الأحد، 20 أبريل 2014

مفهوم الفقر عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم/ مجدي شلبي

 مفهوم الفقر عند فحول الشعراء العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو شاعر جاهلي فحل، واسمه جرير الضبعي، من قبيلة ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، إحدى قبائل بكر بن وائل، وقد لقب بـ(الملتمس) الضبعي لبيت شعره الذي قال فيه:

(وذاك أوان العرْض حيَّ ذبابه *** زنابيره والأزرق المتلمّسُ)

وهاهو يتقدم (افتراضيا) نحو المنصة؛ قائلا:

يا عائب الفقير ألا تزدجر *** عيب الغنى أكبر لو تعتبرْ

من شرف الفقر ومن فضله *** على الغنى إن صحَّ منك النظرْ

ـ فيضيف علي بن أبي طالب:

دليلك أن الفقر خيرٌ من الغنى *** وأن قليل المال خيرٌ من المُثري

لقاؤك مخلوقًا عصى الله للغنى *** ولم ترَ مخلوقًا عصى الله للفقرِ

ألم ترَ أنَّ الفقر يرجى له الغنى *** وأنَّ الغنيَّ يُخشى عليه من الفقرِ

ـ فيقول الشاعر عروة بن أذينة:

فما امرىء لم يضع دينًا ولا حسبًا *** بفضل مالٍ وقى عِرضًا بمغبونِ

كم من فقيرٍ غنيَّ النفس تعرفه *** ومن غنيٍّ فقير النفس مسكينِ

ـ فيضيف الشاعر محمود سامي البارودي؛ ناصحا:

فلا تحتقر ذا فاقة فلربما *** لقيت به شهمًا يُبِرُّ على المُثري

فرب فقير يملأ القلب حكمة *** ورب غنيٍّ لا يريش ولا يَبري

ـ ويقول الشاعر مهيار الديلمي:

حبَّبَ الفقرَ إليه أنه *** سؤددٌ وهو بذاك الفقر يغنى

ـ فيضيف الشاعر محمود سامي البارودي:

ولا تعترف بالذل في طلب الغنى *** فإن الغنى في الذل شر من الفقر

 وكن وسطًا لا مُشرَئِبًا إلى السُها *** ولا قانِعًا يبغي التزلُّف بالصُّغرِ

فأحمَدُ أخلاقِ الفتى ما تكافأت *** بمنزلةٍ بين التواضُع والكِبرِ

ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:

إذا لم يكن للمرء عن عيشةٍ غنًى *** فلا بدَّ من يسر ولا بد من عسرِ ومن يخبر الدنيا ويشرب بكأسها *** يجد مرّها في الحلو والحلو في المرِّ

ومن كان يعزو بالتعلّات فقره *** فإني وجدت الكدَّ أقتَلَ للفقر

ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:

لا يعوز الإنسان حبّ و نعمة *** و لا يعوز الطّير الجداول و الحبّ

ـ فيضيف الشاعر امرؤ القيس: 

وما يدري الفقير متى غناه *** وما يدري الغنيّ متى يموتُ

وما تدري إذا يممت أرضًا *** بأيّ أرضٍ يدركك المبيتُ

ـ ويقول الشاعر ابن نباتة السعدي:

ما الفقرُ للمذلة صاحبٌ *** وما الناس للغنيِّ صديقُ

ـ فيضيف الشاعر المتنبي:

ومَنْ يُنفِقِ السّاعاتِ في جمعِ مالِهِ *** مَخافَةَ فَقْرٍ فالذي فَعَلَ الفَقْرُ

ـ ويكمل الشاعر الحكم بن أبي الصلت:

ويثنيك خوف الفقر عن كل بغية *** وخوفك حال الفقر شيء من الفقر

ـ فيقول الشاعر علي بن محمد التهامي:

نزداد هماً كلما ازددنا غنى ً *** والفقرُ كلُّ الفقر في الإكثار

ـ ويضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:

إذا زادكَ المالُ افتقاراً وحاجةً *** إلى جامِعِيهِ، فالثراءُ هو الفقرُ

ـ فيكمل الشاعر المتنبي؛ متهكما:

فَقْرُ الجَهُولِ بِلا قَلْبٍ إلى أدَبٍ *** فَقْرُ الحِمارِ بلا رَأسٍ إلى رَسَنِ

ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:

أغناهمُ اللَّهُ من مالٍ، وأفقرَهُمْ *** من الرشادِ، فما استغْنَوا، بل افتقروا

وأغنَتِ الشَّرْبَ إلاّ من جميلِ نُهىً، *** مَنْ يَفتَقِرْ منه يوجَدْ شرَّ مفتقِر

ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:

ومن راح ذا حرص وجبن فإنه *** فقير أتاه الفقر من كل جانبِ

ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:

والفقرُ أحمدُ من مالٍ تُبَذّرُهُ، *** إنّ افتقارَكَ مأمونٌ بهِ السَّرَفُ

ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:

ففقرُ من العقل المُسدَّد للهدى *** وفقرٌ من المال المشدِّد للأزر

أما حسبُكم أن تطردوا الفقر وحدهُ *** عن الناس حتى تطردوا الجهل والفقرا

ـ فيقول الشاعر جرير:

يُحالِفُهُم فَقرٌ قَديمٌ وَذِلَّةٌ *** وَبِئسَ الحَليفانِ المَذَلَّةُ وَالفَقرُ

ـ فيقول الشاعر كثير عزة:

