الأحد، 6 أبريل 2014

التدليس والتلبيس من منظور شعري ـ رؤى فحول الشعراء العرب في: الغش/ المكر/ الخداع/ الاحتيال ـ بقلم/ مجدي شلبي

التدليس والتلبيس من منظور شعري
رؤى فحول الشعراء العرب في: الغش/ المكر/ الخداع/ الاحتيال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
       "أنا همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، وكنيتي أبو فراس" هكذا يعرفنا بنفسه؛ فأومأ بعض الحاضرين برؤوسهم مؤكدين معرفتهم به؛ فيقول الشاعر بهاء الدين زهير:
بَيْنَنَا مَعْرِفَة ٌ *** يا لها منْ معرفهْ
ـ ويصرح الشاعر الراعي النميري باسم شاعرنا الكبير؛ فيقول:
يا صاحبيَّ دنا الأصيلُ فسيرا *** غَلَبَ الْفَرَزْدَقُ في الهِجَاءِ جَرِيرَا
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
وقد عرفتُ وغيري حق معرفة *** للشعر أنصار صدقٍ أيَّ أنصار
ـ فيضيف الشاعر المتنبي:
وَبَيْنَنَا لَوْ رَعَيْتُمْ ذاكَ مَعرِفَةٌ *** إنّ المَعارِفَ في أهْلِ النُّهَى ذِمَمُ
ـ فينتفض الشاعر جرير، ويقول:
فَما هِبتُ الفَرَزدَقَ قَد عَلِمتُم *** وَما حَقُّ اِبنِ بَروَعَ أَن يُهابا
إذا أخذوا وكيدهمُ ضعيفٌ *** بِبابٍ يَمْكُرُونَ فَتَحتَ بَابَا
فاتفخْ بكيركَ يا فرزدقُ وانتظرْ *** في كَرْنَبَاءَ، هَدِيّة َ القُفّالِ
جئني بخالكَ يا فرزدقُ واعلمنّ *** أنْ لَيسَ خالُكَ بَالِغاً أخْوَالي
ـ يقول هذا وينصرف، ويتبعه عدد من فحول الشعراء؛ فيعقب الشاعر الأخطل؛ بقوله:
فإن يكُ أقوامٌ أضاعوا، فإنني *** حفظتُ الذي بيني وبينَ الفرزدقِ
ـ فيحييه الشاعر الفرزدق على موقفه؛ ثم يقول:
ما بالُ أقوَامٍ بَدا الغِشُّ منِهُمُ، *** وَهُمْ كُشُفٌ عندَ الشّدائدِ وَالأزْل
فَما كانَ شَيْءٌ كَانَ مِمّا نُجِنّهُ *** من الغِشّ إلاّ قَدْ أبانَتْ شَوَاكِلُهْ
ـ فيضيف الشاعر أحمد الصافي النجفي:
نمَّ الخداع بما تكنّ صدورهم *** إن الخداع لدى اللبيب زجاج  
ـ فيقول الشاعر مروان ابن أبي حفصة:
بَدَا مِنْهم لِلْمَهْدِيِّ كالصُّبْحِ سَاطِعاً *** من الغِشِّ مَا كَانَتْ تُجِنُّ الضَّمَائِرَ
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
هذا هو الحقُّ الذي لا يرُدُّه *** تأفُّفُ قالٍ، أو تلطُّفُ محتال
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
رقة محتال وشدة مفحم *** ينسم عن روض ويغدق عن يم
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
بَلَوْتُ النَّاسَ قرنا بَعْدَ قَرْنٍ *** ولم أر مثل محتالٍ بمالِ
ـ هنا يوجه الشاعر البحتري تحذيره من خداع هذا الصنف من الناس؛ فيقول:
إِياكَ تغْتَرّ أَو تَخْدعْكَ بارِقَةٌ *** مَنْ ذِي خِداعٍ يُرِي بِشْراً وإِلْطَافا
ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:
خدعَتْنا مقلتاهُ خدعتْنا *** وجنتاه خدعتنا شفتاهْ
ـ فيضيف الشاعر المتنبي:
فَلا تَسْتَنْكِرَنّ لَهُ ابْتِساماً *** إذا فَهِقَ المَكَرُّ دَماً وَضَاقَا
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
خذلته تجربة الأمور ولم يزل *** يستنصر التمويه والتدليسا
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
لهمْ غدرٌ بجارِهُمُ ومَكْرٌ *** به خافٍ ولا مكرُ الذِّئابِ
ويكمل الشاعر ابن الرومي:
لهم مكر يدب في القوم أخفى *** من دبيب الغذاء في الأعضاءِ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
يجرّونَ الذيولَ على المخازي، *** وقد مُلئتْ من الغِشّ الجُيوبُ
ـ فيضيف الشاعر مهيار الديلمي:
وتعلمْ أنيَّ بمكرك لا أح *** فلُ مما ألفتُ منك المكرا
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل متهكما:
و من زاهد لمّار رأى الصّيد مكثبا *** تمزّق عنه الزهد و افتضح المكر
ـ فيضيف الشاعر ابن شهاب:
(كم) ماكر ذي سبحة أو مُراء *** قارئ همساً وذي طيلسان
ـ فيقول الشاعر المتنبي:
يَغُضّ الطّرْفَ مِن مَكرٍ وَدَهيٍ *** كأنّ بهِ ولَيسَ بهِ خُشُوعَا
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
تُظهرُ الدّينَ، وتُخفي غيرَهُ؛ *** إنّما شأنُكَ مَكرٌ وبَطَر
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
فهلاّ بذلتَ الوعد ثم مطلتهُ *** فعلَّلت تعليل المُجامل ذي المكر
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
و مماطلٍ إنْ جاء يوماً وعده *** غلطاً ومكراً ضنّ بالموعودِ
ـ فيقول الشاعر صفي الدين الحلي:
وعاذلٍ أضمرَ مكراً ودهاً، *** فنمقَ الغشَّ بنصحٍ ودهنْ
ـ فيقول الشاعر أبو تمام:
ما شاهدَ اللبسَ إلاَّ كانَ متضحاً *** ولانَأَى الحَقَّ إلا كانَ مَلْبُوسَا
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
و ملتبسٍ كالتباس الظلا *** م أضرمتَ فيه من الرأي نارا
ـ فيضيف الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
فهمتُ بعد اللبس ما شرحتْ *** والشرحُ يذهبُ عنده اللبس
ـ فيقول الشاعر محيي الدين بن عربي:
فإن التباسَ الأمر في ذاك بين *** وقد ينتج البغضاءَ ماينتجُ الحبُّ
ـ فيوجه الشاعر ابن الرومي النصح؛ قائلا:
استقضِ عقلكَ لا هواك فإنه *** عند التباس الأمر أعدلُ قاضي
ـ فيقول الشاعر ابن المعتز:
نبئتث أنّ قومي *** قد دَفَنوا لي مَكرَا
ـ فيتساءل الشاعر محيي الدين بن عربي مستنكرا:
كيفَ لنا بالأمنِ من مكر منْ *** صيرني في حلقة ِالخاتمْ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
قد كَثُرَ الغِشُّ، واستعانتْ *** بِهِ الأشِدّاءُ والأرِكّه
ـ ويضيف الشاعر أبو العتاهية:
ولمَكْرِ الدّنْيا خَطاطيفُ لَهْوٍ، *** وخَطاطيفُها إلَيهَا تَجُرّ
ـ فيقول الشاعر ابن شهاب:
سلاح المكر والكيد فاتك *** بمن شئنه فتك الأساود والأسد
ـ فيقول الشاعر ابن معتوق:
أَلْقَيْتَ فِيهِمْ عَصَا الرَّأْيَ الْمُسَدَّدِ إِذ *** ألقوا إليكَ حبالَ المكرِ والحيلِ
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
يبيتون لم يخشَوْا من الله نِقمَة ً *** ولا حَفِلوا منه بكيدٍ ولا مكر
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
وقلت لمن يطوي على المكر كشحه *** دع الزيف لا تنفقه في سوق ناقد
ـ فيحذر الشاعر الفرزدق من مغبة الاحتيال؛ قائلا:
ما احتَالَ مُحتالٌ كَحيلَتِهِ الّتي *** بهَا نَفْسَهُ تحتَ الضّرِيحَةِ أوْلَجَا
ـ ويضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
أرغمت آنافاً وأكبتّ حُسَّداً *** وحاق بأهل المكر عاقبة المكر
ـ فيقول الشاعر ابن شهاب:
ضغائن ممّن أعلن الدين مكرها *** ولولا العوالي لم يوحّد ويسلم
ـ فيضيف الشاعر ابن دارج القسطلي؛ محذرا:
هنالك يبلوا مرتع المكر أنه *** وخيم على نفس الكفور وبيل
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
صابروا الأحداث مهما مكرت *** وثقوا بالله خير الماكرين
ـ فيكمل الشاعر الحداد القيسي:
ليس يحيق المكر إلا بأهله *** وكم مُوقِدٍ يَغْشاهُ مِنْ وَقْدِهِ لَفْحُ
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
إذا حاول الأعداءُ أن يمكروا به *** أحال عليهم مكرهم خيرُ ماكر
فأزهق مكرُ اللَّهِ ذي الحَوْلِ مكرَهُ *** عقاباً ومكرُ اللهِ للمكر قتّالُ
ـ فيؤكد المعنى الشاعر ابن شهاب:
يدبر الكافر مكرا به *** وأين مكر الله من مكره
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
وكم أضمرَ المصحوبُ مكراً بصاحبٍ، *** فألفى قضاءَ اللَّهِ أدهَى وأمْكَرا
ـ ويقول الشاعر البوصيري:
كم عادَ بغيٌ على قومٍ عليه بغوا *** وحاقَ مَكْرٌ بأَقوامٍ به مَكَرُوا
ـ ويضيف الشاعر ابن معتوق:
تمنّوا محالاً لا يرامُ وخادعوا *** وَقَدْ مَكَرُوا وَاللهُ بِالْقَوْمِ مَاكِرُ
ـ فيكمل الشاعر محيي الدين بن عربي:
فلا يأمنُ منْ مكرهِ *** غير ظلوم نفسه غاشم
ـ فيؤكد الشاعر الشريف المرتضى أن الدنيا مازالت بخير؛ فيقول:
ذو عفافٍ كلّما سامه *** ذو الغشِّ منه مرَّة ً قال: لا
ـ فيضيف الشاعر حيدر بن سليمان الحلي:
فتى ً حنيت منه على قلب خاشعٍ *** جوانحُ ذي نسكٍ سلمن من الغش
ـ فيكمل الشاعر ابن الرومي:
تمسكتُ بالأمر الجميلِ مبرّءاً *** من الغِشِّ إلا ما توهَّم واهم
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
محمدُ لما خاف أن يمكروا به *** فَوَقَّاهُ رَبِّي ذُو الجَلاْلِ مِنَ المَكْرِ
ـ فيضيف الشاعر مهيار الديلمي:
طاهرٌ طاهر من الغشِّ لم يس *** بق إليه ريبٌ ولم تسرِ تهمهْ
ـ هنا يوجه الشاعر الهبل نصحه لكل مخادع؛ فيقول:
تب إلى الله وخف مكره *** وابك على ذنبك واستغفر
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
أقمْ واحِداً فرداً ودعْ عنك مرّة ً *** نفاقَ فلانٍ أوْ خداعَ فلانِ
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
هممُ الرجالِ إذا مضتْ لم يثنها *** خدعُ الثناءِ ولا عوادي الذَّام
ـ فيتساءل الشاعر أبو العتاهية مستنكرا:
ألا أيّها المَرْءُ المُخادِعُ نَفسَهُ! *** رُويداً أتَدْرِي مَنْ أرَاكَ تخَادِعُ
ـ فيضيف الشاعر مهيار الديلمي:
(هم) بايعوك عن خداعٍ كلُّهم *** باسطُ كفٍّ تحتها قلبٌ نغلْ
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
لا يخدع الله قوما يؤمنون به *** فتلك خدعة إنسان لإنسان
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
خدعتك كاذبة المنى بوعودها *** والحر يُخدع والأماني تكذب
ـ ويكمل الشاعر أسامة بن منقذ:
لا تُخدعَنَّ بأطماعٍ تُزَخْرِفُها *** لك المنى بحديث المين والخدع
ـ فيقول الشاعر سبط ابن التعاويذي:
وإنْ زَعمتُمْ أنّي أتيْتُ بها *** خَدِيعَة ً فَکلْ كَرِيمُ مُنْخدِعُ
ـ ويكمل الشاعر محمد بن حازم الباهلي:
واعلمْ بأنَّكَ لمْ تخادعْ جاهلاً *** إن الكريمَ بفعلهِ يتخادعُ
ـ فيقول الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:
لا تَخْدَعَنّي بِالمُنى باطِلاً، *** وأنتَ بي تلعبُ كالعابثِ
ـ فيضيف الشاعر ابن المعتز:
يخفي مكيدتهُ، ويحسبُ رأيهُ، *** و هوَ الذي خدعَ الورى مخدوعا
ـ فينصح الشاعر أحمد شوقي بعدم الاعتداد بظاهر الأمور؛ فيقول:
لا تأْخذنّ من الأُمور بظاهرٍ *** إن الظواهر تخدعُ الرائينا
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:
لا يخدعنك ظاهرٌ من محنقٍ *** خاف الشكاة فلاذ بالكتمان
لكن لي نظراتٍ ما تخادعني *** أرمي الأمور بها عن قلب لقمان
خدعوه إذ ضاق السبيل بمكرهم *** ورموا بآمالٍ إليه حسان
أولعت بالغدر النفوس وغرها *** أملٌ يخادعها وبرق خلب
لا تتركي المتطيرين ليأسهم *** اليأس يكذب والتطير يخدع
كذلك تخدع القوم الأماني *** وتكذب ترهات المدعينا
ـ فيختتم الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني ندوتنا (الافتراضية)؛ بقوله:
يا زهرة الحسن لا يخدعك رونقها *** إن الربيع قصير العمر والأجل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر