الاثنين، 4 أغسطس 2014

محاضرة بعنوان: (العلم في مواجهة أوهام الإدمان)

محاضرة بعنوان: (العلم في مواجهة أوهام الإدمان)
صباح الثلاثاء 2 أبريل 2019 في قصر ثقافة منية النصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد/ مجدي شلبي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دعونا نبحث معا في معنى كل مفردة من مفردات العنوان:
(العلم) ـ (مواجهة) ـ (أوهام) ـ (الإدمان):
1ـ العلم: الإدراك، المعرفة، التعليم، الثقافة، الخبرة، الدراسة، الدراية، الفهم...
يقول (إبراهيم ناجي):
إنا جنود النور من *** علم و من أدب و فنْ.
يقول (عبدالرحمن العشماوي):
ورثنا من كتاب الله علماً *** كل علم بعده تحصيل حاصل.
2 ـ مواجهة: تصدٍ، مجابهة، معارضة، مقاومة...
يقول (ممدوح عدوان) بتصرف:
و العرَقَ المتصبِّب عند مواجهة الخطرِ *** الآن أنت وحيد (فإلى أين المفر)
3 ـ أوهام: شكوك، ظنون، اختلاق...
تقول (غادة السمان): مطلقة السراح من وهم اسطورتك *** كأية فراشة جشعة.
يقول (عبدالله الفيصل):
منهم على وهم ولمع سرابٍ *** و سمعت قلبي في الضلوع معاتبي.
4 ـ الإدمان: لها معان سلبية (الإدامة، الاستمرار في العادات السيئة لدرجة عدم إمكانية الشخص من الإقلاع عنها) و معان إيجابية: (المواظبة على العمل أو المواظبة على فعل الخير)
يقول (بديع الزمان الهمذاني):
كوى فؤادي وشوى قلبي و مر *** علم أجفاني إدمان السهر.
و ما من شك أن المقصود هنا من كلمة (إدمان) تحديدا هو الإدمان بمعناه السلبي و أنواعه عديدة:
ـ أنواع الإدمان:
إدمان العقاقير الطبية ـ إدمان المخدرات ـ إدمان الخمور ـ إدمان التدخين (و هو ما يعني: الإفراط في التناول و عدم القدرة عن الامتناع)...
فضلا عن (إدمان المعاصي) يقول بيت الحكمة:
رُكُوبُ الذُّنُوبِ يُمِيتُ الْقُلُوبَ *** وَقَدْ يُوَرِّثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا.
(الإدمان) و ارتباطه بالمعاني المقززة، و السلوك المشين:
أولا: ارتباط لفظ (إدمان) ـ في معاجم اللغة ـ بمعانٍ قذرة و مقززة:
ـ فقد ورد في معجم (لسان العرب): دِمْنةُ الدار: أَثَرُها، و دَمَّنتِ الماشيةُ المكانَ: بَعَرت فيه و بالت.
و لتوضيح معنى كلمة (بعرت) ورد في المعجم الوسيط: أَبْعَرَ الأمعاءَ: استَخْرج ما فيها.
و من ثم يتضح ما للإدمان من آثار قميئة و معانٍ قذرة تعدل ما تخلفه البهائم من روث.
ثانيا: ارتباط (الإدمان) بالسلوك المشين:
ـ غني عن الوصف و البيان ما للإدمان من آثار سلبية في سلوك المدمن، ففضلا عن الآثار المدمرة للمدمن ذاته؛ تمتد لتشمل المجتمع كله:
ـ السائق المدمن: يؤدي إلى كوارث تودي بحياة البشر.
ـ العامل المدمن: تزداد فترات غيابه، و تتدهور صحته؛ فتقل إنتاجيته و ربما تنعدم.
ـ الطالب المدمن: يهمل دروسه، و يفشل في دراسته.
ـ الموظف المدمن: يتراخى عن تأدية مهام وظيفته؛ فتتأخر مصالح البلاد و العباد، و يسود الفساد و الإفساد؛ نتيجة حاجته لأموال ينفقها على إدمانه.
(الإدمان) استعباد:
من الناحية العلمية يُعد (الادمان) حالة تستعبد الشخص و تجعله عبدا ذليلا خاضعا لها معتمدا عليها، و تلك الحالة النفسية؛ هي بذرة المرض النفسي و الجسدي أيضا، كما أنه يؤثر سلبا على دراسته أو عمله. فضلا عن أن إدمان المخدرات يؤدي إلى جرائم عديدة كالسرقة و القتل تحت تأثير المخدرات.
علامات الشخص المدمن:
ـ تغير مفاجئ في نمط الحياة كالغياب المتكرر و الانقطاع عن العمل أو الدراسة.
ـ تدني المستوى الدراسي أو تدني أدائه في العمل.
ـ الخروج من البيت لفترات طويلة والتأخر خارج البيت ليلًا.
ـ التعامل بسرية فيما يتعلق بخصوصياته.
ـ تقلب المزاج وعدم الاهتمام بالمظهر.
ـ الغضب لأتفه الأسباب.
ـ التهرب من تحمل المسؤولية و اللامبالاة.
ـ الإسراف و زيادة الطلب على النقود.
ـ فقدان الوزن الملحوظ نتيجة فقدان الشهية.
أوهام الإدمان:
يعتقد المدمن أنه يحقق بإدمانه حالة من السعادة (الوهمية)، و القوة (المزعومة) و أحلاما (مستحيلة)؛ و ينطبق عليهم وصف (فاروق جويدة):
و أحلاما بلون الموت *** تركض خلف وهم مستحيل.
العلاج من الإدمان:
يعتمد العلاج على وسائل وطرق علمية يقوم بها الأخصائيون ـ دون غيرهم ـ و تتمثل في إجراءات مادية، متعلقة بالجسد الذي سممته السموم؛ بالتدرج في تناول الجرعات، و منها ما هو نفسي بوسيلتين هما:
1ـ (إقناع المدمن) بما أوصله له الإدمان من خسائر: (مادية و صحية) و أن حياته ـ إذا استمر على هذا النهج ـ فسيؤدي به حتما إما إلى الموت او السجن.
2ـ (تقوية الثقة بالنفس): العمل على تقوية ثقته بنفسة و عمل دائرة ثقة جديدة من أشخاص إيجابيين يساعدونه في طريقة الجديد و في مواجهة أفكاره السلبية.
مكافحة ظاهرة الإدمان مجتمعيا:
تسعى الدولة بشتى الطرق و الوسائل إلى القضاء على ظاهرة الإدمان، سعيا وراء تنظيف المجتمع من آثاره و عواقبه...
من خلال جهود عديدة منها:
ـ حملات مرورية لمحاولة اكتشاف المتعاطين من السائقين و سحب رخص القيادة منهم، و توقيع العقوبة عليهم.
ـ حملات أمنية على أوكار المتاجرين و المتعاطين، و تقديمهم للعدالة.
ـ تطبيق نص المادة (177) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية والخاصة بإنهاء خدمة الموظف لإدمانه المخدرات. و ذلك بعد التأكد من خلال إجراء التحاليل الطبية الخاصة بكشف متعاطي و مدمني المخدرات من موظفي الجهاز الإداري للدولة.
ـ هذا و لم تكتف الدولة بعقاب المدمنين؛ بل فتحت باب التوبة أمام التائبين منهم؛ فأنشأت مراكز متخصصة لعلاج من يود التخلص من إدمانه، بعد أن ذاق وبال ما جنت يداه، و أضله فكره، حتى أضحى عبرة لمن يعتبر.