مفهوم الكآبة عند فحول الشعراء العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الكآبة) عنوان يحمل في
طياته دلالات: الجزع، الجوى، الحسرة، الحرقة، الحزن، الغصة، الهم، الغم، الأسى، الأسف...
لكن الشاعر أبو الفضل بن الأحنف ينبه الحاضرين إلى أن هذا الشعور لا يدوم؛ فيقول:
ولكنّي شبهنه الآس دائماً *** وليس يدومُ الورد، ولا آسُ دائمُ
ـ ويضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
حالٌ وحَوْلٌ على أن يذهبا خُلِقا، *** فَما تَدومُ، على الأحوالِ، أحوالُ
ـ ويكمل الشاعر أحمد محرم:
شربنا الصفو من راووقه *** وتساقينا القذى جاما فجاما
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
إن هذا الورى بيوت قصيد *** أنا فيها يا ميّ بيت الرثاء
باسم و الهموم تحفر دمعي *** أنا في الابتسام عين المرائي
الكآبات ألف نوع *** و ما يقتل الكآبة الخرساء
ـ فيكمل الشاعر بلند الحيدري:
كآبة خرساء *** تزفر في قلبي
فتنثر الأرزاء *** شوكا على دربي
ـ فيضيف الشاعر أبو الشيص محمد:
فبنى عليه الدهرُ أبنية َ البلى َ *** فعلى َرُباه كآبة ٌوعُبوسُ
ـ فيقول الشاعر حيدر بن سليمان الحلي:
أو ما كفاك بأن أشفَّ كآبة ً*** فحشاشتي ذابت عليك صبابة ً
ـ فيضيف الشاعر الشاب الظريف:
كُلٌّ تَراهُ مِنَ الكَآبَة ِ والطَّوَى *** شبحاً فنحنُ الخمسة ُالأشباحُ
ـ فيقول الشاعر أُحَيحَةِ بنِ الجَلّاح:
فَإِن تَعتَريني بِالنَهارِ كَآبَةٌ*** فَلَيلي إِذا أَمسى أَمَرُّ
وَأَطوَلُ
ـ فيكمل الشاعر أبو منصور الثعالبي:
ليلٍ بتُّه رهنَ اكتئابِ *** أقاسي فيهِ أنواعُ العذابِ
ـ ويضيف الشاعر بدر شاكر السياب:
ليل نام سامره اكتئابا *** أثار له الخفي من الشجون
ـ فيقول الشاعر بهاء الدين زهير:
كَما قُلتُمُ يَهنيكَ نَوْمُكَ بَعدَنَا *** وَمِنْ أينَ نَوْمٌ للكئيبِ
المُرَوَّعِ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
بلى، نفس يردده اكتئاب، *** وعين نومها أبداً طريد
ـ فيقول الشاعر بشار بن برد:
إِنَّ التي راحتْ مودَّتُها *** رغماً عليَّ فبتُّ مكتئبا
نام اللواتي عدمن الحب من مرحٍ *** وبِتُّ أقْرِضُ في الظَّلْماءِ
مُكْتئِبا
ـ ويضيف الشاعر ابن الخياط:
كأنَّ المُغَرِّدَ فِي مَسْمَعِي *** لِفَرْطِ اكْتِئابِي لَهُ نائِحُ
ـ فيرد الشاعر أبو الشمقمق:
قلتُ لما رأيتهُ ناكسَ الرأسِ *** كئيباً يمشي على شرِّ حالهْ
ويكَ صبراً فأنتَ من خير سنَّـ *** ور رٍأتهُ عينايَ قطُّ بحاره
قال: لا صبر لي، وكيف مقامي *** ببيوتٍ قفرٍ كجوفِ الحماره
ـ فيضيف الشاعر السري الرفاء:
أجَدَّ وقوفُنا بالدارِ شوقاً *** إليكَ وجِدَّة ُ الشَّوقِ اكتئابُ
ـ فيقول الشاعر الحكم بن أبي الصلت:
لا تقعدن بكسر البيت مكتئبا *** يفنى زمانك بين اليأس والأمل
ـ ويضيف الشاعر بدوي الجبل:
أحزن الشعر بيت راح ينشده *** دمع تحدّر من أجفان مكتئب
ـ فيكمل الشاعر الشريف المرتضى:
تركتِ قلبي لا يفيق كآبة ً *** وجفونَ عيني لا تملّ نحيبا
ـ فيقول الشاعر المتنبي:
رُبّ كَئيبٍ لَيسَ تَنْدَى جُفُونُهُ *** وَرُبّ نَدِيِّ الجَفْنِ غَيرُ
كَئيبِ
فَرُبَّ محزونٍ يعصيه الدَّمع فلا يبكي *** ورُب باك تسيل دموعه وليس
بمحزون
ـ ويكمل الشاعر البحتري:
كم من كريم نشا في بيت مملكة *** أتاك مكتئباً بالهم والكرب
ـ ويضيف الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
وكم غريبٍ حنّتْ إليه غريبَهْ *** وكئيبٍ شجاه شَجْوُ كئيبَهْ
ـ فيومئ الشاعر هدبة بن الخشرم برأسه إيجابا؛ ويضيف:
يؤَرِّقُني اكتِئابُ أَبي نُمَيرٍ *** فَقَلبي مِن كآبَتِهِ كَئيبُ
ـ فيقول الشاعر البرعي:
صدوا عن الصبِّ الكئيبِ وأعرضوا *** و الهجرُ أطولُ ما يكونُ وأعرضُ
ـ فيرد الشاعر ابن القيسراني؛ متعجبا:
صاحبت عمري مسرورا ومكتئبا *** كذلك العيش فيه الصفو والرنق
ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت؛ ناصحا:
دَعْ عَنكَ التذكّرَ كلَّ يومٍ، *** وَرُدَّ حَرارة َ الصّدْرِ الكَئيبِ
وَخَبِّر بِالَّذي لا عَيبَ فيهِ *** بِصِدقٍ غَيرِ إِخبارِ الكَذوبِ
ـ فيقول الشاعر عروة بن أذينة:
لا يَبعدَنْ وَصلٌ لها ذهبتْ بهِ *** ليالٍ وأيّامٌ عنانا ذهابها
ولا لذّة العيش الذي لن يردّه *** على النَّفْسِ يوماً حُزْنُها
واكتِئابُها
ولا عبراتٌ يترع العين فيضها *** كما فاض من شكِّ الصّناع طبابها
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
يذيل مدامعاً قد أرسَلَتها *** لواعج فرط حزن واكتئاب
هلاّ نَظَرْتَ إلى الكئيب الوالِهِ *** وسألته مستكشفاً عن حالهِ
ـ فيجيب الشاعر جرير:
قُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى *** فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا
وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ *** ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
ـ ويضيف الشاعر وضاح اليمن:
ألا ياروضُ قدْ عذبتِ قلبي *** فأصبحَ منْ تذكركمْ كئيبا
ـ ويقول الشاعر أبو نواس:
ملأتِ قلبي نُدوبَا *** فصِرْتُ صَبّاً كئِيبَا
ـ فيضيف الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:
فَظَلِتُ مُكْتَئِباً أُكَفْكِفُ عَبْرَة ً*** سَحَّاً تَفِيضُ كَوَاشِلِ
الأَسْرَابِ
كادَ الأسى يقضي عليكَ صبابة، *** وَالْوَجْهُ مِنْكَ لِبَيْنِ إلْفِكَ
كَابِ
ـ فيقول الشاعر قيس لبنى:
سَوْفَ أبْكِي بُكَاءَ مُكْتَئِبٍ *** قَضَى حياة ً وجداً على مَيْتِ
ـ فيرد علي بن أبي طالب:
عَجِبْتُ لجَازِعٍ باكٍ مُصابِ *** بأهل أو حميم ذي اكتئاب
يشق الجيب يدعو الويل جهلا *** كأن الموت بالشيء العجاب
ـ فيقول الشاعر عبد الصمد بن المعذل:
أمسى لفقدكَ ظهر الأرض مختشعاً *** بادِي الكآبةِ واختالت بِك الحُفَرُ
ـ ويكمل الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
وخلّفْتِ في حِجْرِ الكآبة ِ للبكا *** بناتٍ لأمّ في مفارقة الشّمْلِ
ـ ويضيف الشاعر لسان الدين الخطيب:
ولاحت على وجه العلاء كآبة *** فقطب من بعد الطلاقة والبشر
ـ فيقول الشاعر الخُبز أَرزي:
ما إن فقدتُك إلا ظَلتُ مكتئباً *** ولا رأيتُك إلا زادني قَلَقا
ـ فيكمل الشاعر الهبل:
دعني وشأني أو فكن لي مسعدا *** إن الكئيب أحق بالإسعاد
ومحملي الصب الكئيب صبابة *** بين الجوانح حرها لا يبرد
ـ فيكمل الشاعر ابن عبد ربه:
هبْ لِمحزونٍ كئيبٍ قُبْلَة ً *** مِنْكَ يَشفي بَردُها حَرَّ الغَليلْ
ـ ويضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
ولا تمنعونا نظرة ً من جمالكم *** فيرتاح قلبٌ أو يُسَرُّ كئيب
ـ فيقول الشاعر لسان الدين الخطيب:
أخلدت طوعا للهوى وإنابة *** ولئن نحلت ضنا وذبت كآبة
ـ فيكمل الشاعر الهبل:
ومكتئب أخفي هواه صبابة *** زمانا فأضناه سقاما وأحفاه
أنا الكئيب المعنى في هواك وإن *** أظهرت أني بما ألقاه مسرور
ـ فيومئ الشاعر أسامة بن منقذ برأسه إيجابا؛ ويقول:
حتَّامَ قلبي بالكآبة ِ مُكَمدُ *** باكٍ، ووجهى للتَّجمُّلِ مُسفِرُ
وبقيتُ بعدهُمُ حليفَ كآبة ٍ*** مستورة بتجمل وتحامل
ـ فيكمل الشاعر بدوي الجبل:
بدّلت حسنا ضاحك الدلّ ناعما *** بحسن عنيف في الرّمال كئيب
ـ فيضيف الشاعر أسامة بن منقذ:
نافقت دهري فوجهي ضاحك جذل *** طَلْقٌ، وقَلبِي، كَئِيبٌ، مُكَمدٌ، بَاك
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
علا مفرقي بعد الشباب مشيب *** ففودي ضحوك والفؤاد كئيب
ـ فيضيف علي بن أبي طالب:
حَرِيْصٌ على أنْ لا يُرى بي كآبة ٌ *** فيشمتَ عادٍ أو يُساءَ حَبيبُ
وإذا بُلِيْتَ بِنْكبَة ٍ فاصْبِرْ لها *** من ذا رأيت مسلّماً لا ينكب
ـ فيقول الشاعر أسامة بن منقذ:
هو الخَليقُ بأن يَموتَ كآبة ً *** لكن حسن الصبر من أخلاقه
ـ فيخلص الشاعر كعب بن زهير إلى القول:
أمِنْ دِمْنة ِ الدَّارِ أَقْوَتْ سِنِينَا *** بكيتَ فظلتَ كئيباً حزينا
بها جرَّتِ الريحُ أذيالها *** فلم تبقِ من رسمها مستبينا
فلما رأيتُ بأنّ البكاءَ *** سفاهٌ لدى دمنٍ قد بلينا
زجرتُ على ما لديّ القلو *** صَ مِنْ حَزَنٍ وعَصَيْتُ الشُّؤونَا
ـ فيحييه الشاعر عبد الغفار الأخرس؛ قائلا:
أرغمت آنافاً وأكبتّ حُسَّداً *** وحاق بأهل المكر عاقبة المكر
وقد جئت مسرور الفؤاد مؤيّداً *** من الله بالتوفيق والفتح والنصر
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
وقولي ألا إنَّ اكتئاباً لشاخِصٍ *** سيُعْقِبُهُ اللَّهُ ابتهاجاً بقادمِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/08/09/529595.html