وللفقراء عائِدَة ٌ وَرُحْمٌ *** ولا يُقْصَى الفقيرُ ولا يَعِيلُ

ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران؛ محذرا:

حذار من الفقر المنيخ بكلكل *** فما من مذل للأعزاء كالفقر

ـ فيقول الشاعر ابن خفاجة:

فالحرّ مفتقرٌ إلى عزّ الغنى *** فقرَ الحسامِ إلى يمينِ الفارسِ

ـ فيضيف الشاعر ابن الخياط:

وَوا أسَفاً مَنْ للفقيرِ يميرُهُ *** إذا شفَّهُ داءٌ مِنَ الفقرِ مُعضِلُ

ـ فيكمل الشاعر أحمد شوقي:

جمحتْ جراحُ المعوزين، وأعضلتْ *** أدواؤهم، وتغيَّبَ الشافونا

ـ فيقول الشاعر عبد الجبار بن حمديس:

فقيرٍ مُعْسِرٍ قد صانَهُ *** من مهين الفقر بالمال المهان

ـ فيضيف الشاعر لبيد بن ربيعة العامري:

وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ *** وفاقرة ٌ تأوي إليْها الفواقِرُ

ـ فيقول الشاعر الراعي النميري:

بكى معوزٌ منْ أنْ يلامَ وطارقٌ *** يَشُدُّ مِنَ الْجُوعِ الإزَارَ علَى الْحَشَا

ـ ويضيف الشاعر أحمد محرم:

وجف معين المال فالرزق معوزٌ *** وإن أمعن الساعي إلى القوت يجهد

ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:

قد عمّنا الغشُّ، وأزرى بنا *** في زمنٍ أعْوَزَ فيه الخُصوص

دليلُ ذلكَ أنّ الحُرّ أعوزهُ *** قُوتٌ، وأنّ سواهُ فازَ بالمال

ـ فيضيف الشاعر البحتري:

فَلَقَدْ طَلبتُ الرّزْقَ بَعدَكَ مُعوزاً، *** وَمَدَحْتُ، بَعد فِرَاقِكَ، الأفّاكَا

ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:

أسفي لِعُمْرٍ ضاعَ مُذهَبُهُ *** في حبه لو رَدّهُ الأسَفُ

وهَوىً عُنِيتُ بِرعْيِ ذمَّتِهِ *** فأضَاعَهُ المتلَوِّنُ الطَّرِفُ

أنفقت في كسبي مودتهم *** شرخَ الشبابِ فأعوزَ الخلَفُ

ـ ويضيف الشاعر ابن حيوس:

وألفيتُ إخلافَ المواعيدِ معوزاً *** لَدَيه وَأَخْلاَفَ الْمَكارِمِ حُفَّلا

ـ فيؤكد المعنى الشاعر لسان الدين الخطيب:

عندي لموعدك افتقار محوج *** ووعودك افتقرت إلى إنجازها

ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:

للهِ دَرُّ الإباءِ أعوَزَهُ *** في جانبِ الذُّلِّ عزَّه فَنبا

ـ فيضيف الشاعر محمد إقبال:

ذلك الإعواز أصل العلل *** كل آلامك من ذا المعضل

ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:

وقدْ أمكنَ الإنصافَ والجودَ فرصة ٌ *** إذا أعوزتْ في العسرِ قامَ بها اليسرُ

ـ فيقول الشاعر لسان الدين الخطيب:

تكلفت فيك الصبر والصبر معوز *** وملت إلى الأطماع وهي غرور

ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:

ومنذُ وجَدتُ من همي رسيساً *** إلى روحي وأعوزني ارتباحي

وقد أعوزَتْني بعده بلّة الصدى *** فمن لي ببحرٍ موجُهُ متلاطم

ولم يُرَ مَن يُسَدُّ به خِلالٌ *** إذا ما أعوز الأمر السدادا

ـ فيقول الشاعر عرقلة الكلبي:

كم غنيِّ اليمين أَمسى فقيراً *** وفقيرٍ أَمسى غنيَّ اليمينِ

ـ فيضيف الشاعر عبد الجبار بن حمديس

أفاضَ الغنى من راحتيه فلا فقر *** كأن حبياً ساكناً فيضَ ودقه

ـ فيقول الشاعر معروف الرصافي:

وبعضٌ له أنفٌ أشمٌ من الغنى *** وبعض له أنف من الفقر أجدع

ـ فيكمل الشاعر علي بن محمد التهامي:

على أنني لا أستكين لنكبة ٍ *** ولا واضعٌ جنبي وإن مسني فقر

ـ فيضيف الشاعر معروف الرصافي؛ ناصحا:

إن رمت عزاً على فقر تكابده *** فاستغن عن مال أهل البذخ والبظفر

الحب والبغض لا تأمنِ خداعهما *** فكم هما أخذا قوما على غرَر

 فالبغض يبدي كدورا في الصفاء كما *** أن المحبة تبدي الصفو في الكدر

ـ ويختتم الشاعر محيي الدين بن عربي ندوتنا (الافتراضية)؛ قائلا:

أنا مريضٌ ودائي ليس يعرفه *** إلا العليمُ بحالي الراحمُ الشافي

عجز وفقر إلى ربي ومسكنة *** إلى سؤالٍ بإلحاحٍ وإلحافِ

إنَّ العبيدَ أولي الألبابِ قدْ نصبوا *** لرمي أسهمٍ بلواهُ كأهدافِ

الله عاصمهم من كلِّ نازلة ٍ *** بما يجنُّ منْ ألطافٍ وأعطافِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/08/22/530436.html