ثانيا: مفهوم البر والصلاح عند فحول الشعراء العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية)
اليوم؛ شاعر كبير من قبيلة (بني عاملة)(**)، لقبه ابن دريد في كتاب الاشتقاق بـ(شاعر أهل
الشام)؛ إنه الشاعر عدي بن الرقاع، الذي يتقدم الآن (افتراضيا) نحو المنصة؛ منشدا:
جمعت اللواتي يحمد الله عبده *** عليهن فليهنأ لك الخير وأسلم:
فَأَوَّلُهُنَّ البِرُّ والبِرُّ غالِبٌ *** وَمَا بِكَ مِنْ غَيْبِ
السَّرَائِرِ يُعْلَمِ
ـ فيقول الشاعر البرعي:
أؤملُ منكَ البرَّ والبرُّ واسعٌ *** و أرجو نداكَ الجمَّ وهوَ قريبُ
فقمْ بي وعاملني بما أنتَ أهلهُ *** فإنَّ رجائي فيكَ ليسَ يخيبُ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم؛ معاتبا من خان البر:
أنت خنت البر إذ لم تعرف *** موضع الخائن والبر الأمين
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
فقد يكون أجل البر أبرزه *** وقد يكون أحب البر ما لطفا
ـ فيقول الشاعر الأحوص:
تُرِيدُ بِهِ البِرَّ يَا لَيْتَهُ *** كَفَافاً مِنَ البِرَّ والمَأْثَمِ
وَمَنْ يَحْذَرِ الأَمْرَ الَّذِي هُوَ وَاقِعٌ *** يصبهُ، وإنْ لمْ يهوهُ،
ما يحاذرُ
ـ فيقول الشاعر عماد الدين الأصبهاني:
من الناس بالبر صدت الكرام *** وبالبأس في البر صدت الوحوشا
ـ فيقول الشاعر الخُبز أَرزي:
مَن لاذ بالفُجّارِ يُدعى فاجراً *** ومُبَرَّراً مَن لاذَ بالأبرارِ
ـ فيقول الشاعر الفرزدق:
وَأكَلْتَ ما ذَخَرَتْ لنَفْسِكَ دونَها *** وَالجَدْبُ فيهِ تَفاضَلُ
الأبْرَارُ
وَتَرى اللَئيمَ كَذاكَ دونَ عِيالِهِ *** وَعَلى قَعيدَتِهِ لَهُ
اِستِئثارُ
ـ فيضيف الشاعر الحطيئة:
حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملة *** ولا عرفوا للبر مذ خلقوا طعما
ـ فيقول الشاعر ابن نباتة المصري:
يقولون ماذا من أياديه ترتضي *** فقلت التي تضى لمثلي نوافله
و ما البر الا مانوته هباته *** لعافٍ ولكن أهنأ البرّ عاجله
ـ فيضيف الشاعر الفرزدق:
وَأعطاهُ بالبِرّ الّذي في ضَمِيرِهِ، *** وَبالعَدْلِ أمْرَيْ كلّ شَرْقٍ
وَمغرِبِ
ـ فيقول الشاعر ابن الخيمي:
يا من عادات كل من جاء اليه *** بسط اليد بالدعا والبر لديه
ـ فيضيف الشاعر الطرماح:
فَتَطَرَّبْتُ (للجود)، ثُمَّ أقْصَرْ *** تُ رِضاً بالتُّقَى، وذُو
البِرِّ راضي
فإنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ مَا مَضى *** منَ البرِّ، واستيجابَ مَا كانَ
في غدِ
ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت:
أعطوا نبيَّ الهدى والبرّ طاعتهمْ، *** فمَا وَنَى نَصْرُهُمْ عنْهُ وَما
نَزَعُوا
ماذا تقولونَ، إنْ قالَ النبيُّ لكمْ، *** حينَ الملائكة ُ الأبرارُ في
الأفقِ
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:
أين الملائكة الأبرار يقدمهم *** جبريل يستبق الهيجا ويبتدر
يا للشهيد بدار الحرب تكنفه *** فيها الملائكة الأبرار والرسل
ـ فيضيف الشاعر عروة بن أذينة:
من عدَّ خيراً عددنا فوق عدِّته *** من طيبينَ نُسَمِّيهُمْ وأَبرارِ
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
ألْحَمْدُ للِه فَرْدا لاَ شَرِيْكَ لَهُ *** البَرُّ بالعَبْدِ وَالْبَاقي
بلا أَمَد
ـ فيضيف الشاعر كعب بن زهير:
سأدعوهم جهدي إلى البرِّ والتُّقى *** وأمرِ العلا ما شايعتني الأصابعُ
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
جَمَعَتْ عَلى البِرِّ الحُضورَ وَرُبَّما *** جَمَعَتْ عَلَيهِ سَرائِرَ
النُزّاحِ
ولم يزِدْكَ كرسمِ الأَرض معرفة ً *** وتارة ً بفضاءِ البَرِّ مُزدانا
أوفى الرجالِ لعهدهِ ولرأيهِ *** وأبرّهم بصديقهِ والجار
إن تكن للثواب والبِرِّ داراً *** أَنت للحق والمراشدِ مَغْنَى
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
ليشكر الله عنا المحسنين فهم *** صلاح مجتمع قد ناهز التلفا
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
أيها الناسُ، اسمعوا، أصغوا له *** أخرجوا المال إلى البرِّ يعدْ
لكلِّ جنى زكاة ٌ في الحياة ِ *** ومعنى البِرِّ في لفظِ الزكاة
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:
صحبتك تعلم أن برك زادها *** والبر بالحب الصريح ضمين
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
بيني وبين أبي العلاءِ قضيَّة ٌ *** في البرِّ أسترعي لها الحكماءَ
ـ فيكمل الشاعر أحمد محرم:
ويح العهود أصاب الخسف ذاكرها *** وآب بالبر والإكرام ناسيها
تردى البر والإيمان فيها *** وضج الكفر منها والعقوق
نحمل الأقلام غراً ولنا *** صحف الأبرار بين الكاتبين
ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل:
و ما نبل الصّلاح على ضعيف *** فبعض الذلّ تحسبه صلاحا
ـ فيشير الشاعر عبد الغفار الأخرس إلى أحد الصالحين (بحق)؛ قائلا:
نَعَمْ ما لهذا الأمر غيرك صالحُ *** وإنْ قيل هَلْ من صالحٍ قيل صالحُ
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
كان في قومه صلاحا وإصلاحا *** فعاشوا في عفة ورخاء
وليس بمصلح للناس شيء *** كزوجات صلحن وأمهات
صرفت في إصلاحه وصلاحه *** رفق الحليم وفطنة المتبصر
ـ فيومئ الشاعر البحتري برأسه إيجابا؛ ويقول:
مُوَفَّقٍ للصّالحَاتِ، مُيَسَّرٍ، *** وَمُحَبَّبٍ، في الصّالحينَ،
مُؤمَّلِ
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
لا تصلح الدّنيا و يصلح أمرها *** إلاّ بفكر كالشعاع صراح
ـ فيرد الشاعر ابن الرومي؛ معترضا:
دع الزمانَ فكَمْ نصيحٍ حازمٍ *** قد رام إصلاحَ الزمان فما صَلَحْ
ومن ذاك ذَمَّ الصالحون أمورَهُ *** وقالوا جميعاً صالحُ الدهر فاسدُ
ـ فيضيف الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
برأي من الدهر المضلل فاسد *** متى صلحت للصالحين دهور
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
ماذا يراد بنا وأين حلومنا *** فسد الزمان فما يرام صلاح
ـ فيرد الشاعر السري الرفاء:
أصلحَ اللّهُ لكَ الدَّهرَ فقد *** أصلحَتْ يُمناك دهري فصَلُح
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
خلفاؤه الأبرار نزع حبهم *** فيه وطهرهم من الأدران
العدل إن حكموا والحق إن طلبوا *** والخير إن عملوا والبر إن رغبوا
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
إنما الصالح يبقى صالحا *** آخر الدهر ويبقى الشر شرا
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
حوَتْنا شُرُورٌ، لا صلاحَ لمثلِها، *** فإنْ شذّ منّا صالحٌ، فهو نادرُ
ـ فيقول الشاعر البحتري:
فإنْ تَدْعُني للشّرّ أُسْرِعْ، وَإن تُهِبْ *** بصُلحي، فقد أبقَيتُ
للصّلحِ مَوْضِعَا
ـ فيقول الشاعر البوصيري:
الناسُ كالزَّرْعِ في منابِتِهِ *** هذا له تُرْبَةٌ وَذَا تُرْبَهْ
وآمُرُ الناسَ بالصَّلاحِ ولاَ *** أصلحُ نفسي، حرمتها حسْبَه
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
صالح الاسم صالح الفعل يفنى *** وله الباقيات في الصالحات
ـ فيرد الشاعر عبد الله الخفاجي:
البَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَرُبَّمَا *** كانتْ بواقي القولِ غيرَ صوالحِ
ـ فيقول الشاعر عرقلة الكلبي:
لئن كان الفساد لكم صلاحاً *** فمولانا الصلاحُ لكم فسادُ
ـ فيضيف الشاعر محيي الدين بن عربي:
لله قومٌ إذا ما أصلحوا فسدوا *** وثم قوم إذا ما أفسدوا صلحوا
ـ فيقول الشاعر علي بن محمد التهامي:
وأردت إصلاح الأمورِ فأفسدت *** فنهضت حتى استحكمت إصلاحا
ـ فيضيف الشاعر مهيار الديلمي:
فكلما تبصره صالحا *** فإنما يصلحُ بعد الفسادْ
ـ ويقول الشاعر ابن عبد ربه:
والمالُ إنْ أصلحتهُ *** يصلحْ وإنْ أفسَدْتَ يَفْسُدْ
ـ فيضيف الشاعر صفي الدين الحلي:
ولو تابعوا قولَ الإلهِ وأمرَهُ، *** لَقالوا بأنّ الصّلحَ للخَلقِ أصلَحُ
ـ فيقول الشاعر الأعشى:
إنّمَا نَحْنُ كَشَيْءٍ فَاسِدٍ، *** فَإذا أصْلَحَهُ الله صَلَحْ
ـ فيضيف الشاعر محيي الدين بن عربي:
وإنَّ شؤونَ البِرّ إصلاحُ خلقه *** لمنْ يطلبُ الإصلاحَ فالمحسنُ اللهُ
ـ فيكمل الشاعر البرعي:
ما ان رجوت به الهدى لِضَلالَتي *** الا لقيت بها صلاح فَسادى
ـ وتختتم ندوتنا (الافتراضية) بأبيات حكيمة للإمام علي بن أبي طالب؛ يقول
فيها:
إِنَّ المَكارِمَ أَخلاقٌ مُطَهَرةٌ *** فَالدّينُ أَوَلُّها وَالعَقلُ
ثانيها
وَالعِلمُ ثالِثُها وَالحِلمُ رابِعَها *** وَالجودُ خامِسُها وَالفَصلُ
ساديها
وَالبِرُّ سابِعُها وَالصَبرُ ثامِنُها *** وَالشُكرُ تاسِعُها وَاللَينُ
باقيها
وَالنَفسُ تَعلَم أَنّي لا أُصادِقُها *** وَلَستُ أَرشُدُ إِلا حينَ
أَعصيها.
ـــــــــــــــــــــ
(**) هامش
ـــــــــــــــــــــ
"بنو عاملة: بطن من بطون سبأ وهي قبيلة عربية يمنية قديمة هاجرت من
بلاد اليمن سنة 300 قبل الميلاد، بعد الطوفان وخراب سد مأرب ونهاية مملكة سبأ,
ونزلوا بالقرب من دمشق في جبل هناك يعرف بجبل عاملة" (موسوعة ويكيبديا).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر