ثنائية البداية والنهاية من منظور شعري
1ـ مفهوم
البداية عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية)
اليوم؛ أمير علويّ، كان شاعرا وفقيهًا، هو الأمير عز الدين أبو محمد الحسن ابن
يوسف بن مكزون بن خضر بن عبد الله بن محمد السنجاري، المعروف بـ(الشاعر المكزون
السنجاري)، وها هو يتجه (افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة؛ منشدا:
بِدايَةُ وَجدي في هَواكُم نِهايَةٌ *** لِأَهلِ الوَفا وَالصِدقِ في
حُبِّكُم بَعدي
وَباطِنُ ما عِندَ المُحِبّينَ فيكُمُ *** مِنَ الحُسنِ وَالإِحسانِ ظاهِرُ
ما عِندي
وَأَغلى مَقالٍ قالَهُ الناسُ فيكُمُ *** وَأَخفوهُ خَوفَ الناسِ أَرخَصُ
ما أُبدي
ـ فيقول الشاعر الشاذلي خزنه دار:
هذي البداية ما
لها من ثان *** كيف النهاية يا
أخا العرفان
من لي وللكعاك
فينا شهرة *** تغنيك يا مثلي
عن التبيان
ـ فيكمل الشاعر ابن الرومي:
سيشكر ربُّ الناس ما قد فعلتَهُ *** بنا بادئاً والربُّ للبرّ أشكرُ
وأعقِبْ إذا أبدأتَ عُرفاً فإنما *** بوادئه تنسى وعقباه تُذكر
ـ فيقول الشاعر المتنبي:
أبْدَأتَ شَيئاً ليسَ يُعرَفُ بَدْؤهُ *** وأعَدْتَ حتى أُنْكِرَ الإبْداءُ
ـ فيضيف الشاعر ابن الخياط:
نَماكَ أَبٌ نَماهُ خَيْرُ جَدٍّ *** كَذا الآباءُ تَنْمِيها الْجُدُوُدُ
هُمُ بَدَءُوا العُلى فَسَمَوْا عُلُوًّا *** وأنْتَ لخيرِ ما بدَؤوا
مُعِيدُ
ـ فيكمل الشاعر ابن الرومي:
يا مَنْ هواه من القلوب مَكينُ *** والماءُ في الوَجَنات منه مَعينُ
فالبشرُ بالبدء الهنِّي مبشِّرٌ *** والبدء بالعَود السنِّي رهين
يا من غدا والمشتري جَدٌّ له *** والشمس رأيٌ والهلال جَبين
ـ فيضيف الشاعر ابن نباتة المصري:
بالروحِ أفدِي أغيداً قد بدا *** يخطُّ فوق الخدِّ ريحانه
أبداه بالذكر فأعجب لمن *** يبدأ بالساكن بنيانه
فحبَّذا لمادحيه الندى *** وأنعمُ الله ورضوانه
ـ فيقول الشاعر حسن كامل الصيرفي:
بِدايَةَ الأَمرِ في عِشقي وَنَشأَتِهِ *** ظِباءَ طيبَةٍ حَيثُ الحُسنَ
غايَتُهُ
وَفي هَواهُ هَواني لَذَّ لي وَصَفا *** وَالحُبُّ لا بِدعَ أَن لَذَّت
مَذَلَّتُهُ
ـ فيضيف الشاعر ابن الجزري:
بداية داء الصب في حبه الجفا *** وغايته شكوي المعنى المعنفا
فمن ادخل الأدواء من قبل الهوى *** على قلبه فلييأسن من الشفا
واتعب خلق الله من سهر الدجى *** وراقب فيه النيرات لتكسفا
ـ فيقول الشاعر عبد الغني النابلسي:
ظلمات تقدرت تقديرا *** من قديم وصورت تصويرا
كاشف حيث لا بداية عنها *** نور حق يعرف التنكيرا
ـ فيقول الشاعر كريم معتوق:
أمامك المجدُ والتاريخ ُ فانبثقي *** شمسا ً كعهدك ِأو إن شئتِ فاحتجي
من أين أبدأ أو من أين خاتمتي *** إن
البدايةَ تشقى من يد العجبِ
مُدّي لعيني من عينيك متقداَ *** وهجا ًمن النور أو كشفاَ لمحتجبِ
ـ فيكمل الشاعر أبو القاسم الشابي:
هاتِهِ فالظَّلامُ حولي كثيفٌ *** وضبابُ الأَسى مُنيخٌ عليَّا
والشَّبابُ الغرير ولَّى إلى الما *** ضي وخلَّى النَّحيبَ في شَفَتَيَّا
نحنُ نَتْلو روايَةَ الكونِ للمو *** تِ ولكنْ ماذا خِتامُ الرِّوايهْ
هكذا قلتُ للرِّياحِ فقالتْ *** سَلْ ضميرَ الوُجُودِ كيف البدايَهْ
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
ألا لا برحت سرور الوجود *** بمن أوجد الخلق بعد العدم
عليك نعيد الثناء الجميل *** وفيك البداية والمختتم
تلوح معاليه للناظرين *** ولا مثلَ نارٍ بأعلى علم
ـ فيقول الشاعر جميل صدقي الزهاوي:
اسير بليل من الشك داج *** على ضوء عقلي وهو ضئيل
أليس هنالك من ومضة *** أكل محاولة مستحيل
لم يبق بي
سائلا غير صحبي *** على ان خطبي بصحبي جليل
ـ فيضيف الشاعر
عمارة اليمني:
ثغر الهدى
متبلج بسام *** ووجوه أيام الزمان وسام
لما تعرض
حاسدوه لرده *** أمضاه كرها والأنوف رغام
وأتم ما فعل
الكفيل طلائع *** إن البداية حسنها الإتمام
ـ فيقول الشاعر أبو الهدى الصيادي:
لعمري إنما
الدنيا خيال *** وكل بداية فلها ختام
وكل قضية فلها
انقضاء *** وكل نهاية فلها تمام
فلا تقطع بسيف
الهجر ظهري *** على أن الفؤاد لك المقام
ومثلك سيدي
للعفو أهل *** ومثلي من يساعده الكرام
ـ فيضيف الشاعر حفني ناصف:
أحييت آمالي
وكنت أمتها *** مِن طول ما لاقيتُ من إخواني
أدلى بإخلاصي
لهم وأذود عن *** أعراضهم بجوارحي ولساني
محَضتْهم ودّى
فلما أيسروا *** كانت بداية أمرهم نسياني
ـ فيقول الشاعر
حافظ إبراهيم:
أَزِل شُكوكاً
بِالنُفو *** سِ تَعَلَّقَت مُنذُ البِدايَه
وَدَعِ الوُعودَ
فَإِنَّها *** فيما مَضى كانَت رِوايَه
ـ فيضيف الشاعر
عبد الغني النابلسي:
إنما الظاهر
الذي ليس يخفى *** نور حق وسل بذاك خبيرا
كاشف حيث لا
بداية عنها *** لاح فيها نور الغيوب منيرا
والبرايا قسمان
أهل نعيم *** في جنان ومن يرون السعيرا
ـ فيكمل الشاعر
أبو الهدى الصيادي:
شمس الحقيقة
تكشف الظلمات *** لم تحسب كبرق بالخديعة أومضا
هون عليك
فللبداية غاية *** إن أخلص الساري بها او أغرضا
وافطن فذي
الدنيا خيال ما بها *** أمد تطول حبالها إلا انقضى
ـ فيضيف الشاعر
أبو العتاهية:
المَرءُ
آفَتُهُ هَوى الدُنيا *** وَالمَرءُ يَطغى كُلَّما اِستَغنى
ما زالَتِ
الدُنيا مُنَغَّصَةً *** لَم يَخلُ صاحِبُها مِنَ البَلوى
دارُ
الفَجائِعِ وَالهُمومِ وَدا *** رُ البَثِّ وَالأَحزانِ وَالشَكوى
ـ فيقول الشاعر
عمارة اليمني:
فرض على الشعر
أن يبدا بما يجب *** من الهناء الذي وافى له رجب
وأن تنافسه
الأيام منزلة *** كل المواسم ترجوها وترتقب
ما الأجر
والفخر إلا في محبتهم *** فلا يتم عليك الزور والكذب
ـ فيكمل الشاعر
ابن المعتز:
كَذَبتَ يا مَن
لَحاني في مَحَبَّتِهِ *** ما صورَةُ البَدرِ إِلّا مِثلُ صورَتِهِ
ـ فيضيف الشاعر
عمارة اليمني:
أنت الذي بلغ
النهاية في العلى *** عفواً ولم يبلغ بداية جهده
وقفت مدائحنا
عليه لأنه *** ما عندها إلا الذي من عنده
ـ فيكمل الشاعر
جرمانوس فرحات:
يا مَورِدَ
الظامي الذي *** في غيرِكُم لا يَظمأُ
إِنّي بدأتُ
بِمَدحِكُم *** والحُكمُ في مَن يَبدأُ
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
جعل البدء للضعيف ابتداء *** وإلى القدرين ردا لختام
أي شأن كشأن من يختم *** القول إذا ما تبارت العلام
ـ فيختتم الشاعر معروف الرصافي ندوتنا (الافتراضية)؛ مقررا:
ما للحقيقة من بدايةْ *** كلاً وليس لها نهاية
هي عند أرباب العقو *** ل أجلّ من حَدَ وغاية
خَفَيت ولكن كم وكم *** ظهرت لها في الكون آية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/10/15/534907.html