بقلم/
مجدي شلبي (*)
رغم أن خلود الروح الإنسانية أمر لا مراء
فيه، تؤكده حقيقة صعود الروح إلى بارئها حال الوفاة؛ فإن الحقيقة التي تحتاج إلى
مزيد من التأكيد: هي أن الإنسان (روح لا جسد)؛ الروح باقية والجسد فانٍ لا محالة،
وما الموت إلا انطلاق للروح من قيود الجسد الفاني إلى عالم أكثر رحابة...
المدهش حقا أن البشر الذين تنبض أجسادهم
بالحياة؛ ينقسمون من حيث علاقة الروح بالجسد إلى نوعين: منهم من يؤثر الجانب
المادي (الجسدي الفاني) على الجانب الروحي؛ فتتسم حياته بصفات: الجشع، النهم،
الرغبة في الاستحواذ... إلخ، ويقال عنهم (الأرضيون) "بتوع الدنيا"؛
فلديهم استعداد لأن يفعلوا أي شيء من أجل الحصول على ما يريدون، دون أن تحركهم
المشاعر.
ومنهم من يغلب على حياتهم وتصرفاتهم الجانب
الملائكي (الروحي الخالد) على الجانب الجسدي؛ فتراهم يؤثرون بذل الخير والعطاء دون
انتظار لشكر أو إطراء، وكأنهم قد خُلقوا لغاية مفادها: عبادة الله، والعمل على
إسعاد عباده، بشتى الوسائل والطرق المتاحة لهم... وهؤلاء هم (الروحانيون)
"بتوع ربنا"؛ فنظرتهم أبعد، ورؤيتهم أصوب، وغايتهم أرحب.
ومن ثم جاء عنوان مقالي تعبيرا عن حقيقة ما
كان عليه الراحل الكريم (د. يسري العزب)؛ من بذلٍ لكل جهد ووقت ومال في سبيل دعم
وتشجيع ومؤازرة المواهب الأدبية في أقاليم مصر، بمحبة صادقة، وتواضع جم، وسريرة
نقية، وعقل محاط بالمعرفة والنور، وروح طيبة؛ تلك الروح التي عاش بها، ثم ارتقت
أكثر ونشدت السمو؛ فصعدت إلى بارئها الكريم، وهكذا كان هنا، كما أصبح الآن هناك
(روحا لا جسد)،
صحيح أن للفراق لوعة، وللبعد وحشة، لكن
ستبقى ذكراك عالقة بعقولنا وقلوبنا ما حيينا يا دكتور يسري؛ تلك الذكرى العطرة
التي توافق 5 مايو 2020: يوم رحيلك يا (حبيب الأدباء)، هو ذات اليوم الذي رحل فيه
(نقيب القراء) فضيلة الشيخ/ محمد محمود الطبلاوي، ويذكر لنا التاريخ أنه ذات اليوم
الذي توفي فيه (الزعيم الفرنسي) نابليون بونابرت (5 مايو 1821) أي قبل 199 سنة.
وإذا كان مقالي هذا قد جاء مختلفا ـ عما
يتوقعه البعض ـ فأزيدكم رؤية من زاوية أخرى ـ لم يتطرق لها أحد أيضا ـ وهي متعلقة
بالأبراج الفلكية؛ فرغم أن الراحل الكريم لم يكن مؤمنا بها، ولا ساعيا للتعرف على
ما تحتويه من توقعات وصفات لأصحاب كل برج من تلك الأبراج، إلا أن ما أدهشني حقا
مصادفة انطباق الوصف التالي عليه:
"لا
يكرس وقته لجمع المال بل يبحث عن كل جديد في المعرفة، وكل ما له علاقة بالفكر
والعلاقات الإنسانية، لا يبحث عن النجاح المادي ليكون سعيداً فالسعادة عنده تكمن
في إسعاد الآخرين... كما أن أصحاب هذا البرج نظراً لقوة شخصيتهم وحيويتهم؛ هم
قادرون على خلق حياة جديدة في ظل أي ظروف...".
وهكذا صدفت النبوءة في كل ما ورد فيها من
صفات وسمات شخصه الكريم، وانتقاله ـ هذه المرة ـ إلى حياة جديدة، حيث السكينة
والطمأنينة الأبدية بإذن الله وبرحمته وجوده وكرمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)
عضو نقابة اتحاد كتاب مصر
نُشر مقالي هذا في موقع دنيا الرأي على الرابط التالي:
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/05/09/521783.html
ونُشر في مجلة أوراق ثقافية التي تصدر عن إقليم شرق الدلتا الثقافي
ونُشر في مجلة أوراق ثقافية التي تصدر عن إقليم شرق الدلتا الثقافي