بوح فحول الشعراء
بالمديح والهجاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي
شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد (أَفلحَ قومٌ إذا دُعوا وَثَبُوا):
هكذا قال الشاعر مهيار الديلمي وهو أول من لبى دعوتنا لندوة اليوم...
ـ والشاعر بهاء
الدين زهير يدعو الشاعر ابن دارج القسطلي؛ فيقول له:
أدعوكَ دعوة َ
من تيقنَ أنهُ *** سَيَنالُ ما يَرجُوهُ إذْ يَدعوكا
ـ فيومئ
الشاعر ابن دارج القسطلي برأسه إيجابا؛ ويقول:
أعليتها في
دعوة الحق دعوة *** كفاك بها بشرى وأعداءها نعيا
ـ فيتمنى
الشاعر عبدالغفار الأخرس أن يشهد ندوتنا هذه ألف شاهد:
إذا ما دعيتم
دَعوة المجد كلّها *** أقمتم على دعواكم ألفَ شاهد
ـ فيحضر
الشاعر جبران خليل جبران حضورا (افتراضيا) من مثواه الأخير في نيويورك بالولايات
المتحدة الأمريكية، مرورا بمسقط رأسه ـ بلدة بشري في شمال لبنان ـ إلى مصر؛ فيقول:
مصر الهوى لم
يلهه عنها هوى *** فإذا دعت لبى ولم يتردد
ـ فيرحب به
الشاعر أحمد محرم؛ قائلا:
دعاك هوى
سكانها فدعوتها *** فبوركت مدعواً وبوركت داعيا
ـ فيرد الشاعر
جبران خليل جبران:
ما ألطف (الندوة)
الجميلة من *** جميل وجه لبى وما اعتلا
ـ فيحييه
الشاعر المتنبي على إبداعه الشعري؛ قائلا:
أطاعَكَ (الشعر)
العَصِيُّ كأنّهُ *** عَبْدٌ إذا نادَيْتَ لَبّى مُسْرِعَا
ـ ولأن المادح ممدوح بمدحه؛ يقول الشاعر
مهيار الديلمي:
وإذا وصفتك
فهو وصفُ محاسني *** وإذا مدحتك فهو مدحُ قبائلي
ـ فيصف الشاعر
الشريف الرضي نفسه؛ فيقول:
أنَا القائِلُ
المَحسودُ قَوْلي من الوَرَى *** عَلَوْتُ، وَمَا يَعلُو عَليّ مَقَالُ
ـ فيقول الشاعر
ابن الرومي:
أنت زَينٌ
لكلِّ مدح وحَلْيٌ *** يُتَبَاهَى به ويُزْهَى رويُّهْ
لو سكتَ
المادحونَ لاجتلبَ ال *** مدحُ له نفسه ولانتظما
ـ ويضيف الشاعر
بهاء الدين زهير:
ولَيسَ
بمُحتاجٍ إلى مَدْحِ مادِحٍ *** مكارِمُهُ تُثْني علَيْهِ وَتَمدَحُ
ـ فيقول الشاعر
كشاجم:
ـ طَهُرْتُمْ
فكْنْتُمْ مديحَ المديحِ *** وكانَ سواكُمْ هِجاءَ الهجاءِ
ـ ويقول
الشاعر ابن الرومي:
وما افتقرتم
إلى مدحٍ يزينكُم *** تالله يا زينة َ الأيامِ في الحفلِ
ـ فيضيف الشاعر
ابن حيوس:
مدحٌ كزهرِ
الرَّوضِ إلاَّ أنَّهُ *** يَبْقى إِذَا زَهْرُ الرِّياضِ تَصَرَّما
ـ فينبه الشاعر
الأبيوردي إلى خطورة ما يفعله المدح الزائد عن الحد؛ فيقول:
وَهَزَّكَ
مَدْحٌ كادَ يُصيبُكَ حُسْنُهُ *** وَفي الشِّعْرِ ما هَزَّ الكَريمَ وَ أَصْبَى
ـ فيرد عليه
الشاعر الشريف الرضي؛ قائلا:
وَحَسبُكَ
مِنْ ذَمّ الفتى تَرْكُ مدحهِ *** لأمرٍ يَضِيقُ القَوْلُ وَهوَ وَسِيعُ
ذُمّ رِجَالاً
بتَرْكِ المَديحِ *** وَبَعضُ السّكوتِ عن المَدحِ ذَمّ
ـ فيفاجئنا
الشاعر عبد الله الخفاجي؛ بقوله:
إِذَا
هَجَوْتُكُمُ لَمْ أَخْشَ سَطْوَتَكُمْ *** وَإِنْ مَدَحْتُ فَمَا حَظَي سِوى
التَّعَبِ
فحينَ لَمْ
ألفِ لا خوفاً ولا أملاً *** رغبتُ في الهجوِ إشفاقاً منَ الكذبِ
ـ ويضيف
الشاعر الأبيوردي:
وَأَهْجُو
رِجالاً في العَشيرَة ِ سادَة ً *** وبي مِن بَقايا الجاهِلِيَّة ِعَجْرَفُ
ـ فيرد الشاعر
كشاجم متعجبا:
يُهْدِي
المدائحَ للّئآمِ وإنْ هجا *** فهِجَاؤُه أَبداً لأَهلِ السّودَدِ!
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
مديحُك مَنْ
تبتغي رِفْدَهُ *** هجاءٌ وإن كنتَ لا تُظهِرُه
والشعر ما كان
غير مُنْتَحَلٍ *** يَحْرُمُ في مدح كل مُنْتَحِلِ
ـ ويقول الشاعر
البحتري:
وَلمْ
أُحابِكَ في مَدْحٍ تُكَذِّبُهُ *** بالفِعلِ منك، وَبعضُ المدحِ من كذِبِ
ـ ويقول الشاعر
ابن الرومي:
إذا حاضت
الأفواه من مدح جاهلٍ *** لئيمٍ فما أضحت بمدحك حُيَّضا
مِدَحٌ كأردية
الرياض جعلتُها *** بالجهل أرديَة ً لشرّ من ارتدى
ـ فيقول الشاعر
أبوالعلاء المعري:
وأحسَنُ من
مدحِ امرىء الصّدق كاذباً *** بما ليسَ فيهِ، رميُهُ بالمَشاتم
ـ فيضيف الشاعر
ابن الرومي:
وكم شعرٍ
مدحتُ به ظلوماً *** فصار هجاءَه لا بافتعالي
كل امرىء مدح
امرأ لنواله *** فأطال فيه فقد أراد هجاءَهُ
ـ وعمن يتمدّح
إلى النَّاس وليس أهلاً للمديح؛ يقول الشاعر
الشريف الرضي:
وليس مديح ما
قدرت فان يكن *** مديح على رغمي فليس ثواب
ـ فيقول الشاعر
عبد الصمد بن المعذل:
لكل أخي مدحٍ
ثوابٌ يُعده *** وليس لمدح الباهليّ ثوابُ
ـ ويقول
الشاعر ابن الرومي:
وكنت متى
يُنشَدْ مديحٌ ظلمتَه *** يكن لك أهجى كلما كان أَمْدحا
إذا ما المدح
سار بلا ثواب *** من الممدوح فهو لهُ هجاءُ
إنَّ بخس
الثواب إن دام ظلماً *** قَلَب المدحَ ذاتَ يومٍ هجاء
ـ هنا يعبر الشاعر
الشاب الظريف عن مصير هؤلاء: الذين يتبنون (مديح النفاق والرياء)؛ فيقول:
هجاهم الله في
القرآن فاهجهم *** والعنهم الدَّهْرَ واشكرْ كل من لعنا
ـ ويدخل بعض الشعر
من باب النفاق أيضا (طمع المادحُ في عطاء الممدوح)؛ فيقول الشاعر ابن الرومي:
وشريدِ مدحٍ
لا يزال مبارياً *** سَيّاحُ سَيْبِ أكفِّكم سَيَّاحُه
ـ ويقول الشاعر
الشريف الرضي:
ومدحك هذا بكر
مدحٍ مدحته *** وَكنتُ أرُوضُ القَوْلَ حتّى تَسَدّدَا
ـ ويقول الشاعر
ابن الخياط:
فلأمنحَنَّكَ
ذا الثَّناءَ محبَّباً *** مادامَ مدْحُ الباخِلِينَ مُبَغَّضا
ـ ويقول الشاعر
الفرزدق:
لأمْدَحَنّكَ
مَدْحاً لا يُوَازِنُهُ *** مَدْحٌ على كُلّ مَدْحٍ كانَ عِلْيانَا
ـ ويقول الشاعر
علي بن محمد التهامي:
كم حدتُ عنهُ
فنادتني فضائلهُ *** يا خاتمَ الأدب امدح خاتم الكرم
ـ ويقول الشاعر
البحتري:
لَهُ
مَكرُماتٌ يَقصُرُ الوَصْفُ دونَهَا، *** وأبْلَغُ مَدْحٍ يُستَعَارُ لَهَا مَدْحي
ـ ويقول الشاعر
ابن الرومي:
مدحتُك مدح
المستِنيم إلى امرىء ٍ *** كريم فقلتُ الشعر وسنانَ هاجعا
ـ ويقول الشاعر
سبط ابن التعاويذي:
ولِي مِدَحٌ
فِيهِ سَارَ کلرُّوَاة ُ *** بِهَا وَهُوَ أَكْرَمُ مَنْ يُمْدَحُ
ـ ويقول الشاعر
ابن الرومي:
لو كُنْتَ
غَيْثاً صَائباً *** لَمْ يُهْجَ رَعْدُكَ بَلْ مُدِحْ
ـ فيبتسم
الشاعر البحتري؛ ويقول:
إنْ أنا
شَبّهْتُهُ بالغَيْثِ في مِدَحي، *** غَضَضْتُ منهُ فكُنتُ المادحَ الهاجي
وَمُخْتَشٍ
للهِجاءِ قُلْتُ لَهُ، *** فخَافَ عندي جَريرَةَ البُخُلِ
ـ فيؤيده الشاعر
ابن عنين:
ما إِنْ
مدحتُكَ أرتجي لكَ نائلاً *** فحرمتَني فهجوتُ باستحقاقِ
ـ فيؤكد
المعنى قول الشاعر ابن الرومي:
كل امرىء مدح
امرأ لنواله *** فأطال فيه فقد أراد هجاءَهُ
ـ فيقول الشاعر
الحطيئة:
سئلتَ فلم
تبخلْ ولم تعطِ طائلاً *** فَسِيَّانِ لا ذَمٌّ عليكَ ولا حَمْدُ
ـ فيعقب الشاعر
الشريف المرتضى؛ قائلا:
أشقى الورى من
كان أكبرَ همّه *** هجاءُ ضَنينٍ أو مديحُ مُنيلِ
ـ فيقول
الشاعر محمد مهدي الجواهري:
الله يُخزي
مهازيلاً ضمائرهُم *** مأجورة بين إطراء وإزراء
ـ فيؤيده الشاعر
أبو نواس في قوله؛ ويؤكد:
لقد آلَيتُ أن
أهجو دَعِيّاً، *** و لوْ بلغتْ مروءَتهُ السّماءَ
ـ فيقول الشاعر
ابن حيوس:
فَاضِلْ بِها
الأَشْعارَ تَعْرِفْ فَضْلَها *** ما كُلُّ مَنْ مَدَحَ المَجِيدَ مُجِيدُ
ـ فيقول الشاعر
أبوالعلاء المعري متعجبا:
لَبّى الغنيَّ
بَنو حَوّاءَ، من طَمَعٍ، *** ولو دَعاهمْ فَقيرٌ ما أجابُوه!
ـ فيلتقط
الخيط الشاعر ابن نباتة المصري؛ موضحا العلاقة بين المدح والغزل:
فيها وفي مدح
أوفى السائدين علاً *** تقسم الشعر في مدحٍ وفي غزل
ـ فيؤيده
الشاعر أحمد شوقي؛ بقوله:
خَدَعوها
بِقَولِهِم حَسناءُ *** وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ
ـ فيتعجب الشاعر
البحتري ممن فقد الحياء في غزله:
أمَا
استَحْيَيْتَ مِنْ مِدَحٍ سَوَارٍ *** بوَصْفِكَ، في التّهَائمِ والنُّجُودِ
ـ فينصح الشاعر
جبران خليل جبران الشعراء بصدق المدح؛ فيقول:
لا تغل في مدح
العظيم *** ولا تضع جهد الصغير
ـ فيعلن
الشاعر ابن الرومي؛ قائلا:
مدحتُك مدحَ
امرىء ٍ واثقٍ *** ومولى ً وَصُولٍ وخلٍّ مُصافي
ـ ويرى الشاعر
السيد الحميري؛ (أن):
مدَح الملوكَ
ذوي الغِنى لِعطائِهمْ *** والمدحُ منك لهم لغيرِ عَطاءِ
ـ ويقول الشاعر
ابن الرومي:
ولا مدحُ ما
لم يمدح المرءُ نفسهُ *** بأفعال صدقٍ لم تَشُبها الخسائس
ـ فيعترض الشاعر
كثير عزة؛ قائلا:
إذا مَدَحَ
البكْريٌّ عِنْدَكَ نَفْسهُ *** فقلْ: كذبَ البكريُّ وهو كذوبُ
ـ ويضيف الشاعر
ابن المعتز:
ذمكِ بيا
دنياي مدحُ نفسي، *** أقلَلتِ زادي وأطَلْتِ حَبسِي
ـ فيقول
الشاعر الشاب الظريف:
فَلَيْسَ
مَجْدُكَ في مَجْدٍ بِمُحْتَجَبٍ *** وليس مدْحُكَ في مدْحٍ بمكذوبِ
ـ فيضيف
الشاعر جبران خليل جبران:
كل مدح أراه
فيك قليلا *** وكثير ما يقتضيني فؤادي
ـ ويقول الشاعر
ابن نباتة المصري:
مليك التقى
والعلم والبأس والندى *** فمدحٌ على مدحٍ وشكرٌ على شكر
ـ ويقول الشاعر
ذو الرمة:
مَكَارِمَ
لَيْسَ يُحْصِيهِنَّ مَدْحٌ *** ولا كذباً أقولُ ولا انتحالا
ـ ويبدع
الشاعر البرعي في الوصف؛ فانبرى قائلا:
فاسمعْ جواهرَ
مدحٍ فيكَ حبرها *** حبرٌ إذا ماجَ بحرُ الشعرِ أملاهُ
ـ ويضيف الشاعر
الهبل؛ قائلا:
توصلت في مدحي
إلى مدح ماجد *** به افتخرت أبنا معد وعدنان
ـ فينقلنا البيت السابق إلى مدح الرسول الكريم
صلى الله عليه وسلم؛ فيضيف الشاعر محيي الدين بن عربي:
مدحتك للأسماع
مدحَ معرِّف *** وقمت به في موقفِ العدلِ مُنشدا
ـ فيكمل
الشاعر البرعي:
إذا مدح
الشعراء أرباب عصرهم *** مدحت الذي من نوره الكون أبهجُ
ـ فيقول
الشاعر ابن نباتة المصري:
في مدح أحمد
للفتى شغلٌ *** فاخلصْ لمدح علاه بالوثب
ـ ويقول الشاعر
ابن الرومي:
وهَلْ مأثَمٌ
في مدحِ من كان مدحُه *** يوازِنُ عندَ اللَّهِ تسبيحَ صائم
ـ ويقول الشاعر
حيدر بن سليمان الحلي:
إن كان زانَ
الشعرُ غيرك في *** مدحٍ فمدحُك زينة ُ الشِعر
ـ ويقول الشاعر
الأبيوردي:
وكم ماجِدٍ
يَبْغي ثَناءً أَصوغُهُ *** وَلكنّني عَنْ مَدْحِ غَيْرِكَ أَزْوَرُ
ـ ويقول الشاعر
ابن الرومي:
ما قيل في
القاسم مدح له *** إلا وفي القاسم مصداقه
ـ فيقول الشاعر
أحمد شوقي:
فاقرأ على
حَسّانَ منه، لعله *** بفتاه في مدحِ الرسولِ مُباه
ـ فيقول
الشاعر حسان بن ثابت:
أَغـرّ عليه
للنبوة خاتم *** مـن الله مشهود يلوح ويشهد
وضم الإله اسم
النبي إلى اسمه *** إذا قال في الخمس المؤذن: أشهد
وشق لــه من اسمه ليجله *** فـذو العرش محمود
وهذا محمد
نبي أتانا
بعــد يأس وفترة *** من الرسل والأوثانُ في الأرض تعبد
فأمسى سراجاً مستنيراً وهادياً *** يلوح كما لاح
الصقيل المهند
وأنذرنا ناراً وبشّر جنةً *** وعلمنا الإسلام
فالله نحمد
ـ فيستزيده الشاعر
البوصيري؛ قائلا:
فادْعُني
حَسَّانَ مَدْحٍ وزِدْني *** إنني أحسنت منه المنابا
ـ فيقول الشاعر
المتنبي واصفا الشاعر حسان بن ثابت:
شَغَلَتْ
قَلْبَهُ حِسانُ المَعالي *** عَنْ حِسانِ الوُجوهِ والأعجازِ
ـ فيردف الشاعر
البوصيري؛ قائلا:
يا نَفْسُ
دُونَكِ مَدْح أحْمَدَ إنَّهُ *** مِسْكٌ تَمَسَّكَ ريحُهُ والرُّوحُ
ـ فيتأهب الجميع للانصراف؛ غير أن هناك شيئا
أغفلناه؛ فقال الشاعر الخُبز أَرزي:
فإن شئتَ
أُذكِرك ما قد نسيتَ *** وإن أنت أغفلتَ لم أغفَلِ
ـ فيقول
الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
هاتِ الحديث
عن الزمانِ وحُسنهِ *** وخُذِ الحديث من المُحدِّث عن علي
ـ فيقول الشاعر
ابن الرومي:
شعارُ الفتى
ذمُّ الزمان الذي أتى *** ومن شأنه حمدُ الزمانِ الذي مضى
ـ ويضيف الشاعر
الشريف الرضي:
ومما يحلل ذم
الزمان *** نِ إقْصَاؤهُ المَاجِدِينَ الخِيَارَا
ـ فيقول الإمام
الشافعي:
نعيب زمانَنا
والعيب فينا *** وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا
الزمانَ بغير ذنبٍ *** ولو نطق الزمان لنا هجانا
ـ فيقول الشاعر
الأبيوردي:
وبئسَ زميلُ
السَّفرِ منْ كانَ دأبهُ *** إذا عيِّرَ التقصيرَ ذمَّ المقادرِ
ـ ويقول الشاعر
ابن الرومي:
فلستُ الدهرَ
هاجِيَهُ حياتي *** ولكنِّي سأهجو مَنْ هجاهُ
ـ ويقول الشاعر
الشريف المرتضى معاتبا صديقه اللدود:
قد كنتُ قبلك
أهجو الدَّهرَ مجتهداً *** وقد رزقتك لا عتبٌ على الزّمنِ
ـ فيضيف
الشاعر ابن حيوس:
وَكانَ
يَحْمَدُ أَنْصاراً لهُ ذَهَبُوا *** فَمُذْ رَآكَ نَصِيراً ذَمَّ مَنْ حَمِدا
ـ ويقول الشاعر
الشريف الرضي:
فغر العدو
يريد ذم فضائلي *** هَيهَاتَ أُلْجِمَ فُوكَ بالجُلمُودِ
ـ فيفاجئنا الشاعر ابن الرومي بدعوته للحديث
حول (الهجاء)
ـ فيبتسم الشاعر
ابن زيدون؛ ويقول له:
حتى تكُونَ
لمَن أحبَبتُ خَاتِمَة ً، *** نَسَختُ، في حُبّها، (هَجْوًا) بـ(تَقْرِيظ)
ـ فيقول
الشاعر الشريف الرضي:
أُعِيذُكَ
مِنْ هِجَاءٍ بَعْدَ مَدْحِ *** فعذني من قتال بعد صلح
ـ فيرد الشاعر
ابن الرومي:
أقسمتُ لازلتُ
هاجياً لهمُ *** ما التطم البحر قاذفاً زَبَدَهْ
أفحش القذف
والهجاء لبورا *** رانَ طهورٌ كالرجمِ للمرجوم
ـ فيقول الشاعر
البحتري:
هَجَاني
النّغيلُ، وَما خِلْتُني *** أخَافُ هِجَاءَ أبي حَرْمَلَهْ
ـ فقال الشاعر
ابن الرومي:
يا بُحتريُّ
لقد أقبلتَ مُنقلباً *** يوم اكتسبتَ هجائي شرَّ منقلَبِ
ـ فقال الشاعر
البحتري:
جَلّ عَنْ
مَذهَبِ المَديحِ، فقد كا *** د يَكُونُ المَديحُ فيهِ هِجَاءَ
فداؤك منهم من
ليس يدري *** ويعلم كيف مدحي من هجائي
فلا تخطب بما
تجري إليه *** هجائي، فهو أغلى من مديحي
وَكمْ مِنْ
آمِلٍ هَجْوِي ليَحظى *** بذِكْرٍ منهُ يَصْعَدُ، أوْ يَصُوبُ
ـ ففتح الشاعر
ابن الرومي النار، وأطلق رصاصاته الشعرية:
ما قلْتُ فيك
هجاء خلتَهُ كذباً *** إلا بدت منك سوْءاتٌ تُحقِّقه
فلا تَهْجُنِي
إني أخُوك لآدمٍ *** وحَسْبي هجاءً أن أكون أخاكا
فاحمدِ
اللَّهَ قد رُزِقْتَ هجاءً *** بعد طول الخُمول نوَّه باسْمِك
أنَّى هجوتَ
بني ثوابَهْ *** يا صاحبَ العينِ المُصابهْ
ومُعنِّفٍ لي
أَنْ هَجَوْ *** تُك يا أقلَّ من الصُّؤَابهْ
لم تهجهُم إلا
لكي *** تُهجَى فتُذكَرَ في عِصابهْ
بما أهجوكَ يا
أنتَ *** أليسَ أنتَ الذي أنتَ
فاخشَ ربَّ
السماء وأْمَنْ هجائي *** قد كفتني أخبارُك المبثوثهْ
