مفهوم الطلاق عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ لُقب بـ(رهين المحبسين): أي محبس العمى، ومحبس البيت الذي اعتزل الناس فيه
حتى وفاته، هو الشاعر والمفكر والنحوي أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (أبوالعلاء المعري)،
الذي يتوجه الآن (افتراضيا) نحو المنصة؛ فيقول:
لدنياك حسن على أنني *** أرى حسنها حسناً
مخلقا
فَما طُلّقَتْ هيَ بَل طَلّقَتْ، *** ولَستَ
بأوّلِ مَنْ طُلّقا
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
شِخت فأْذنْ بفراقٍ *** وتجهز لانطلاق
بِنت عني بطلاقٍ *** وطَلاقٍ وطلاقِ
ـ فيكمل الشاعر أبوالعلاء المعري:
أَرى الدُنيا وَما وُصِفَت بِبِرٍّ *** مَتى
أَغنَت فَقيراً أَوهَقَتهُ
كَسَتهُ شَبابَهُ وَنَضَتهُ عَنهُ ***
وَكَرَّت لِلمَشيبِ فَمَزَّقَتهُ
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
ما لي إِلى الدُنيا الغَرورَةِ حاجَةٌ ***
فَليَخزَ ساحِرُ كَيدِها النَفّاثُ
طَلّقْتُهَا ألفاً لأِحْسِمَ دَاءَهَا ***
وَطَلاقُ مَنْ عَزَمَ الطّلاقَ ثَلاثُ
ما لي إِلى الدُنيا الغَرورَةِ حاجَةٌ ***
فَليَخزَ ساحِرُ كَيدِها النَفّاثُ
سَكَناتُها مَحذورَةٌ وَعُهودُها ***
مَنقوضَةٌ وَحِبالُها أَنكاثُ
ـ فينبري الشاعر أحمد الصافي النجفي؛ قائلا:
بمجتمع النفاقِ أضعتُ عمري *** وفي سوق
الكسادِ عرضتُ شعري
ولو صحَّ الطلاقُ لأيّ قومٍ *** إذن طلَّقتُ
قومي منذ دهر
أمُتُّ لهم بجسمي لا بروحي *** وأحيا بين
عصرٍ غيرِ عصري
يُكلِّفني النفاقَ محيطُ سوءٍ *** وتأبى
همّتي وكريمُ نَجْري
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
عَنسيَ في الدّنيا سوى الرّاهي، ***
طَلّقْتُها تَطليقَ إكراهِ
وَالجَدُّ أَبراها لِمَن راضَها *** فَاِنهَض
إِلى عَنسكَ إِبراهِ
وَإِنَّما نَحنُ أَسارى بِها *** وَسَوفَ
تودي بِالأَساري هي
ـ فيقول الشاعر ابن رشيق القيرواني الأزدي:
دُنْياكَ قِدماً قد طَلَّقتها *** ما اليومَ
حين فَجَعْتَها بطلاقِ
أَرَغِبْتُمُ عَنِّي بِأُنْسِكُمُ ***
وَحَرَمْتُموني طِيبَ أَمْسِكُمُ
إِنْ كُنْتُ لَمْ أَحْضُرْ لِعُرْسكُمُ ***
فَلَقَدْ حَضَرْتُ طلاقَ عِرْسِكُمُ
ـ فيضيف الشاعر الشريف الرضي:
ألا قاتل اللّه الذي جاء غازيا، *** فقارعنا
عن مخّة السّاق و انتقى
وآخر طلّقت (الشرور بفقده) *** واستودعت
بيداء سملقا
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
يا حرَّ صدري على الخُطوبِ وما *** تطْويه
بالغيبِ من بوائقها
طلَّقتُ من بعدكم مَناعمَ أص *** بحتُ أرجِّي
رِجاعي طالقها
يا من يُحبُّ العلا مُنافقة ً*** هيهات أعيت
على مُنافِقها
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
أرانا عناة في يد الدهر نشتكي *** تأكد عقد
من عراه وثيق
وَليسَ طَليقُ اليَوْمِ مَنْ رَجَعَتْ له ***
صُرُوفُ اللّيالي، في غَدٍ، بطَليقِ
تفاوتت الأيام فينا فأفرطت *** بظمآن باد
لوحه وغريق
ـ فيقول الشاعر كشاجم:
عَذِيريَ منْ صرفِ هذا الزّمنْ *** رماني
فأقصَدَني بالمِحَنْ
كثيرُ النّوائبِ جمُّ الخطوبِ *** قديمُ التّراتِ
شديدُ الإحَنْ
وكم من رهينٍ بهِ مُطْلَقٌ *** وكم من طليقٍ
بهِ مُرتْهَنْ
أعاتِبُ دهريَ والدّهرُ عن *** عِتَابِ
الأَديبِ أصمّ الأُذُنْ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
يُطَلِّقُ عِرْسَه، إن مَلّ منها، ***
ويأسَفُ إثرَ عِرسٍ طَلّقَته
أكلّتْهُ، النّهارَ، وأنصَبَتْهُ، ***
وأشكَتهُ، الظّلامَ، وأرّقَته
سقَتهُ زمانَهُ مَقِراً وصاباً، *** وكأسُ
الموتِ آخِرُ ما سقَته
ـ فيضيف الشاعر حيدر بن سليمان الحلي:
فمضى الردى بك راغباً بطلاقها *** دنياً
تجدُّ تبعلاً بطلاق
معشوقة ٌ وهي الملالُ وإنها *** لعلى الملال
كثيرة العشاق
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
ظُلِمَ الأَنامُ فَناصَ بِيَدَكِ مُفرَداً
*** حَتّى تُعدُّ مِنَ الرِجالِ البُيّدِ
ومقيَّدٌ، عند القضاءِ، كمُطلَقٍ، *** فيما
ينوبُ، ومطلَقٌ كمقيَّد
ـ فيضيف الشاعر ابن الخياط:
فإنْ أنا لمْ أطْلِقْ لسانِي بحمدِها ***
فأُمُّ العُلى والمجدِ منِّيَ طالِقُ
ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:
ابنِ بها عذراءَ مولودة ً *** في الحلِّ لمْ تسبَ ولمْ تسرقِ
ناشزة ً لولاكَ ما أنكحتْ *** وهي إذا طلقتْ
لمْ تطلقِ
ـ فيضيف الشاعر صفي الدين الحلي:
(فابن بها)، وطلق ما سواها *** تَعِشْ في
النّاسِ ذا وَجهٍ طَليقِ
ـ فيقول الشاعر ابن شيخان السالمي:
صونُ الفروج واجب *** إلا الحلالَ الطيِّبا
ولا طلاق منهما *** إلى بلوغ وجبا
والعلم يجلو الجهل مثـ *** ـلَ البدر يجلو
الغيهبا
ـ ويقول الشاعر محمود درويش:
تحلم أنّ النهار
على رصيف الليلة الآتية
لماذا تموتين قبل طلاق النهار
من الليل...
ـ فيقول الشاعر الحلاج :
انفصل الفصل بافتراق *** فصار في غيبتي حضوري
تؤنسني بالنهار حقاً; *** وأنت عند الدجى
سميري
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل (في موضع آخر):
السامر الحلو قد مرّ الزّمان به *** فمزّق الشمل سمّارا و ندمانا
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
طِباعُ الوَرى فيها النّفاقُ، فأقصِهم *** وحيداً، ولا تَصحَبْ خليلاً
تنافِقُه
يُضاحِكُ خِلٌّ خِلَّهُ وَضَميرُهُ *** عَبوسٌ وَضاعَ الوِدُّ لَولا
مَرافِقُه
ـ فيختتم الشاعر إبراهيم الأسطى ندوتنا
(الافتراضية)؛ قائلا:
عجبا لي ولغيري *** كيف نرضى بالنفاق
فترانا عند ذكر الد *** دين نصغي في اشتياق
بينما نحن من الدي *** ن جميعا في طلاق!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/08/24/530646.html