2ـ مفهوم الخيال عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ شاعر مخضرم (قضى نصف عُمرِهِ في الجاهلية ونِصفُهُ في الإسلام)، هو الشاعر
كعب بن زهير بن أبي سلمى بن ربيعة بن رياح بن العوام بن قُرط بن الحارث بن مازن،
المعروف بـ(كعب بن زهير)، وها هو يتجه (افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة؛ منشدا:
أَنّى ألَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطيفُ *** وَمَطافُه لَكَ ذِكرَةٌ وَشُعوفُ
يَسري بِحاجاتٍ إِلَيَّ فَرُعنَني *** مِن آلِ خَولَة كُلُّها مَعروفُ
فَأَبيتُ مُحتَضِراً كَأَنِّيَ مُسلَمٌ *** لِلجِنِّ رَيعَ فُؤادُهُ
المَخطوفُ
فَعَزَفتُ عَنها إِنَّما هُوَ أَن أَرى *** ما لا أَنالُ فَإِنَني لَعَزوفُ
لا هالِكٌ جَزَعاً عَلى ما فاتَني *** وَلِما ألَمَّ مِنَ الخُطوبِ عَروفُ
ـ فيقول الشاعر جرير:
أَسَرى لِخالِدَةَ الخَيالُ وَلا أَرى *** طَلَلاً أَحَبَّ مِنَ الخَيالِ
الطارِقِ
ـ فيضيف الشاعر وضاح اليمن:
طَرَقَ الخَيَالُ فَمَرحَباً أَلفَاً *** بِالشَّاغِفَاتِ قُلُوبِنَا
شَغفَا
ـ فيقول الشاعر نسيب عريضة:
لاحت قصورُ الخَيالِ *** تَعلو متونَ الغَمام
يا أختَ روحي تعالي *** أطلتِ فيها المُقام
يا اختَ روحي اسمعيني *** من أوج تلك السماء
قد كاد يقضي يقيني *** هلا أجبتِ النِداء
ـ فيضيف الشاعر ابن خفاجه:
سَمَحَ الخَيالُ عَلى النَوى بِمَزارِ *** وَالصُبحُ يَمسَحُ عَن جَبينِ
نَهارِ
فَرَفعتُ مِن ناري لِضَيفٍ طارِقٍ
*** يَعشو إِلَيها مِن خَيالٍ طاري
ـ فيقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
أَنا لَستُ في دُنيا الخَيال وَلا الكَرى *** وَكَأَنَّني فيها لِرَوعَةِ
ما أَرى
يا قَومُ هَل هَذي حَقائِقُ أَم رُأىً *** وَأَنا أَصاحٍ أَم شَرِبتُ
مُخَدِّرا
لا تَعجَبوا مِن دَهشَتي وَتَحَيُّري *** وَتَعَجَّبوا إِن لَم أَكُن
مُتَحَيِّرا
ـ فيضيف الشاعر ناصيف اليازجي:
المَرْءُ في الدُنيا خَيالٌ قد سَرَى *** والعَيشُ مِثلُ الحُلم في سِنَةِ
الكَرَى
والناسُ رَكْبٌ قد أناخَ بمَنزِلٍ *** فبَنى على الطُّرُقِ المدائنَ
والقُرَى
لا مَرحَباً إنْ جاءَتِ الدُّنيا ولا *** أسَفاً إذا وَلَّتْ وما الدُّنيا
تُرَى
هيَ كالسَّرابِ يَزيدُ مُهجةَ وارِدٍ *** ظَمأً ويَملأُ مُقلتَيهِ مَنظَرا
ـ فيكمل الشاعر عبد الغني النابلسي:
رأيت خيال الظل أكبر عبرة *** يلوح بها معنى الكمال لأحداقي
وفي كل موجود على الحق آية *** لمن هو في علم الحقيقة راقي
شخوص وأشباح تمر وتنقضي *** وليس لها مما قضى الله من واقي
لها حركات ثم يبدو سكونها *** وتفني جميعاً والمحرك باقي
ـ فيقول الشاعر ابن الفارض:
إنْ كان مَنزِلَتي في الحبّ عندكُمُ *** ما قد رأيتُ فقد ضيّعْتُ أيّامي
أُمْنِيّة ظفِرَتْ روحي بها زَمَناً *** واليومَ أحسَبُها أضغاثَ أحلام
لقد رَمَاني بسهمِ من لواحِظِهِ *** أصْمى فؤادي فوا شوقي إلى الرامي
ـ فيضيف الشاعر ابن المعتز:
زارَ الخَيالُ وَصَدَّ صاحِبُهُ *** وَالحُبُّ لا تُقضى عَجائِبُهُ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
طاف الخيال وعن ذكراك ما طافا *** فكان أكرم طيف طارق ضافا
طيف عراني فحياني وأتحفني *** بالنرجس الغض والتفاح إتحافا
لا خير في قرة للعين معقبة *** دمعاً يخدد في الخدين ذرّافا
ـ فيقول الشاعر البحتري:
أَهلاً بِذالِكُمُ الخَيالِ المُقبِلِ *** فَعَلَ الَّذي نَهواهُ أَو لَم
يَفعَلِ
بَرقٌ سَرى في بَطنِ وَجرَةَ فَاِهتَدَت *** بِسَناهُ أَعناقُ الرِكابِ
الضُلَّلِ
ـ فيضيف الشاعر ابن زمرك:
زارَ الخيالُ بِأَيْمَنِ الزَّوْرَاءِ *** فَجَلاَ سَناهُ غَياهبَ الظلماءِ
وسَرى مع النَسَماتِ يَسحبُ ذيلَهُ *** فأَتَتُ تَنمُّ بعنبر وكباءِ
هذا وما شَيءٌ أَلَذُ من المنَى *** إِلاَّ زيارتُهُ مَعَ الإِغفاءِ
ـ فيقول الشاعر صريع الغواني:
طَيفَ الخَيالِ حَمِدنا مِنكَ إِلماما *** داوَيتَ سُقماً وَقَد هَيَّجتَ
أَسقاما
لِلَّهِ واشٍ رَعى زَوراً أَلَمَّ بِنا *** لَو كانَ يَمنَعُنا في النَومِ
أَحلاما
بِتنا هُجوداً وَباتَ اللَيلُ حارِسُنا *** حَتّى إِذا الفَلَقُ اِستَعلى
لَهُ ناما
كَالدَهرِ لا يَنثَني عَمَّن يَهُمُّ بِهِ *** قَد أَوسَعَ الناسَ إِنعاماً
وَإِرغاما
ـ فيضيف الشاعر الأحوص الأنصاري:
طافَ الخَيالُ وَطافَ الهَمُّ فاعتَكَرا *** عِندَ الفِراشِ فَباتَ الهَمُّ
مُحتَضِرا
أُراقِبُ النَجمَ كالحَيرانِ مُرتَقِباً *** وَقَلَّصَ النَومُ عَن عَينيَّ
فانشَمَرا
مِن لَوعَةٍ أَورَثَت قَرحاً عَلى كَبِدي *** يَوماً فَأَصبَحَ مِنها
القَلبُ مُنفَطِرا
ـ فيكمل الشاعر مصطفى صادق الرافعي:
زارَ الخيالُ فحيَّاني وأسندني *** يدٌ على القلبِ والأخرى على الكبدِ
ومرَّ ليلُ هوىً ما كانَ أهنأَهُ *** لو أنني لم أقمْ منهُ إلى الأبدِ
وحينَ أيقظتُ عيني في الصباحِ بكتْ *** وعاقبتنيَ في جفنيَّ بالرمدِ
ـ فيقول الشاعر الأرجاني:
هُمُ منَعوا مِنّا الخيالَ الّذي يَسْري *** فلا وَصْلَ إلاّ ما تَصوَّر في
الفِكْرِ
فيا مالكي منْعَ الجُفونِ من الكرَى *** ألم تمَلِكوا منْعَ الفؤادِ منَ
الذّكر
ـ فيضيف الشاعر التهامي:
أَمّا الخَيال فَما يَغيب طُروقاً *** يَدنو بِوَصلك شائِقاً وَمشوقا
وَآفٍ يُحقِقُ لِلوَفاء وَلَم يَزَل *** خدن الصَبابة لِلوَفاءِ خَليقا
وَمَضى وَقَد مَنَعَ الجُفونَ خفوقها *** قَلبٌ لذكرك لا يَزالُ خَفوقا
ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:
أزائرةٌ كما زعَم الخيالُ *** أم الأحلامُ أصدقُها المحالُ
أعلّل عنكِ قلباً ضاق حتى *** غدَا ما للمنى فيه مجالُ
إذا عاداتُ هجرِك آيستني *** رجوتُ وقلتُ يعقبها الوصالُ
ـ فيضيف الشاعر ابن المعتز:
شَفاني الخَيالُ بِلا حَمدِهِ *** وَأَبدَلَني الوَصلَ مِن صَدِّهِ
وَكَم نَومَةٍ لِيَ قَوّادَةٍ *** أَتَت بِالحَبيبِ عَلى بُعدِهِ
ـ فيقول الشاعر ابن حيوس:
ضَلَّ مَن يَستَزيرُ طَيفَ الخَيالِ *** هَل تُداوى حَقيقَةٌ بِالمُحالِ
سُنَّةٌ سَنَّها المُحِبّونَ جَهلاً *** كَسُؤالِ الرُبوعِ وَالأَطلالِ
ـ فيضيف الشاعر مهيار الديلمي:
قل لها أيها الخيالُ الطروقُ *** نفَّرَ العشقَ ما جَنَى المعشوقُ
بردتْ بعدكِ الضلوعُ من الوجـ *** ـد وخفَّ الهوى وجفَّ الموقُ
ومن الصبر ما يساعدُ إن ريـ *** ـم وفي العاشقين من يستفيقُ
كبدي فوق أن أكلِّفها منـ *** ـكِ على البعد حمل ما لا تُطيقُ
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
ما عِندَ عَينِكَ في الخَيالِ الزائِرِ *** أَطُروقُ زَورٍ أَم طَماعَةُ
خاطِرِ
باتَ الكَرى عِندي يُزَوِّرُ زَورَةً *** مِن قاطِعٍ نائي الدِيارِ
مُهاجِرِ
ـ فيضيف الشاعر السري الرفاء:
ردّي الخيال يجد معنى واجدا *** أمرضته فأتاه طيفك عائدا
لم يسر بعد البين وفد رقاده *** إلا سرى معه خيالك وافدا
وبلية المشتاق إن حرم الهوى *** يقظان واجتمعت لديه راقدا
نجزت مواعيد الفراق كأنما *** أنجزن فيها للحمام مواعدا
ـ فيضيف الشاعر جرير:
طافَ الخَيالُ وَأَينَ مِنكَ لِماما *** فَاِرجِع لِزَورِكَ بِالسَلامِ
سَلاما
فَلَقَد أَنى لَكَ أَن تُوَدِّعَ خُلَّةً *** فَنِيَت وَكانَ حِبالُها أَرماما
فَلَئِن صَدَرتَ لَتَصدُرَنَّ بِحاجَةٍ *** وَلَئِن سُقيتَ لَطالَ ذا
تَحواما
ـ فيقول الشاعر الكميت بن زيد:
فلما انتبهت وجدت الخيال *** أمانيَّ نفس وأفكارَها
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
يُهدي الخَيالُ لَنا ذِكرى إِذا طافا *** وافى يُخادِعُنا وَالصُبحُ قَد
وافى
تَصدُقُنا المَنعَ سُعدى حينَ
نَسأَلُها *** نَيلاً وَتَكذِبُنا بَذلاً وَإِسعافا
ـ فيكمل الشاعر الأرجاني:
وحَرَّمْنَ الخيالَ علَيَّ حتّى *** لقد أَبقَيْنَ من جِسمي خَيالا
ولو شغَل الكرَى باللّيلِ عَيْني *** جَعلْتُ لها بها عنها اشْتِغالا
وأغيدَ رَقَّ ماءُ الوجهِ منه *** فلو أَرخَى لثاماً عنه سالا
تُبينُ سَوادَها الأبصارُ فيه *** فحيثُ لَحظْتَ منه حَسِبْتَ خالا
ـ فيقول الشاعر الراعي النميري:
طافَ الخَيالُ بِأَصحابي فَقُلتُ لَهُم *** أَأُمُّ شَذرَةَ زارَتنا أَمِ
الغولُ
لا مَرحَباً بِاِبنَةِ الأَقيالِ إِذ طَرَقَت *** كَأَنَّ مَحجِرَها
بِالقارِ مَكحولُ
سودٌ مَعاصِمُها جُعدٌ مَعاقِصُها *** قَد مَسَّها مِن عَقيدِ القارِ
تَنصيلُ
ـ فيضيف الشاعر مالك بن المرحل:
طافَ الخيالُ بوادينا فما زارا *** إلا وواقعُ سرب النوم قد طارا
لا ذنبَ للنوم بل للعين تدفعُه *** بل للحشا من حشاشات الحشا نارا
قد كان يبصر ما يأتيه من خطأ *** لو يجعل الله للعشاق أبصارا
ـ ويختتم الشاعر إبراهيم ناجي ندوتنا
(الافتراضية)؛ منشدا:
دع النفس تمرح في خيالٍ وأوهام *** وخلِّ لأجفاني كواذبَ أحلامي
وقل يا حبيب القلب إنك عائد *** على جهلِ حساد وغفلة لوّامِ
أيحرم حتى وهم حبك من رمى *** بمهجته في ناره دون إحجامِ
فيا أملي النائي إذا كنتُ مذنباً *** فقد تبت عن ذنبي إليك بآلامي
حببتك لا أدري الهوى ما وراءه *** وما بعد سقمي فيك عاماً على عامِ
جمالك نبراسي وروحك كعبتي *** وعيناك وحيي في الحياة وإلهامي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/10/05/534106.html