التدليس والتلبيس
من منظور شعري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أنا همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي،
وكنيتي أبو فراس" هكذا يعرفنا بنفسه؛ فأومأ بعض الحاضرين برؤوسهم مؤكدين معرفتهم
به؛ فيقول الشاعر بهاء الدين زهير:
بَيْنَنَا
مَعْرِفَة ٌ *** يا لها منْ معرفهْ
ـ ويصرح
الشاعر الراعي النميري باسم شاعرنا الكبير؛ فيقول:
يا صاحبيَّ
دنا الأصيلُ فسيرا *** غَلَبَ الْفَرَزْدَقُ في الهِجَاءِ جَرِيرَا
ـ فيقول
الشاعر ابن الرومي:
وقد عرفتُ
وغيري حق معرفة *** للشعر أنصار صدقٍ أيَّ أنصار
ـ فيضيف الشاعر
المتنبي:
وَبَيْنَنَا
لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ *** إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ
ـ فينتفض
الشاعر جرير، ويقول:
فَما هِبتُ
الفَرَزدَقَ قَد عَلِمتُم *** وَما حَقُّ اِبنِ بَروَعَ أَن يُهابا
إذا أخذوا
وكيدهمُ ضعيفٌ *** بِبابٍ يَمْكُرُونَ فَتَحتَ بَابَا
فاتفخْ بكيركَ
يا فرزدقُ وانتظرْ *** في كَرْنَبَاءَ، هَدِيّة َ القُفّالِ
جئني بخالكَ
يا فرزدقُ واعلمنّ *** أنْ لَيسَ خالُكَ بَالِغاً أخْوَالي
ـ يقول هذا
وينصرف، ويتبعه عدد من فحول الشعراء؛ فيعقب الشاعر الأخطل؛ بقوله:
فإن يكُ
أقوامٌ أضاعوا، فإنني *** حفظتُ الذي بيني وبينَ الفرزدقِ
ـ فيحييه الشاعر
الفرزدق على موقفه؛ ثم يقول:
ما بالُ
أقوَامٍ بَدا الغِشُّ منِهُمُ، *** وَهُمْ كُشُفٌ عندَ الشّدائدِ وَالأزْل
فَما كانَ
شَيْءٌ كَانَ مِمّا نُجِنّهُ *** من الغِشّ إلاّ قَدْ أبانَتْ شَوَاكِلُهْ
ـ فيضيف الشاعر
أحمد الصافي النجفي:
نمَّ الخداع
بما تكنّ صدورهم *** إن الخداع لدى اللبيب زجاج
ـ فيقول الشاعر
مروان ابن أبي حفصة:
بَدَا مِنْهم
لِلْمَهْدِيِّ كالصُّبْحِ سَاطِعاً *** من الغِشِّ مَا كَانَتْ تُجِنُّ
الضَّمَائِرَ
ـ فيقول الشاعر
أحمد شوقي:
هذا هو الحقُّ
الذي لا يرُدُّه *** تأفُّفُ قالٍ، أو تلطُّفُ محتال
ـ فيضيف الشاعر
جبران خليل جبران:
رقة محتال
وشدة مفحم *** ينسم عن روض ويغدق عن يم
ـ فيقول علي
بن أبي طالب:
بَلَوْتُ
النَّاسَ قرنا بَعْدَ قَرْنٍ *** ولم أر مثل محتالٍ بمالِ
ـ هنا يوجه الشاعر
البحتري تحذيره من خداع هذا الصنف من الناس؛ فيقول:
إِياكَ
تغْتَرّ أَو تَخْدعْكَ بارِقَةٌ *** مَنْ ذِي خِداعٍ يُرِي بِشْراً وإِلْطَافا
ـ فيقول الشاعر
إبراهيم ناجي:
خدعَتْنا
مقلتاهُ خدعتْنا *** وجنتاه خدعتنا شفتاهْ
ـ فيضيف الشاعر
المتنبي:
فَلا
تَسْتَنْكِرَنّ لَهُ ابْتِساماً *** إذا فَهِقَ المَكَرُّ دَماً وَضَاقَا
ـ فيقول الشاعر أحمد
محرم:
خذلته تجربة
الأمور ولم يزل *** يستنصر التمويه والتدليسا
ـ فيضيف الشاعر
الشريف المرتضى:
لهمْ غدرٌ
بجارِهُمُ ومَكْرٌ *** به خافٍ ولا مكرُ الذِّئابِ
ويكمل الشاعر ابن
الرومي:
لهم مكر يدب
في القوم أخفى *** من دبيب الغذاء في الأعضاءِ
ـ فيقول الشاعر
أبوالعلاء المعري:
يجرّونَ
الذيولَ على المخازي، *** وقد مُلئتْ من الغِشّ الجُيوبُ
ـ فيضيف الشاعر
مهيار الديلمي:
وتعلمْ أنيَّ
بمكرك لا أح *** فلُ مما ألفتُ منك المكرا
ـ فيقول الشاعر بدوي
الجبل متهكما:
و من زاهد
لمّار رأى الصّيد مكثبا *** تمزّق عنه الزهد و افتضح المكر
ـ فيضيف الشاعر
ابن شهاب:
(كم) ماكر ذي
سبحة أو مُراء *** قارئ همساً وذي طيلسان
ـ فيقول الشاعر
المتنبي:
يَغُضّ
الطّرْفَ مِن مَكرٍ وَدَهيٍ *** كأنّ بهِ ولَيسَ بهِ خُشُوعَا
ـ فيضيف الشاعر
أبوالعلاء المعري:
تُظهرُ
الدّينَ، وتُخفي غيرَهُ؛ *** إنّما شأنُكَ مَكرٌ وبَطَر
ـ فيقول الشاعر
ابن الرومي:
فهلاّ بذلتَ
الوعد ثم مطلتهُ *** فعلَّلت تعليل المُجامل ذي المكر
ـ فيضيف الشاعر
الشريف المرتضى:
و مماطلٍ إنْ
جاء يوماً وعده *** غلطاً ومكراً ضنّ بالموعودِ
ـ فيقول الشاعر
صفي الدين الحلي:
وعاذلٍ أضمرَ
مكراً ودهاً، *** فنمقَ الغشَّ بنصحٍ ودهنْ
ـ فيقول الشاعر
أبو تمام:
ما شاهدَ
اللبسَ إلاَّ كانَ متضحاً *** ولانَأَى الحَقَّ إلا كانَ مَلْبُوسَا
ـ فيقول الشاعر
الشريف المرتضى:
و ملتبسٍ
كالتباس الظلا *** م أضرمتَ فيه من الرأي نارا
ـ فيضيف الشاعر
عبد الجبار بن حمديس:
فهمتُ بعد
اللبس ما شرحتْ *** والشرحُ يذهبُ عنده اللبس
ـ فيقول الشاعر
محيي الدين بن عربي:
فإن التباسَ
الأمر في ذاك بين *** وقد ينتج البغضاءَ ماينتجُ الحبُّ
ـ فيوجه الشاعر
ابن الرومي النصح؛ قائلا:
استقضِ عقلكَ
لا هواك فإنه *** عند التباس الأمر أعدلُ قاضي
ـ فيقول الشاعر
ابن المعتز:
نبئتث أنّ
قومي *** قد دَفَنوا لي مَكرَا
ـ فيتساءل الشاعر
محيي الدين بن عربي مستنكرا:
كيفَ لنا
بالأمنِ من مكر منْ *** صيرني في حلقة ِالخاتمْ
ـ فيقول الشاعر
أبوالعلاء المعري:
قد كَثُرَ
الغِشُّ، واستعانتْ *** بِهِ الأشِدّاءُ والأرِكّه
ـ ويضيف الشاعر
أبو العتاهية:
ولمَكْرِ
الدّنْيا خَطاطيفُ لَهْوٍ، *** وخَطاطيفُها إلَيهَا تَجُرّ
ـ فيقول الشاعر
ابن شهاب:
سلاح المكر
والكيد فاتك *** بمن شئنه فتك الأساود والأسد
ـ فيقول الشاعر
ابن معتوق:
أَلْقَيْتَ
فِيهِمْ عَصَا الرَّأْيَ الْمُسَدَّدِ إِذ *** ألقوا إليكَ حبالَ المكرِ والحيلِ
ـ فيضيف الشاعر
ابن الرومي:
يبيتون لم
يخشَوْا من الله نِقمَة ً *** ولا حَفِلوا منه بكيدٍ ولا مكر
ـ فيقول الشاعر
عبد الغفار الأخرس:
وقلت لمن يطوي
على المكر كشحه *** دع الزيف لا تنفقه في سوق ناقد
ـ فيحذر الشاعر
الفرزدق من مغبة الاحتيال؛ قائلا:
ما احتَالَ
مُحتالٌ كَحيلَتِهِ الّتي *** بهَا نَفْسَهُ تحتَ الضّرِيحَةِ أوْلَجَا
ـ ويضيف الشاعر عبد
الغفار الأخرس:
أرغمت آنافاً
وأكبتّ حُسَّداً *** وحاق بأهل المكر عاقبة المكر
ـ فيقول الشاعر
ابن شهاب:
ضغائن ممّن
أعلن الدين مكرها *** ولولا العوالي لم يوحّد ويسلم
ـ فيضيف الشاعر
ابن دارج القسطلي؛ محذرا:
هنالك يبلوا
مرتع المكر أنه *** وخيم على نفس الكفور وبيل
ـ فيقول الشاعر
أحمد محرم:
صابروا
الأحداث مهما مكرت *** وثقوا بالله خير الماكرين
ـ فيكمل الشاعر
الحداد القيسي:
ليس يحيق
المكر إلا بأهله *** وكم مُوقِدٍ يَغْشاهُ مِنْ وَقْدِهِ لَفْحُ
ـ فيضيف الشاعر
ابن الرومي:
إذا حاول
الأعداءُ أن يمكروا به *** أحال عليهم مكرهم خيرُ ماكر
فأزهق مكرُ
اللَّهِ ذي الحَوْلِ مكرَهُ *** عقاباً ومكرُ اللهِ للمكر قتّالُ
ـ فيؤكد
المعنى الشاعر ابن شهاب:
يدبر الكافر
مكرا به *** وأين مكر الله من مكره
ـ فيضيف الشاعر
أبوالعلاء المعري:
وكم أضمرَ
المصحوبُ مكراً بصاحبٍ، *** فألفى قضاءَ اللَّهِ أدهَى وأمْكَرا
ـ ويقول الشاعر
البوصيري:
كم عادَ بغيٌ
على قومٍ عليه بغوا *** وحاقَ مَكْرٌ بأَقوامٍ به مَكَرُوا
ـ ويضيف الشاعر
ابن معتوق:
تمنّوا محالاً
لا يرامُ وخادعوا *** وَقَدْ مَكَرُوا وَاللهُ بِالْقَوْمِ مَاكِرُ
ـ فيكمل الشاعر
محيي الدين بن عربي:
فلا يأمنُ منْ
مكرهِ *** غير ظلوم نفسه غاشم
ـ فيؤكد الشاعر
الشريف المرتضى أن الدنيا مازالت بخير؛ فيقول:
ذو عفافٍ
كلّما سامه *** ذو الغشِّ منه مرَّة ً قال: لا
ـ فيضيف الشاعر
حيدر بن سليمان الحلي:
فتى ً حنيت
منه على قلب خاشعٍ *** جوانحُ ذي نسكٍ سلمن من الغش
ـ فيكمل الشاعر
ابن الرومي:
تمسكتُ بالأمر
الجميلِ مبرّءاً *** من الغِشِّ إلا ما توهَّم واهم
ـ فيقول علي
بن أبي طالب:
محمدُ لما خاف
أن يمكروا به *** فَوَقَّاهُ رَبِّي ذُو الجَلاْلِ مِنَ المَكْرِ
ـ فيضيف الشاعر
مهيار الديلمي:
طاهرٌ طاهر من
الغشِّ لم يس *** بق إليه ريبٌ ولم تسرِ تهمهْ
ـ هنا يوجه الشاعر
الهبل نصحه لكل مخادع؛ فيقول:
تب إلى الله
وخف مكره *** وابك على ذنبك واستغفر
ـ فيضيف الشاعر
الشريف المرتضى:
أقمْ واحِداً
فرداً ودعْ عنك مرّة ً *** نفاقَ فلانٍ أوْ خداعَ فلانِ
ـ فيقول الشاعر
أحمد شوقي:
هممُ الرجالِ
إذا مضتْ لم يثنها *** خدعُ الثناءِ ولا عوادي الذَّام
ـ فيتساءل الشاعر
أبو العتاهية مستنكرا:
ألا أيّها
المَرْءُ المُخادِعُ نَفسَهُ! *** رُويداً أتَدْرِي مَنْ أرَاكَ تخَادِعُ
ـ فيضيف الشاعر
مهيار الديلمي:
(هم) بايعوك
عن خداعٍ كلُّهم *** باسطُ كفٍّ تحتها قلبٌ نغلْ
ـ فيقول الشاعر
بدوي الجبل:
لا يخدع الله
قوما يؤمنون به *** فتلك خدعة إنسان لإنسان
ـ فيضيف الشاعر
جبران خليل جبران:
خدعتك كاذبة
المنى بوعودها *** والحر يُخدع والأماني تكذب
ـ ويكمل الشاعر
أسامة بن منقذ:
لا تُخدعَنَّ
بأطماعٍ تُزَخْرِفُها *** لك المنى بحديث المين والخدع
ـ فيقول الشاعر
سبط ابن التعاويذي:
وإنْ زَعمتُمْ
أنّي أتيْتُ بها *** خَدِيعَة ً فَکلْ كَرِيمُ مُنْخدِعُ
ـ ويكمل الشاعر
محمد بن حازم الباهلي:
واعلمْ
بأنَّكَ لمْ تخادعْ جاهلاً *** إن الكريمَ بفعلهِ يتخادعُ
ـ فيقول الشاعر
عمر ابن أبي ربيعة:
لا
تَخْدَعَنّي بِالمُنى باطِلاً، *** وأنتَ بي تلعبُ كالعابثِ
ـ فيضيف الشاعر
ابن المعتز:
يخفي مكيدتهُ،
ويحسبُ رأيهُ، *** و هوَ الذي خدعَ الورى مخدوعا
ـ فينصح الشاعر
أحمد شوقي بعدم الاعتداد بظاهر الأمور؛ فيقول:
لا تأْخذنّ من
الأُمور بظاهرٍ *** إن الظواهر تخدعُ الرائينا
ـ فيضيف الشاعر
أحمد محرم:
لا يخدعنك
ظاهرٌ من محنقٍ *** خاف الشكاة فلاذ بالكتمان
لكن لي نظراتٍ
ما تخادعني *** أرمي الأمور بها عن قلب لقمان
خدعوه إذ ضاق
السبيل بمكرهم *** ورموا بآمالٍ إليه حسان
أولعت بالغدر
النفوس وغرها *** أملٌ يخادعها وبرق خلب
لا تتركي
المتطيرين ليأسهم *** اليأس يكذب والتطير يخدع
كذلك تخدع
القوم الأماني *** وتكذب ترهات المدعينا
ـ فيختتم الشاعر
إبراهيم عبد القادر المازني ندوتنا (الافتراضية)؛ بقوله:
يا زهرة الحسن
لا يخدعك رونقها *** إن الربيع قصير العمر والأجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر