قراءة في رباعيات مجدي شلبي
أو التعبير المغذي في المعنى المجدي
بقلم الكاتب المغربي/ محمد لفطيسي (*):
يقف الأديب مجدي شلبي بين مبدعين مبتكرين لأشكال إبداعية متعددة،
منها القصة الومضة و المقال المقامي...و الرباعيات الزجلية التي تلخص يدقة خلل
السلوك و المعاملة في مجتمع أضحى عاريا من كل القيم التي تجمع شخصيته و تصونها.
و تأتي الرباعيات هذه بتجديد في صياغة الحكم التي يحتاجها الإنسان
المصري خاصة و العربي عامة؛ و ذلك لتوجيه عقله بما يحتاج من عبر و جوامع كلم تقوده
إلى أخذ مبادرة الكلام، و رفع صوته إدانة لهذا التصرف، أو تثمينا لآخر، فيجد بين
يديه المادة الخام التي تغنيه عن كل صياغة مضنية أو بحث عبثي.
فهو يحاكم الزمن و مافات منه، كما يندد بالبشر المسرطن للحياة، كما
أنه يرفع صوته عاليا من الصمت المطبق على التواصل؛ و الذي جعل الإنسان غريبا وسط
الجماعة الكاذبة، و أجمل ما يثيرك القافية التي تجمع الصوت المطابق للمعنى (
الديدان و البق.. إنك تقول الحق) و هذا في سياق قول الحق و عدم الخوف من اللائمة؛
فالإدانة مستمرة لشظف العيش الذي يجعل البشر يموت كل يوم، و الورد الذي يوضع على
الموتى نسي الأحياء، فماذا تنفع النياشين ذلك الجنرال أو الأعلى منه رتبة، و المتهم
فينا أفواه من نار. لأن الزمن اختل، فالجد يرفض حفيده في سيارة أجرة الحياة؛ و الحق
يفرض تفتيح العينين، كما أن الحلم يحتاج لولادة ثانية، و كأن العصفور الذي رفع
الصوت فوق شجرة التوت أبلغ من الإنسان صاحب الحق؛ في زمن التخلي عن المريض و لو
بشربة ماء، أو تحول السمكة الصيادة الى صيد على طبق.
رباعيات مجدي شلبي صراخ في وجه زمن الرداءة؛ فالدنيا تجمع الحابل
بالنابل، و القبر درس الحكمة للوصوليين، في دنيا بدون طعم كالفزورة، حيث لا يجد
المواطن الصادق وطنه عندما يحتاجه، بينما المحظوظون لهاة لعب و عيش في دوامة لهو و
طرب، حيث العدل برافقهم و الجد غريب بينهم؛ غربة المتزوجين التعساء، حيث تجلس
العروس بجنينها لمدة أعوام دون إنجاب؛ كرمز لعقم عطاء المجتمع المادي الذي فقد
شمسه و كثر همسه الفارغ.
إن الحلم الذي يحاول أن ينقلنا إليه المبدع مجدي شلبي، يصوره كالشط
الذي زار منطقة بدون بحر؛ فقام لتوه و نط؛ أي مغادرا إلى جهة مجهولة، ما دام
الضمير قد مات، و الحاكم بالجور لم يحكم عليه؛ و تكاثرت الذنوب لانعدام توبة البشر
عن خطاياهم، و تناسل قضايا الفساد و الافساد؛ ما دام اللصوص يحكمون؛ بينما الشرفاء
يتفرجون، و الغريب هو اتباع أصحاب الشعارات الطنانة.
إن الرباعايات هي درس نصح و توجيه و كلام بليغ، فالنجاح ـ في نظر
صاحبها ـ كفاح؛ و الحب قدر إلهي من رب معين، و الإنسان حامل حتفه كلاما سكاكين،
غراما في ظاهره، مراوغة في عمقه، خنقا في سره.
و بهذا الزخم من الحكم و الأفكار و العبر و القول المنسجم،
لايمكننا إلا أن نتسابق إلى قراءة عمل مثير رنان غامر المتعة و الفائدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) محمد لفطيسي/ كاتب من المغرب