الأحد، 6 أبريل 2014

مفهوم الكآبة عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم/ مجدي شلبي

مفهوم الكآبة عند فحول الشعراء العرب


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       (الكآبة) عنوان يحمل في طياته دلالات: الجزع، الجوى، الحسرة، الحرقة، الحزن، الغصة، الهم، الغم، الأسى، الأسف... لكن الشاعر أبو الفضل بن الأحنف ينبه الحاضرين إلى أن هذا الشعور لا يدوم؛ فيقول:

ولكنّي شبهنه الآس دائماً *** وليس يدومُ الورد، ولا آسُ دائمُ

ـ ويضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:

حالٌ وحَوْلٌ على أن يذهبا خُلِقا، *** فَما تَدومُ، على الأحوالِ، أحوالُ

ـ ويكمل الشاعر أحمد محرم:

شربنا الصفو من راووقه *** وتساقينا القذى جاما فجاما

ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:

إن هذا الورى بيوت قصيد *** أنا فيها يا ميّ بيت الرثاء

باسم و الهموم تحفر دمعي *** أنا في الابتسام عين المرائي

الكآبات ألف نوع *** و ما يقتل الكآبة الخرساء

ـ فيكمل الشاعر بلند الحيدري:

كآبة خرساء *** تزفر في قلبي

فتنثر الأرزاء *** شوكا على دربي

ـ فيضيف الشاعر أبو الشيص محمد:

فبنى عليه الدهرُ أبنية َ البلى َ *** فعلى َرُباه كآبة ٌوعُبوسُ

ـ فيقول الشاعر حيدر بن سليمان الحلي:

أو ما كفاك بأن أشفَّ كآبة ً*** فحشاشتي ذابت عليك صبابة ً

ـ فيضيف الشاعر الشاب الظريف:

كُلٌّ تَراهُ مِنَ الكَآبَة ِ والطَّوَى *** شبحاً فنحنُ الخمسة ُالأشباحُ

ـ فيقول الشاعر أُحَيحَةِ بنِ الجَلّاح:

فَإِن تَعتَريني بِالنَهارِ كَآبَةٌ*** فَلَيلي إِذا أَمسى أَمَرُّ وَأَطوَلُ

ـ فيكمل الشاعر أبو منصور الثعالبي:

ليلٍ بتُّه رهنَ اكتئابِ *** أقاسي فيهِ أنواعُ العذابِ

ـ ويضيف الشاعر بدر شاكر السياب:

ليل نام سامره اكتئابا *** أثار له الخفي من الشجون

ـ فيقول الشاعر بهاء الدين زهير:

كَما قُلتُمُ يَهنيكَ نَوْمُكَ بَعدَنَا *** وَمِنْ أينَ نَوْمٌ للكئيبِ المُرَوَّعِ

ـ فيضيف الشاعر البحتري:

بلى، نفس يردده اكتئاب، *** وعين نومها أبداً طريد

ـ فيقول الشاعر بشار بن برد:

إِنَّ التي راحتْ مودَّتُها *** رغماً عليَّ فبتُّ مكتئبا

نام اللواتي عدمن الحب من مرحٍ *** وبِتُّ أقْرِضُ في الظَّلْماءِ مُكْتئِبا

ـ ويضيف الشاعر ابن الخياط:

كأنَّ المُغَرِّدَ فِي مَسْمَعِي *** لِفَرْطِ اكْتِئابِي لَهُ نائِحُ

ـ فيرد الشاعر أبو الشمقمق:

قلتُ لما رأيتهُ ناكسَ الرأسِ *** كئيباً يمشي على شرِّ حالهْ

ويكَ صبراً فأنتَ من خير سنَّـ *** ور رٍأتهُ عينايَ قطُّ بحاره

قال: لا صبر لي، وكيف مقامي *** ببيوتٍ قفرٍ كجوفِ الحماره

ـ فيضيف الشاعر السري الرفاء:

أجَدَّ وقوفُنا بالدارِ شوقاً *** إليكَ وجِدَّة ُ الشَّوقِ اكتئابُ

ـ فيقول الشاعر الحكم بن أبي الصلت:

لا تقعدن بكسر البيت مكتئبا *** يفنى زمانك بين اليأس والأمل

ـ ويضيف الشاعر بدوي الجبل:

أحزن الشعر بيت راح ينشده *** دمع تحدّر من أجفان مكتئب

ـ فيكمل الشاعر الشريف المرتضى:

تركتِ قلبي لا يفيق كآبة ً *** وجفونَ عيني لا تملّ نحيبا

ـ فيقول الشاعر المتنبي:

رُبّ كَئيبٍ لَيسَ تَنْدَى جُفُونُهُ *** وَرُبّ نَدِيِّ الجَفْنِ غَيرُ كَئيبِ

فَرُبَّ محزونٍ يعصيه الدَّمع فلا يبكي *** ورُب باك تسيل دموعه وليس بمحزون

ـ ويكمل الشاعر البحتري:

كم من كريم نشا في بيت مملكة *** أتاك مكتئباً بالهم والكرب

ـ ويضيف الشاعر عبد الجبار بن حمديس:

وكم غريبٍ حنّتْ إليه غريبَهْ *** وكئيبٍ شجاه شَجْوُ كئيبَهْ

ـ فيومئ الشاعر هدبة بن الخشرم برأسه إيجابا؛ ويضيف:

يؤَرِّقُني اكتِئابُ أَبي نُمَيرٍ *** فَقَلبي مِن كآبَتِهِ كَئيبُ

ـ فيقول الشاعر البرعي:

صدوا عن الصبِّ الكئيبِ وأعرضوا *** و الهجرُ أطولُ ما يكونُ وأعرضُ

ـ فيرد الشاعر ابن القيسراني؛ متعجبا:

صاحبت عمري مسرورا ومكتئبا *** كذلك العيش فيه الصفو والرنق

ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت؛ ناصحا:

دَعْ عَنكَ التذكّرَ كلَّ يومٍ، *** وَرُدَّ حَرارة َ الصّدْرِ الكَئيبِ

وَخَبِّر بِالَّذي لا عَيبَ فيهِ *** بِصِدقٍ غَيرِ إِخبارِ الكَذوبِ

ـ فيقول الشاعر عروة بن أذينة:

لا يَبعدَنْ وَصلٌ لها ذهبتْ بهِ *** ليالٍ وأيّامٌ عنانا ذهابها

ولا لذّة العيش الذي لن يردّه *** على النَّفْسِ يوماً حُزْنُها واكتِئابُها

ولا عبراتٌ يترع العين فيضها *** كما فاض من شكِّ الصّناع طبابها

ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:

يذيل مدامعاً قد أرسَلَتها *** لواعج فرط حزن واكتئاب

هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ *** وسألته مستكشفاً عن حالهِ

ـ فيجيب الشاعر جرير:

قُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى *** فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا

وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ *** ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا

ـ ويضيف الشاعر وضاح اليمن:

ألا ياروضُ قدْ عذبتِ قلبي *** فأصبحَ منْ تذكركمْ كئيبا

ـ ويقول الشاعر أبو نواس:

ملأتِ قلبي نُدوبَا *** فصِرْتُ صَبّاً كئِيبَا

ـ فيضيف الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:

فَظَلِتُ مُكْتَئِباً أُكَفْكِفُ عَبْرَة ً*** سَحَّاً تَفِيضُ كَوَاشِلِ الأَسْرَابِ

كادَ الأسى يقضي عليكَ صبابة، *** وَالْوَجْهُ مِنْكَ لِبَيْنِ إلْفِكَ كَابِ

ـ فيقول الشاعر قيس لبنى:

سَوْفَ أبْكِي بُكَاءَ مُكْتَئِبٍ *** قَضَى حياة ً وجداً على مَيْتِ

ـ فيرد علي بن أبي طالب:

عَجِبْتُ لجَازِعٍ باكٍ مُصابِ *** بأهل أو حميم ذي اكتئاب

يشق الجيب يدعو الويل جهلا *** كأن الموت بالشيء العجاب

ـ فيقول الشاعر عبد الصمد بن المعذل:

أمسى لفقدكَ ظهر الأرض مختشعاً *** بادِي الكآبةِ واختالت بِك الحُفَرُ

ـ ويكمل الشاعر عبد الجبار بن حمديس:

وخلّفْتِ في حِجْرِ الكآبة ِ للبكا *** بناتٍ لأمّ في مفارقة الشّمْلِ

ـ ويضيف الشاعر لسان الدين الخطيب:

ولاحت على وجه العلاء كآبة *** فقطب من بعد الطلاقة والبشر

ـ فيقول الشاعر الخُبز أَرزي:

ما إن فقدتُك إلا ظَلتُ مكتئباً *** ولا رأيتُك إلا زادني قَلَقا

ـ فيكمل الشاعر الهبل:

دعني وشأني أو فكن لي مسعدا *** إن الكئيب أحق بالإسعاد

ومحملي الصب الكئيب صبابة *** بين الجوانح حرها لا يبرد

ـ فيكمل الشاعر ابن عبد ربه:

هبْ لِمحزونٍ كئيبٍ قُبْلَة ً *** مِنْكَ يَشفي بَردُها حَرَّ الغَليلْ

ـ ويضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:

ولا تمنعونا نظرة ً من جمالكم *** فيرتاح قلبٌ أو يُسَرُّ كئيب

ـ فيقول الشاعر لسان الدين الخطيب:

أخلدت طوعا للهوى وإنابة *** ولئن نحلت ضنا وذبت كآبة

ـ فيكمل الشاعر الهبل:

ومكتئب أخفي هواه صبابة *** زمانا فأضناه سقاما وأحفاه

أنا الكئيب المعنى في هواك وإن *** أظهرت أني بما ألقاه مسرور

ـ فيومئ الشاعر أسامة بن منقذ برأسه إيجابا؛ ويقول:

حتَّامَ قلبي بالكآبة ِ مُكَمدُ *** باكٍ، ووجهى للتَّجمُّلِ مُسفِرُ

وبقيتُ بعدهُمُ حليفَ كآبة ٍ*** مستورة بتجمل وتحامل

ـ فيكمل الشاعر بدوي الجبل:

بدّلت حسنا ضاحك الدلّ ناعما *** بحسن عنيف في الرّمال كئيب

ـ فيضيف الشاعر أسامة بن منقذ:

نافقت دهري فوجهي ضاحك جذل *** طَلْقٌ، وقَلبِي، كَئِيبٌ، مُكَمدٌ، بَاك

ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:

علا مفرقي بعد الشباب مشيب *** ففودي ضحوك والفؤاد كئيب

ـ فيضيف علي بن أبي طالب:

حَرِيْصٌ على أنْ لا يُرى بي كآبة ٌ *** فيشمتَ عادٍ أو يُساءَ حَبيبُ

وإذا بُلِيْتَ بِنْكبَة ٍ فاصْبِرْ لها *** من ذا رأيت مسلّماً لا ينكب

ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:

هو الخَليقُ بأن يَموتَ كآبة ً *** لكن حسن الصبر من أخلاقه

ـ فيخلص الشاعر كعب بن زهير إلى القول:

أمِنْ دِمْنة ِ الدَّارِ أَقْوَتْ سِنِينَا *** بكيتَ فظلتَ كئيباً حزينا

بها جرَّتِ الريحُ أذيالها *** فلم تبقِ من رسمها مستبينا

فلما رأيتُ بأنّ البكاءَ *** سفاهٌ لدى دمنٍ قد بلينا

زجرتُ على ما لديّ القلو *** صَ مِنْ حَزَنٍ وعَصَيْتُ الشُّؤونَا

ـ فيحييه الشاعر عبد الغفار الأخرس؛ قائلا:

أرغمت آنافاً وأكبتّ حُسَّداً *** وحاق بأهل المكر عاقبة المكر

وقد جئت مسرور الفؤاد مؤيّداً *** من الله بالتوفيق والفتح والنصر

ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:

وقولي ألا إنَّ اكتئاباً لشاخِصٍ *** سيُعْقِبُهُ اللَّهُ ابتهاجاً بقادمِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/08/09/529595.html