مدحتُك
مختاراً فلم تكُ طائلاً *** فلا تلْحني إنْ هجوتُك مُحْرَجا
مطرَّحُ
الشعرِ في مدائحه *** وفي الأهاجيِّ غير مطّرحِ
أهجوتني
وحسبتني *** يا ابن الخبيثة راقدا
وكنتُ إذا
ماهجاني اللئي *** م أرهقتُه من هجائي صَعُودا
فأين هُبلتَ
تهرب من هجائي *** وأين هبلتَ تهرب من قصيدي
فكلَّما
عارَضْتَني هاجياً *** فَهْو لِقولي فيك تأكيدُ
فدعِ الملامة
للهجاء فإنه *** إن كان جار أو اعتدى فبك اقتدى
يسوم هجائي كي
ينوِّه باسمه *** وفي السب ذكر للَّئيم ومفخر
هجوتُكَ وغدا
يرفعُ الشَّتمُ قدرهُ *** فشعريَ مرحومٌ وأنت الذي غُبطْ
هجوتك إنذاراً
لغيرك حِسبة ً *** وخطبك لولا ذاك مما يُحقّرُ
أقولُ وقد
جاءني أنه *** ينوشُ هِجائي مع النُّوَّش
قد كنتُ
أحسبُهُ شيئاً فأهْجوَهُ *** حتى أزالَ ظنوني فيه حُسبْاني
نباهة ُ أشعار
الفتى وخمولُها *** على حَسْبِ من تلقاه يهجو ويمدحُ
فقلت لهم كذبٌ
مديحي فيكُمُ *** وهجوي لكم صدقٌ وللصدق رونقُ
أيظلُّ مدحي
في مقام مبارزٍ *** وترى هجائي في مُغار كَمين
ولما هجوْتُك
بل وعظتُك إنني *** لا أجعل الأعراض كالأغراض
كيف أهجو
مذبذبا بين شتى *** لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء
ـ فيقول الشاعر
الفرزدق:
وَلَكِنّي
هَجَوْتُ، وَقَدْ هَجَتْني *** مَعاشِرُ قَدْ رَضَخْتُ لَهمْ سِجَالا
ولَكِنّ
اللّئَامَ إذا هَجَوْني *** غَضْبتُ فكانَ نُصْرَتي الجِهَارَا
هَجَوْتُ
صِغَارَ يَرْبُوعٍ بُيُوتاً، *** وَأعْظَمَهُمْ مِنَ المَخْزَاةِ عَارَا
إني كَذَاكَ
إذا هَجَوْتُ قَبِيلَةً، *** جَدّعْتُهُمْ بِعَوَارِمِ الأمْثَالِ
ـ ويقول الشاعر
ابن المعتز:
مَن رامَ هجوَ
عليٍّ، *** فشعرهُ قد هجاه
لو أنّه
لأبيهِ *** ما كانَ يهجو أباه
ـ ويقول الشاعر
الشريف الرضي:
وانا الذي
واليت فيك مدائحاً *** وَعَبَأتُ للباغي عَلَيْكَ هِجَاءَ
كَفَى بقَوْمٍ
هجَاءً أنَّ مَادِحَهُمْ *** يُهدِي الثّنَاءَ إلى أعرَاضِهِمْ فَرَقَا
فإنّكَ إنْ
هَجَوْتَ هَجَوْتَ لَيثاً *** وَإنّي إنْ هَجَوْتُ هَجَوْتُ كَلْبَا
ـ فيقول الشاعر
أبو نواس:
لَما بَدَا
الثّعلَبٌ في سَفْحِ الجَبَلْ *** صِحْتُ بكَلبي: ها!... فهاجَ كالبطلْ
ـ فيقول الشاعر
ابن عنين:
شَكا شِعري
إِليَّ وقالَ تَهجو *** بمثلي عرضَ ذا الكلبِ اللئيمِ
ولا أهجو
الوجودَ وقد حواهُ *** فإنَّ وجودهُ هجوُ الوجودِ
أَيطمعُ أنني
أَهجوهُ كلاَّ *** كفاني أنْ يقالَ أخر رقيَّهْ
هجوتُ
الأكابرَ في جِلَّقٍ *** ورعتُ الوضيعَ بهجوِ الرفعِ
ـ ويضيف الشاعر
السيد الحميري:
والعاندون لهم
عليهم لعنتي *** واخصهم مني بقصد هجاء
ـ فيقول الشاعر
الأخطل:
مُحاوِلون
هجائي، عِندَ نِسْوَتِهِمْ *** ولَوْ رأوْني أسرُّوا القَوْلَ، واتّضَعوا
ـ ويضيف الشاعر
الشماخ بن ضرار:
فإنْ كرهتَ
هجائي فاجتنبْ سخطي *** لا يُدْرِكنَّك تفريعي وتصْعيدي
ـ فيقول
الشاعر جرير:
كانَ الذينَ
هجوني منْ ضلالتهمْ *** مثلَ الفراشِ وحرَّ النارِ إذْ يقعُ
ـ ويضيف
الشاعر المتنبي:
وعُظْمُ
قَدْرِكَ في الآفاقِ أوْهَمَني *** أنّي بِقِلّةِ ما أثْنَيْتُ أهْجُوكَا
وَلمّا أنْ
هَجَوْتُ رَأيْتُ عِيّاً *** مَقَاليَ لابنِ آوَى يا لَئِيمُ
وَلَوْلا
فُضُولُ النّاسِ جِئْتُكَ مادحاً *** بما كنتُ في سرّي بهِ لكَ هاجِيَا
فأصْبَحْتَ
مَسرُوراً بمَا أنَا مُنشِدٌ *** وَإنْ كانَ بالإنْشادِ هَجوُكَ غَالِيَا
ـ فيقول
الشاعر ابن الرومي:
قد أُغريا بي
يهجواني معاً *** وحدي وكان الأكثرُ الغالبا
ـ فيقول الشاعر
الخالديان:
سوف أهجوكَ
بعَدَ مدْحٍ وتَحْريـ *** ـكٍ وعَتْبٍ، وآخر الدّاءِ كيُّ
ـ فيحاول الشاعر
محمد بن حازم الباهلي تهدئة الأجواء:
بشعرً يعجبُ
الشعراءُ منهُ *** يشبَّهُ بالهجاءِ وبالعتابِ
ـ ويقول الشاعر
أحمد شوقي:
وما حطَّ مِنْ
رَبِّ القصائد مادحاً *** وأنزله عن رتبة ِ الشعر هاجيا
فليس البيانُ
الهجوَ إن كنت ساخطاً *** ولا هو زُورُ المدحِ إن كنتَ راضيا
ـ فيباغتنا الشاعر ابن الرومي برأي مدهش عن
الحقد وعلاقته بالمدح؛ فيقول:
يسمَّى الحقد
عيباً وهْو مدحٌ *** كما يدعون حلو الحق مرّا
ـ ويقول الشاعر
بدوي الجبل:
و أطل هجاءك
ما تشاء فخلفه *** غرر منضّرة من الأمداح
ـ فيهدأ الشاعر
ابن الرومي، ويقدم النصح:
وإذا سمعتَ
هجاءَهُ *** فاجعلْ وقارك ثمَّ وقرا
ـ فيضيف الشاعر
أبوالعلاء المعري:
لا تحفِلنْ
هَجْوَهمْ ومدحَهُمُ؛ *** فإنّما القوْمُ أكلُبٌ نُبُحُ
ـ ويقول
الشاعر ابن الرومي:
آليتُ لا أهجو
طِوا *** لَ الدهر إلا من هجاني
سأَهجو مَن
هَجاهُم مِن سِواهِم *** وأَعرِضُ مِنهُم عَمَّن هَجاني
ـ ثم زاد
فأعلن توبتة عن الهجاء؛ فقال:
فأقسمتُ لا
أهجوه ماعاش بعدها *** ولو نالني بالمنكراتِ العظائمِ
أُقسمُ بالله
الأجلِّ الأعظم *** لأرمينَّ بالهجاء الأعرم
لا يراني
الإلهُ أهجوكَ عُمري *** أنت عندي في حالة المرحوم
وكنتُ إذا ما
هجاني امرؤٌ *** لئيمٌ عرفت دواءَ اللئيم
أعدُّ هجائي
له نائلاً *** وأبذُلُه بذلَ سَمْح كريم
ـ ثم يرفع شعار (ماهجا إلا من فتن)؛ فقال:
قالوا هجاكَ
أبو المزَّاق قلتُ لهم *** ولمْ هجاني فقالوا للذي بَلَغَهْ
يخال في فِتِن
اللاهي ضلالَته *** وإنما فِتنُ الجهلِ الأضاليل
ـ فيقول الشاعر
الواواء الدمشقي:
يا مُفردا
بمادِحٍ كذَّابِ *** وصادقٍ في هجوه مغتابي
ـ ويقول الشاعر
الأبيوردي:
لَنْ يَبْلُغَ
المَدْحُ في تَقْريظِ مَجْدِهُمُ *** مَداهُ حَتّى كَأَنَّ المادِحَ الهاجي
وَالمَدْحُ
والهَجْوُ سَواءٌ عِنْدَهُمْ *** فَمَنْ هَذي بِمَدْحِهِمْ كَمَنْ هَجا
ـ ويقول الشاعر
جحظة البرمكي:
وَكانوا
يَهرُبونَ مِنَ الأَهاجي *** فَصاروا يَهرُبونَ مِنَ المَديحِ
ـ هنا يؤكد الشاعر عرقلة
الكلبي أن للموت حرمة؛ فيقول:
لقد حسنت به
اليومَ المراثي *** كما حسُنت به أَمسِ الأَهاجي
ـ فيقول الشاعر
جبران خليل جبران:
ترثي الحصافة
والثقافة والتقى *** من عاش لا ذم ولا تفنيد
ـ فيضيف
الشاعر البحتري:
بَعْضَ هَذا
العِتَابِ وَالتّفْنيدِ، *** لَيسَ ذَمُّ الوَفَاءِ بالمَحْمُودِ
ـ الشاعر أبو
فراس الحمداني:
ولا خيرَ في
هجرِ العشيرة ِ لامريءٍ *** يَرُوحُ عَلى ذَمّ العَشِيرَة ِ أوْ يَغْدُو
ـ يقول الشاعر
البوصيري:
فهو في المدح
قطرة ٌ من سحابي *** وهو في الهجو من زنادي شراره
ـ يقول الشاعر
إبراهيم عبد القادر المازني:
ورأيت الهجاء
يرفع منك *** إن ذم الوضيع كالإطراء
ـ فيضيف الشاعر
أبو تمام:
قال لي
الناصحونَ وهوَ مقالٌ: *** ذَمُّ مَنْ كانَ خامِلاً إطرَاءُ
ـ فيقول الشاعر
ابن الزيات:
لَولا
اليَمينُ هَجَوته *** وَأَشاعَ فَضحتَهُ قَصيدُك
ـ ويقول الشاعر
ابن المعتز:
و كم ذمَ لهم
في جنبِ مدحٍ، *** وجِدٍّ بينَ أثناءِ المُزاحِ
ـ واتساقا مع
المثل العامي (العايبة تبليك وتجيب اللي فيها فيك)؛ يقول الشاعر صريع الغواني:
عابَني مِن
مَعايبٍ هُنَّ فيهِ *** حَكَمٌ فَاِشتَفى بِها مَن هَجاني
ـ فيتأهب الشاعر جبران
خليل جبران للرحيل؛ مشيدا بما دار في هذه الندوة:
تقوى وعقل
راجح وطوية *** لا تلتوي وكياسة وذكاء
وعزيمة غلابة
وفصاحة *** خلابة وكرامة وإباء
هذي مناقبه
وحسبي ذكرها *** حتى يخيل أنه إطراء
إن لم يكن شكر
العدول جزاءها *** فعلام في الدنيا يكون جزاء
ـ فيقول الشاعر
الباخرزي:
ليستِ الدنيا
سوى قحبة ٍ *** تبرزُ في الزينة ِ للزاني
ـ فيرد الشاعر بهاء الدين زهير:
قد عابَها الواشي فقالَ طويلة ٌ *** مَقَالَ
حَسودٍ مُظهِرٍ لعِنادِ
ـ فيحييه الشاعر المتنبي:
فإذا تَتَوّجَ كُنتَ دُرّةَ تاجِهِ *** وَإذا تَخَتّمَ كنتَ فَصّ الخاتِمِ
ـ ويضيف الشاعر صفي الدين الحلي:
ختَمتَ على دُرّ الثّنايا بخاتَمٍ *** عقيقٍ وتحتَ الختمِ تُخبَى الجواهرُ
ـ فيودعنا الشاعر مهيار الديلمي؛ مؤكدا على حقيقة أنه هو من بدأ هذه
الندوة، وهو من ختمها أيضا:
يشهدُ لي مفتاحها وختمها *** بأنني للشعراءِ خاتمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/07/05/526988.html
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/07/05/526988.html