الثلاثاء، 29 أبريل 2014

مفهوم الهزل عند فحول الشعراء العرب ـ بقلم/ مجدي شلبي

 مفهوم الهزل عند فحول الشعراء العرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم/ مجدي شلبي (*)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

       ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ أمير، قائد عسكري (أحد قادة صلاح الدين الأيوبي)، مؤرخ، وشاعر، واسمه: أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ (أسامة بن منقذ)، وهو يتوجه (افتراضيا) الآن نحو المنصة؛ مفتتحا ندوتنا، بأبيات يفاجئنا بها:

وبعد فأستغفر الله من *** مَقالي، فإنّي به أَهزِلُ

وَما أَنا بالحُبِّ ذُو خِبرةٍ *** ولا هُو لي عَن عُلاً مُشغِلُ

ولَكِن كما قالَ ربُّ العبا *** دِ فينا نَقولُ نقول ولا نَفعَلُ

ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:

ونحسب أن الجد قولٌ نذيعه *** وتحسب أنا في المقالة نهزل

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

لعمري لقد سهَّلْتَ ما ليس بالسهل *** فسمعاً لوعظٍ أو فوعظاً على رِسْل

لكنني لابُدَّ لي من مقالة *** أقومُ بها ليستْ بظلمٍ ولا هَزْلِ

ـ فيكمل الشاعر عبد الغفار الأخرس:

فاترك الهزل يوم جدَّ بجدِّ *** إنْ هزل المقام بالشهم ذام

هزل اصطباري في جفاك *** وعاد هزل الوجد جدا

وجدّ بنا الهوى من بعد هزلٍ *** وكم هزل الهوى يوماً فجدّا

ـ فيقول الشاعر ابن معتوق:

وإنْ قامتْ إلى الفَحْشاءِ يوماً *** بي الشّهواتُ تُقعِدُني خِصالي

أحب الكذب في التشبيه هزلاً *** وأهوى الصدق في جد المقال

ـ فيضيف الشاعر حسان بن ثابت:

كفى وشفى ما في النفوسِ، فلم يدعْ *** لِذي إرْبَة، في القوْلِ، جِدَّاً وَلا هزْلا

سَمَوتَ إِلى العَليا بِغَيرِ مَشَقَّةٍ *** فَنِلتَ ذُراها لا دَنِيّاً وَلا وَغلا

ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:

اتبعوا الجد واعصبوها برأسي *** حسبكم ما مضى من الدهر هزلا

أكلف جد الأمر نفسي ولا أرى *** سوى أمة ٍ خرقاء شيمتها الهزل

ـ فيرد الشاعر إبراهيم ناجي:

زعموكم أمة هازلة *** كذب الزاعمُ فيما قد زعمْ

كلفتها اليقظة الكبرى بها *** همة ترعى وعيناً لم تنم

ـ ويضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:

رعى اللَّهُ قَوماً مضى دَهرُهمْ، *** وما فيهِمُ أحَدٌ يَهزِل

ـ فيقول الشاعر المتنبي:

وزدَ في الحِذْرِ على العَقاعِقِ *** تمَيّزُ الهَزْلَ مِنَ الحَقائِقِ

وَننذِرُ الرَكبَ بِكُلِّ سارِقٍ *** يُريكَ خُرقاً وَهوَ عَينُ الحاذِقِ

ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:

في كلّ أرضٍ صروفٌ، غيرُ هازلةٍ، *** يلعبنَ بالنّاسِ أفراداً وأزواجاً

رِياءُ بني حوّاءَ، في الطّبعِ، ثابتٌ، *** فمنهمْ مجدٌّ، في النّفاقِ، وهازل

لا تَكوني روّادَةً هزّالَهْ، *** واحذَري من نَوائِبٍ جَزّالَهْ

أيقَنْتَ، من قبلِ النُّهى، أنّ السُّهَى *** ساهٍ، يُضاحِكُ جارَهُ ويُهازل

وسَناً يُضيءُ، وبعدَه غَسَق، *** فانظرْ أجِدٌّ ذاكَ أم هزل

ـ فيقول الشاعر لسان الدين الخطيب (لقد):

أصبح منك الجد هزلا مذمما *** وأصبح منه الهزل في صورة الجد

ـ فيضيف الشاعر حيدر بن سليمان الحلي:

أهزل الأعمار منهم قولهم *** كلما جد الوغى: زيدي هزالا

ـ فيقول الشاعر عماد الدين الأصبهاني:

بهزاله سمن العلا وكذا *** في الهزل منه حقيقة الجد

فيضيف الشاعر جميل بثينة:

فلربّ عارضة ٍ علينا وصلَها، *** بالجدِ تخلطهُ بقولِ الهازلِ

ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:

أُرْسِلُهَا هَزْلاً وَأرْمي بِهَا *** مَا بَلَغَ الجِدُّ مِنَ الهَازِلِ

ـ فيقول الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:

وَلَوْ كُنْتَ صَبَّاً بي كَما أَنَا صَبَّة ٌ *** أَطَعْتَ، وَلَكِنّي أَجِدُّ وَتَهْزِلُ

ثم يقول:

قلتُ: اسمعي فلقد أبلغتِ في لطفٍ، *** وليس يخفى على ذي اللبِّ من هزلا

ـ فيعقب الشاعر أحمد محرم؛ قائلا:

يا حياة يهتف الناس بها *** إنما أنت حياة الهازلين

إذا جد أمر تولى به *** من الهزل شغل له شاغل

ـ فيضيف الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:

سل الخلصاء ما صنعوا بعهدي *** أضاعوه وكم هزلوا بجدي

أما يجل حديث عن مهازلة *** ولا يدرك عنها قحمة العقل

ـ فيقول الشاعر البحتري:

أخي إنّه يَوْمٌ أضَعتُ بهِ رُشْدِي، *** وَلم أرْضَ هَزْلي في انصرَافي، وَلا جدّي

وَما كان للهِجْرَانِ بَيْني وبَيْنَها *** بِدِيٌّ، سِوَى أنّي هَزَلْتُ، وَجَدّتِ

ومنها إذا ما الهزل حانت هناته *** مني النفس في ستر عن الفحش حاجب

ـ فيضيف الشاعر أبو العتاهية:

والدارُ دارُ أباطيلٍ مشبهة ٍ *** الجِدُّ مُرٌّ بها، وَالهَزْلُ مَعسُولُ

ـ فيقول الشاعر أبو تمام:

الجِدُّ والهَزْلُ في تَوْشيعِ لُحْمَتها *** والنبلُ والسخفُ والأشجانُ والطربُ

ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:

تأملْ أبا سهلٍ بعينٍ بصيرة ٍ *** ولا تخلطنَّ الجِدَّ في ذاك بالهزلِ

كلُّ مجدٍ تراه في الناس حياً *** هو أحياهُ بعدما مات هزلا

ـ فيكمل الشاعر ابن سهل الأندلسي:

يَجِدُّ الرَّدى فِينا ونحنُ نُهازِلُهْ *** ونغفو وما تغفو فُواقاً نوازِلُهْ

أَلا إِنَّ صَرفَ الدَهرِ بَحرُ نَوائِبٍ *** وَكُلُّ الوَرى غَرقاهُ وَالقَبرُ ساحِلُه

ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:

قَد طالَ سَيري في الحَيا *** ةِ وَلي بِبَطنِ الأَرضِ مَنزِلِ

اللَّهُ إنْ أعطاكَ يُجزِلْ، *** وكأنّ هذا الدّهرَ يَهزِلْ

ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:

نعطي ونأخذ في الحديث ومُقلتي *** مسحورةٌ بجمالك الأخَّاذِ

والدهر يغريني فأُعرِضُ لاهيًا *** فيظلُّ يفتِنُني بتلك وهذي

الدهر يَهزل والغرام يجدُّ بي *** ما كنتِ ساخرة. ولا أنا هاذي

ـ فيقول الشاعر المتنبي:

لِساني بنُطْقي صامِتٌ عنهُ عادِلٌ *** وَقَلبي بصَمتي ضاحِكٌ منهُ هازِلُ

وأتعب من ناداك من لا تجيبه *** وأغيظ من عاداك من لا تشاكلُ

وَما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني *** بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ

ـ فيضيف الشاعر البحتري:

إِن كانَ شِعري جاءَ بِالعُذرِ قاصِداً *** فَما كانَ ذَنبي بِاِعتِمادٍ وَلا قَصدِ

تذكرت أياما مضى لي نعيمها *** بتقديمه إياي في الهزل والجد

أَن دَعاهُ داعي الصِبا فَأَجابَهُ *** وَرَمى قَلبَهُ الهَوى فَأَصابَه

أهُوَ الجِدُّ منْ صَرِيمَةِ عَزْمٍ، *** أمْ هوَ الهَزْلُ في الهَوَى والدُّعَابَهْ

ـ فيقول الشاعر أبو فراس الحمداني:

تَهْلِكُ بَينَ الهَزْلِ والجِدّ مُهجَة ٌ *** إذا مَا عَداها البَينُ عَذّبَها الهَجْرُ

وَقَلْبُكَ الرّحْبُ الّذِي لَمْ يَزَلْ، *** للجدِّ والهزلِ، به موضعُ

ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:

كان هزلاً فعاد جِدّاً غرامي *** وعذابُ الهوى غُلامُ غلامِ

أمرتْ قدَّها يقودُ إليها ال *** قلْبَ مني فقاده بزمام

ـ فيقول الشاعر البحتري:

مَليءٌ بأنْ يَسْتَرِقّ القُلُوبَ، *** عَلى هَزْلِهِ وَعَلى جِدّهِ

وَأَن يوجَدَ السِحرُ في طَرفِهِ *** وَأَن يُجتَنى الوَردُ مِن خَدِّهِ

ـ فيرد الشاعر ابن الرومي:

ما قَهْرُ أنثى قِرنَ جِدٍّ ولم تكن *** لتقهر إلا قِرنَ هزل وملعبِ

لها كلُّ سلطانٍ على قلبِ أمردٍ *** ولم تعطُ سلطاناً على قلب أشيبِ

ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:

نافى َ بك الشيبُ بطالاتِ الصبا *** الليلُ هزلٌ والنهارُ جدُّ

أنت بفضلي شاهدٌ فلا أمتْ *** هزلاً وتضييعا وأنت شاهدُ

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

إِذَا تَكَلَّم لِمْ يَدْخُل صَرِيمَتَهُ *** هَزْلٌ، ولا كانَ غَيْرُ الجِدِّ يَعْنِيهِ

ومحبُّ الحبيبِ لا شك فيه *** كارهٌ للكريه يا إنسان

فدع الهزلَ والتضاحك بالطِّي *** رةِ فالنُّصْحُ مُثْمِنٌ مَجَّان

ـ فيقول الشاعر ابن نباتة المصري:

ليت ذهني يخلو فيخدم شعري *** كلّ جد وكل هزل بجوهر

ليتَ شعري يصفو كما كانَ قدماً *** فعسى العمر ماحِياً ما تكدر

إن أكن صرت بالبلادةِ فزعاً *** إن لفظي كما يقال مسير

ـ فيضيف الشاعر ابن القيسراني:

وما زالت الأيام يجري نظامها *** على العكس حتى أدرك الجد بالهزل

ـ فيقول الشاعر ابن المعتز:

في غفلة ٍلا همَّ يَعْرِفُها، *** فطفقتُ أهزل بالزمان وجدّ

أحُلّ بدارِ اللّهوِ حيثُ لَقِيتُها، *** وأهزِلُ باللذّاتِ، والدّهرُ في جِدّ

ـ فيضيف الشاعر الأبيوردي:

