السبت، 8 مارس 2014

إيه رأيك؟ بقلم: مجدي شلبي

إيه رأيك؟
بقلم/ مجدي شلبي (*) 
      (إيه رأيك؟): سؤال نسمعه كثيرا، حتى بلغ حد الابتذال، وأصبح مباحا حينا ومستباحا أحيانا أخرى؛ فكل الموضوعات مطروحة، وجاهزية الجميع لإبداء (الرأي) فورية؛ البعض يبديه عن علم، والبعض الآخر يبديه عن غير ذلك!.
      ولأن هذا المقال ـ ذاته ـ يُعد رأيا في موضوع (الرأي)؛ يجدر بنا أن نتفق أولا على أننا قبل أن نبدي رأيا في موضوع ما؛ علينا أن ندرك أن كلمة (رأي) مرادفاتها: تدبير, حصافَة, فَطنة, كفاية, رصانة؛ فلا رأي معتبر إلا بعد تدبير، نابع عن حصافة وفطنة وذكاء، وكفاية وغنى بالمعلومات عن الموضوع الذي سنبدي فيه رأيا، وبأسلوب يتسم بالرصانة والتعقل والاتزان.
      فإذا كانت الرؤية بالعين: إدراك الأشياء بحاسة البصر؛ فإن الرأي: رؤية بالعقل، رؤية ثاقبة يقول في وصفها الشاعر جبران خليل جبران:
ويجبها رأي يزل عداها *** رب رأي أغزى من الأجناد
ـ فماذا لو لم يتحقق في (صاحب الرأي) صفة من تلك الصفات الضرورية المشار إليها؟
ـ عليه أن يصمت؛ فالصمت حينئذ وقاء، وقد حذر الشاعر أحمد محرم من الاستماع لرأي الجهال، واعتبر أن رأيهم غواية؛ فقال:
أماه لا تودي بحقك وانبذي *** رأي الغواة وخطة الجهال.
ويقول الشاعر أبو العتاهية:
ما كل رأي الفتى يدعو إلى رشدٍ *** إذا بدا لك رأي مشكل فقفِ.
      وعبارة (رأي مشكل) تعني: مختلط، ملتبس، غير مفهوم، وهو صادر عن شخص لا يعلم علما كافيا عن الموضوع الذي يبدي فيه رأيه، ولكنه تعاظم أن يقول: لا أدري!، مع أن التاريخ يذكر لنا أن أئمة أهل العلم؛ لم يتحرجوا من قولها؛ حتي جاء في الأثر: من قال لا أدري فقد أفتى؛ فلا أدري هذه نصف المعرفة، وهي أولها، ثم ثانيها حسن الاستماع، وتلك قضية أخرى تحتاج إلى وقفة...
      حيث نجد في كثير من الحلقات النقاشية التي تدور في المنتديات؛ حوارات تشبه المعارك الكلامية؛ الكل فيها يريد أن يثبت وجوده بالحق أو الباطل؛ فيرفع صوته ويقاطع؛ فلا الذي معه الكلمة استكمل رأيه، ولا حتى الذي قاطع لديه رأي أصلا!، ومن ثم علينا الاهتمام بأدب الحوار؛ أقول في أحد توقيعاتي الأدبية:
إذا لم تتحاور الرؤوس؛ تناطحت.
      إن أهم الأسس التي ينبني عليها الحوار الرشيد: إدراك أن الهدف من الحوار ليس تحقيق النصر على الآخر، بل الوصول إلى الحقيقة، والاستفادة من الآراء المعروضة، حيث أن المنتصر الحقيقي هو من يمتك فن الإصغاء، ويلتزم بأدب الحوار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو نقابة اتحاد كتاب مصر
تم النشر في موقع دنيا الرأي على الرابط التالي: