ثنائية الجوع والشبع من منظور شعري
1ـ مفهوم
الجوع من منظور شعري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو الشاعر العماني سالم بن غسان بن راشد بن علي بن عبد الله اللواح الخروصي الأزدي، المعروف
بـ(اللواح)، وهو يصف نسبه بقوله:
أنا العماني وإسمي سالم وأبي *** غسان والأزد هم قومي وهم عصبي
ومن خروصٍ إذا أنسبتني نسبي *** وأنت حسبي ومولاي ومنتخبي
وهو يتجه (افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة
للمشاركة في ندوتنا؛ فيقول:
الجوع قيل سحاب كلما أرتكما *** فيلس يمطر إلا العلم والحكما
والشبع قيل سحاب هل ماطره *** جهلاً وحمقاً كما قد قالت الحكما
إن جاعت النفس أمسى جسمها أبدا *** روحاً وجسماً تصير الروح إن تخما
ـ فيقول الشاعر صفي الدين الحلي:
يَحفَظُ في الجوعِ أَلفَ مَنفَعَةٍ *** وَمِثلَها في مَضَرَّةِ البِطنَه
وَيوهِمُ الناسَ أَنَّ شِبعَهُم *** يُطفِىءُ نورَ الذَكاءِ وَالفِطنَه
إِن حاوَلَ الضَيفُ أَن يُلِمَّ بِهِ *** أَعطاهُ مِن قَبلِ نُطقِهِ
القَطنَه
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
تَجوَّع فَإِنَّ الجُوعَ مِن عَملِ التُقى *** وَإِنَّ طَويلَ الجَوعِ
يَوماً سَيَشبَعُ
جانِب صِغارَ الذَنبِ لا تَركَبنَّها *** فَإِنَ صِغارَ الذَنبِ يَوماً
سُتجمَعُ
ـ فيضيف الشاعر ابن طاهر:
الزم الجوع إن شئت النجا والظفر ثم *** واعلم أنه أتانا في الحديث المعظم
ما ملا ابن آدم من وعا شر وأوخم *** من ملا البطن فاعلم ما بقوله لك اعلم
ـ فيقول الشاعر خليل مردم بك:
أَضرَّ بغادةٍ هيفاءَ رود *** طوىً بحياتِها قَدْ كادَ يودي
وزاد شجونَها إِعوالُ طفلٍ *** لها داني العهودِ مِنَ المهود
خوتْ أَحشاؤه مما يقاسي *** بعادي الجوعِ من أَلمٍ شديد
فضمتَّه تعلِّله وَأَمستْ *** لظى أَحشائها ذات الوقود
ـ فيكمل الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد:
قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهم *** لكنهم من قدور الغير ما أكلوا!
ما زلت تؤمن أن الأرض دائرة *** وأن فيها كراما بعد ما رحلوا
ـ فيضيف الشاعر جميل صدقي الزهاوي:
هنالك أبدى الجوع ناجذه لها *** وزاد بها الداء الذي هو معضل
فخارت قواها في غضير شبابها *** وحارت فلم تدر الذي هي تفعل
كذلك جسم المرء يأكله الطوى *** إذا المرء لم يلف الذي هو يأكل
ـ فيقول الشاعر شاعر الحمراء:
آهٍ لأطفالٍ صِغارٍ أوشَكَت *** بالجُوعِ تَقضِي نَحبَها الأطفالُ
آه لأطفال تجود بنفسها *** في حجر أمٍّ دمعها سيال
آهٍ لأشياخٍ تَفانى جِسمُهُم *** فكأنهم لِشُحوبِهم أطلالُ
عارٌ علينا أن تَموت ضِعافُنَا *** جوعاً وتفضُلَ عندنا الأموالُ
ـ فتضيف الشاعرة نازك الملائكة:
وإن يكونوا نجوا من الجوع والفقـ *** ـر ولم يفترسهم الحرمان
فلقد طالما أحسّوا بجوع الـ *** ـروح واستعبدتهم الأحزان
ـ فيقول الشاعر أحمد زكي أبو شادي:
غلب الجوع فهاتي المش هاتي *** لا تقولي اللحم إن أصبر سياتي
هذه حالي وذي فلسفتي *** وكفاحي بين صبر وصلاة
ـ فيضيف الإمام الشافعي:
أَجودُ بِمَوجودٍ وَلَو بِتُ طاوِياً *** عَلى الجوعِ كَشحاً وَالحَشا
يَتَأَلَّمُ
وَأُظهِرُ أَسبابَ الغِنى بَينَ رِفقَتي *** لَيَخفاهُمُ حالي وَإِنّي
لَمُعدَمُ
وَبَيني وَبَينَ اللَهِ أَشكو فاقَتي *** حَقيقاً فَإِنَّ اللَهَ بِالحالِ
أَعلَمُ
ـ فيقول الشاعر الأحنف العكبري:
ليس في منزلي شيء أطيف به *** وبي من الجوع ما يدني من الموت
إذا بصوت بباب الدار تسمعهُ *** فالأذن مصغية منّي إلى الصوت
فقلت من ذا الذي أرجوه لي فرجا *** فقال أنا فرج زن لي كرى البيت
ـ فيضيف الشاعر اللواح:
بليت لديرة فيها رجال *** لئام أهل تصفيق وشيق
وأقبح ما يكون بهم ومنهم *** طعام الضيف أو بذل العليق
فما منهم ترى أبدا كريماً *** سوى لحز ولص أو بيوق
ـ فيقول الشاعر ابن المُقري:
أغث هذه الطرحا من الجوع والضنى ***على الطرق عجزاً واكس أعظمهم لحما
فقد مست الضراء وانقطع الرجا *** من الخلق إلا منك ياواسع النعما
أغثنا أغثنا فالوجوه تناكرت *** وقد قطع الأرحام أقربهم رحما
ـ فيضيف الشاعر هلال بن سعيد العماني:
ومن أينَ تأتيكَ المحامدُ والندى *** وأنت الذي بالمُفْضِحاتِ مُخَصَّصُ
لسانُكَ من حَمْلِ النميمةِ ألْكَنٌ *** وَبَطْنُك يا هذا من الجوعِ أخمصُ
ـ فيقول الشاعر الخبز أرزي:
زاد في السكر مسرفاً مثلما أسـ *** ـرَفَ عند الطعام بالنقصانِ
لو تراني والجوع يضحك منّي *** عند غسلي يديَّ بالأشنانِ
إنني ماضغٌ على غير شيءٍ *** غير صكِّ الأسنان بالأسنانِ
ـ فيضيف الشاعر ابن نباته المصري:
قد أفقرتني غيداء واصلة *** فدمع عينيّ غير مقطوع
وكنت أبكي من الغرام بها *** فصرت أبكي منها من الجوع
ـ فيقول الشاعر معروف الرصافي:
بكت من الفقر فاحمرّت مدامعها *** واصفرّ كالورس من جوع محيّاها
مات الذي كان يحميها ويسعدها ***
فالدهر من بعده بالفقر أشقاها
الموت أفجعها والفقر أوجعها *** والهمّ
أنحلها والغمّ أضناها
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
دعانا فغدّانا صياماً بمُشبِعٍ *** من العلم مُروٍ يتركُ البالَ ناعما
ظللنا يذودُ الجوعَ عنا كأنه *** يذبُّ عدوّاً أن يُبيح محارما
بمستمعٍ طوراً وطوراً بمنظرٍ *** يرى من رآه أنه كان حالما
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي؛ متهكما:
هـذا ما دِرٌ *** الجوع يا أخي ولا الأكل معه
لقد دعاني للغذاء مرة *** فقسم البيضة بين أربعة
ـ فيختتم الشاعر حافظ ابراهيم ندوتنا (الافتراضية)؛ قائلا:
سَمِعتُ أَنَّ اِمرِأً قَد كانَ يَألَفُهُ *** كَلبٌ فَعاشا عَلى الإِخلاصِ
وَاِصطَحَبا
فَمَرَّ يَوماً بِهِ وَالجوعُ يَنهَبُهُ *** نَهباً فَلَم يُبقِ إِلّا
الجِلدَ وَالعَصَبا
فَظَلَّ يَبكي عَلَيهِ حينَ أَبصَرَهُ ***يَزولُ ضَعفاً وَيَقضي نَحبَهُ
سَغَبا
يَبكي عَلَيهِ وَفي يُمناهُ أَرغِفَةٌ *** لَو شامَها جائِعٌ مِن فَرسَخٍ
وَثَبا
فَقالَ قَومٌ وَقَد رَقّوا لِذي أَلَمٍ *** يَبكي وَذي أَلَمٍ يَستَقبِلُ
العَطَبا
ما خَطبُ ذا الكَلبِ قالَ الجوعُ يَخطِفُهُ *** مِنّي وَيُنشِبُ فيهِ
النابَ مُغتَصِبا
قالوا وَقَد أَبصَروا الرُغفانَ زاهِيَةً *** هَذا الدَواءُ فَهَل
عالَجتَهُ فَأَبى
أَجابَهُم وَدَواعي الشُحِّ قَد ضَرَبَت *** بَينَ الصَديقَينِ مِن فَرطِ
القِلى حُجُبا
لِذَلِكَ الحَدِّ لَم تَبلُغ مَوَدَّتُنا *** أَما كَفى أَن يَراني اليَومَ
مُنتَحِبا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/10/07/534278.html