الأحد، 6 أبريل 2014

مفهوم التهوين عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم/ مجدي شلبي

 ثنائية التهوين والتهويل من منظور شعري

مفهوم التهوين عند فحول الشعراء العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو إبراهيم ناجي بن أحمد ناجي إبراهيم القصبجي (الشاعر إبراهيم ناجي/ شاعر الأطلال)، وهو يتجه (افتراضيا) الآن نحو المنصة؛ قائلا:

دعوت فلبينا ودارك كعبة *** بها انعقد الإخلاص والحب طوَّفا

خميلتنا تهفو إليها قلوبنا *** وأي فؤاد للخميلة ما هفا

فيا ندوة السمار هل من مسجل *** يدوّن إعجاز القرائح منصفا

ليشهد أن الشعر شيء مشى بنا *** مع الطبع جل الطبع أن يتكلفا

وفي دمنا يجري به متواصلا *** مع النفس الجاري وينساب مرهفا

فهل ناقل عني الغداة وناشر *** مقالة صدق قد أبت أن تحرّفا

ـ فيحييه الشاعر ابن الرومي، ثم يبادر بإلقاء أبيات من شعره حول موضوع ندوتنا (التهوين عند فحول الشعراء العرب):

يا مَنْ هواه من القلوب مَكينُ *** والماءُ في الوَجَنات منه مَعينُ

فكِّر وقل لهُمُ مقالةَ صادقٍ *** يحتجُّ عند مقاله ويُبين

إنا نُكاد ولا نَكيد عدوَّنا *** ثقةً بكيد اللَّه وهو متين

يا من يُهَوِّن أن يخون أمانةً *** أقسمتُ أن سَيُهينك التهوين

ولعل ذا جهل يقول بجهله *** إن المُعاتِبَ في الطفيف مَهين

ـ فيكمل الشاعر عبد الغني النابلسي:

تراهم للشر في تهوين *** وتراهم للخير في تصعيب

أنطقوا كل بومة بهواهم *** وأرادوا السكوت للعندليب

حاولوا يطفئون بالزور نوري *** ويذلون عز قدري المهيب

فرأوا من عناية الله بي ما *** أصبحوا منه في أسى ونحيب

وإلى الله قد توسلت فيهم *** وعليهم رب العباد حسيبي

ـ ثم يضيف:

إني توسلت في الدنيا إليك بمن *** جعلته سبباً في كل تدوين

أن تشرح الصدر من ضيق ومن حرج *** وتفرج الهم من صعب بتهوين

 ولا تدعني أمد الكف في طلب *** ممن سواك على ظن وتخمين

ـ فيكمل الشاعر البوصيري:

مَنْ لِشَيْخٍ ذِي عِلَّةٍ وعِيالٍ *** ثَقَّلَتْ ظَهْرَهُ بِغَيرِ ظَهيرِ

أَثْقَلُوهُ وَكَلَّفوهُ مَسيراً *** ومِنَ المُسْتَحيلِ سَيْرُ ثَبيرُ

حَسِبَتْ عِلَّتِي تَزُولُ فقالتْ *** يا كَثِيرَ التَّهْوينِ وَالتَّهْوِيرِ

وَاقْتَضَتْنِي الشِّوارَ بَغْياً عَلَى *** مَنْ بيتُهُ ليسَ فيهِ غير حَصِيرِ

وأَبَوْا أنْ يُساعِدُونِي عَلَى قُو *** تِ عِيالِي بُخْلاً بِكَيْلِ بَعِيرِ

فَسَيُغْنِيني الإلهِ عنهمِ بِجَدْوَى *** خيْرِ مَولىً لَنا وخيرِ نَصِيرِ

ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:

يا طَيرُ كَدرُ العَيشِ لَو تَدري *** في صَفوِهِ وَالصَفوُ في الكَدرِ

وإذا الأُمورُ استُصعِبَتْ صَعُبَتْ *** ويهون ما هوّنتَ من أَمر

يا طَيرُ لَو لُذنا بِمُصطَبَرٍ *** فَلَعَلَّ روحَ اللَهِ في الصَبرِ

ـ فيضيف الشاعر مهيار الديلمي:

و زاحمْ على باب العلا ضاغطا *** لا بدّ أن تدخُلَ بين الزحامْ

بهمّةٌ أيسرُ ما ترتقِي *** إليه تهوينُ الأمورِ العِظامْ

من طلبَ الغايةَ خطواً على *** ظهر الهوينا رامَ صعبَ المرامْ

ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:

هَوَّن عَلَيكَ الأُمورَ وَاِعلَم *** أَنَّ لَها مَورِداً وَمَصدَر

وَاِصبِر إِذا ما بُليتَ يَوماً *** فَإِنَّ ما قَد سَلِمتَ أَكثَر

ـ فيكمل الشاعر ابن قلاقس:

هوّنْ عليكَ وكنْ للخطبِ مُصْطَبِرا *** فذو النُهى لنزولِ الخطبِ يصطبرُ

ـ فيضيف الشاعر أبو زيد الفازازي:

هوّن إذا هولت واعلم إنما *** تقوى على التهويل بالتهوين

لم يأت في الإِبداع فناً واحداً *** إلاَّ أتى من بعده بفنون

ـ فيكمل الشاعر جبران خليل جبران:

فن بذلت له الحياة مثابرا *** في حومة الآلام والآمال

يجني المنى كالورد من أشواكه *** ويهون الآلام بالآمال

ـ فيقول الشاعر البحتري:

أَطِل جَفوَةَ الدُنيا وَتَهوينَ شَأنِها *** فَما العاقِلُ المَغرورُ مِنها بِعاقِلِ

وَلَيسَ الأَماني في البَقاءِ وَإِن مَضَت *** بِها عادَةٌ إِلّا أَحاديثُ باطِلِ

ـ فيقول الشاعر الأرجاني:

لا تسَلْ أنْ أَقُصَّ ما كان منها *** وأجِرْ إنْ أطقْتَ مِمّا يكون

كم تُرجَّي تَعَلُّلاً بالأماني *** أنْ سيُقْضَى لصَعْبِه تَهْوين

فيكَ يا دهرُ مُقْعدي ومُقيمي *** أمَلٌ جامحٌ وحَظٌّ حَرون

طَرْفيَ الدّهرَ مُقْفِرٌ من وفيٍّ *** وفؤادي من حبِّه مَسْكون

ـ فيكمل الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:

أخاف عليك الناس أن يلهجوا بنا *** وأكتم حتى عنك سرى وأبعد

وهون عندي ما أعاني من الجوى *** يعقيني أن البعد أحجى وأرشد

ـ فيقول الشاعر أبو زيد الفازازي:

هوّن إذا هولت واعلم إنما *** تقوى على التهويل بالتهوين

ولكم عذول قد رددت مقاله *** ردَّ المقيم على مقام الهون

يكفيك من بحر الغرام وعصفه *** دمع الهوى وتنفس المحزون

ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل:

و تسري الصّبا من بعيد إليها *** و قد هوّن الحبّ حزن الطريق

إلى أن تمرّ عليها فتاة *** فتنزعها نزع برّ رفيق

و تنزلها منزلا هانئا *** على النّور لا يشتكى فيه ضيق

ـ فيقول الشاعر لسان الدين الخطيب:

هون عليك فما الشكوى بنافعة *** وكل صعب إذا هونته هانا

ـ فيكمل الشاعر أبو العلاء المعري:

هَوِّن عَلَيكَ فَما الدُنيا بِدائِمَةٍ *** وَإِنَّما أَنتَ مِثلُ الناسِ مَغرورُ

جيب الزمان على الآفات مزرور *** ما فيهِ إِلّا شَقِيُّ الجَدِّ مَضرورُ

وَلَو تَصَوَّرَ أَهلُ الدَهرِ صورَتَهُ *** لَم يُمسِ مِنهُم لَبيبٌ وَهوَ مَسرورُ

ـ فيضيف الشاعر محمد مهدي الجواهري:

حراجةٌ لو يُرى حمدٌ يرافقها *** هانتْ وقد يُدَّرى خطبٌ بتهوين

لكنْ رأيتُ سِماتِ الخيرِ ضائعةً *** في الشرِّ كاللثغِ بين السينِ والشين

ما أضيعَ الماسَ مصنوعاً ومتطَبِعاً *** حتى لدى أهلِ تمييزٍ وتثمين

فيكمل الشاعر يوسف النبهاني:

فَقَد بُليتُ بعصرٍ كلّه فتنٌ *** فيهِ أخو الحقّ مغلوبٌ ومغلولُ

عَصرٌ على الخيرِ صالَ الشرّ فيه ولا *** تهوينَ إلّا علاه فيه تهويلُ

هذا الزمانُ الّذي بيّنت شدّتهُ *** فكلُّ ما قلتَ فيه اليوم مفعولُ

ـ فيقول الشاعر ابن النبيه:

فلا رعى الله زماني لقد *** هون من أمري ما لا يهون

ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:

لا مطلب اليوم إلا الحق نكبره *** عن أن يهون وأن يرمى بنقصان

ظلت تهون على الأيام قيمته *** حتى ترفع عنه الترب والخشب

ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:

لا تُلزِمَنّي بالهَوانِ وحَملهِ *** إن احتمال الهون ثقل مرهق

ـ فيرد الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني؛ قائلا:

ما أنا خيراً منك حالاً وإنما *** أعالج ما ألقى عساه يهون

ـ فيضيف الشاعر أبو تمام:

لانَت مَهَزَّتُهُ فَعَزَّ وَإِنَّما *** يَشتَدُّ بَأسُ الرُمحِ حينَ يَلينُ

وتَرَى الكَرِيمَ يَعِزُّ حينَ يَهُونُ *** وتَرَى اللئيمَ يَهُونُ حينَ يَهُونُ

ـ فيكمل الشاعر خليل مطران:

انَّكَ مُحْرِزٌ قَصَبَ المَعَالِي *** بِحَيْثُ غَدَتْ ذُرَاهَا لا تُرَامُ

وأنك إن يضم للناس جار *** فجارك لا يهون ولا يضام

ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:

ضرب الضربة التي هونت كل *** شكاة وأخرست من يقول

فليدر في مداره الفكر حيران *** ويجمد بالناظرين الذهول

كل ود يدول لكن ودي *** لك ما دمت ثابت لا يدول

ـ فيقول علي بن أبي طالب:

هوِّنِ الأَمْرَ تَعِشْ في راحَة ٍ *** كُلَّما هَوَّنْتَ إلاَّ سَيَهُونُ

لَيسَ أَمرُ المَرءِ سَهلاً كُلّهُ *** إِنَّما الأَمرُ سَهولٌ وَحَزونُ

تَطلُبُ الراحَةَ في دارِ العَنا *** خابَ مِن يَطلُبُ شَيئاً لا يَكونُ

ـ فيضيف الشاعر أبو العلاء المعري:

هَوِّن عَلَيكَ وَلا تُبالِ بِحادِثٍ *** يُشجيكَ فَالأَيّامُ سائِرَةٌ بِنا

ـ فيكمل الشاعر ابن علوي الحداد:

هون عليك نائب الدهر *** يهن عليك كل ما يجري

وكن للطف اللَه منتظراً *** من حيث لا تدريه أو تدري

فكم له من فرج عاجل *** يكشف للبأساء والضر

ـ فيضيف الشاعر ابن زهر الحفيد:

هَوِّن عَلَيكَ فَهذا لا بَقاءَ لَهُ *** أَما تَرى العُشبَ يَفني بَعدَما نَبَتا

كانَ الغَواني يَقُلنَ يا أَخي فَقَد *** صارَ الغَواني يَقُلنَ اليَومَ يا أَبَتا

ـ فيقول الشاعر لسان الدين بن الخطيب:

هوِّنْ على النّفْسِ النّفيسَةِ أمْرَها *** وإذا سلِمْتَ فلا تُرَعْ لفَقيدِ

لمْ يأتِ صرْفُ الدّهْرِ بِدْعاً مُحْدَثاً *** كمْ منْ يَزيدٍ قد مضى ويَزيدِ

ـ فيضيف الشاعر العباس بن الأحنف:

تعَزَّ وَهَوِّن عَلَيكَ الأُمورا *** عَساكَ تَرى بَعدَ حُزنٍ سُرورا

لَعَلَّ الَّذي بِيَدَيهِ الأُمورا *** سَيَجعَلُ في الكُرهِ خَيراً كَثيراً

ـ فيكمل علي بن أبي طالب:

هَوِّن عَلَيكَ فَإِنَّ الأُمورَ *** بِكَفِّ الإِلَهِ مَقاديرُها

فَلَيسَ بِآتيكَ مَنهِيُّها *** وَلا قاصِرٌ عَنكَ مَأمورُها

ـ فيضيف الشاعر أبو العتاهية:

هَوِّن عَلَيكَ العَيشَ صَفحاً يَهُن *** لَقَلَّما سَكَّنتَ إِلّا سَكَن

اقبَل مِنَ العَيشِ تَصاريفَهُ *** وَارضَ بِهِ إِن لانَ أَو إِن خَشُن

كَم لَذَّةٍ في ساعَةٍ نِلتَها *** كانَت فَوَلَّت فَكَأَن لَم تَكُن

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

هوِّن عليك المُقطَعاتِ ولا تكن *** بنصيحة ٍ من مخلص مُتهاونا

وَانْظُرْ إِلَى الرَّوْضِ إِذْ هَـبَّتـْ مُحَدِّدَةً *** طَلاَئِعُ الرِّيحِ كَيْفَ اهْتَزَّ وَازْدَانَا

ـ فيختتم الشاعر د/ سلطان السبهان ندوتنا (الافتراضية) بأبيات من قصيدته (هون عليك)؛ منشدا:

هوّن عليكَ فلست أولَ صادقٍ *** يرميهِ إحسان الظنون بمأزق

هوّن عليكَ وقُل خطيئة محسن *** رامَ الوفاءَ فكانَ غيرَ موفق

وتحسّس الندمَ الذي بجفونهم *** لو أنصفوكَ لآثروك بما بَقي

الدمعُ أثقل ما ترقرق في المدى *** إن ذرفته محاجرٌ لم تلتقِ

هوّن عليك وكُن لآخر لحظة *** متمسّكاً بالصدق والحلم النَّقي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/09/08/531911.html