الاثنين، 28 أبريل 2014

2ـ مفهوم المنع عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم: مجدي شلبي

 2ـ مفهوم المنع عند فحول الشعراء العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ شاعر من العصر الجاهلي اسمه جارية ابن الحجاج الإيادي، المعروف بـ(أبو داود الإيادي)، وهو يتجه (افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة، للمشاركة في ندوتنا؛ فينشد:

مَنَعَ النَومَ ماوِيَ التَهمامُ *** وَجَديرٌ بِالهَمِّ مَن لا يَنامُ

مَن يَنَم لَيلَهُ فَقَد أُعمِلُ اللَيـ *** ـلَ وَذو البَثِّ ساهِرٌ مُستَهامُ

ـ فيكمل الشاعر حسان بن ثابت:

مَنَعَ النَومَ بِالعَشاءِ الهُمومُ *** وَخَيالٌ إِذا تَغورُ النُجومُ

يا لَقَومي هَل يَقتُلُ المَرءَ مِثلي *** واهِنُ البَطشِ وَالعِظامِ سَؤومُ

يَصِلُ القَولَ بِالبَيانِ وَذو الرَأ *** يِ مِنَ القَومِ ظالِعٌ مَكعومُ

ـ فيضيف الشاعر المنفلوطي:

منعَ النفس أن تنالَ مناها *** سيرُ تلك الآجال طوعَ قضاها

تشتهي النفسُ أن تعيشَ مدى الدهرِ *** وتأبى الأقدارُ إلا فناها

تتمنى لو نالت السعد لكن *** كتب اللَه في الكتاب شقاها

ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:

أمَا ترى الدّهرَ مسلولاً صوارمُه *** تفري وتقطع منّا كلَّ موصولِ

أمّلْتُ فيه أموراً ما ظفرتُ بها *** وعاد يسحب ذيلَ المنعِ تأميلي

ـ فيضيف الشاعر عدي بن ربيعة:

مَنَعَ الرُقادُ لِحادِثٍ أَضناني *** وَدَنا العَزاءُ فَعادَني أَحزاني

لَهفي عَلَيكَ إِذا اليَتيمُ تَخاذَلَت *** عَنهُ الأَقارِبُ أَيَّما خِذلانِ

فَاِذهَب إِليهِ فَقَد حَوَيتَ مِنَ العُلى *** يا اِبنَ الأَكارِمِ أَرجَحَ الرَجحانِ

ـ فيقول الشاعر الفرزدق:

مَنَعَ الحَياةَ مِنَ الرِجالِ وَطيبَها *** حَدَقٌ يُقَلِّبُها النِساءُ مِراضُ

فَكَأَنَّ أَفئِدَةَ الرِجالِ إِذا رَأوا *** حَدَقَ النِساءِ لِنَبلِها الأَغراضُ

خَرَجَت إِلَيكَ وَلَم تَكُن خَرّاجَةً *** فَأُصيبَ صَدعُ فُؤادِكَ المُنهاضُ

ـ فيضيف الشاعر جميل بثينة:

مَنَعَ النَومَ شِدَّةَ الاشتِياقِ *** وَاِدِّكارُ الحَبيبِ بَعدَ الفِراقِ

لَيتَ شِعري إِذا بُثَينَةُ بانَت *** هَلَّنا بَعدَ بَينِها مِن تَلاقِ

ـ فيقول الشاعر أبو الهدى الصيادي:

بأية حجة منع الوصالا *** حبيب صدعن كبر وصالا

لعل له وكم قد مال عني *** ولا عجب اذا ما الغصن مالا

أطالبه الوفاء وقد أراني *** طلبت بما أحاوله المحالا

وتاه على محبيه علوا *** وقد مزج الملاحة والدلالا

وابدع بالمقال فلست أدري *** أخمرا كان ذلك أم مقالا

ـ فيضيف الشاعر أبو نواس:

مَنَعَ الصَومُ العُقارا *** وَزَوى اللَهوَ فَغارا

وَبَقينا في سُجونِ الـ *** ـصَومِ لِلهَمِّ أَسارى

غَيرَ أَنّا سَنُداري *** فيهِ مَن لَيسَ يُدارى

نَشرَبُ اللَيلَ إِلى الصُبـ *** ـحِ صِغاراً وَكِبارا

اِسقِني حَتّى تَراني *** أَحسَبُ الديكَ حِمارا

ـ فيقول الشاعر المتنبي:

الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا *** وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا

لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى *** مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا

نَفَتِ التَوَهُّمَ عَنهُ حِدَّةُ ذِهنِهِ *** فَقَضى عَلى غَيبِ الأُمورُ تَيَقُّنا

ـ فيضيف الشاعر الأرجاني:

هُمُ منَعوا مِنّا الخيالَ الّذي يَسْري *** فلا وَصْلَ إلاّ ما تَصوَّر في الفِكْرِ

