(أكلاشيهات) النقد الأدبي المعاصر!
نقد النقد برؤية جديدة
بقلم/ مجدي
شلبي (*)
إذا كان (النقد
الأدبي) معناه: الكشف عن مواطن الجمال أو القبح، من خلال الأساليب المتَّبعة لفحص
الأعمال الأدبية، طبقا لرؤية الناقد وفكره؛ فماذا يعنى (نقد النقد)؟:
قبل الولوج
لمفهوم (نقد النقد) من خلال البعد الإبستيمولوجي بما يعنيه المصطلح الفلسفي هنا،
من بحث في نِطاقِ النقد، ومدى ارتباطه بِمختلف المفاهيم المعرفية كالحقيقة
والاعتقاد والتبرير، باتباع رؤية نقدية للنقد ذاته؛ وجب توضيح معنى (نقد النقد)
بذكر بعض مرادفاته: (قول على قول)، (توضيح وتعقيب) (قراءة القراءة)...
ومن ثم إذا كان
(النقد) يعتمد آلية تفكيك النص؛ فـ(نقد النقد) يعتمد آلية تفكيك (النقد)، من خلال
البحث في أدواته، والقراءة فيه، والتعقيب عليه،
وهو ما يحد من السلطة الوحيدة المسيطرة للنقد، ويجعل هناك سلطة أخرى تفنده
وتعمل على التحليل له، والتنظير فيه، ومراجعة مصطلحاته، وبنيته التفسيرية، وأدواته
الإجرائية...
وهكذا أصبح
النقد نفسه موضوعا للتفكير وتنمية الوعي، وإثراء الحياة الأدبية بفن جديد (نقد
النقد)، الذي يعمل على تطوير البعد النقدي، ومحاولة إبعاده عما يشوبه ـ في أحيان
كثيرة ـ من تعاطف، وتملق، وتقرب؛ إرضاء لبعض الكتاب الذين يعتقدون أن كشف النقاب
عن مواضع الخلل في نصوصهم وانتقادها؛ هو انتقاد لأشخاصهم، وأن التمجيد والتفخيم
للنص؛ هو تمجيد و تفخيم لكاتبه أو كاتبته!...
يظهر هذا كله وكثير غيره ـ بشكل فج ـ من خلال تقريظ ومديح بعض (النقاد)، لكتاباتٍ الثناء عليها كذب، والتمجيد لها نفاق، إرضاء لهؤلاء، أو إغضابا لغيرهم؛ بالتشويه غير المبرر لأعمالهم، التي تستحق الإشادة، ويدخل هذا من باب المكايدة، وتصفية الحسابات الشخصية، ومن ثم يأتي هذا (النقد) أو ذاك على حساب الكتابة ذاتها!، نائيا عن الحياد والموضوعية، التي عبر عنها الشاعر (جبران خليل جبران) بقوله:
يظهر هذا كله وكثير غيره ـ بشكل فج ـ من خلال تقريظ ومديح بعض (النقاد)، لكتاباتٍ الثناء عليها كذب، والتمجيد لها نفاق، إرضاء لهؤلاء، أو إغضابا لغيرهم؛ بالتشويه غير المبرر لأعمالهم، التي تستحق الإشادة، ويدخل هذا من باب المكايدة، وتصفية الحسابات الشخصية، ومن ثم يأتي هذا (النقد) أو ذاك على حساب الكتابة ذاتها!، نائيا عن الحياد والموضوعية، التي عبر عنها الشاعر (جبران خليل جبران) بقوله:
وإن ير زينا
فهو جذلان حامد *** ولا يتعدى الحد في نقد زائف.
يضاف إلى ما
سبق ـ وأكثر مدعاة للدهشة ـ أن بعض هؤلاء (النقاد) يعمدون إلى استخدام عبارات
(أكلاشيهية) معلبة وجاهزة، يرصعون بها رؤاهم (النقدية) لأي عمل أدبي، حتى لو لم
يقرأوه! (وباعتراف أحدهم الذي اعتبر ما فعله "اجتهاد وذكاء، وحصافة، وتمكنا،
واقتدار"!)... وهو ما يدعونا حاليا لإحياء فن (نقد النقد)...
رغم أن التراث
الأدبي حفل بهذا الفن منذ بداية القرن التاسع عشر؛ إلا أن اللافت للنظر؛ أنه لم
يحظ في عصرنا الحالي بذات الاهتمام، رغم حاجتنا الملحة إليه أكثر من أي وقت مضى؛
وهو ما دعاني الى أن أسطر هذا المقال، الذي أهدف منه إلى تفعيل دور (نقد النقد)؛
لكشف النقاب عن الأدعياء الذين جعلوا من (النقد) حصانة، يتعالون بها، ويتحصنون
فيها، يدعمهم المستريحون لإشاداتهم الهلامية، المنبهرون بمصطلحاتهم النقدية، التي
تجيء ـ طبقا لما ورد عاليه ـ في غير موضعها الصحيح!...
ودون تشنيع
وتوضيح، ولا تبكيت ولا تجريح؛ كنت أود استعراض بعض الأمثلة من تلك المصطلحات
النقدية، والعبارات (الأكلاشيهية/ الجاهزة/ المعلبة)؛ غير أني أحجمت عن هذا خشية
قيام البعض باستخدامها؛ فتنتشر الظاهرة بعد قلة؛ ويزادا بها الطين بلة، من حيث
أردت تحجيمها، وتنظيف الساحة الأدبية منها.
أخيرا وليس
آخرا؛ أقول: إن فن (نقد النقد) يعد الأساس للارتقاء الأدبي، وممارسته تحتاج إلى
شجاعة كبيرة، ووعي كامل، ومعرفة موسوعية، وكفاءة وحياد وموضوعية؛ بعيدا عن القناعات
الأيديولوجية/ المذهبية... متمنيا أن أكون بمقالي هذا قد ألقيت حجرا في المياه
الراكدة لنقد النقد؛ علها تحركه، وتبعث فيه الحياة مرة أخرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) مجدي شلبي:
عضو اتحاد كتاب مصر
ـ نُشر مقالي هذا في صحيفة (أخبار اليوم السودانية) السبت 1 فبراير 2020
ـ نُشر في موقع (دنيا الرأي) على الرابط التالي:
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/02/01/512557.html
ـ نُشر مقالي هذا في صحيفة (أخبار اليوم السودانية) السبت 1 فبراير 2020
ـ نُشر في موقع (دنيا الرأي) على الرابط التالي:
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/02/01/512557.html