ثنائية الألم
والأمل من منظور شعري (2 من 2)
أولا مفهوم
الألم عند فحول الشعراء العرب (1 من 2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُعد مقال اليوم أحد مقالاتي
البحثية المتتالية، التي يمكن أن يُطلق عليه (مقاربات شعرية بين فحول الشعراء
العرب)، وذلك من خلال ندوات (افتراضية) يجتمعون فيها ـ حول موضوع محدد ـ رغم
الانفصال الزماني والمكاني بينهم، ومن ثم ألقي الضوء على جانب ضئيل من تراثهم
الشعري العريق، الذي خلفوه لنا؛ لتستفيد منه الأجيال الحالية من الشعراء المعاصرين؛
يقول الشاعر أحمد شوقي:
كم همَّة ٍ دفعتْ جيلاً ذرا شرفٍ *** ونومة هدمتْ بنيانَ أجيال
ـ ويكمل الشاعر جبران خليل جبران:
حتى انبرى الإفرنج يبتعثون ما *** دفنته من ذخر مدى أجيال
ـ ويقربنا الشاعر ابن الرومي من موضوع ندوتنا؛ فيقول (بتصرف):
أشدُّ ما بيَ مِنْ شَكْوٍ ومن ألم *** (ألا تحسوا بالمفقود ـ من أشعاركم ـ فقد)!
ـ فيهدئ الشاعر الشريف الرضي من روعه؛ ويقول:
إني لمجلوب لي الشوق كلما *** تَنَفّسَ شَاكٍ، أوْ تألّمَ ذو وَجْدِ
ـ فيكمل الشاعر إبراهيم ناجي:
كأن طيوفَ الرعبِ والبين موشكٌ *** ومزدحمَ الآلامِ والوجدُ في حشدِ
ـ فيقول الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذيِبِهِ *** يستعذبُ الآلام مِنْ تعذيبهِ
ـ فيضيف الشاعر الواواء الدمشقي:
قلتُ لأصحابٍ عليَّ أعزة: *** يعزُّ علينا ما بكمْ منْ تألمِ
ـ فيحييه الشاعر حيدر بن سليمان الحلي؛ مضيفا:
الدهرُ أنتَ له روحٌ مُدبِّرة ٌ *** وُيؤلمُ الجِسمَ ما بالروحِ من ألمِ
يا جوهرَ المجدِ بل يا جوهَر الكرمِ *** أمنتَ من عرضِ الآلامِ والسَقمِ
ـ فيقول الشاعر ابن دريد:
هوَ السقمُ إلا أنهُ غيرُ مؤلمٍ *** ولمْ أرَ مثلَ الشيبِ سقماً بلا ألمْ
ـ فيضيف الإمام الشافعي:
كما العليلُ السقيمُ اشغلهُ *** عن وجعِ الناسِ كلِّهم وجعْهْ
ـ فيقول الشاعر علي بن محمد التهامي:
ألم يكفه أن ثوبَ الحيا *** ة ضاق عليه ألم يكفه
ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:
يعيشُ قلبي وهو عيشٌ مؤلمٌ *** ثم يموتُ وهو موتٌ طيبُ
ـ فيحسم الأمر الشاعر أبوالعلاء المعري:
الموْتُ خيرٌ وفيه لامرىءٍ دعةٌ *** أن يُضرب الترْب لا يحدث له وجع
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
ومَنْ يتجرَّع الآلامَ حياً *** تَسُغْ عند المماتِ له اجتراعا
ـ فيقول الشاعر ابن نباتة المصري:
جرحوه فما تألم جرحاً *** ما لجرح بميت إيلام
ـ فيضيف الشاعر المتنبي:
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ *** ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ
ـ فيكمل الشاعر علي بن محمد التهامي:
لا يألمون لنقص البخل وهو بهم *** مبرّحٌ كيف للأموات بالألم
ـ فيقول الشاعر البحتري؛ شاكيا:
ثقل الخراج علي دين مؤلم *** ولديك مما اشتكيه دوائي
ـ ويقول الشاعر جبران خليل جبران:
يا فلذة الكبد الذي لم يبق من *** آمالنا فيه سوى الآلام
ـ ويضيف الشاعر أبو إسحاق الألبيري:
وقد هجاه بهجو مؤلم وجع *** لا يشبه الشعر في نظم وتفصيل
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران؛ متهكما:
خير ما توجد الروابط فيهم *** إذ تكون الروابط الآلام
ـ فيضيف الشاعر لبيد بن ربيعة العامري:
وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ *** وفاقرة ٌ تأوي إليْها الفواقِرُ
ـ فيقول الشاعر أبو فراس الحمداني:
إن أوجعتني منْ أعاديَّ شيمة ٌ *** لَقِيتُ مِنَ الأحبَابِ أدْهَى
وَأوْجعَا
ـ فينصحهما الشاعر ابن حيوس:
فدعِ الألى مرقوا فإنَّ بعادهمْ *** عَنْ ذَا الْجَنابِ لَهُمْ عِقابٌ
مُؤْلِمُ
ـ فيقول الشاعر يزيد بن معاوية:
لي حزن يعقوب ووحشه يونس *** وآلام أيوب وحسرة آدم
ـ فيكمل الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
اختص آدم بالشقاء ونسله *** وحباهم الآلام والآمالا
ـ فيوضح الشاعر الشريف المرتضى:
لا يألمون بشيء ٍ من مصائبهمْ *** حتّى إذا أُولِمُوا في دِينهمْ أَلِموا
ـ فيقول الشاعر ابن نباتة المصري:
حاشا ثباتك من ايلام قلب فتى ً *** ما فيه الا موالاة ٌ وتوحيد
ـ ويضيف الشاعر المتنبي:
ما يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ حارِمٍ *** كمَا يُوجعُ الحِرْمانُ من كَفّ
رازِقِ
ـ فيكمل الشاعر ابن نباتة المصري:
ولقد أراعي الصبر فيما أشتكي *** من مؤلمٍ والصبر بعض تجوعي
ـ فتقول الشاعرة الخنساء:
تَعَرّقَني الدّهْرُ نَهْساً وَحَزَّا *** وَأوْجَعَني الدّهرُ قَرْعاً
وغَمْزَا
ـ فيكمل الشاعر جميل بثينة:
فأصبحتُ، مما أحدث الدهرُ، موجعَاً، *** وكنتُ لريبِ الدهرِ لا أتخشّع
ـ ويقول الشاعر مهيار الديلمي:
صبرت لكم حولين تلوينْ راجيا *** أخيبُ ووقعُ الجرح في الجرح مؤلمُ
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
بِحسبِ المرء عاراً *** يوجع القلبَ وجيعُه
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
وما زالتْ معاناةُ الرّزايا *** على الإنسانِ، حتى أزهَقَته
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
قريح القلب من وجع الذنوب *** نَحِيْلُ الجِسْمِ يَشْهَقُ بالنَّحِيْبِ
ـ فيقرر الشاعر الفرزدق:
سأبكيكَ حَتى تُنْفِدَ العينُ ماءَها، *** وَيَشْفيَ مِنّي الدّمْعُ ما
أتَوَجّعُ
ـ فيضيف الشاعر أحمد محرم:
وأمطرتهم عتبا فلما توجعوا *** توجعت أستدعي الدموع مواطرا
ـ فيقول الشاعر ابن حيوس:
وَسَهْمَ لِحَاظٍ يُؤْلِمُ الْقَلْبَ جُرْحُهُ *** أهانَ جراحاً تؤلمُ
العظمَ وَالجلدا
ـ ويضيف الشاعر بشار بن برد:
ولا ألم بعيني من كرى سنة ٍ *** إِلاَّ أَلَمَّ خَيَالٌ منْكِ فَاعْتَادَا
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
خَليليَّ رِفقاً بي فقد ضرّني الهوى *** ألمْ موجعَ القلب مؤلما
ـ ويقول الشاعر علي بن الجهم:
وَكُلُّ مَن في فُؤادِهِ وَجَعٌ *** يَطلُبُ شَيئاً يُسَكِّنُ الوَجَعا
ـ فيقول الشاعر عبد الجبار بن حمديس؛ (إن):
شفائي من الآلام في الشّفة ِ اللميا *** بريقتها أحْيَا وإلا فلا مَحْيا
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
وقد غَرَّدَتْ من فوقهن حمائمٌ *** لها أنَّة ُ المألوم من ألمَ الهجر
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
اسْتَشْعَرَتْ أَلماً لَمَّا رأَتْ أَلَمِي *** من حادِثِ البَيْنِ
أَنْسَانِي جَوَى الأَلَمِ
ـ فتقول الشاعرة علية بنت المهدي:
وإذا ما قُلْتُ: بي أَلَمٌ *** شَكَّ مَن أهواه في أَلَمي
ـ فيكمل عنها الشاعر جبران خليل جبران:
وكلني إلى همي فإني غريقة *** ببحر من الآلام والذل مترع
ـ ويضيف الشاعر أحمد محرم أيضا:
ثوت تتجرع الآلام شتى *** على أيدي الدهاة الماكرينا
ـ فيوجه النصح الشاعر الهبل؛ قائلا:
اهدِ إلى العبدِ الدعاء فإنه *** إلى صاحب الآلام أحسن ما يهدى
ـ فيقول الشاعر بهاء الدين زهير:
لا أُحِسّ الآلامَ في القُرْبِ والبُعـ *** ـدِ وَلم يُبْقِ لي الغرامُ
فُؤادَا
ـ فيقول الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
إذا وَتَرٌ هِزَتْهُ بالنقْر خِلْتَهُ *** يئنُ من الآلام أو يتضرّعُ
ـ فيكمل الشاعر جبران خليل جبران:
فن بذلت له الحياة مثابرا *** في حومة الآلام والآمال
يجني المنى كالورد من أشواكه *** ويهون الآلام بالآمال
ـ فيعترض الشاعر الشريف المرتضى؛ معبرا عن وجع الفراق:
أوجَعني فراقُك من قريبٍ *** وداءٌ لا دواء له وجيعُ
ـ فيؤيده الشاعر عبد الغفار الأخرس:
لم يدر ما مرض الفؤاد وما الذي *** أخفيته عنه من الآلام
ـ وينضم إليهما الشاعر جبران خليل جبران؛ قائلا:
ولقد نبيت مبرحا بك من *** ألم ولا تشكو من الألم
ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:
ألمي محا ذنبي إليك وكفّرا *** هبني أسأت ألم يحنْ أن تغفرا
ـ فيعلن الشاعر قيس لبنى أن الواشي هو سبب الهجر:
لعمرِي لَقَدْ صاحَ الغرابُ بِبَيْنهِمْ *** فَأَوْجَعَ قَلْبِي بالحَدِيثِ
الذي يُبْدِي
ـ فيكمل الشاعر الخُبز أَرزي:
ضربُ العصا مؤلمٌ ساعةً *** وضربُ اللسان طويل الألمْ
ـ فيضيف الشاعر الفرزدق:
فَلَئِنْ سَفَكْتِ دَماً بِغَيرِ جَرِيرَةٍ *** لَتُخَلَّدِنّ مَعَ
العَذابِ الآلَمِ
ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:
كلما تقسو الليالي، عرفا *** روعة الآلام في المنفى الطهور
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
تلك شكوى عن فؤاد ثاكل *** صاخب الآلام رنان الخفوق
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
قل للشباب الجازعين رويدكم *** مضت الهموم وزالت الآلام
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
أليوم تنمي غرسها آمالكم *** واليوم تجني خيرها الآلام
يالمس آلام جرعتم صابها *** واليوم أجنت شهدها الآلام
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
يبقى الكلامُ وكلُّ كَلْمٍ مؤلمٍ *** يمحوه ليلٌ أو نهارٌ مشرقُ
ـ فيضيف الشاعر عروة بن حزام:
ومنْ لو أراهُ عانياً لكفيتهُ *** ومَنْ لَوْ يَرانِي عانِياً لَكَفَانِي
ـ ويؤكد المعنى الشاعر عروة بن حزام؛ قائلا:
بِمَنْ لَوْ أرَاهُ عَانِياً لَفَدَيْتُهُ *** ومَنْ لوْ رَآنِي عَانِياً
لَفَدَانِي
ـ ويضيف الشاعر المقنع الكندي؛ منهيا ندوة اليوم بقوله:
إن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم *** وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر