الثلاثاء، 13 مايو 2014

2ـ مفهوم النهاية عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم: مجدي شلبي

 ثنائية البداية والنهاية من منظور شعري

2ـ مفهوم النهاية عند فحول الشعراء العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي، وهو الشاعر أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، الذي عُرف بـ(البحتري): لقصر قامته، وها هو يتجه (افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة؛ منشدا:

إن جَرَى طالباً نهاية فخر *** أحْرَزَ السّبقَ، فائتاً أصْحَابَهْ

لا تَخَف عَيلَتي وَتِلكَ القَوافي *** بَيتُ مالٍ ما إِن أَخافُ ذَهابَه

ـ فيضيف الشاعر حافظ ابراهيم:

الناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا *** عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ

وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً *** بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ

وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ *** تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ

ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:

يا مُنقِذي، ويدُ الزّمان تَنُوشُني *** ومقيل جدي وهو كاب عاثر

خفض عليك فللأمور نهاية *** وإلى النهاية كل شيء صائر

ـ فيكمل الشاعر الأحنف العكبري:

نهاية الشوق ما يأتي على المهج *** وغاية الصبر ما يدني من الفرج

وما على محرج فاضت مدامعهُ *** يوم الفراق على الخدّين من حرج

ـ فيضيف الشاعر البحتري:

ألم يك في وجدي وبرح تلددي *** نهاية نهي للعذول المفند

يَهونُ عَلى الحَسناءِ إِغرامُ مُغرَمٍ *** بِها لَم يُهَوِّن مِنهُ إِسعادُ مُسعِدِ

ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:

كأن منها منذرا هتفا *** بلغ المسير نهاية، فقِفا

لم أيها الداعي هواك دعا *** والدهر يأبي أن نظل معَا

ـ فتكمل الشاعرة نازك الملائكة:

هذه المقبرة المظلمه *** نهاية المسعى, فيا للشقاء

أبعد هذي الجنّة الملهمه *** نسقط، فوق الشوك، صرعى الفناء

ـ فيقول الشاعر ظافر الحداد:

نهايةُ ما سَما لعُلاكَ أرْضُ *** وأشرفُ ما زَكا لنَداك بَعْضُ

تَقاصرَ دونَ هِمَّتك ارتفاع *** وضاق ببعضها سعةٌ وعرض

ـ فيضيف الشاعر جميل صدقي الزهاوي:

فضاؤُك هل يصير إلى انتهاءٍ *** أم الأبعاد ليس لها انتهاءُ

وبعد نهاية الأجرام قولي *** خلاءٌ في الطبيعة أم ملاءُ

أُحبُّ ضياء أنجمك الزواهي *** فأحسنُ ما بأنجمك الضياءُ

نجومك في دوائر سابحاتٍ *** يحف بها المهابة والبهاءُ

ـ فيقول الشاعر الأمير الصنعاني:

لك البشارة هذا منتهى أربي *** من الزمان وهذا كل مَطَّلبي

وذا نهاية آمالي وجملة ما *** أرجوه من زمني في سالف الحقب

فليت شعري أصدق ما يقال لنا *** من اللقا واجتماع الشمل عن كثب

أفق أفق أيها القلب الذي عبثت *** به الصبابة بين اللهو واللعب

فسيئات الهوى بالوصل قد محيت *** والذنب يغفر بالآتي من القرب

ـ فيكمل الشاعر أبو الهدى الصيادي:

حبيبي إنني لك متلهفاً *** وشوقاً والفراق له حسام

وجرح البعد قرح لب قلبي *** فهل بالقرب يدركه التئام

لعمري إنما الدنيا خيال *** وكل بداية فلها ختام

وكل قضية فلها انقضاء *** وكل نهاية فلها تمام

ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:

نَصَبتِ لَنا دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا *** أَمانِيَّ يَفنى العُمرُ مِن قَبلِ أَن تَفنى

لِكُلِّ امرِئٍ فيما قَضى اللَهُ خُطَّةٌ *** مِنَ الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى

 وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَةٍ *** لَمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبرى

ـ فيقول الشاعر كعب بن زهير:

لَو كُنتُ أَعجَبُ مِن شَيءٍ لَأَعجَبَني *** سَعيُ الفَتى وَهُوَ مَخبوءٌ لَهُ القَدَرُ

والمرءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ *** لا تَنْتَهِي العَيْنُ حَتَّى يَنْتَهِي الأثَرُ

ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:

ولقد أقول هوى كما بدأ انتهى *** فإذا الهوى وافى النهاية عادا

وأراك كل الزهر كل الروض أنت *** لديَّ كلُّ خميلةٍ تتهادى

ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:

هذي النهاية عقبي النهى *** وذاك الثراء لهذا الثرى

نظيرك مبتكرا مبدعا *** شهابا سنيا ندى ممطرا

ـ فيكمل الشاعر الشريف المرتضى:

بلغَ النَّهاية َ في الورى *** وكأنّه ما إنْ تناهى

وإذا تولَّى خُطَّة ً*** عن قومِه فَرْداً كفاها

وعموا عن العلياءِ شا *** هقة َ المحلِّ وقد رآها

كانوا نجومَ الأرضِ سا *** مقة ًوهمْ موتى ثراها

دَرَجوا فما للعينِ بَعْـ *** ـدَ فراقِهم إلا بُكاها

ـ فيضيف الشاعر الواواء الدمشقي:

لكلَّ شيءٍ نهاياتٌ تبيدُ وَما *** للوعة ِ الحبَّ في قلبي نهاياتُ

إنَّ المُحِبِّينَ إنْ أَخْفَوْا مُحَاذَرَة ً*** هواهمُ فلهمْ فيهِ علاماتُ

لا آخذَ اللهُ منْ قلبي بهِ كلفٌ *** صبٌّ قدِ استحكمتْ فيهِ الصباباتُ

ـ فيقول الشاعر أبو إسحاق الألبيري:

الشيب نبه ذا النهى فتنبها *** ونهى الجهول فما استفاق ولا انتهى

يا ويحه ما با له لا ينتهي *** عن غيه والعمر منه قد انتهى

فإلى متى ألهو وأفرح بالمنى *** والشيخ أقبح ما يكون إذا لها

ـ فيقول الشاعر عماد الدين الأصبهاني:

أنهي إليكم أن صبري منتئ *** بل منته والشوق ليس بمنته

أما عقود مدامعي فلقد وهت *** وأبت عقود الود مني أن تهي

فالروض من حلل الربيع أنيقة *** والروض من حلي الشقائق مزده

أجدى وأسمح من يديه فجودها *** عند الغيوث إذا انتهت لا ينتهي

ـ فيقول الشاعر السري الرفاء:

ليسَ التجلُّدُ شِيمَة َ العُشَّاقِ *** إلا إذا شِيبَ الهَوى بنِفاقِ

سَفَرٌ رَجَوْتُ به النِّهاية َ في الغِنَى *** فبلغتُ منه نِهاية َ الإِملاقِ

مثلَ الهِلالِ أَغَذَّ شَهْراً كامِلاً *** فرَماه آخرُ شَهْرِه بمَحاقِ

ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:

تركت الهوى بعد المشيب لأهله *** وراجعني حلم لسَلمى يصارم

رفعت منار المجد فيها وحلَّقت *** خوافٍ إلى جوِّ العُلى وقوادم

إليك انتهى الفعل الجميل بأسره *** وما تنتهي إلاّ إليك المكارم

مكارم ترتاح النفوس لذكرها *** وفيها الغنى يرجى ومنها الغنائم

ـ فيكمل الشاعر محمد فضولي:

سما قدر السماحه والجمال *** ببدر لاح من فلك الكمال

على افق العلى بدرٌ تمام *** اتم بيان قدرة ذي الجلال

تكمّل حسنه باتم وجهٍ *** بحمرة خده وسواد خال

تجاوز عن مناسية التساوي *** بقدفي نهاية الاعتدال

تبارك خالق اعطاه حسنا *** تنزه عن مشابهة المثال

ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:

يا غلاماً نهاية الحُسن فيه *** ما رأت مثله العيون غلاما

قد رأيناك يوم جدٍّ وهزلٍ *** قد نهرت الأفكار والأفهاما

فاقتطفنا من الرياض وروداً *** وسمعنا من الدراري كلاما

وانتشقنا نسيم رقّةِ لفظ *** كنسيم الصَّبا ونشر الخزامى

أَنْتَ أعلى من أن يقال كريمٌ *** إن عَدَدْنا من الأنام الكراما

ـ ويختتم الشاعر البرعي الملتقى (الافتراضي) الأول لفحول الشعراء العرب؛ حامدا الله وشاكرا له سبحانه وتعالي:

لَك الحمد موصولا بغير نهاية *** وَأَنتَ الهى ما أَحق وَما أحرى

لَك الحمد حمد أَنتَ وَفقتنا له *** وَعلمتنا من حمدك النظم وَالنثرا

لَك الحمد تَعظيما لوجهك قائما *** يخصك في السراء منى وَفي الضرا

لَك الحَمد حمد اطيب أَنتَ أَهله *** عَلى كل حال يشمل السر والجهرا

لَكَ الحَمد كم قلدتنا من صَنيعة *** وَأَبدلتنا بالعسر يا سيدي يسرا

لَك الحمد كم من عثرة قد أقلتنا *** ومن زلة أَلبستنا معها سترا

لَك الحمد كم خصصتني ورفعتني *** عَلى نظرائي من بَني زَمَني قدرا

الهى تغمدني برحمتك الَّتي *** وَسعت وَأَوسعت البرايا بها برا

وقوّ بروح منك ضعفي وَهمتي *** عَلى الفقر واغفر زلتي واقبل العذرا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر