الأحد، 13 أبريل 2014

الصدق والكذب في ميزان الضمائر الحية لفحول الشعراء العرب (2 من 2) أولا: مفهوم الصدق عند فحول الشعراء العرب (1من 2) ـ بقلم/ مجدي شلبي

الصدق والكذب في ميزان الضمائر الحية لفحول الشعراء العرب (2 من 2)
أولا: مفهوم الصدق عند فحول الشعراء العرب (1من 2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
       على غرار ندواتنا الشعرية السابقة؛ أبدأ باستقبال ضيوفنا الأعزاء؛ فها هو الشاعر أحمد محرم قد حضر حضورا (افتراضيا) من القاهرة، مرورا بمسقط رأسه (إبيا الحمراء ـ مركز الدلنجات ـ محافظة البحيرة)، ويقوم الآن بدعوة أصدقائه من مختلف العصور والأماكن:
هلموا يا (فحول الشعر) نسعى *** عسى الزمن الذي ولى يعود
هلموا فارفعوه منار صدق *** يفيض شعاعه شرفا ومجدا
ـ فيجيبه الشاعر الفرزدق؛ ملبيا:
أتَيْنَاكَ زُوّاراً، وَوَفْداً، وَشَامَةً، *** لخالك خالِ الصّدقِ مُجدٍ وَنافِعِ
ـ فيرحب الشاعر جبران خليل جبران بالحاضرين:
مصر فخور بأن حللتم *** محل صدق في هؤلاء
وكمال الجمال من كل وجه *** أن يرى في الوجوه صدق المرائي
نياتهم نيات صدق *** تأنف المجد الكذابا
وتراءى فيه بمرآة صدق *** مصر ذات الإكرام والإجلال
ـ فيلمح الشاعر ابن دارج القسطلي الشاعر عمر ابن أبي ربيعة قادما؛ فيقول له:
هلم إلى حيث يؤوى الغريب...
ـ فيرد عليه الشاعر عمر ابن أبي ربيعة (يامن):
جلستْ مجلسَ صدقٍ *** جَمَعَتْ حُسْناً وَطيبا
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
وَكُنْ لِلْعِلْمِ ذا طَلَبٍ وَبَحْثٍ *** وناقش في الحلال وفي الحرام
ـ فيومئ الشاعر أحمد محرم برأسه إيجابا، مشيرا إلى علاقة الصدق (موضوع ندوتنا) بالإيمان؛ فيقول:
تعلموا الصدق والإيمان وارتدعوا *** إن كان يعجبكم صدق وإيمان
ـ فيتوقف الشاعر حسان بن ثابت عند عبارة (تعلموا الصدق...)؛ فيضيف:
إمامٌ لهمْ يهديهمُ الحقَّ جاهداً، *** معلمُ صدقٍ، إنْ يطيعوهُ يسعدوا
ـ ويقول الشاعر أبو العتاهية:
منْ صدقَ اللهَ علاَ *** من طلبَ العلمَ علمْ
ـ فيقول الشاعر كثير عزة:
بَصَائِرُ رُشْدٍ للفَتى مُسْتَبينَة ٌ *** وأخلاقُ صدقٍ علمُها بالتَّعلُّمِ
ـ فيوضح الشاعر أحمد شوقي أن تعلم الصدق بالنصح، ينبغي أن يكون (بالمختصر المفيد)؛ فيقول:
قلْ للبنين مقالَ صدقٍ، واقْتَصِدْ *** ذَرْعُ الشباب يضيق بالنَّصّاحِ
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
صدق النصيحة خير ما *** يهدي المشيب إلى الشباب
أراني صدق ما قالوه *** عن علم وعن خبر
فقد الشيوخ خطيب صدق همه *** تمكين حق لا اهتزاز منابر
ويرى من المزري تكلف سيد *** في يوم صدق أن يقول كذابا
ـ ويؤكد الشاعر البحتري على ضرورة أن تكون القدوة بالأفعال:
آباءُ صِدْقٍ قَوّمُوا بِفَعالِهِمْ *** صَعَرَ الزّمانِ، وكان غيرَ مُقَوَّمِ
ـ فيشير الشاعر ابن الرومي إلى ضرورة الاهتمام بصدق النصح، وفضل المشورة:
وما زال صدقُ المستشير معاوناً *** على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ
بصِحة ِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ *** وما زال صدقُ المستشير معاوِناً
فَكِّرْ لَقيتَ الرشْدَ فيَّ فلم يزل *** لك رأيُ صدقٍ في الأمور مسدَّدُ
ـ فيرى الشاعر جبران خليل جبران أن التماس العذر لذلة الصادق أمر واجب؛ فيقول:
صادق الوعد صدق حر ولكن *** قد يرى وهو مخلف الإيعاد
ـ فيعترض الشاعر أبو فراس الحمداني؛ مؤكدا على حقيقة أن الصدق لا ينبغي أن تشوبه شائبة:
ألْحَظُ أحْوَالَ الزّمَانِ بِمُقْلَة ٍ *** بها الصدقُ صدقٌ والكذابُ كذابُ
ـ فيقول الشاعر البرعي:
كلُّ منْ فيِ مقامِ صدقٍ صديقيِ *** و فريقُ الموحدينَ فريقيِ
ـ (ولكن البعد جفا) كما يقول الشاعر الواواء الدمشقي:
صَدِيقُ صِدْقٍ أَطَالَ غُرْبَتَهُ *** أعرفهُ تارة ً وأنكرهُ
ـ فيقول الشاعر الشاب الظريف:
وَلِي فِيكَ بَيْنَ القُرْبِ والبُعْدِ مَشْهدٌ *** يريني صدقَ الهجرِ في كذبِ السِّرِّ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
فيا كذب اللقاءِ وقد تلاقى *** خيالانا ويا صدق الفراقِ
ـ ولأن لأهل الصدق علامات يتميزون بها؛ يقول الشاعر عماد الدين الأصبهاني:
وإخوان صدق للصداقة بيننا *** صفاء صدور طهروها من الغل
ـ فيوضح الشاعر حسان بن ثابت أن (صفاء الصدور لا يعني الضعف والاستكانة)؛ فيقول:
فِتْيَانُ صِدْقٍ، كاللّيوثِ، مَسَاعِرٌ، *** مَنْ يَلقَهُمْ يوْمَ الهِيَاجِ يُعَرِّدِ
ـ ويقول الشاعر أبو نواس:
و القومُ إخوانُ صدْقٍ بينهم نسبٌ *** من الموَدّة ِ ما يرْقَى له نسَبُ
واخترْتُ إخوَة َ صِدْقٍ *** من خيرِ هذي العِبادِ
ـ ويضيف الشاعر ابن زريق البغدادي صفة (صدق العهود)؛ فيقول:
مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ *** كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُهُ
ـ ومن صدق العهود إلى صدق الغرام؛ يقول الشاعر جبران خليل جبران:
وقد ختما هذي العهود بقبلة *** وأكدها صدق الغرام بمدمع
ـ ويقول الشاعر أبو تمام:
ولِذاكَ قِيلَ مِنَ الظُّنُونِ جَلِيَّة ٌ *** صِدْقٌ وفي بعضِ القُلُوبِ عُيُونُ
ـ ويقول الشاعر الشاب الظريف:
كم رُمتُ لولا اشتياقي ان تُباعدني *** لكي ترى صدق ودّي بعد تجريبي
ـ فيقول الشاعر أبو فراس الحمداني:
فإنْ أنا لمْ أمنحكَ صدقَ مودتي *** فَمَا لي إلى المَجدِ المُؤثَّلِ من عُذْرِ
ـ هنا يبادر الشاعر مهيار الديلمي للحديث عن صدق القول وحفظ الأمانة؛ فيقول:
منْ ناقلٍ صدقَ الحديثِ معوَّدٍ *** حفظَ الأمانة َ للصَّديقِ المودعِ
ـ فيؤكد الشاعر عروة بن أذينة على أن (من الصدق صون العرض والإكرام)؛ فيقول:
إني امروءٌ من عشيرة ٍ صدقٍ *** أَصوُنُ أَعْراضَها وأُكْرِمُها
ـ فيحييه الشاعر أحمد محرم، ويضيف (أن ثروة الإنسان الحقيقية تكمن في الأمانة والصدق)؛ فيقول:
وما ملكت يدي في الدهر إلا *** يراع أمانة ٍ ولسان صدق
ـ فيؤكد الشاعر عروة بن حزام (على أن من علامات الصدق نصح الصديق):
معي صاحبا صِدْقٍ إذَا مِلْتُ مَيْلَة ً *** وكانَ بدفّتي نضوتي عدلاني
ـ فيقول الشاعر ابن دارج القسطلي:
فناطق صدق عنك بالصدق والنهى *** وشاهد عدل فيك بالعدل والبر
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:
لسان صدق وراو غير متهم *** العدل إن ذم والإنصاف إن مدحا
ـ فيعبر الشاعر ابن الرومي عما قدمه من شهادة عدل وصدق:
فقلت لهم كذبٌ مديحي فيكُمُ *** وهجوي لكم صدقٌ وللصدق رونقُ
ـ فيحييه الشاعر أبوالعلاء المعري؛ قائلا:
لا تَحلِفَنّ على صِدقٍ ولا كَذِبٍ، *** فما يُفيدُكَ، إلاّ المأثمَ، الحَلِف
ـ ويضيف علي بن أبي طالب:
و دع الكذب فلا يكن لك صاحباً *** إِنّ الكذوب لَبِئْسَ خِلٌّ يُصْحَبُ
ـ فيسخر الشاعر البحتري ممن يأنف من الصدق؛ فيقول على لسانه:
إن كان صدق الحديث يحزنني *** فعاطني ما يسر من كذبه
ـ فينبري الشاعر ابن الرومي؛ قائلا:
إذا كذَب الناسُ أو كُذِّبوا *** لدى القولِ والفعل يوماً صدقْ
صَدْقٌ إذ ما حَمِس الخصامُ *** لولاه أضحتْ تُعبدُ الأصنامُ
وإن كان ذنباً صِدقُ وُدِّي فإنني *** مُصِرٌّ وإن عافانيَ الصَّفح والغُفر
ـ فيقول الشاعر ابن القيسراني:
وأرخص شوقي في الهوى صدق خلتي *** ويهدي النفاق من أراد التنفقا
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
وأحسَنُ من مدحِ امرىء الصّدق كاذباً *** بما ليسَ فيهِ، رميُهُ بالمَشاتم
(تكرم بالاطلاع على مقالي السابق بعنوان: بوح فحول الشعراء بالمدح والهجاء على الرابط التالي:
ـ فيصف الشاعر أبو الشمقمق هؤلاء الذين يبغون نفاقا؛ فيقول:
الصِّدْقُ في أفْوَاهِهِمْ عَلْقَمٌ *** والإفكُ مثلُ العسلِ الماذي
ـ ويضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس عن كراهية البعض للصدق؛ فيقول:
وقالوا وما في القول لسامع *** وإنْ جَدَعَ الصّدقُ الأُنوفَ وأرغما
مَنَعَ الصدقُ أكاذيبَ العدى *** فإذا خاضوا بها خاضوا عنادا
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم؛ متهكما:
يا صادق العهد فيما تدعي فئة ٌ *** الذئب أصدق عهداً منك للضان
ـ فيقول الشاعر المتنبي:
لَقد أباحَكَ غِشّاً في مُعامَلَةٍ *** مَن كنتَ منهُ بغَيرِ الصّدقِ تَنتَفعُ
ـ فيقرر علي بن أبي طالب:
تغيرتِ المودة ُ والاخاءُ *** و قلَّ الصدقُ وانقطعَ الرجاءُ
ـ ويؤكد المعنى الشاعر أبوالعلاء المعري:
قد فُقِد الصدق ومات الهدى، *** واستُحسنَ الغدرُ وقلّ الوفاء
ـ فيرد عليه الشاعر معاوية بن أبي سفيان:
نَفَى النّومُ ما لا تَبْتَغِيهِ الأَضالعُ *** وكلُّ امرىء ٍ يوماً إلى الصّدقِ راجعُ
ـ ويضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
ما نَفَقَ الصّدْقُ في البرايا، *** ولم تَزَلْ للمُحالِ سوقُ
ـ فيتعجب الشاعر أحمد محرم؛ قائلا:
(أنا) كلما قلت قول الصدق أنكرني *** (من) يرى الصدق تضليلاً وتمويها
ـ فيضيف الشاعر الأبيوردي:
أُراعُ ولَمْ أُذنِبْ، وأُجفى وَلَمْ أُخنْ *** وَقَدْ صُدِّقَ الواشي فَأَخْنى وَأَقْذَعا
ـ ويكمل الشاعر الشريف الرضي:
صَدّقَ الوَاشِينَ، فِيمَا زَعَمُوا *** فنأى بالود عني وشحط
ـ فيقول الشاعر البوصيري ساخرا:
وَإذا جِئْتَ بآياتِ صدْقٍ *** لم تَزِدْهم بِكَ إلاَّ ارْتيابا
ـ ويقول الشاعر البرعي:
أجابَ وقدْ صموا وأبصرَ إذْ عموا *** و صدَّقَ بالحقِ المبينِ وكذبوا
ـ فيطمئنهم الإمام الشافعي:
منْ صدق الله لم ينلهُ أذى *** ومن رجَاهُ يكونُ حيثُ رَجَا
ـ ويوجه الشاعر ابن النبيه رسالته لمن بنى موقفه على وشاية سمع بها؛ فيقول:
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به *** هذا هو الصدق لا ما تكذب السير
ـ ويشير الشاعر ابن نباتة المصري إلى أن (التصدق بالصدق صدقة)؛ فيقول:
من فعلك اشتق المقال فمن يقل *** هذا تصدق قيل إذ هذا صدق
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
والله أعطاه في خَلْقٍ وفي خُلُق *** الصدقَ بالقولِ والإخلاص بالعمل
ـ ويكمل الشاعر أبو الفضل بن الأحنف معبرا عن حقيقة أن (الصدق يصدق إن بدا فعلا):
لَسْنا نُصَدّقُكُمْ ولَوْ أخبرْتُمُ *** حتى نَرَى فِعلاً يُصَدِّقُ قِيلا
ـ فيرد عليه الشاعر أبو العتاهية:
ونِيّاتُ أهلِ الصّدقِ بِيضٌ نَقِيّة ٌ، *** وألسُنُّ أهْلِ الصِدْقِ لاَ تتجلَجُ
ـ ويضيف الشاعر لسان الدين الخطيب:
فخذ منهم أوفى وأصدق لهجة *** فليس أخو التمويه مثل أخي الصدق
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
فهم أولياء الحق مهما يعيروا *** وهم حلفاء الصدق مهما يؤثموا
ـ ويقول الشاعر أسامة بن منقذ:
رونقُ الصِّدقِ فِيهِ بادٍ، وما زَا *** لَ إلى الصِّدقِ كلُّ سمعٍ يتُوقُ
ـ وهنا يشير الشاعر عمر ابن أبي ربيعة إلى علاقة الصدق بصفاء القلب (فلا صدق إلا بالصفاء)؛ فيقول:
للناسِ فضلكِ في حسن الصفاءِ وفي *** صدقِ الحديثِ، وشرُّ الخلة ِ الكذب
ـ ويضيف الشاعر جبران خليل جبران
أبدا في الصفاء مرآة صدق *** لصفاء في النفس غير مشوب
ـ ويقول الشاعر كثير عزة:
إنَّ المُحِبَّ إذا أَحَبَّ حَبِيبَهُ *** صدقَ الصَّفاءَ وأنجزَ الموعودا
ـ أما الكاذب (فهو كاذب حتى وإن صدق)؛ يقول عنه الشاعر أحمد شوقي:
قد قال في هذا المقامِ مَن سَبَقْ *** أكذبُ ما يلفي الكذوبُ إن صدق
بلوت المدعين بلاء صدقٍ *** فلا أدباً وجدت ولا خلاقا
ـ ويهجو الشاعر ابن المعتز المدعي، المخادع:
يا من مدحهُ كذبٌ، *** و يا من ذمهُ صدقُ
ـ ويشبه الشاعر ابن الرومي هؤلاء المخادعين تشبيها بليغا؛ فيقول:
فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان *** ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
ثمارُ صدقٍ إذا عاينتَ ظاهرَها *** لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
ـ فيقول الشاعر صفي الدين الحلي:
لي صَديقٌ لا يَعرِفُ الصّدقَ في القو *** لِ، وليسَ الصّديقُ إلاَّ الصّدوقُ
(تكرم بمطالعة مقالي السابق بعنوان هل بانقضاء المصلحة؛ تنمحي الصداقة؟!) على الرابط التالي:
ـ ويضيف الشاعر ابن المعتز (صديق):
كأنهُ صاغهُ النفاقُ، فما *** يخلصُ منهُ صدقٌ ولا كذبُ
ـ ويقول الشاعر ابن حيوس؛ ساخرا:
ولوْ أنَّ أحكامَ النُّجومِ صحيحة ٌ *** لخلناكَ منْ صدقِ النُّجومِ منجِّما
ـ ويقول الشاعر أحمد شوقي:
روى زيد وحدث عنك عمروٌ *** فما صدق الحديث ولا الرواية
ـ وعن تأويل الصدق تبعا للأهواء؛ يضيف الشاعر أحمد شوقي:
تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها *** تُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل ساخرا ممن لم يصدق النبأ:
و هل نبأ رواه البرق صدق *** أم الأسلاك فيه كاذبات
ـ ويقول الشاعر بدوي الجبل:
قد ضاع في الاويل صدق عهودكم *** ألكلّ عهد عندكم تأويل
ـ ومن التأويل إلى التهويل؛ يقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
قد صَدّقَ النّاسُ ما الألبابُ تُبطِلُه، *** حتى لظنّوا عَجوزاً تحلُبُ القَمَرا
ولا تصدّق بما البرهانُ يُبطلهُ، *** فتستفيدَ من التّصديق تكذيبا
ومما أدامَ الرُّزءَ تكذيبُ صادقٍ، *** على خُبرةٍ منّا، وتصديق كاذبِ
نُكَذّبُ العقلَ في تَصديقِ كاذبهم؛ *** والعَقلُ أولى بإكرامٍ وتَصديقِ
يُكاذِبُني، وأصْدُقُهُ وَداداً، *** وَمِنْ كَلَفٍ مُصَادَقَةُ الكَذُوبِ
وَإِنِّي بَرِيٌّ مِنْ وِدَادِ أَصادِقٍ *** وِدَادُهُمُ بالغَيْبِ غَيْرُ صَدُوقِ
ـ فيقول الشاعر البحتري:
لم تلْقَ فيها صَدُوقاً صادِقاً أَبداً *** ولاَ أَخاً يَبْذُلُ الإِنصافَ إِنْ صافَى
صَدَقَتْ محَاسِنُهُ، فصَارَتْ فتنةً *** للنّاظِرينَ، وَوَعْدُهُ لمْ يَصْدُقِ
ـ ويقول الشاعر أبو الفضل بن الأحنف:
وما نصدّقُ إنساناً يُحدّثنا *** حتّى يجيءَ على قولٍ بمصداقِ
ـ فيأتي الشاعر جبران خليل جبران واصفا حال من لا يتغير صدقه بتغير الظروف والأحوال؛ فيقول:
صادق والزمان غير ذميم *** صدقه والزمان غير حميد
ـ وها هو الشاعر ابن الرومي يعبر عن جميل الخصال؛ (يقول الحق ولو على نفسه):
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني *** أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ
أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ *** لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيته
فالزمِ الصّدْق إنه للفريقي *** يْنِ نجاة ٌ والخَتْلُ يجزيك خَتلا
ـ فيحييه الشاعر ابن المعتز معبرا عن حقيقة أنه (لا يعرف الصدق إلا أهل الصدق)؛ فيقول:
و الصدقُ لا يعرفُ من غرابها، *** كغادة ٍ عزت على طلابها
ـ فيرفع الشاعر بشار بن برد لواء (الصدق منجي)؛ فيقول:
الصدقُ أفْضَلُ ما حضرتَ به *** ولربما ضر الفتى كذبهُ
ـ ويضيف الشاعر ابن الزيات:
وَاصدقاني هُديتُما *** إِنَّ في الصِّدقِ شافِيا
ـ فيؤكد الشاعر محيي الدين بن عربي تلك الحقيقة بقوله:
وهذه البشرى أتانا بها *** مجربٌ في الصدقِ لن يكذبا
الصدقُ سيف الله في الأرض *** يقطع بالطولِ وبالعرضِ
الصدقُ حليتنا والحقُّ حُلتنا *** فمنْ يخالفُ حالي فهوَ زنديقُ
ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت؛ ناصحا:
يا أيّها النّاسُ أبْدُوا ذَاتَ أنفسِكُمْ، *** لا يَسْتَوِي الصّدقُ عندَ اللَّهِ والكذِبُ
ـ فيكمل الشاعر البرعي بقوله:
فكنْ رفيقيَ في دارِ السلامِ إذا *** كنا بمقعدِ صدقٍ جيرة َ الصمدِ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
صدقوا دنيا ودينا *** نعم أجر الصادقين
ـ ويقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
تبوَّأتَ (بالصدق) مقعدَ الصدق مكرماً *** ونلْتَ مقاماً عند ربك عالياً
ـ ويضيف الشاعر ابن شهاب؛ مهللا فرحا:
وترتوي من شراب الأنس صافيه *** في مقعد الصدق والمحبوب ساقيه
"اللهم اسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً".
ـ وبعد انتهاء ندوة اليوم؛ حضر ـ متأخرا ـ الشاعر عبد الجبار بن حمديس قادما من مثواه الأخير بـ(جزيرة ميورقة في إسبانيا) مرورا بمسقط رأسه (مدينة نوتو بصقلية)؛ قائلا:
سلوني، واسمعوا الصدق، إنني *** أحدّثُ عن همّاتهِ وفواضله
فوعدناه بلقاء قادم ـ بإذن الله ـ نستكمل فيه ما بدأناه، حديثا عن: الكذب مقابحه و رذائله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر