ثنائية العتاب والصفح من منظور شعري
2ـ مفهوم
الصفح عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ هو الشاعر العراقي أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الموصلي، المعروف بـ(السري الرفاء)
لكونه كان ـ في صباه ـ يرفو ويطرز (يعمل خياطا) في دكان بالموصل ولذا سمي بالرفاء
أي الخياط، وهو يقول عن مهنته تلك:
وكانت الإبرة فيما مضى *** صائنة وجهي وأشعاري
فأصبح الرزق بها ضيقا *** كأنه من ثقبها جاري
وها هو يتجه (افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة للمشاركة في ندوتنا؛ قائلا:
إذا غَضِبْتَ فلا تَعجَلْ بسّيئَةٍ *** فالعفوُ شأنكُمُ يا آلَ عَبَّاسِ
وكُنْ صَفوحاً فإنَّ الصَّفْحَ مَنقَبةٌ *** أذكَى من الوَرْدِ غِبَّ
القَطْرِ والآسِ
فإنِّما الحمدُ منّا والثَّوابُ غداً *** لكاظمِ الغَيْظِ والعافي عن
الناسِ
ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:
خان الأحبةُ والرفاقُ ولم أخنْ *** عهدي لهم وصفحتُ صفحَ كريمِ
ـ فيضيف الشاعر أبو فراس الحمداني:
صفوحٌ عندَ قدرتهِ كريمٌ *** قليلُ الصفحِ ما بينَ الصفاحِ
ـ فيقول الشاعر البوصيري:
فاصفح عن العبدِ المسيءِ تكرماً *** إن الكريمَ عن المسيءِ صفوحُ
ـ فيضيف الشاعر الشريف الرضي:
فاصفح فسوف ينال صفحك منهم *** مَا لا يَنالُ العَضْبُ، وَهوَ حَدِيدُ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
قَراهُمُ الصفح إذ حلُّوا بَعقوتِه *** وأتبع الصفحَ إكراماً وإلطافاً
جاءوا يخافون ناراً لا خمود لها *** فأُزلفت لهم الجنات إزلافا
ـ فيقول الشاعر ابن الخياط:
إذا كنتَ عنْ ذِي الفضلِ لستَ بصافحٍ *** فَواحسْرَتا عَمَّنْ تَكُفُّ
وَتصْفَحُ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
لا تعتب عليَّ فداك أهلي *** فتُضعِفَ ما لقيتُ من البلاءِ
فرأيَك مُنعماً بالصفح عني *** فما لي غير صفحك من عَزاء
ـ فيضيف الشاعر أحمد شوقي:
إن الذين نزلْتَ في أَكنافهم *** صَفحوا، فما منهم مَغِيظٌ مُحْنَق
ذَكَرَت لَيالِيَ بَدرِها فَتَلَفَّتَت *** فَعَساكَ تَطلُعُ أَو لَعَلَّكَ
تُشرِقُ
ـ ثم يضيف:
ولستُ أنسى صفحة ًضاحكة ً *** تأْخذ النفسَ وتَجرِي في هواها
وحديثاً كرِوايات الهوى *** جدَّ للصبِّ حنينٌ فرواها
ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:
يا أيُّها العالي الغفورُ الصفوحْ *** هل ترحم القمَّةُ ضعْف السُّفوحْ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
أصْفَحُ للبِلَى عَنْ ضَوْءِ وَجْهٍ *** غَنيتُ يَرُوعُني منْهُ الشُّحُوبُ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
لا يعجبنك عفو نلت عاجله *** فما عفا الدهر عن جان ولا صفحا
ـ فيرد عليه الشاعر ابن حيوس:
لا تُشعِرَنَّ الدَهرَ أَنَّكَ جازِعٌ *** مِن فِعلِهِ فَيَلَجَّ في
غَدراتِهِ
وَلَقَد عَلِمنا أَنَّ بَينَكُمُ الَّذي *** لا تَرحَلُ العَلياءُ عَن
حُجُراتِهِ
وافاكَ مِنّي ذا الكَلامُ مُعَزِّياً *** بَل راغِباً في الصَفحِ عَن
زَلّاتِهِ
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
فرح غانماً بالصفح ممن إذا رمى *** فلا تجبر الأيام ما هو كاسر
ـ فيضيف الشاعر
ابن حيوس:
جَنَيتُم
عَلَينا وَاِعتَذَرنا إِلَيكُمُ *** وَلَولا الهَوى لَم يُسأَلِ الصَفحَ مُذنِبُ
وَمَوَّهتُمُ
يَومَ الفِراقِ بِأَدمُعٍ *** تُخَبِّرُ عَن صِدقِ الوِدادِ فَتَكذِبُ
ـ فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
صَفحتُ عن ذنبِ الزَّمانِ وإنّني *** عن ذنبهِ بفراقنا لا أصفحُ
ـ فيضيف الشاعر محمود سامى البارودى:
يَا هَاجِرِي ظُلْماً بِغَيْرِ خَطِيئَةٍ *** هَلْ لِي إِلَى الصَّفْحِ
الْجَمِيلِ سَبِيلُ
مَاذَا يَضُرُّكَ لَوْ سَمَحْتَ بِنَظْرَةٍ *** تَحْيَا بِهَا نَفْسٌ
عَلَيْكَ تَسِيلُ
ـ فيقول الشاعر محمد بن حازم الباهلي:
صفحتُ برغمي عنكَ صفحَ ضرورة ٍ *** إليكَ وفي قلبي ندوبٌ من العتبِ
ـ فيضيف الشاعر كثير عزة:
غفرتُ ذنوبهُ وصفحتُ عنهُ *** مخافة َأن أكونَ بلا صديقِ
ـ فيقول الشاعر قيس لبنى:
هبيني امرءاً إِنْ تُحْسني فهو شاكرٌ *** لِذَاكَ وإنْ لم تُحْسِني فَهُوَ
صَافِحٌ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
ولكنَّكَ المخدوعُ صفحاً ونائلاً *** فتصفحُ وضّاحاً وتمنحُ أروعا
ـ فيضيف الشاعر صريع الغواني:
غَفَرتُ ذُنوبَها وَصَفَحَتُ عَنها *** فَلَم تَصفَح وَلَم تَغفِر ذُنوبي
ـ فيقول الشاعر عمر ابن أبي ربيعة:
وَأَعُوذُ مِنْكِ بِكِ، الغَدَاة، لِتَصْفَحي *** عما جنيتُ من الذنوبِ،
وترحمي
ـ فيقول الشاعر الفرزدق:
وَكَيْفَ بصَفحي عَنْ لَئيمٍ تلاحقَتْ *** إلَيْهِ بِأخْلاقِ الدَّنَاءَةِ
نَاقِصِ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
أدْرَجْتُهُ صَفْحاً، وَكنتُ إذا أتَى *** لَئيمُ أُنَاسِ سَوءةً، لا
أُعَاتِبُهْ
ـ فيكمل الشاعر المتنبي:
أبدو فيَسجُدُ مَنْ بالسّوءِ يذكُرُني *** فَلا أُعاتِبُهُ صَفْحاً
وإهْوَانَا
ـ فيقول الشاعر إيليا ابو ماضي:
سَكَتَّ خَوفاً وَقُلتَ الصَفحَ مِن خُلُقي *** وَنِمتَ جُبناً وَقُلتَ
الحِلمُ مِن شِيَمي
وَإِنَّما أَنتَ وَالأَقوامُ قَد عَلِموا *** لَولا خُمولُكَ لَم تَسكُت
وَلَم تَنَمِ
ـ فيضيف الشاعر ابن حيوس:
عاذَ بِالصَفحِ مَن أَحَبَّ البَقاءَ *** وَاِحتَمى جاعِلُ الخُضوعِ وِقاءَ
ـ فيقول الشاعر ابن قلاقس:
سِيّانِ مَنْ بالصّفْحِ مكسِبُه *** أو مَنْ له ببِغائه وفْرُ
حالاهُما في الكسبِ واحدةٌ *** ما بين مُكتسَبَيْهِما قبْرُ
ـ فيرفع الشاعر ابن زمرك أكف الضراعة إلى الله؛ مناجيا:
يا رَبِّ صفحَك يرجو كلُّ مُقترفٍ *** فأنت أكرمُ من يعفو ومن صَفَحا
ـ فيكمل الشاعر مهيار الديلمي:
وحسبُ عاصيكَ ذلاًّ إذ صفحتَ لهُ *** عنْ الجريرة ِأنَّ الصَّفحَ شافعهُ
ـ فيضيف الشاعر عبد الجبار بن حمديس:
وهم عبيدُكَ فاصفحْ عن جميعهُمُ *** فالذنْبُ عند كريم الصفح مُغْتَفِرُ
ـ فيختتم الشاعر ابن زمرك ندوتنا (الافتراضية)؛ باستكمال مناجاته:
يا رب لا سببَ أرجو الخلاص به *** إلا رجاءً ولطفاً منك إن نفحا
فما لجأتُ إلى ربي بمعضلة *** إلا وجدت جناب اللطف منفسحا
ولا تَضايَقَ أمرٌ فاستجرتُ به *** إلا تفرَّج باب الضيق وانفتحا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/10/08/534372.html