مفهوم الجنون عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن المتابع لندواتنا
(الافتراضية)؛ يدرك أن الهدف منها هو استعراض مفاهيم فحول الشعراء العرب حول
الموضوعات المطروحة، من خلال بعض أبياتهم الشعرية، التي يقول فيها الشاعر حسان بن
ثابت:
إنما الشعر لبُّ المرء يعرضه *** على المجالس إن كَيْسًا وإن حُمُقا
وإن أحسن بيت أنت قائله *** بيتٌ يقال إذا أنشدتَه صَدَقا
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
شعر كآفاق السماء تبرّجت *** شموس على أنغامه و نجوم
سقاني سلاف الشعر حتّى ترنّحت *** دموع و غنّت لوعة و كلوم
يلاقي العظيم الحقد في كلّ أمّة *** فلم ينج من حقد الطّغام عظيم
و يقذى بنور العبقريّة حاسد *** و يخزى بمجد العبقريّ لئيم
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
سِرْ في لواءِ العبقريّة، وانتظِمْ *** شتَّى المواكب فيهِ والأَتباع
ـ ويضيف الشاعر أحمد الصافي النجفي:
كُنتَ في الحُسن عبقريّ جمالٍ *** والهوى كان بيننا عبقريّا
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
جُنِنتُ بذكر العامِريّة والهوى *** جنونٌ ولكنَّ الجنونَ فنونُ
ـ فيكمل الشاعر ابن نباتة المصري:
ثم قالوا أنت مجنون بها *** قلت مجنون ومجنون
ومجنون
ـ فيضيف الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:
جُنِنْتَ بِها، لمّا سمِعْتَ بذِكْرِها، *** وقد كنتَ مجنوناً بجاراتِها
القُدُمْ
ـ فيقول الشاعر جرير:
فإنّ كُنتُمُ كَلْبَى فعندي شِفاؤكم، *** وَللجِنّ إنْ كانَ اعتَرَاكَ
جُنُونُ
ـ فيتنكر الشاعر قيس بن الملوح مجنون ليلى لما آل إليه حاله؛ فيقول:
ما بال قلبك يا مجنون قد هلعا *** في حبِّ من لا تَرى في نَيْلِهِ طَمَعَا
يقولون مجنون يهيم بذكرها *** و والله ما بي من جنون ولا سحر
ـ ثم يعود فيعترف بما أنكره سابقا؛ فيقول:
وَقد صِرْتُ مَجْنُوناً مِنَ الْحُبِّ هَائِماً *** كأنِّيَ عانٍ في
القُيُودِ وَثِيقُ
وَمِن أَجلِها سُمّيتُ مَجنونَ عامِرٍ *** فِداها مِنَ المَكروهِ نَفسي
وَمالِيا
ـ فيكمل الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
وكم يقولون: مجنونٌ، وما علموا *** أنّ الجنون الذي بي من هوى بشر
ـ ويضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
لقد فتكت بي الأحداق حتّى *** جُنِنْتُ وما الهوى إلاَّ جنون
ـ فيقول الشاعر قيس بن الملوح مجنون ليلى:
أُحِبُّك حبّاً لو تحبِّين مثلَه *** أصابك منْ وَجْدٍ عليَّ جنونُ
ـ فيقول الشاعر السهروردي المقتول:
أَظنّ مَجنونَ لَيلى *** ما جنّ بَعضَ جُنوني
إن مت وجداً عليهم *** بأدمعي غسلوني
نوحوا عليّ وقولوا *** هذا قتيل العيون
ـ فيقول الشاعر ابن النبيه:
يقول من يسمع ألفاظه *** هذا جنان يانع أم جنان
ـ فيكمل الشاعر بدوي الجبل:
هذا جنون النفس في سكرها *** و العقل من خدّام هذا الجنون
مجنونة و الحسن لم تكتمل *** فتنته إلاّ ببعض الجنون
ـ ويضيف الشاعر أبو العتاهية:
فإنّ اللّهْوَ وَالَملْهَى جُنُونٌ، *** ولستُ منَ الجنونِ وليسَ منِّي
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
أمسيت لا ريقها المعسول أسعدني *** و لا الجنون: جنون الحبّ واتاني
ـ ويقول الشاعر مهيار الديلمي؛ متعجبا:
قالوا صحوتَ من الجنونِ بها *** من ردَّ جنّته على عقلي
ـ فيقول الشاعر أبو نواس:
مَولى جِنانَ وَإِن أَبدى تَجَلُّدَهُ *** يَهوى جِنانَ فَيَرجوها
وَيَخشاها
مَولاتُهُ هِيَ بِالمَعنى وَحُقَّ لَها *** وَالناسُ يَدعونَهُ بِاللَفظِ
مَولاها
ـ فيقول الشاعر بهاء الدين زهير:
ها أنا كالمجنونِ فيكمْ صبابة ً *** وحاشاكمُ ترضونَ لي بجنوني
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
جنون شبيبة ووقار شيب *** خذا عنّي النهى ودعا الجنونا
ـ ويقول الشاعر ابن الرومي:
راض منِّي جنونُ دهرٍ سخيفٍ *** ربما ثَقَّفَ العقولَ جنونه
ـ ويضيف الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
لقد طال تحناني إليك ولهفتي ***وأنت ضحوك لا تحس طروب
بلى كل حب ليس يخلو من الجوى ***ولكن جرحي من هواك رغيب
لقد كنت أدري أن للحب أسهماً ***ولكنني لم أدر كيف تصيب
فللَه أيام إذا ما ادكرتها *** جننت جنون اليم وهو غضوب
ـ فيكمل الشاعر إبراهيم ناجي:
والبحر مجنون العبابِ *** يهيج ثائره جنوني
ـ فيضيف الشاعر عماد الدين الأصبهاني:
فعتبى للزمان على اهتضامي *** وشكوى من جنون المنجنون
ـ فيقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
من سواه فيه *** وقار الناسكينا
من سواه عابد *** فيه جنون الثائرينا
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
ولمّا التقينا للوداعِ رقتْ لها *** دموعٌ ودمعي يومَ ذلك مارَقَا
ـ فتقول الشاعرة نازك الملائكة:
لا تسلني عن سرّ أدمعي الحرّ *** ى فبعض الأسرار يأبى الوضوحا
بعضها يؤثر الحياة وراء ال *** حسّ لغزا وإن يكن مجروحا
وأكفّ تودّ لو مزّقت لو *** قتلت لو تمرّدت في جنون
لو رأتها الحياة قالت: هدوء *** وادع في براءة وسكون
ـ فيكمل الشاعر إيليا أبو ماضي:
وَاِشتَدَّ نَوحي وَصارَ جَهراً *** وَكانَ مِن قَبلُ في الخَفاء
وَصارَ دَمعي سُيولَ نارٍ *** وَكانَ قَبلاً سُيولَ ماء
فقال: ما أنت ذو جنون *** وإنّما أنت ذو وفاء
ـ فينهي الشاعر جبران خليل جبران ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:
ستحيا بقلبي ما حييت فإن أمت *** ستحيا بشعري ما روى الناس لي شعرا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/08/16/530129.html