الاثنين، 7 يوليو 2014

ـ ثانيا: مفهوم (البغض/ الكراهية/ المقت) عند فحول الشعراء العرب (2 من 2) ـ بقلم/ مجدي شلبي


مفهوم الحب والبغض (الكراهية) عند فحول الشعراء العرب (2 من 2)
ـ ثانيا: مفهوم (البغض/ الكراهية/ المقت) عند فحول الشعراء العرب (2 من 2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
       قبل أن نبدأ حوار اليوم حول موضوع (البغض)؛ نشير أولا إلى ما يبديه فحول الشعراء من ارتباط وثيق بين تلك المشاعر (البغيضة) وبين كل صفات الشر: الحقد، الحسد، الغل، العداوة؛ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
الشرُّ كالنّار، شُبّتْ، ليلَها، بَغَضاً، *** يأتي على جمرِها دهرٌ، وما هَمَدا
ـ ويقول الشاعر الشريف المرتضى: 
لا خيرَ في مولى ً يعاطيك بِشْرِه *** وفي صدرهِ غِلٌّ تَدِبُّ عقاربُهْ
ـ ويكمل الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
يتلقاك بالطلاقة والبشر *** وفي قلبه قطوب العداء
ـ ويقول الشاعر بدوي الجبل:
يكتّم بغضه حقدا و جمرا *** و يسمعني حنينا و التياحا
ـ ويصور الشاعر ابن حيوس هذا النفاق؛ بقوله:
وَعانقَ فيها مبغضٌ لبغيضهِ *** كما اعتنقتْ يومَ اللقائِ الحبائبُ
ـ ويتهكم الشاعر ابن شهاب على بعض النساء المنافقات؛ فيقول:
وربما تضمر بغض بعلها *** وتظهر الحب له في قولها
ـ فيضيف الشاعر جرير:
يسرُّ لكَ البغضاءَ كلُّ منافقٍ *** كما كلُّ ذي دينٍ عليكَ شفيقُ
ـ فينصح الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني؛ (بأن):
تنائي الدارين خيرٌ وأحرى *** من تدانيهما على البغضاء
ـ فيشير الشاعر بدوي الجبل إلى صعوبة التمييز بين المحب والمبغض في ظل عتمة النفاق:
لم يميّز محبّبا من بغيض *** في الدّجى لا تميّز الألوان
ـ فيضيف الشاعر ابن رشيق القيرواني الأزدي:
رُبَّ تَقَطبٍ مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ *** وَبُغْضٍ كامِنٍ تَحْتَ ابتِسامِ
ـ فيرد الشاعر المعتمد بن عباد؛ بقوله:
يُمَيَّزُ البُغض في الأَلفاظِ إِن نَطَقوا *** وَيُعرَفُ الحِقدُ في الأَلحاظ إِن نَظَروا
ـ ويضيف الشاعر أبو نواس:
علامة البغْضِ على وَجهِهِ، *** بيّنَة ٌ مذ حَلّ فـي المهْدِ
ـ ويؤكد المعنى الشاعر ابن الرومي:
لَه وجْهٌ تذوبُ مقْ *** تاً وبغْضَاً له المهجْ
بغض تَراهُ ولا يراه *** ولم يُقَصِّرْ به وُضُوحُه
ـ ويكمل الشاعر ابن عبد ربه:
لا يحتجبْ وجهُه الممقوتُ عنْ أحدٍ *** فَالمَقْتُ يَحْجُبُهُ مِنْ غَيْرِ حُجَّابِ
 يظل يُراعيني بعينَيْ شَناءة ٍ *** يدل على بَغْضائها النظر الشَّزر
ـ فيومئ الشاعر بدوي الجبل برأسه إيجابا، مشيرا إلى حقيقة (أن كل ذي نعمة محسود)؛ فيقول:
يلاقي العظيم الحقد في كلّ أمّة *** فلم ينج من حقد الطّغام عظيم
ـ فيوضح الشاعر مروان ابن أبي حفصة:
مَا ضَرَّني حَسَدُ اللِّئامِ وَلَمْ يَزَلْ *** ذُو الفَضْلِ يَحْسُدَهُ ذَوُو التَّقْصِيرِ
ـ فيضيف الشاعر كشاجم:
قد أكسبتني نعمة ُ اللّهِ بغضَهُمْ *** فلا زالتِ النّعمى ولا بَرِحِ البُغْضُ
ـ هنا يتساءل الشاعر الخُبز أَرزي مستنكرا:
ما يريد الحسودُ منّا ولكن *** كلُّ شيءٍ من المَقيت مَقيتُ
ـ فيحذر الشاعر أبو إسحاق الألبيري من معايب الحقد والحسد؛ قائلا:
فَلا تَرضَ المَعايِبَ فَهِيَ عارٌ *** عَظيمٌ يُورِثُ الإِنسانَ مَقتا
ـ فيؤيده الشاعر أبوالعلاء المعري؛ قائلا:
لو أنّ كلَّ نفُوسِ النّاسِ رائيَةٌ *** كرأي نَفسي، تَناءَتْ عن خَزاياها
كأنّ نُفُوسَ النّاسِ، واللَّهُ شاهدٌ، *** نُفوسُ فَراشٍ، ما لهنّ حُلومُ
جانِبِ الناسَ تأمَنْ سوءَ فعلِهمُ، *** وأن تكونَ لدى الجلاّس ممقوتا
ـ فيضيف الشاعر حسان بن ثابت:
قَوْمٌ مِنَ البَغْضَاء زَوْرٍ، كأنّمَا *** بأجْوَافهِمْ، مما تُجِنُّ لنَا، الجَمْرُ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
أرى مشاهد من قومي مبغضة ً *** يرضى العمى ويود الموت رائيها
أودى بنا بين الشعوب تباغضٌ *** صدع القلوب ومزق الأوصالا
أنظل في الدنيا يفرق بيننا *** بغضٌ ويجمعنا وغى ً وكفاح
أسفي على المتباغضين وقد رأوا *** أن الفلاح تودد ووئام
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
خليلي ما يغني العتاب إذا انطوى *** على البغض قلبٌ كالزمان حؤول
ـ ويضيف الشاعر أبو العتاهية:
قد بينَ الرحمان مقتَ الذي *** يأمر بالحقِّ ولا يفعلُ
ـ ويكمل الشاعر أحمد شوقي:
جاءَها يوماً على غِرارِ *** وقلبُهُ من بُغضِها في نارِ
ـ فيتساءل الشاعر أحمد محرم مستنكرا:
فكيف يرى سبل الهداية مبغضٌ *** لها مستهامٌ بالغواية مغرم
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
فيبعد بالتبغيض كل مقرب *** ويقرب بالتحبيب كل مبعد
ـ فيؤكد المعنى الشاعر دعبل الخزاعي؛ اتساقا مع المثل الشهير (مرآة الحب عمياء):
فإنَّ المُحِبَّ يَكُونُ الْبِغيضَ *** وَإنَّ الْبِغيضَ يَكُونُ الحبيبا
ـ ويضيف الشاعر ذو الرمة:
وتزدادُ في عينِ الحبيبِ ملاحة ً *** وَيَزْدَادُ تَبْغِيَضاَ إِلَيْهَا بَغِيْضُهَا
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
فلا فرقَ فيما لديْك *** بين البغِيض وبين الحبيبِ
تيسٌ تنفَّق بالدلال ليُشتَهى *** فازداد مقتاً بالدلال وما نفقْ
ـ ثم يؤكد أن مشاعر البغض يتم توارثها جيلا بعد جيل؛ فيقول:
مالك في بغضك إن مِتَّ خلف *** إلا بنيك الخَلف من شر سلف
ـ ويتهكم الشاعر البحتري على كل بغيض؛ فيقول:
نلت ما نلت يا بغيض بأم *** هي أعطتك رتبة الوزراء
ـ ويضيف الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
بعض بغضائكم أولى البغضاء *** إنما الشم شيمة السفاء
ـ ويهجو الشاعر عبد الصمد بن المعذل أمثال هؤلاء؛ فيقول:
يا أبغض الناس في عسر وميسرة *** وأقذر الناس في دنيا وفي دينِ
ـ وتبلغ سخرية الشاعر أبو تمام مداها؛ فيقول:
أنتَ الذي يملكُ أضعافَ ما *** حَواهُ قارونُ مِنَ البُغْضِ
ـ فيمسك الشاعر دعبل الخزاعي بمطلع الشطر الثاني؛ ويقول ناصحا:
أَبْغُضُ المَالَ إذا جَمّعتُهُ *** إنَّ بغضَ المالِ من حبَّ العلا
ـ فيكمل الشاعر البرعي:
أعلى العلا في العلا قدراً وأمنعهم *** داراً وجاراً واسمى ً في السماءِ ذرى
ـ فتبدو على الشاعر الأخطل مشاعر السغب؛ فيقول:
ما نَجفو الضّيافَة َ إنْ أقاموا *** ولا الجيرانَ إنْ كرِهوا زوالا
ـ فيقول الشاعر المتنبي:
ما التّيهُ طبّي فيهِمِ غَيرَ أنّني *** بَغيضٌ إليّ الجاهِلُ المُتَعَاقِلُ
ـ فيرد الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
رفقاً بنفسك أنني رجل *** لا بغض في قلبي لمن جهلوا
ـ فيضيف الشاعر ابن حيوس:
حَبِيبٌ إِلَيْهِ الْعَدْلُ وَاللِّينُ وَالنّدى *** بَغِيضٌ إِلَيْهِ الْجَوْرُ وَالبُخْلُ وَالْكِبْرُ
ـ فيكمل الشاعر أحمد شوقي:
متواضعاً لله بينَ عباده *** واللهُ يبغض عبده المتكبرا
ـ فيضيف الشاعر كشاجم:
وتواضُعَ الكُبراءِ في أَخْلاَقِهِمْ *** شرفٌ كما أنَّ الَتكّبرُ لُومُ
ـ فيهون الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني من أمر البغض؛ فيقول:
ليس في البغض ما يعني *** وخطبه ليس بالجسيم
ـ وينصح الشاعر هدبة بن الخشرم بعدم الإفراط في مشاعر الحب أو البغض؛ فيقول :
أَبغَض إِذا أَبغَضتَ بَغضاً مُقارِباً *** فإِنَكَ لا تَدري مَتى أَنتَ راجِعُ
ـ فيرد الشاعر ابن المعتز:
سرتْ عقربُ الشحناءِ والبغضِ بيننا ، *** و لا يملكُ الناسُ المحبة َ والبغضا
ـ ويضيف الشاعر الشريف المرتضى:
كم مصرٍّ على مَقْتٍ وتَقْلِيَة ٍ *** أعطيتُه طَرَفَ البُقْيا فما امْتَسكا
ـ ويشير الشاعر ابن الرومي إلى مقابلة البغيض لحبه بمزيد من البغض؛ فيقول:
أبداً نحنُ في خلاف فمنِّي *** فرطُ حبٍّ ومنه لي فرط بُغضِ
ـ فيعلن الشاعر المتنبي عن موقفه حيال حبيبته؛ فيقول:
إنّي لأُبغِضُ طَيفَ من أحْبَبْتُهُ *** إذْ كانَ يَهجُرُنا زَمانَ وِصَالِهِ
ـ فيكمل الشاعر أحمد شوقي:
فشروقُها الأَملُ الحبيبُ لمن رأَى *** وغروبُها الأَجلُ البغيضُ لمن درى
ـ فيقول الشاعر أبو الفضل بن الأحنف:
وأرى النّساءَ يلمنني في أمرها *** أبغِضْ إليّ بمَن أراهُ يَلُومُ
ـ فيقول الشاعر بدوي الجبل:
هيهات ما لوم الكريم سجيّتي *** و لا بغضه عند الجفاء نصيبي
ـ ويعلن الشاعر ابن نباتة المصري عن موقفه النبيل؛ فيقول:
لفظت أذني الملامَ عليكم *** فهو فيها من أكره الملفوظ
ـ فيقول علي بن أبي طالب:
إِنَّ القَليلَ مِنَ الكلامِ بأَهْلِهِ *** حسنٌ وإن كثيره ممقوتُ
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
بني آدمٍ بئسَ المعاشِرُ أنتمُ، *** وما فيكمُ وافٍ لمقتٍ، ولا حبِّ
ـ فيكمل الشاعر أحمد محرم:
عقدوا لنا العهد البغيض وإنهم *** لأضر من عقد العهود فأحكما
ـ وبالتناص مع قول الحق ـ سبحانه وتعالى ـ في الآية 216 من سورة البقرة (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم )؛ يقول الشاعر الحداد القيسي:
فلا تَكْرَهَنْ إنْ خَاسَ قَوْمٌ بِعَهْدِهِمْ *** عسى الخير في الشيء الذي أنت كارهُ
ـ ويضيف الشاعر ابن الرومي:
كم جارعٍ جُرعَ المكاره عالماً *** أنَّ المكارهَ يكتسين مَكارما
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
أمسى بمنزلة البغيض وإنه *** لأحب ما تهوى النفوس وتفتدي
ـ ويضيف الشاعر لسان الدين الخطيب:
قد يخبأُ المحبوبِ في مكروهِها *** من يخبأُ المكروهَ في المحبوب
ـ فيقرر الشاعر بدر شاكر السياب:
سأبقى وراء الجدار البغيض *** وعيناي لا تبرحان الطريق
ـ فيحدد الشاعر جرير موقفه؛ قائلا:
إنَّ البغيضَ لهُ منازلُ عندنا *** ليستْ كمنزلة ِ المحبَّ المكرمِ
ـ فينصح الشاعر جميل بثينة بالإعراض عن البُغضاء؛ فيقول:
أعرضْ إذا لاقيتَ عيناً تخافها، *** وظاهرْ ببغضٍ، إنّ ذلك أسترُ
ـ ويضيف الشاعر بدوي الجبل:
لا تُري الأعداء دمعي جاريا *** إنّني أبغض عطف الشامتين
ـ فيكمل الشاعر بهاء الدين زهير:
فما أبغَضُ للعينِ مِنَ الأقْذاءِ *** وأثْقَلُ مِن شَماتَة ِ الأعْداء
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي عن تلك الشماتة:
إنما هي حقدٌ ، وغشٌّ ، وبغضُ *** وأَذاة ٌ، وغيبة ٌ، وانتحال
ـ فيضيف الشاعر بدوي الجبل واصفا حال هؤلاء الذين اجتمعوا حول الشماتة والبغض؛ قائلا:
فتعانق البغضاء حول قبابه *** يتألّقون شوارد الأحساب
ـ فتظهر سخرية الشاعر الحطيئة لاذعة قارعة؛ في قوله:
و لَمَّا أنْ دَعَوْتُ أخي بغيضاً *** أتاني حيثُ أسمعهُ الدّعاء
ـ فيقول الشاعر المثقب العبدي:
لَيُبغِضُني وأُبغِضُهُ، وأَيضاً *** يراني دونهُ وأراهُ دونى
ـ فيضيف الشاعر ابن الرومي:
برع المجد فيهمُ فحباهُمْ *** مدحَ ذي وُدّهم وذي الإبغاض
ـ فيوضح المعنى الشاعر شهاب الدين ابن نباتة؛ قائلا:
مناقبٌ شهد العدو بفضلها *** والفضل ما شهدت به الأعداء
ـ فيعترض الشاعر أبوالعلاء المعري على تعميم هذا البيت؛ فيقول:
الناسُ شتّى، فيُعطى المقتَ صادقُهم، *** عن الأمورِ، ويُحبَى الكاذِبُ المَلِق
ـ فيعلن الشاعر علي بن الجهم عن بغضه للحياة إذا فارقه حبيبه؛ فيقول:
سَيِّدي ما أَبغَضَ العَي *** شَ إِذا فارَقتُ قُربَكْ
ـ فيضيف الشاعر الفرزدق:
من مَعشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ، وَبُغْضُهُمُ *** كُفْرٌ، وَقُرْبُهُمُ مَنجىً وَمُعتَصَمُ
ـ فيقول الشاعر حسان بن ثابت:
ألمْ تعلم أني أرى البخلَ سبة، *** وَأُبْغِضُ ذا اللّوْنينِ والمُتَنقِّلا
ـ فيقرر الشاعر الأحوص:
إنِّي سأمنحكِ الهجرانَ معتزماً *** مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ لَعَلَّ الهَجْرَ يُسْلِيني
ـ فيقول الشاعر النابغة الشيباني:
إذا أنا لم أنفع صديقي بوده *** فإنَّ عدوّي لم يضرَّهُمُ بُغضي
ـ فيرد الشاعر جميل بثينة:
كم قد رأينا واجِداً بحبيبة، *** إذا خافَ، يُبدي بُغضَهُ حين يظهر
ـ فيقول الشاعر عنترة بن شداد:
إذا حملتُ على الكريهِة لم أقلْ *** بعد الكريهة ِ ليتني لم أفعل
ـ فيقول الشاعر سبط ابن التعاويذي:
يَكْرَهُ مَنْ يَكْرَهُ فِي *** أعقابِهِ التَّنَدُّما
ـ فيعلن الشاعر كشاجم عن موقفه من أمور الحب والبغض:
قَالوا عليكَ بوَسْطِ الأُمورِ *** فقلتُ لهم أكرهُ الأوسطَا
ـ فيحييه الشاعر ابن نباتة المصري على موقفه الواضح والمحدد؛ ويقول له:
لستُ أكرهُ شيئاً أنت صانعه *** مهما صنعتَ فمشكورٌ ومحمود
ـ غير أنه يعود؛ فيقول ساخرا:
قالوا كرهنا منه مد لسانه *** والله ما كرهوا سوى مدّ اليد
ـ فتقول الشاعرة الخنساء:
كَراهِيَة ٌ والصّبرُ منكَ سَجيّة ٌ *** إذا ما رَحى الحرْبِ العَوَانِ استَدَرّتِ
ـ فيعلن الشاعر ابن نباتة المصري عما آل إليه حاله؛ فيقول:
ووهت قوتي فأعرضت كرهاً *** عن لقاءِ المكروه والمحبوب
ـ فيكمل الشاعر الشريف الرضي:
لئن ابغضت مني شيب راسي *** فإنّي مُبْغِضٌ مِنْكِ الشّبَابَا
ـ ثم يتدارك فيقول متعجبا:
أهْوَى السّوَادَ برَأسِي ثمّ أمْقُتُهُ *** فكَيْفَ يَختَلِفُ اللّوْنَانِ في نظَرِي
ـ فيوضح الشاعر ابن المعتز:
لقد أبغضتُ نفسي في مشيبي، *** فكيفَ تحبني الخودُ الكعابُ
ـ فيؤكد المعنى الشاعر الفرزدق:
رَأيْتُ العَذارَى قَدْ تَكَرّهن مجْلسي، *** وَقُلْنَ: تَوَلّى عَنْكَ كُلّ شَبَابِ
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
تحبَّب دهري بالشباب مُلاوة ً *** فلما أحلّ الشيبَ رأسي تبغّضا
ـ فيصف الشاعر سبط ابن التعاويذي الشيب بالوقار، الذي يحتم عليه الالتزام؛ فيقول:
لَمْ أَكْرَهْ بَيَاضَ الشَّيْبِ إلاَّ *** لاِنَّ الْعَيْبَ يَظْهَرُ بِالنَّهَارِ
ـ فيقول الشاعر بشار بن برد:
الشيب كره وكرهٌ أن يفارقني *** أعجب بشيءٍ على البغضاء مودود
ـ فيضيف الشاعر الأخطل:
شيبٍ يسرعونَ إلى المنادي *** بكأسِ المَوْتِ، إذْ كُرِهَ التّساقي
ـ فيقول الشاعر أبو العتاهية:
أكْرَهُ أنْ ألْقَى حِمامي، وَلا *** بُدّ لحَيً مِنْ لِقَاءِ الحِمَامْ
ـ فيكمل الشاعر أبوالعلاء المعري:
تَفادى نفوسُ العالمينَ من الرّدى، *** ولا بُدّ، للنّفسِ المُشيحةِ، من أخذِ
ـ ثم يعلن أنه لا يكره الموت ـ مثلما أعلن الشاعر أبو العتاهية ـ؛ فيقول:
إن يقرب الموتُ مني *** فلستُ أكرهُ قُرْبَهْ
ـ ويزيد الشاعر محيي الدين بن عربي على هذا؛ فيقول:
فتراني عندما خيّرني *** أكره المحيا
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
كم صاحبٍ لي كنتُ أكره فقده *** تسلَّمَه منِّي الفَناءُ المعجَّلُ
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
مالي أرى كفي مملوءةً *** من كل ما أكره من دهري
ـ فينصحه علي بن أبي طالب؛ قائلا:
لاَ تَكْرَهِ المَكْرُوْهَ عِنْدَ نُزُولِهِ *** إن المكاره لم تزل متباينه
ـ فيعلن الشاعر ابن الرومي عن موقفه إزاء المكاره:
لا يُبْقِ مكروه عليَّ فإنني *** لكلّ كريهٍ نالني غير كاره
ـ ثم يقول:
لو تُبغْض الدنيا كبغُضكَ عشْرَتي *** أصبحتَ معدوداً من الزهَّاد
ـ فيؤيده الشاعر جبران خليل جبران؛ قائلا:
هل فيها بحق ما *** يساوي الحب والبغضا
ـ فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
نحبّ العيش بُغضاً للمنايا، *** ونحنُ بما هَوِينا الأشقِياءُ
ومن حُبّ دُنياهم رَمَوْا في وغاهُمُ *** بَغيضَ المنايا بالنفوس الحبائب
أمَا رأيتَ صروفَ الدهرِ غاديةً، *** على القلوب، بتبغيضٍ وتحبيب
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
ثوب الحياة بغيضٌ *** يا ليتني ما لبسته
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم متعجبا:
لقد زهدوا الحياة وأبغضوها *** ولم يرحمهم الخصم العنيد
ـ فيتهيأ الشاعر الأخطل للرحيل إلى مثواه الأخير (الجزيرة الفراتية)، مرورا بمسقط رأسه (مدينة الحيرة التاريخية بالعراق)؛ وهو يُنشد:
إن الضغينة َ تلقاها، وإن قدُمتْ *** كالعَرّ، يَكْمُنُ حِيناً، ثمّ يَنْتشِرُ
وما سعى فيهم ساعٍ ليدرِكنا *** إلا تقاصرَ عنا وهوَ منبهرُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/07/16/527919.html