّ الفتى تَرْكُ مدحهِ *** لأمرٍ يَضِيقُ القَوْلُ وَهوَ وَسِيعُ
ذُمّ رِجَالاً بتَرْكِ المَديحِ *** وَبَعضُ السّكوتِ عن المَدحِ ذَمّ
ـ فيفاجئنا الشاعر عبد الله الخفاجي؛ بقوله: 
إِذَا هَجَوْتُكُمُ لَمْ أَخْشَ سَطْوَتَكُمْ *** وَإِنْ مَدَحْتُ فَمَا حَظَي سِوى التَّعَبِ
فحينَ لَمْ ألفِ لا خوفاً ولا أملاً *** رغبتُ في الهجوِ إشفاقاً منَ الكذبِ
ـ ويضيف الشاعر الأبيوردي:
وَأَهْجُو رِجالاً في العَشيرَة ِ سادَة ً *** وبي مِن بَقايا الجاهِلِيَّة ِعَجْرَفُ
ـ فيرد الشاعر كشاجم متعجبا:
يُهْدِي المدائحَ للّئآمِ وإنْ هجا *** فهِجَاؤُه أَبداً لأَهلِ السّودَدِ!
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
مديحُك مَنْ تبتغي رِفْدَهُ *** هجاءٌ وإن كنتَ لا تُظهِرُه
والشعر ما كان غير مُنْتَحَلٍ *** يَحْرُمُ في مدح كل مُنْتَحِلِ
ـ ويقول الشاعر البحتري:
وَلمْ أُحابِكَ في مَدْحٍ تُكَذِّبُهُ *** بالفِعلِ منك، وَبعضُ المدحِ من كذِبِ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
إذا حاضت الأفواه من مدح جاهلٍ *** لئيمٍ فما أضحت بمدحك حُيَّضا
مِدَحٌ كأردية الرياض جعلتُها *** بالجهل أرديَة ً لشرّ من ارتدى
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري: 
وأحسَنُ من مدحِ امرىء الصّدق كاذباً *** بما ليسَ فيهِ، رميُهُ بالمَشاتم
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
وكم شعرٍ مدحتُ به ظلوماً *** فصار هجاءَه لا بافتعالي
كل امرىء مدح امرأ لنواله *** فأطال فيه فقد أراد هجاءَهُ
ـ وعمن يتمدّح إلى النَّاس وليس أهلاً للمديح؛ يقول الشاعر الشريف الرضي:
وليس مديح ما قدرت فان يكن *** مديح على رغمي فليس ثواب
ـ فيقول الشاعر عبد الصمد بن المعذل:
لكل أخي مدحٍ ثوابٌ يُعده *** وليس لمدح الباهليّ ثوابُ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
وكنت متى يُنشَدْ مديحٌ ظلمتَه *** يكن لك أهجى كلما كان أَمْدحا
إذا ما المدح سار بلا ثواب *** من الممدوح فهو لهُ هجاءُ
إنَّ بخس الثواب إن دام ظلماً *** قَلَب المدحَ ذاتَ يومٍ هجاء
ـ هنا يعبر الشاعر الشاب الظريف عن مصير هؤلاء: الذين يتبنون (مديح النفاق والرياء)؛ فيقول:
هجاهم الله في القرآن فاهجهم *** والعنهم الدَّهْرَ واشكرْ كل من لعنا
ـ ويدخل بعض الشعر من باب النفاق أيضا (طمع المادحُ في عطاء الممدوح)؛ فيقول الشاعر ابن الرومي:
وشريدِ مدحٍ لا يزال مبارياً *** سَيّاحُ سَيْبِ أكفِّكم سَيَّاحُه
ـ ويقول الشاعر الشريف الرضي:
ومدحك هذا بكر مدحٍ مدحته *** وَكنتُ أرُوضُ القَوْلَ حتّى تَسَدّدَا
ـ ويقول الشاعر ابن الخياط:
فلأمنحَنَّكَ ذا الثَّناءَ محبَّباً *** مادامَ مدْحُ الباخِلِينَ مُبَغَّضا
ـ ويقول الشاعر الفرزدق:
لأمْدَحَنّكَ مَدْحاً لا يُوَازِنُهُ *** مَدْحٌ على كُلّ مَدْحٍ كانَ عِلْيانَا
ـ ويقول الشاعر علي بن محمد التهامي:
كم حدتُ عنهُ فنادتني فضائلهُ *** يا خاتمَ الأدب امدح خاتم الكرم
ـ ويقول الشاعر البحتري:
لَهُ مَكرُماتٌ يَقصُرُ الوَصْفُ دونَهَا، *** وأبْلَغُ مَدْحٍ يُستَعَارُ لَهَا مَدْحي
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
مدحتُك مدح المستِنيم إلى امرىء ٍ *** كريم فقلتُ الشعر وسنانَ هاجعا
ـ ويقول الشاعر سبط ابن التعاويذي:
ولِي مِدَحٌ فِيهِ سَارَ کلرُّوَاة ُ *** بِهَا وَهُوَ أَكْرَمُ مَنْ يُمْدَحُ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
لو كُنْتَ غَيْثاً صَائباً *** لَمْ يُهْجَ رَعْدُكَ بَلْ مُدِحْ
ـ فيبتسم الشاعر البحتري؛ ويقول:
إنْ أنا شَبّهْتُهُ بالغَيْثِ في مِدَحي، *** غَضَضْتُ منهُ فكُنتُ المادحَ الهاجي
وَمُخْتَشٍ للهِجاءِ قُلْتُ لَهُ، *** فخَافَ عندي جَريرَةَ البُخُلِ
ـ فيؤيده الشاعر ابن عنين:
ما إِنْ مدحتُكَ أرتجي لكَ نائلاً *** فحرمتَني فهجوتُ باستحقاقِ
ـ فيؤكد المعنى قول الشاعر ابن الرومي:
كل امرىء مدح امرأ لنواله *** فأطال فيه فقد أراد هجاءَهُ
ـ فيقول الشاعر الحطيئة:
سئلتَ فلم تبخلْ ولم تعطِ طائلاً *** فَسِيَّانِ لا ذَمٌّ عليكَ ولا حَمْدُ
ـ فيعقب الشاعر الشريف المرتضى؛ قائلا:
أشقى الورى من كان أكبرَ همّه *** هجاءُ ضَنينٍ أو مديحُ مُنيلِ
ـ فيقول الشاعر محمد مهدي الجواهري:
الله يُخزي مهازيلاً ضمائرهُم *** مأجورة بين إطراء وإزراء
ـ فيؤيده الشاعر أبو نواس في قوله؛ ويؤكد:
لقد آلَيتُ أن أهجو دَعِيّاً، *** و لوْ بلغتْ مروءَتهُ السّماءَ
ـ فيقول الشاعر ابن حيوس:
فَاضِلْ بِها الأَشْعارَ تَعْرِفْ فَضْلَها *** ما كُلُّ مَنْ مَدَحَ المَجِيدَ مُجِيدُ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري متعجبا:
لَبّى الغنيَّ بَنو حَوّاءَ، من طَمَعٍ، *** ولو دَعاهمْ فَقيرٌ ما أجابُوه!
ـ فيلتقط الخيط الشاعر ابن نباتة المصري؛ موضحا العلاقة بين المدح والغزل:
فيها وفي مدح أوفى السائدين علاً *** تقسم الشعر في مدحٍ وفي غزل
ـ فيؤيده الشاعر أحمد شوقي؛ بقوله:
خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ *** وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ
ـ فيتعجب الشاعر البحتري ممن فقد الحياء في غزله:
أمَا استَحْيَيْتَ مِنْ مِدَحٍ سَوَارٍ *** بوَصْفِكَ، في التّهَائمِ والنُّجُودِ
ـ فينصح الشاعر جبران خليل جبران الشعراء بصدق المدح؛ فيقول:
لا تغل في مدح العظيم *** ولا تضع جهد الصغير
ـ فيعلن الشاعر ابن الرومي؛ قائلا:
مدحتُك مدحَ امرىء ٍ واثقٍ *** ومولى ً وَصُولٍ وخلٍّ مُصافي
ـ ويرى الشاعر السيد الحميري؛ (أن):
مدَح الملوكَ ذوي الغِنى لِعطائِهمْ *** والمدحُ منك لهم لغيرِ عَطاءِ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
ولا مدحُ ما لم يمدح المرءُ نفسهُ *** بأفعال صدقٍ لم تَشُبها الخسائس
ـ فيعترض الشاعر كثير عزة؛ قائلا:
إذا مَدَحَ البكْريٌّ عِنْدَكَ نَفْسهُ *** فقلْ: كذبَ البكريُّ وهو كذوبُ
ـ ويضيف الشاعر ابن المعتز:
ذمكِ بيا دنياي مدحُ نفسي، *** أقلَلتِ زادي وأطَلْتِ حَبسِي
ـ فيقول الشاعر الشاب الظريف:
فَلَيْسَ مَجْدُكَ في مَجْدٍ بِمُحْتَجَبٍ *** وليس مدْحُكَ في مدْحٍ بمكذوبِ
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
كل مدح أراه فيك قليلا *** وكثير ما يقتضيني فؤادي
ـ ويقول الشاعر ابن نباتة المصري:
مليك التقى والعلم والبأس والندى *** فمدحٌ على مدحٍ وشكرٌ على شكر
ـ ويقول الشاعر ذو الرمة:
مَكَارِمَ لَيْسَ يُحْصِيهِنَّ مَدْحٌ *** ولا كذباً أقولُ ولا انتحالا
ـ ويبدع الشاعر البرعي في الوصف؛ فانبرى قائلا:
فاسمعْ جواهرَ مدحٍ فيكَ حبرها *** حبرٌ إذا ماجَ بحرُ الشعرِ أملاهُ
ـ ويضيف الشاعر الهبل؛ قائلا:
توصلت في مدحي إلى مدح ماجد *** به افتخرت أبنا معد وعدنان
ـ فينقلنا البيت السابق إلى مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ فيضيف الشاعر محيي الدين بن عربي:
مدحتك للأسماع مدحَ معرِّف *** وقمت به في موقفِ العدلِ مُنشدا
ـ فيكمل الشاعر البرعي:
إذا مدح الشعراء أرباب عصرهم *** مدحت الذي من نوره الكون أبهجُ
ـ فيقول الشاعر ابن نباتة المصري:
في مدح أحمد للفتى شغلٌ *** فاخلصْ لمدح علاه بالوثب
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
وهَلْ مأثَمٌ في مدحِ من كان مدحُه *** يوازِنُ عندَ اللَّهِ تسبيحَ صائم
ـ ويقول الشاعر حيدر بن سليمان الحلي:
إن كان زانَ الشعرُ غيرك في *** مدحٍ فمدحُك زينة ُ الشِعر
ـ ويقول الشاعر الأبيوردي:
وكم ماجِدٍ يَبْغي ثَناءً أَصوغُهُ *** وَلكنّني عَنْ مَدْحِ غَيْرِكَ أَزْوَرُ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
ما قيل في القاسم مدح له *** إلا وفي القاسم مصداقه
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
فاقرأ على حَسّانَ منه، لعله *** بفتاه في مدحِ الرسولِ مُباه
ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت:
أَغـرّ عليه للنبوة خاتم *** مـن الله مشهود يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه *** إذا قال في الخمس المؤذن: أشهد
 وشق لــه من اسمه ليجله *** فـذو العرش محمود وهذا محمد
نبي أتانا بعــد يأس وفترة *** من الرسل والأوثانُ في الأرض تعبد
 فأمسى سراجاً مستنيراً وهادياً *** يلوح كما لاح الصقيل المهند
 وأنذرنا ناراً وبشّر جنةً *** وعلمنا الإسلام فالله نحمد
ـ فيستزيده الشاعر البوصيري؛ قائلا:
فادْعُني حَسَّانَ مَدْحٍ وزِدْني *** إنني أحسنت منه المنابا
ـ فيقول الشاعر المتنبي واصفا الشاعر حسان بن ثابت:
شَغَلَتْ قَلْبَهُ حِسانُ المَعالي *** عَنْ حِسانِ الوُجوهِ والأعجازِ
ـ فيردف الشاعر البوصيري؛ قائلا:
يا نَفْسُ دُونَكِ مَدْح أحْمَدَ إنَّهُ *** مِسْكٌ تَمَسَّكَ ريحُهُ والرُّوحُ
ـ فيتأهب الجميع للانصراف؛ غير أن هناك شيئا أغفلناه؛ فقال الشاعر الخُبز أَرزي: 
فإن شئتَ أُذكِرك ما قد نسيتَ *** وإن أنت أغفلتَ لم أغفَلِ
ـ فيقول الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
هاتِ الحديث عن الزمانِ وحُسنهِ *** وخُذِ الحديث من المُحدِّث عن علي
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
شعارُ الفتى ذمُّ الزمان الذي أتى *** ومن شأنه حمدُ الزمانِ الذي مضى
ـ ويضيف الشاعر الشريف الرضي:
ومما يحلل ذم الزمان *** نِ إقْصَاؤهُ المَاجِدِينَ الخِيَارَا
ـ فيقول الإمام الشافعي:
نعيب زمانَنا والعيب فينا *** وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ *** ولو نطق الزمان لنا هجانا
ـ فيقول الشاعر الأبيوردي:
وبئسَ زميلُ السَّفرِ منْ كانَ دأبهُ *** إذا عيِّرَ التقصيرَ ذمَّ المقادرِ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
فلستُ الدهرَ هاجِيَهُ حياتي *** ولكنِّي سأهجو مَنْ هجاهُ
ـ ويقول الشاعر الشريف المرتضى معاتبا صديقه اللدود:
قد كنتُ قبلك أهجو الدَّهرَ مجتهداً *** وقد رزقتك لا عتبٌ على الزّمنِ
ـ فيضيف الشاعر ابن حيوس:
وَكانَ يَحْمَدُ أَنْصاراً لهُ ذَهَبُوا *** فَمُذْ رَآكَ نَصِيراً ذَمَّ مَنْ حَمِدا
ـ ويقول الشاعر الشريف الرضي:
فغر العدو يريد ذم فضائلي *** هَيهَاتَ أُلْجِمَ فُوكَ بالجُلمُودِ
ـ فيفاجئنا الشاعر ابن الرومي بدعوته للحديث حول (الهجاء)
ـ فيبتسم الشاعر ابن زيدون؛ ويقول له:
حتى تكُونَ لمَن أحبَبتُ خَاتِمَة ً، *** نَسَختُ، في حُبّها، (هَجْوًا) بـ(تَقْرِيظ)
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
أُعِيذُكَ مِنْ هِجَاءٍ بَعْدَ مَدْحِ *** فعذني من قتال بعد صلح
ـ فيرد الشاعر ابن الرومي:
أقسمتُ لازلتُ هاجياً لهمُ *** ما التطم البحر قاذفاً زَبَدَهْ
أفحش القذف والهجاء لبورا *** رانَ طهورٌ كالرجمِ للمرجوم
ـ فيقول الشاعر البحتري:
هَجَاني النّغيلُ، وَما خِلْتُني *** أخَافُ هِجَاءَ أبي حَرْمَلَهْ
ـ فقال الشاعر ابن الرومي:
يا بُحتريُّ لقد أقبلتَ مُنقلباً *** يوم اكتسبتَ هجائي شرَّ منقلَبِ
ـ فقال الشاعر البحتري:
جَلّ عَنْ مَذهَبِ المَديحِ، فقد كا *** د يَكُونُ المَديحُ فيهِ هِجَاءَ
فداؤك منهم من ليس يدري *** ويعلم كيف مدحي من هجائي
فلا تخطب بما تجري إليه *** هجائي، فهو أغلى من مديحي
وَكمْ مِنْ آمِلٍ هَجْوِي ليَحظى *** بذِكْرٍ منهُ يَصْعَدُ، أوْ يَصُوبُ
ـ ففتح الشاعر ابن الرومي النار، وأطلق رصاصاته الشعرية:
ما قلْتُ فيك هجاء خلتَهُ كذباً *** إلا بدت منك سوْءاتٌ تُحقِّقه
فلا تَهْجُنِي إني أخُوك لآدمٍ *** وحَسْبي هجاءً أن أكون أخاكا
فاحمدِ اللَّهَ قد رُزِقْتَ هجاءً *** بعد طول الخُمول نوَّه باسْمِك
أنَّى هجوتَ بني ثوابَهْ *** يا صاحبَ العينِ المُصابهْ
ومُعنِّفٍ لي أَنْ هَجَوْ *** تُك يا أقلَّ من الصُّؤَابهْ
لم تهجهُم إلا لكي *** تُهجَى فتُذكَرَ في عِصابهْ
بما أهجوكَ يا أنتَ *** أليسَ أنتَ الذي أنتَ
فاخشَ ربَّ السماء وأْمَنْ هجائي *** قد كفتني أخبارُك المبثوثهْ
مدحتُك مختاراً فلم تكُ طائلاً *** فلا تلْحني إنْ هجوتُك مُحْرَجا
مطرَّحُ الشعرِ في مدائحه *** وفي الأهاجيِّ غير مطّرحِ
أهجوتني وحسبتني *** يا ابن الخبيثة راقدا
وكنتُ إذا ماهجاني اللئي *** م أرهقتُه من هجائي صَعُودا
فأين هُبلتَ تهرب من هجائي *** وأين هبلتَ تهرب من قصيدي
فكلَّما عارَضْتَني هاجياً *** فَهْو لِقولي فيك تأكيدُ
فدعِ الملامة للهجاء فإنه *** إن كان جار أو اعتدى فبك اقتدى
يسوم هجائي كي ينوِّه باسمه *** وفي السب ذكر للَّئيم ومفخر
هجوتُكَ وغدا يرفعُ الشَّتمُ قدرهُ *** فشعريَ مرحومٌ وأنت الذي غُبطْ
هجوتك إنذاراً لغيرك حِسبة ً *** وخطبك لولا ذاك مما يُحقّرُ
أقولُ وقد جاءني أنه *** ينوشُ هِجائي مع النُّوَّش
قد كنتُ أحسبُهُ شيئاً فأهْجوَهُ *** حتى أزالَ ظنوني فيه حُسبْاني
نباهة ُ أشعار الفتى وخمولُها *** على حَسْبِ من تلقاه يهجو ويمدحُ
فقلت لهم كذبٌ مديحي فيكُمُ *** وهجوي لكم صدقٌ وللصدق رونقُ
أيظلُّ مدحي في مقام مبارزٍ *** وترى هجائي في مُغار كَمين
ولما هجوْتُك بل وعظتُك إنني *** لا أجعل الأعراض كالأغراض
كيف أهجو مذبذبا بين شتى *** لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء
ـ فيقول الشاعر الفرزدق:
وَلَكِنّي هَجَوْتُ، وَقَدْ هَجَتْني *** مَعاشِرُ قَدْ رَضَخْتُ لَهمْ سِجَالا
ولَكِنّ اللّئَامَ إذا هَجَوْني *** غَضْبتُ فكانَ نُصْرَتي الجِهَارَا
هَجَوْتُ صِغَارَ يَرْبُوعٍ بُيُوتاً، *** وَأعْظَمَهُمْ مِنَ المَخْزَاةِ عَارَا
إني كَذَاكَ إذا هَجَوْتُ قَبِيلَةً، *** جَدّعْتُهُمْ بِعَوَارِمِ الأمْثَالِ
ـ ويقول الشاعر ابن المعتز:
مَن رامَ هجوَ عليٍّ، *** فشعرهُ قد هجاه
لو أنّه لأبيهِ *** ما كانَ يهجو أباه
ـ ويقول الشاعر الشريف الرضي:
وانا الذي واليت فيك مدائحاً *** وَعَبَأتُ للباغي عَلَيْكَ هِجَاءَ
كَفَى بقَوْمٍ هجَاءً أنَّ مَادِحَهُمْ *** يُهدِي الثّنَاءَ إلى أعرَاضِهِمْ فَرَقَا
فإنّكَ إنْ هَجَوْتَ هَجَوْتَ لَيثاً *** وَإنّي إنْ هَجَوْتُ هَجَوْتُ كَلْبَا
ـ فيقول الشاعر أبو نواس:
لَما بَدَا الثّعلَبٌ في سَفْحِ الجَبَلْ *** صِحْتُ بكَلبي: ها!... فهاجَ كالبطلْ
ـ فيقول الشاعر ابن عنين:
شَكا شِعري إِليَّ وقالَ تَهجو *** بمثلي عرضَ ذا الكلبِ اللئيمِ
ولا أهجو الوجودَ وقد حواهُ *** فإنَّ وجودهُ هجوُ الوجودِ
أَيطمعُ أنني أَهجوهُ كلاَّ *** كفاني أنْ يقالَ أخر رقيَّهْ
هجوتُ الأكابرَ في جِلَّقٍ *** ورعتُ الوضيعَ بهجوِ الرفعِ
ـ ويضيف الشاعر السيد الحميري:
والعاندون لهم عليهم لعنتي *** واخصهم مني بقصد هجاء
ـ فيقول الشاعر الأخطل:
مُحاوِلون هجائي، عِندَ نِسْوَتِهِمْ *** ولَوْ رأوْني أسرُّوا القَوْلَ، واتّضَعوا
ـ ويضيف الشاعر الشماخ بن ضرار:
فإنْ كرهتَ هجائي فاجتنبْ سخطي *** لا يُدْرِكنَّك تفريعي وتصْعيدي
ـ فيقول الشاعر جرير:
كانَ الذينَ هجوني منْ ضلالتهمْ *** مثلَ الفراشِ وحرَّ النارِ إذْ يقعُ
ـ ويضيف الشاعر المتنبي:
وعُظْمُ قَدْرِكَ في الآفاقِ أوْهَمَني *** أنّي بِقِلّةِ ما أثْنَيْتُ أهْجُوكَا
وَلمّا أنْ هَجَوْتُ رَأيْتُ عِيّاً *** مَقَاليَ لابنِ آوَى يا لَئِيمُ
وَلَوْلا فُضُولُ النّاسِ جِئْتُكَ مادحاً *** بما كنتُ في سرّي بهِ لكَ هاجِيَا
فأصْبَحْتَ مَسرُوراً بمَا أنَا مُنشِدٌ *** وَإنْ كانَ بالإنْشادِ هَجوُكَ غَالِيَا
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
قد أُغريا بي يهجواني معاً *** وحدي وكان الأكثرُ الغالبا
ـ فيقول الشاعر الخالديان:
سوف أهجوكَ بعَدَ مدْحٍ وتَحْريـ *** ـكٍ وعَتْبٍ، وآخر الدّاءِ كيُّ
ـ فيحاول الشاعر محمد بن حازم الباهلي تهدئة الأجواء:
بشعرً يعجبُ الشعراءُ منهُ *** يشبَّهُ بالهجاءِ وبالعتابِ
ـ ويقول الشاعر أحمد شوقي:
وما حطَّ مِنْ رَبِّ القصائد مادحاً *** وأنزله عن رتبة ِ الشعر هاجيا
فليس البيانُ الهجوَ إن كنت ساخطاً *** ولا هو زُورُ المدحِ إن كنتَ راضيا
ـ فيباغتنا الشاعر ابن الرومي برأي مدهش عن الحقد وعلاقته بالمدح؛ فيقول:
يسمَّى الحقد عيباً وهْو مدحٌ *** كما يدعون حلو الحق مرّا
ـ ويقول الشاعر بدوي الجبل:
و أطل هجاءك ما تشاء فخلفه *** غرر منضّرة من الأمداح
ـ فيهدأ الشاعر ابن الرومي، ويقدم النصح:
وإذا سمعتَ هجاءَهُ *** فاجعلْ وقارك ثمَّ وقرا
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
لا تحفِلنْ هَجْوَهمْ ومدحَهُمُ؛ *** فإنّما القوْمُ أكلُبٌ نُبُحُ
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
آليتُ لا أهجو طِوا *** لَ الدهر إلا من هجاني
سأَهجو مَن هَجاهُم مِن سِواهِم *** وأَعرِضُ مِنهُم عَمَّن هَجاني
ـ ثم زاد فأعلن توبتة عن الهجاء؛ فقال:
فأقسمتُ لا أهجوه ماعاش بعدها *** ولو نالني بالمنكراتِ العظائمِ
أُقسمُ بالله الأجلِّ الأعظم *** لأرمينَّ بالهجاء الأعرم
لا يراني الإلهُ أهجوكَ عُمري *** أنت عندي في حالة المرحوم
وكنتُ إذا ما هجاني امرؤٌ *** لئيمٌ عرفت دواءَ اللئيم
أعدُّ هجائي له نائلاً *** وأبذُلُه بذلَ سَمْح كريم
ـ ثم يرفع شعار (ماهجا إلا من فتن)؛ فقال:
قالوا هجاكَ أبو المزَّاق قلتُ لهم *** ولمْ هجاني فقالوا للذي بَلَغَهْ
يخال في فِتِن اللاهي ضلالَته *** وإنما فِتنُ الجهلِ الأضاليل
ـ فيقول الشاعر الواواء الدمشقي:
يا مُفردا بمادِحٍ كذَّابِ *** وصادقٍ في هجوه مغتابي
ـ ويقول الشاعر الأبيوردي:
لَنْ يَبْلُغَ المَدْحُ في تَقْريظِ مَجْدِهُمُ *** مَداهُ حَتّى كَأَنَّ المادِحَ الهاجي
وَالمَدْحُ والهَجْوُ سَواءٌ عِنْدَهُمْ *** فَمَنْ هَذي بِمَدْحِهِمْ كَمَنْ هَجا
ـ ويقول الشاعر جحظة البرمكي: 
وَكانوا يَهرُبونَ مِنَ الأَهاجي *** فَصاروا يَهرُبونَ مِنَ المَديحِ
ـ هنا يؤكد الشاعر عرقلة الكلبي أن للموت حرمة؛ فيقول:
لقد حسنت به اليومَ المراثي *** كما حسُنت به أَمسِ الأَهاجي
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
ترثي الحصافة والثقافة والتقى *** من عاش لا ذم ولا تفنيد
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
بَعْضَ هَذا العِتَابِ وَالتّفْنيدِ، *** لَيسَ ذَمُّ الوَفَاءِ بالمَحْمُودِ
ـ الشاعر أبو فراس الحمداني:
ولا خيرَ في هجرِ العشيرة ِ لامريءٍ *** يَرُوحُ عَلى ذَمّ العَشِيرَة ِ أوْ يَغْدُو
ـ يقول الشاعر البوصيري:
فهو في المدح قطرة ٌ من سحابي *** وهو في الهجو من زنادي شراره
ـ يقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
ورأيت الهجاء يرفع منك *** إن ذم الوضيع كالإطراء
ـ فيضيف الشاعر أبو تمام:
قال لي الناصحونَ وهوَ مقالٌ: *** ذَمُّ مَنْ كانَ خامِلاً إطرَاءُ
ـ فيقول الشاعر ابن الزيات:
لَولا اليَمينُ هَجَوته *** وَأَشاعَ فَضحتَهُ قَصيدُك
ـ ويقول الشاعر ابن المعتز:
و كم ذمَ لهم في جنبِ مدحٍ، *** وجِدٍّ بينَ أثناءِ المُزاحِ
ـ واتساقا مع المثل العامي (العايبة تبليك وتجيب اللي فيها فيك)؛ يقول الشاعر صريع الغواني:
عابَني مِن مَعايبٍ هُنَّ فيهِ *** حَكَمٌ فَاِشتَفى بِها مَن هَجاني
ـ فيتأهب الشاعر جبران خليل جبران للرحيل؛ مشيدا بما دار في هذه الندوة:
تقوى وعقل راجح وطوية *** لا تلتوي وكياسة وذكاء
وعزيمة غلابة وفصاحة *** خلابة وكرامة وإباء
هذي مناقبه وحسبي ذكرها *** حتى يخيل أنه إطراء
إن لم يكن شكر العدول جزاءها *** فعلام في الدنيا يكون جزاء
ـ فيقول الشاعر الباخرزي:
ليستِ الدنيا سوى قحبة ٍ *** تبرزُ في الزينة ِ للزاني
ـ فيرد الشاعر بهاء الدين زهير:
قد عابَها الواشي فقالَ طويلة ٌ *** مَقَالَ حَسودٍ مُظهِرٍ لعِنادِ
ـ فيحييه الشاعر المتنبي:
فإذا تَتَوّجَ كُنتَ دُرّةَ تاجِهِ *** وَإذا تَخَتّمَ كنتَ فَصّ الخاتِمِ
ـ ويضيف الشاعر صفي الدين الحلي:
ختَمتَ على دُرّ الثّنايا بخاتَمٍ *** عقيقٍ وتحتَ الختمِ تُخبَى الجواهرُ
ـ فيودعنا الشاعر مهيار الديلمي؛ مؤكدا على حقيقة أنه هو من بدأ هذه الندوة، وهو من ختمها أيضا:
يشهدُ لي مفتاحها وختمها *** بأنني للشعراءِ خاتمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/07/05/526988.html