المحافظة على
النيل من التلوث
الخطوط العريضة لمحاضرة بقلم/ مجدي شلبي
مقدمة: في البداية أود الإشارة إلى معانى الكلمات
الواردة في العنوان (كلمة، كلمة):
(أولا): كلمة (المحافظة):
1ـ إما أنها تعني واحدة من عدة محافظات وفقا
للتقسيم الإداري للدولة، و تطلق وظيفة (محافظ) على من يتولى إدارة كل (محافظة).
2ـ أو أنها تعني طبقا لمعناها اللغوي:
ـ (محافظة): تعني الاهتمام
الكبير بالتقاليد، و السعي الحثيث إلى الحفاظ على كل المظاهر الحسنة من الماضي؛ فيقولون على الشخص الملتزم بهذه الفلسفة
(إنسان محافظ) أو بالتعبير العامي الشائع (دقه قديمة)؛ يقول (ذو الإصبع
العدواني):
إِني أَبِيٌّ أَبِيٌّ ذُو مُحافَظةٍ *** و ابنُ أَبِيٍّ أَبِيٍّ مِنْ
أَبِيِّينِ.
ـ أو (محافظة): تعني الحرص و الرعاية و
الصيانة، سواء كان الأمر متعلقا بأشياء معنوية (المحافظة على العهود) أو مادية كـ(المحافظة
على مياه النيل من التلوث)
و هنا لابد أن نتوقف عند عنوان المحاضرة،
الذي لم ترد فيه كلمة (مياه)؛ فجاء العنوان (المحافظة على النيل من التلوث) فاستخدم
كاتب هذا العنوان أسلوبا بلاغيا يقول (ابن قتيبة): "قال
العرب تستعير الكلمة فتضعها مكان الكلمة إذا كان المسمى به له علاقة حتمية بالآخر،
أو مجاورًا أو مشاكلًا له". و من ثم جاءت كلمة (النيل) معبرة ضمنا عن
المياه التي تجري في مجراه.
(ثانيا): كلمة (النيل):
ـ لكلمة (نيل) في اللغة معنى: ما يُنال أو
يُدرك؛ يقول (الشاعر أحمد شوقي):
و ما نيل الـمطالب بالتمني *** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.
ـ المقصود بالنيل هنا: (نهر النيل) الذي ترجع
تسميه بهذا الاسم لمصطلح يوناني (نيلوس) و يشار به إلى حضارة وادي النيل.
ـ و (نهر
النيل): يعد أطول أنهار العالم؛ إجمالي طول نهر النيل 6650 كم، ويمر مساره بإحدى
عشرة دولة إفريقية يطلق عليها (دول حوض النيل: أريتريا/ الكونغو/ بوروندي/
رواندا/ تانزانيا/ كينيا/ أوغندا/ إثيوبيا/ جنوب السودان/ السودان/ مصر).
ـ النيل من
المنبع له رافدين رئيسيَّين (النيل الأبيض) الآتي من هضبة البحيرات (بحيرة فكتوريا: مساحة البحيرة مقسمة بين كينيا، و أوغندا وتانزانيا)، و
(النيل الأزرق) الآتي من إثيوبيا (بحيرة تانا)، يجتمعان في عاصمة السودان (الخرطوم)
في نهر النيل.
(ثالثا): كلمة التلوث:
ـ كلمة تلوث في اللغة لها معانٍ رمزية كأن
نقول عمن فسد عقله: (أصابته لوثة).
و لها دلالات مادية مثال: (الاتساخ، التلطخ،
التشوه)؛ كأن نقول (لوَّث الماءَ): كدَّره، أوسخه، أفسده و غيّره...؛ يقول (بدر شاكر
السياب):
إذا ما تلوث على الشاطئين *** من النهر أمواجه اللاطمه.
أنواع التلوث
المائي:
ينقسم التلوث
المائي إلى نوعين رئيسيين:
(الأول):
التلوث الطبيعي، الناتج عن تغير درجة حرارة الماء، أو زيادة ملوحته، أو ازدياد
المواد العالقة.
(الثاني): التلوث
الكيميائي، و تتعدد أشكاله من التسرب النفطي، و التلوث بالمخلفات الزراعية كمبيدات
الحشرات و المخصبات الزراعية، و التلوث الناتج عن مخلفات المصانع، و الصرف الصحي،
طبقا لما ورد في موسوعة ويكيبديا: (تحتوي مياه الصرف الصحي على بكتيريا كثيرة جداً
تسبب أمراضاً عديدة، فمثلاً في الجرام الواحد من مخرجات الجسم (عرق أو بول أو
براز) يحتوي على 10 مليون فيروس، بالإضافة إلى مليون من البكتيريا). فضلا عن إلقاء
المخلفات من قبل المواطنين، و إلقاء الحيوانات النافقة.
الآثار المترتبة على تلوث النيل:
1ـ جعل المياه
غير صالحة للاستخدام الآدمي و الحيواني، مما يؤدي للعديد من الأمراض كالتيفود، و الفشل
الكلوي و الكبدي و غيرها...
2ـ التأثير
السلبي على الثروة السمكية
3ـ فضلا عن
اكتمال دورة انتقال الأمراض بتناول الإنسان لأسماك ملوثة، أو مزروعات تم ريها
بمياه ملوثة.
كيفية
المحافظة على النيل من التلوث: مما سبق يتضح
ضرورة الاهتمام بمياه نهر النيل، و الحفاظ عليه من التلوث؛ بالالتزام بالآتي:
1ـ عدم القيام
بإلقاء المخلفات أو بقايا الأطعمة أو المعلبات في مياه النيل.
2ـ عدم تلويث
مياه النيل بالصرف الصحي الخاص بالمنازل أو المحال أو الزوايا و المصالي المقامة
على شاطئ النيل.
3ـ عدم تصريف
مخلفات المصانع و نفاياتها في مياه النيل.
4ـ عدم إلقاء
السفن و المراكب نفاياتها السامة و مخلفاتها في مياه النيل.
5ـ ضرورة
اهتمام (وزارة الموارد المائية و الري) و (وزارة البيئة) و (وزارة الزراعة) و
(وزارة الصحة)؛ بتنفيذ (القانون رقم 48 سنة 1982 في شأن حماية نهر النيل والمجارى
المائية من التلوث) بكل حزم، بالاتفاق مع المحليات في كل محافظة و مركز و قرية...
5ـ مع مراعاة ما
تم من تعديل مواد بلائحة قانون حماية النيل و المجاري من التلوث المتضمنة تعديلات
المادة رقم 51 من اللائحة، والمادة رقم 52 بإضافة " في حالة إلقاء مياه الصرف
الصحي المالج والمخلفات الصناعية السائلة المعالجة على مسطحات المياه غير العذبة
والتي تؤول إلى مسطحات المياه العذبة..." و ما ورد بشأنها من إجراءات.
خاتمة:
و حيث أننا في
شهر أغسطس حيث يتم الاحتفال بـ(عيد وفاء النيل) في الأسبوعين الاولين من شهر أغسطس
و خاصة يوم 15 أغسطس من كل عام؛ يطيب لنا أن نعطي نبذة مختصرة عن (وفاء النيل: بما
يعني أن النيل أوفى بالمياه الكافية وقت فيضانه) حيث احتفل به المصريون منذ القدم،
فالنيل مصدر الحياه و الخير لمصر على مر العصور. و من ثم قيل (مصر هبة النيل).
ـ عروس النيل
بين الحقيقة و الرمز:
رمز المصريين
القدامى للنيل باله سموه الاله حابى، وبما أن الاله حابى كان مزاجه متقلب، مرة
يرضى فيكون فيضانه بمنسوب مناسب، و مرة يغضب فيرسل فيضانا عاليا يهدد بإغراق الأراضي،
أو فيضان منخفض فيهدد الناس بالمجاعة؛ لذلك كان لابد من إرضائه بالذبائح و الهدايا
و الاعياد للاحتفال بوفائه.
و بالنسبة
لأسطورة (عروس النيل) (طبقا لما ورد في موسوعة ويكيبيديا): "لا أحد يعرف إذا
كانت موجودة فعلاً أو لا؛ فالأسطورة تقول أن كل سنه المصريين كانوا يرمون عروسا
حية في النيل؛ ليرضوه، لكن المؤكد أن تلك الاسطورة: هي مجرد حكاية نسبت لمصر خطأ لأن
الثابت تاريخياً أن ديانة المصريين ما كانت تسمح بتقديم قرابين بشريه. ومن الأسطورة
جاءت حكاية العروس الخشبية والحكايات الخيالية غير المؤكدة تاريخياً".
و قد تغنى
المصريون حديثا بالنيل: "الشمس طالعة تزور النيل" و
"على شط النيل تحلى المواويل" (شادية)/ "النيل" (محمد منير)/
"النيل نجاشي" و "النهر الخالد" (محمد عبدالوهاب)/ "النيل"
و "ياشباب النيل" (أم كلثوم)...