فيا مالكي منْعَ الجُفونِ من الكرَى *** ألم تمَلِكوا منْعَ الفؤادِ منَ الذّكر

أَبِيتُ وسُمّارُ المُنَى بي مُطِيفةٌ *** وبحرُ البُكا بالطّيْفِ مُمتَنِعُ العَبر

وقد وَتّدَ اللّيلُ النُّجومَ مُخَيّماً *** وطَنَّب أجفاني إليها يَدُ الهَجر

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

أبا الفضل لا تحتجب إنني *** صفوح عن المخلف الوعد عافي

سألت قفيزين من حنطة *** فجدت بكد من المنع وافي

وأتبعت منعك لي بالحجا *** ب مهلاً هديت ففي المنع كافي

وقد كنت خلتك مثل الفرا *** ت لا تمنع الري من ذي اغتراف

فماطلتني ثم راوغتني *** فكدرت من ودنا كل صافي

ـ فيكمل الشاعر أبو العتاهية:

أَحبَبتُ مِن حُبِّها الباخِليـ *** ـنَ حَتّى وَمِقتُ اِبنَ سَلمٍ سَعيدا

إِذا سيلَ عُرفاً كَسا وَجهَهُ *** ثِياباً مِنَ المَنعِ صُفراً وَسودا

يُغيرُ عَلى المالِ فِعلَ الجَوادِ *** وَتَأبى خَلائِقُهُ أَن تَجودا

ـ فيضيف الشاعر أبو الفتح البستي:

يا مَن غدا دينُهُ قَولاً بلا عَمَلٍ *** مَطَلْتَ والمَطْلُ عَينُ المَنعِ والبُخْلِ

لّما أتَيْتُكَ مُمْتاحاً أخا غُلِلٍ *** سقيْتَني عَلَلاً من بارِدِ العِلَلِ

ـ فيقول الشاعر محيي الدين بن عربي:

من يزرعِ المنعَ لم يحصدْ سوى عدمٍ *** والجودُ يزرعُ والايجادُ لله

وحيثما ثبتت في العين صورتها *** فليس ينتجُ إلا المنع والله

ـ فيضيف الشاعر ابن المُقري:

منع لمهضوم وحسم الاذى *** دابك فاحسمه ومن علمه

الموت مهما شاء أعداؤه *** مما لديه السطوة الموتمه

كم هد مهضوب بنا شامخ *** وكم بنى طودا وكم هدمه

ـ فيقول الشاعر السري الرفاء:

رأيتُ الناسَ ذا جُودٍ ومَنْعٍ *** فذا يُثَنى عليه وذاك يُهجَى

وفَقْدُ الثلجِ في إبَّانِ قَيْظٍ *** تَذُوبُ له الصخورُ الصُّمُّ وَهْجا

فجُدْ بالقوتِ منه تَحُزْ ثَناءً *** أراكَ بفضلِه أولى وأَحْجَى

ـ فيضيف الشاعر محمد المعولي:

أنفقْ من المالِ ما استطعتَ فذو الـ *** إنفاق يزدادُ رُتْبةً وسَعَهْ

فمنْ أرادَ الخيراتِ في غده فليعط *** أهلَ الإفتارِ ما جَمَعَهْ

لا تجد المنعَ في سجيته *** انظرْ ترى أي سائل مَنَعْه

قد زاده الله ثروةً وغنىً *** كما علا كلَّ حاكمٍ رَفَعَهْ

ولا فقيرٌ تراه ذَا عُسُر *** يلقَاهُ إلا كساهُ أو نفعهْ

ـ فيقول الشاعر السري الرفاء:

مَلَلْتَ فعاد منك الجُودُ مَنْعَاً *** ولو أنصفْتَ عادَ المنعُ جودا

أحلَّ وَداعُنا عَطْفاً جديداً *** وأدنى بينُنا وَصْلاً بعيدا

ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:

أمَا ترى الدّهرَ لا يبقي على حال *** طوراً بأمنٍ وأطواراً بأوجالِ

بذلٌ يؤوب إلى منعٍ وعافيةٌ *** تجرّ داءً ونُكسٌ بعد إبلالِ

ـ فيكمل الشاعر صفي الدين الحلي:

وَعدُكَ مُحتَاجٌ إِلى فَسحِ مُدَّتي *** وَرَبُّكَ أَدرى ما تَخَلَّفَ مِن عُمري

فَإِن صَدَّ عَن إِنجازِهِ المَنعُ فَاِنعِموا *** بَعُذرٍ فَإِنَّ العُذرَ أَسوى مِنَ الغَدرِ

ـ فيضيف الشاعر السري الرفاء:

كانَ ابتداؤُكَ شيمَةً عَدَوِيَّةً *** تُنبي عن الكَرَمِ التَّليدِ وتُخبِرُ

فعلامَ كفَّ المنعُ منك أناملي *** وَسَمَاءُ كفِّكَ بالمواهبِ تُمطِرُ

لي من نَوالِكَ كلَّ شَهرٍ عادةٌ *** مضَتِ الليالي دونَها والأشهرُ

ـ فيقول الشاعر محيي الدين بن عربي:

حكم المنازلِ قد تخالفُ طبعه *** كيفَ الشفاءُ وفيه عينُ الداء

لولا ثبوتُ المنع قلتُ بجودِه *** المنعُ يُذهبُ رتبةَ الكرماء

لا تفرحنَّ بما ترى من شَاهدٍ *** يبدو لعينِك عند كشفِ غِطاء

ـ فيضيف الشاعر أبو العتاهية:

أَرى قَوماً وُجوهُهُمُ حِسانٌ *** إِذا كانَت حَوائِجُهُم إِلَينا

وَإِن كانَت حَوائِجُنا إِلَيهِم *** يُقَبِّحُ حُسنُ أَوجُهِهِم عَلَينا

فَإِن مَنَعَ الأَشِحَّةُ ما لَديهِم *** فَإِنّا سَوفَ نَمنَحُ ما لَدَينا

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

إذا المرء لم يُظهر لطالب رِفده *** عُبوساً ولا بشراً فكن منه يائسا

فإنَّ الذي يبدو العبوسُ بوجهه *** بخيلٌ نوى جواداً فلاقاك عابسا

ومن شيمة الأجواد بَسطُ وجوههم *** إذا سُئلوا لا ينفَسونَ النفائسا

وأما الذي بين اللقاءين وجهُهُ *** فذاك الذي أبدى لك المنع يابسا

وذاك الذي ألقاك عن ظهر باله *** هواناً فلم يُخطرك بالبال هاجسا

ـ فيضيف الشاعر محيي الدين بن عربي:

العفو أولى بنا إن كنتَ ذا كرمٍ *** فإنني عارفٌ بمن أراقبه

لعلةٍ ولجهلٍ قامَ بي فأنا *** للجهلِ في المنع أنسى إذ أعاتبه

ـ فيقول الشاعر مصطفى التل:

شكوت اليوم محبوباً *** لعوباً طبعه المنع

ألا ليت التي صدعت *** فؤادي نالها الصدع

إذا ما أقبلت حلفت *** وليس لحلفها نفع

وإن هي أدبرت ضحكت *** وولت كلما أدعو

ـ فيضيف الشاعر تميم الفاطمي:

ما لي إذا شئتُ لم أُعطَ المرادَ وإِن *** تطلبتُ منك قَبولاً عزّ وامتنعا

وإن شفعتُ لقِيتُ المنعَ منك وإن *** أتاك غيري شفيعاً نال ما شَفَعا

والله ما ليَ ذنبٌ أَستحِقّ به *** ذا المنعَ منك ولا ذا الردَّ والشَنَعا

لا تسمعِ البغيَ من واشٍ يُزَيِّنُه *** فالبغيُ ليس بمحمودٍ إذا سُمِعا

إِني وأنت كما قُدَّ الشِرَاكُ فلا *** تقبل من الحاسدِين الزُورَ والخدَعا

ـ فيقول الشاعر عمارة اليمني:

إلى كم أحوك الشعر في الذم والمدح *** وأخلع برديه على المنع والمنح

وأفتح من أبوابه كل مقفل *** يشن عليها خاطري غارة الفتح

ويشركني في نظمها كل ناقص *** يعارض بالمصباح شارقة الصبح

يعيب دعي القوم غر قصائدي *** وليس له فيه صريحي ولا صرحي

تخلف عن شأوي فجمل نفسه *** بنقد كلامي وهو من نقد السرح

فيا نابح الجوزاء من هوة الثرى *** ترفق فقد أتعبت نفسك بالنبح

وابق على قرنيك من نطح صخرتي *** وإلا فقد أوهيت قرنيك بالنطح

ـ فيختتم الشاعر ابن الرومي ندوتنا (الافتراضية)؛ قائلا:

أزمعتَ منعي وأنت تُطمعني *** وليس ذمي عليك مأمونا

فاصدُق فإني أراك إن بَخِلت *** نفسُك بالصدق رُحت مغبونا

ولا تخف أن أَضيعَ إن عدلت *** عنك رِكابي فلستُ مجنونا

أما رأيتَ الفجاجَ واسعة *** واللَّه حيّاً والرزق مضمونا

أظهِرْ من المنعِ ما تجمجِمُه *** فشرُّه ما يكون مكنونا

وانفث من الصدر ما يُضِرُّ به *** لا تتركِ الداء فيه مدفونا

إني امرؤٌ إن أراد ميمنتي *** كريمُ قومٍ غدوتُ ميمونا

وإن أراد اللئيمُ مشأَمتي *** كنتُ له طعنة وطاعونا

من دَنّس العِرضَ بالمواعد والـ *** ـخلفِ جعلتُ الهجاء صابونا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/30/533679.html