وَتَجْري أَحادِيثٌ تَلينُ مُتونُها *** وَيَفْتَنُّ في أَطْرافِها الهَزْلُ وَالجِدُّ

ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:

لا سيما ولعلَّ الهزلَ غايتُهُ *** لا غيرُهُ ولبذر الجد مُحتَرثُ

ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:

الجِدُّ لا يَقْتَضِي إسْمَاعَ مُلهِيَة ٍ *** والهزل يكمن في الأوتار والنّغم

ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:

يجدُّ بنا صرفُ الزّمان ونهزلُ *** ونوقظ بالأحداثِ فيه ونغفلُ

وجددتَ في كلِّ الأمورِ فلم يكن *** من قبلُ إلاّ مَن تَجِدُّ ويهزِلُ

بتنا نجدّ وكيف جدّ فتًى *** مسترهنٌ في قبضة ِ الهزلِ

ـ فيقول الشاعر الشاب الظريف:

يَلذّ بِكُمْ سَهْلُ الغَرَامِ وَصَعْبُهُ *** وَيَحْلو بِكُمْ هَزْلُ العِتَابِ وَجِدُّهُ

ـ فيضيف الشاعر أبو نواس:

نالَ السّرورَ، وخفضَ العيشِ في دعة ٍ *** وفازَ بالطّيّباتِ الماجِنُ الْهَزِلُ

ـ فيكمل الشاعر الشريف الرضي؛ متهكما:

داني يدي فنفضتها حذرا *** من أن يدنس هزله جدي

ـ ويضيف الشاعر ابن الزيات:

يا مَن يُمازِحُني في الهَزل بِالغَضَبِ *** فَرِّق فَدَيتُكَ بَينَ الجِدِّ وَاللَّعِبِ

إِذا اِصطَلَحنا مُنِحنا بِالصُّدودِ فَما *** تَنفَكُّ مِن غَضَب يُفضي إِلى غَضَبِ

ـ فيكمل الشاعر سبط ابن التعاويذي:

فأَلِينُ في الشَّكوى لقاسٍ قلبُهُ *** وأُجِدُّ في وَصفِ الغرامِ الهازِلِ

قُولُوا لَهُ يَا أَجْهَلَ النَّاسِ إذْ *** أَفَاضَ فِي جِدٍّ وَفِي هَزْلِ

عذَّبْتَ قلبي بجِدٍّ *** منَ الصدودِ وهَزْلِ

ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:

لما رأيتُ الحبَّ في الهزلِ سنة ً *** عشقتكمُ والعاشقون ضروبُ

فمَن يُعطِ منكم طالباً فوق حقّهِ *** فحقِّيَ دَينٌ لازمٌ ووُجوبُ

ـ فيقول الشاعر ابن حيوس:

أَيْنَ هُمْ مِمَّنْ إِذَا غَدَرُوا وَفَى *** وَإنْ منعوا أعطى وَإنْ هزلوا جدا

أَنّى يَرومونَ المَحامِدَ ضِلَّةً *** وَما صَدَقوا فيها وَعيداً وَلا وَعدا

ـ فيضيف الشاعر ابن شهاب:

إذا نشأت بين الأقارب فتنة *** بها اشتعلت نار الضغائن والحقد

وحار أولو الألباب فيما استفزّهم *** إلى نقض ميثاق الإخوة والعهد ففتش تجد أصل البلاء نساءهم *** بما اسطعن من بذر التنافر والبعد

كواذب يسلبن الفحول عقولهم *** بألسنة ممزوجة الهزل بالجد

ـ فيختتم الشاعر أحمد محرم ندوتنا (الافتراضية)؛ ببيت شعر يمهد به لحوارنا القادم حول (ثنائية الوجود والعدم):

ما الجد والهزل في ميثاقنا شرع *** ولا الوجود سواء فيه والعدم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/08/31/531290.html