محاضرة بعنوان:
(العلم في مواجهة أوهام الإدمان)
صباح الثلاثاء 2
أبريل 2019 في قصر ثقافة منية النصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد/ مجدي شلبي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دعونا نبحث معا في معنى كل مفردة من مفردات
العنوان:
(العلم) ـ (مواجهة) ـ (أوهام) ـ (الإدمان):
1ـ العلم: الإدراك، المعرفة، التعليم، الثقافة،
الخبرة، الدراسة، الدراية، الفهم...
يقول (إبراهيم ناجي):
إنا جنود
النور من *** علم و من أدب و فنْ.
يقول (عبدالرحمن
العشماوي):
ورثنا من كتاب
الله علماً *** كل علم بعده تحصيل حاصل.
2 ـ مواجهة: تصدٍ، مجابهة،
معارضة، مقاومة...
يقول (ممدوح
عدوان) بتصرف:
و العرَقَ
المتصبِّب عند مواجهة الخطرِ *** الآن أنت وحيد (فإلى أين المفر)
3 ـ أوهام: شكوك، ظنون، اختلاق...
تقول (غادة السمان): مطلقة السراح
من وهم اسطورتك *** كأية فراشة جشعة.
يقول (عبدالله
الفيصل):
منهم على وهم
ولمع سرابٍ *** و سمعت قلبي في الضلوع معاتبي.
4 ـ الإدمان: لها معان سلبية (الإدامة، الاستمرار في
العادات السيئة لدرجة عدم إمكانية الشخص من الإقلاع عنها) و معان إيجابية:
(المواظبة على العمل أو المواظبة على فعل الخير)
يقول (بديع الزمان
الهمذاني):
كوى فؤادي
وشوى قلبي و مر *** علم أجفاني إدمان السهر.
و ما من شك أن
المقصود هنا من كلمة (إدمان) تحديدا هو الإدمان بمعناه السلبي و أنواعه عديدة:
ـ أنواع
الإدمان:
إدمان
العقاقير الطبية ـ إدمان المخدرات ـ إدمان الخمور ـ إدمان التدخين (و هو ما يعني:
الإفراط في التناول و عدم القدرة عن الامتناع)...
فضلا عن
(إدمان المعاصي) يقول بيت الحكمة:
رُكُوبُ
الذُّنُوبِ يُمِيتُ الْقُلُوبَ *** وَقَدْ يُوَرِّثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا.
(الإدمان) و
ارتباطه بالمعاني المقززة، و السلوك المشين:
أولا: ارتباط
لفظ (إدمان) ـ في معاجم اللغة ـ بمعانٍ قذرة و مقززة:
ـ فقد ورد في
معجم (لسان العرب): دِمْنةُ الدار: أَثَرُها، و دَمَّنتِ الماشيةُ المكانَ: بَعَرت
فيه و بالت.
و لتوضيح معنى
كلمة (بعرت) ورد في المعجم الوسيط: أَبْعَرَ الأمعاءَ: استَخْرج ما فيها.
و من ثم يتضح
ما للإدمان من آثار قميئة و معانٍ قذرة تعدل ما تخلفه البهائم من روث.
ثانيا: ارتباط
(الإدمان) بالسلوك المشين:
ـ غني عن
الوصف و البيان ما للإدمان من آثار سلبية في سلوك المدمن، ففضلا عن الآثار المدمرة
للمدمن ذاته؛ تمتد لتشمل المجتمع كله:
ـ السائق
المدمن: يؤدي إلى كوارث تودي بحياة البشر.
ـ العامل
المدمن: تزداد فترات غيابه، و تتدهور صحته؛ فتقل إنتاجيته و ربما تنعدم.
ـ الطالب
المدمن: يهمل دروسه، و يفشل في دراسته.
ـ الموظف
المدمن: يتراخى عن تأدية مهام وظيفته؛ فتتأخر مصالح البلاد و العباد، و يسود الفساد
و الإفساد؛ نتيجة حاجته لأموال ينفقها على إدمانه.
(الإدمان)
استعباد:
من الناحية
العلمية يُعد (الادمان) حالة تستعبد الشخص و تجعله عبدا ذليلا خاضعا لها معتمدا
عليها، و تلك الحالة النفسية؛ هي بذرة المرض النفسي و الجسدي أيضا، كما أنه يؤثر سلبا
على دراسته أو عمله. فضلا عن أن إدمان المخدرات يؤدي إلى جرائم عديدة كالسرقة و
القتل تحت تأثير المخدرات.
علامات الشخص
المدمن:
ـ تغير مفاجئ
في نمط الحياة كالغياب المتكرر و الانقطاع عن العمل أو الدراسة.
ـ تدني
المستوى الدراسي أو تدني أدائه في العمل.
ـ الخروج من
البيت لفترات طويلة والتأخر خارج البيت ليلًا.
ـ التعامل
بسرية فيما يتعلق بخصوصياته.
ـ تقلب المزاج
وعدم الاهتمام بالمظهر.
ـ الغضب لأتفه
الأسباب.
ـ التهرب من
تحمل المسؤولية و اللامبالاة.
ـ الإسراف و زيادة
الطلب على النقود.
ـ فقدان الوزن
الملحوظ نتيجة فقدان الشهية.
أوهام
الإدمان:
يعتقد المدمن
أنه يحقق بإدمانه حالة من السعادة (الوهمية)، و القوة (المزعومة) و أحلاما
(مستحيلة)؛ و ينطبق عليهم وصف (فاروق جويدة):
و أحلاما بلون
الموت *** تركض خلف وهم مستحيل.
العلاج من
الإدمان:
يعتمد العلاج
على وسائل وطرق علمية يقوم بها الأخصائيون ـ دون غيرهم ـ و تتمثل في إجراءات
مادية، متعلقة بالجسد الذي سممته السموم؛ بالتدرج في تناول الجرعات، و منها ما هو
نفسي بوسيلتين هما:
1ـ (إقناع
المدمن) بما أوصله له الإدمان من خسائر: (مادية و صحية) و أن
حياته ـ إذا استمر على هذا النهج ـ فسيؤدي به حتما إما إلى الموت او السجن.
2ـ (تقوية
الثقة بالنفس): العمل على تقوية ثقته بنفسة و عمل دائرة
ثقة جديدة من أشخاص إيجابيين يساعدونه في طريقة الجديد و في مواجهة أفكاره
السلبية.
مكافحة ظاهرة الإدمان
مجتمعيا:
تسعى الدولة
بشتى الطرق و الوسائل إلى القضاء على ظاهرة الإدمان، سعيا وراء تنظيف المجتمع من
آثاره و عواقبه...
من خلال جهود
عديدة منها:
ـ حملات
مرورية لمحاولة اكتشاف المتعاطين من السائقين و سحب رخص القيادة منهم، و توقيع
العقوبة عليهم.
ـ حملات أمنية
على أوكار المتاجرين و المتعاطين، و تقديمهم للعدالة.
ـ تطبيق نص
المادة (177) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية والخاصة بإنهاء خدمة
الموظف لإدمانه المخدرات. و ذلك بعد التأكد من خلال إجراء التحاليل الطبية الخاصة
بكشف متعاطي و مدمني المخدرات من موظفي الجهاز الإداري للدولة.
ـ هذا و لم
تكتف الدولة بعقاب المدمنين؛ بل فتحت باب التوبة أمام التائبين منهم؛ فأنشأت مراكز
متخصصة لعلاج من يود التخلص من إدمانه، بعد أن ذاق وبال ما جنت يداه، و أضله فكره،
حتى أضحى عبرة لمن يعتبر.